الأحد، 29 يوليو 2012


التحولات المذهبية العقيدية الكبرى في المغرب الإسلامي
  
               غلب على معتقد البربر قبل الفتح الإسلامي للمغرب الوثنية على حساب المسيحية و اليهودية ، فقد أثبت الدراسات الأثرية أنهم كانوا يعبدون الأحجار و الأشجار الجبال و الكهوف و الوديان و المغارات  ، و يقدسون الأموات و يشيدون لهم قبورا ضخمة 2 ، و اتخذ بعضهم الشمس و الكواكب آلهة 3 ، و استمر الحال كذلك إلى وصول طلائع الفاتحين المسلمين منتصف القرن 2هـ/6م ، فكان التحول العقيدي للبربر المغاربة مـن الوثـنيـة و المسـيحـية و اليهودية إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة التي حملها الصحابـة و التابعــون 4 ، و سرعان ما زالت معالم الوثنية في حين حافظت بعض الأقليات على المسيحية واليهودية لمدة ليست بالقصيرة، لكنهما لم تعودا تلعبان أي دور في الصراع الديني في المنطقة ، و كان هذا التحول وليد سنوات من جهاد الفاتحيـن و جهود العلماء و الخلفاء ، و لم تستقر العقيدة الإسلامية في المغرب إلا مطلع القرن 2هـ /7م ، فالتحق بذلك البربر بصف المسلمين و اعتنقوا العقيدة الإسلامية و صاروا حماة لهذا الدين و أسهموا في تبليغه إلى الأندلس و صقلية ، و بطلت عادة الإرتاداد التي تكررت عندهم اثنتي عشر مرة 5 ،  إلا أنهم – بعد ذلك - عرفوا تحولات مذهبية عقيدية و فقهية 6 خلال العصر الإسلامي قبل أن يستقروا على ما هم عليه اليوم منذ الحكم العثماني ، و في أثناء تلك المسيرة ( 10 قرون ) عرف المغرب الإسلامي أربع تحولات عقيدية كبرى .
           فأول تحول عقيدي عرفه المغرب الإسلامي مطلع القرن 2هـ ، حيث تحول من العقيدة السنية المأثورة على الصحابة و التابعين إلى مذاهب دخيلة وفدت إليه من المشرق ، حيث تحول المغرب الأدنى من المذهب السني إلى عقيدة المعتزلة خلال حكم الأغالبة 7 ، حيث اعتنق بعض ولاته المذهب تشبها بمن اعتنق المذهب من الخلفاء العباسيين ، فعملوا على إقراره في الغرب الإسلامي تزامنا مع سعي العباسيين لإقراره في المشرق (218 هـ/ 232 هـ) ، فلم يتوان الاغالبة في شيء من ذلك ، فكُتبت السجلات بخلق القرآن و اُمر بقراءتها على المنابر و حمل الناس عليها و تولي الأميرين محمد بن أبي عقال (140 هـ - 196 هـ / 757 - 812م) و الأمير احمد بن الأغلب امتحــان العلماء و العوام و التنكيل بمن أظهر خلاف ذلك 8 ، فتعرض كثير من علماء السنـة للإمتـهـان و التنكيل و التهجير ، و مع ذلك فقد أظهروا شجاعة علمية و صبرا على الاضطهاد و ثباتا على الأمر 9 .
  و كان من نتائج ذلك تعزز مذهب المعتزلة في المغرب ، و اعتنقه عدد من الفقهاء و العوام 10 ، و كان من أبعاد ذلك أن تهيأت أرضية المغرب الإسلامي لاستقبال المدارس الكلامية و الفلسفية التي لا عهد لهم بها 11 ، فقد كان المغرب أرضا آمنة للمذاهب التي اُضطهدت في المشرق ، كما عـُرف عـن أهله سلامة الطوية و بساطة المُعتقد .
و مـع ذلك لم يحظ هذا التحول بتجاوب كبير من سكان المغرب الأدنـى ، لذا لم يرق هذا التحول إلى مستوى التحول الذي عرفه المغرب الأوسط في نفس الفترة .
       فقد تحول المغرب الأوسط من المذهب السني إلى المذهب الخارجي الإباضي تحت حكم الدولة الرستمية ، و لأنه أعدل مذاهب الخوارج و أقربهم إلى معتقد أهل السنة فقد تزايد أنصاره و كثر أتباعه و قامت لهم دولة و صالت لهم جولة في المغرب الأوسط خاصة 12 ، و ما يـُـظهر ذلك و يدل عليه قيام الدولة الرستميـة على أساس المذهـب الإباضي الخارجـي ، فانتشرت أفكارهم فـي الإمامة و الحكم ، كعدم اشتراط القرشية في الإمام و الثورة على أئمة الجور 13  ، و التزموا تعاليم المذهب و شرائعه في تعاملاتهم الداخلية و الخارجية 14 و نصبوا العداء للخلافة العباسية بالمشرق و حلفائها بالمغرب 15 و أوثقوا صلاتهم بإباضية المشرق ، فكانت كتب فقهاء إباضية المشرق تصل إلى المغرب و تفد إليه باستمرار ، و نبغ عدد منهم في المذهب ، بل كان أئمة الدولة الرستمية فقهاء في المذهب لهم تصانيف و فتاوى على المذهب 16 ، فأقاموا النظم الإباضية و شيدوا مكتبتهم الشهيرة باسم "المعصومة" 17 ، فصار مذهبهم تيارا عقيديا له وزنـــه و تأثيره في المغرب الإسلامي .
        و إذا كان السبب في تحول المغرب الأدنى إلى المذهب المعتزلي هو الولاء للخلافة في المشرق فإن داعي تحوله إلى المذهب الخارجي في المغرب الأوسط العداء للخلافة في المشرق ، و كرد فعل على بعض الممارسات التي كان يقترفها عمال الخلافة في المغرب الإسلامي 18 ، بالإضافة إلى هجرة عدد من خوارج المشرق إلى المغرب طلبا للأمن و فرارا من بطش الخلافة في المشرق ، فانغرس المذهب الخارجي بسرعة بين البربر ، و قد ألقى هذا التحول بظلاله على امتداد المغرب الإسلامي و ترك آثاره حتى في الأندلس قلعة المذهب المالكي ، وإن لم يكن لها من القوة ما يُظهرها بشكل واضح نتيجة لسيطرة العقيدة السنية المطلقة على الأندلسيين .
        و في إطار تحول القرن الثاني الهجري دائما ظهرت بوادر تحول عقدي آخر في المغرب الأقصى من المذهب السني إلى المذهب الشيعي الزيدي الحسيني ، و قد برزت معالم هذا التحول في قيام الدولة الإدريسية على أساس الولاء لآل البيت و حصر الخلافة في ذريتهم و اعتبار أي خلافة قائمة اغتصابُ ُلهذا الحق ، و لا تتم ديانة إلا بإمام ، و أنه يجب على كل مسلم أن يعرف إمــام زمانه 19 ، و كلها أبجديات جديدة أُدرجت في المفكرة العقيدية لأهل المغرب الإسلامي مباينة لسلامة معتقدهم و بساطته ، بل أرجع بعض الباحثين الفضل للأدارسة في تعزيز و تعميق الولاء لآل البيت و المغالاة في حبهم و بالتالي مهد لانتشار المذهب الشيعي الإسماعيلي و قيام الدولة الفاطمية فيما بعد ، فرغم العداء بين الدولتين إلا أن قيام الدولة الإدريسية على أساس الولاء لآل البيت مهدت ذهنية أهل المغرب لتقبل المذهب الشيعي الإسماعيلي المتطرف و دولته العبيدية فيما بعد ، و ذهب بعضهم إلى اعتبار دولة الأدارسة الحموديين الشيعية 20 فـي الأنـدلس امتـداد فـكـري و عقيدي للدولة الإدريسية ، و ثمرة من ثمار الدعوات الشيعية السابقة 21 .
     و كثير من الباحثين على أن هذا التحول لم يكن ظاهرا جليا و لا حتى ملموسا ، بل إن عدد كبير من الباحثين لم يعتبره ، ذلك لأن المذهب الزيدي أقرب إلى المذهب السني ، و سيرة الإمام إدريس و خلفاؤه من بعده و حرصهم على التمسك بالمذهب المالكي طوعا دون ضغط من سكان المغرب تـُبعد عنهم صفة التشيع ، أما انتساب الإمام إدريس إلى آل البيت و خروجه عن سلطة العباسيين وكتابته إسم علي رضي الله تعالى عنه على أحد وجهي العملة الإدريسية ، هو اعتزاز بنسبه و ليعطي المبرر لقيام دولته ، بالإضافة إلى أن المصادر تحفظ لنا نصا يُعد بمثابة الدستور المؤسس لنظام الحكم الذي ستكون عليه دولة آل البيت الأدارسة بالمغرب، والموضح لهويتها الفكرية و هو لا يـُـفهم من ظاهره التشيع  22 .
و سواء كان تشيع الأدارسة عقيديا أو سياسيا ، فإنه مثل مظهرا من مظاهر التحول المذهبي العقيدي في المغرب الإسلامي الأقصى .
                و عموما صارت الوضعية العامة في المغرب الإسلامي غير الوضعية التي كان عليها نهاية القرن الأول من وحدة فكرية و عقيـدية و سياسية و جغرافية ، فقد صار مجزأ إلى ثلاث دويلات متناقضة فكريا و مستقلـة سياسيـا و منفصلة جغرافيا ، و ما إن حل القرن الثالث الهجري حتى خيم على المغرب الإسلامي تحول عقيدي آخر يـٌـعتبر أخطر مما سبقه من تحولات عقيدية ، ذلك لما كان له من أبعاد سياسية و جغرافية و عقيدية .


                 فالتحول العقيدي الثاني الذي عرفه المغرب الإسلامي سجله نهاية القرن الثاني الهجري و مطلع القرن الثالث الهجري ، حيث تحول المغرب الإسلامي بأقطاره الثلاثة إلى المذهب الشيعي الإسماعيلي 23 ، تحت إمرة الدولة الفاطمية ، و كان مخاض التحول أشد ، باعتباره مذهبا أكثر انحرافا و ضلالا من كل المذاهب التي عرفها المغرب الإسلامي ، و أسباب هذا التحول و المنعرج الكبير في التاريخ الفكري للمغرب الإسلامي يرجع إلى سببين رئيسين يشكلان في الغالب أسباب التحولات المذهبية في أي قطر ، أولهما  قوة الدعوة و حسن تخطيطها و الصبر عليها ، و الثاني غياب قاعدة عقيدية مستقرة لمسلمي المغرب الإسلامي الذين ما إن استقر الإسلام بينهم حتى عرفوا توالي الحركات المذهبية من المشرق و التي وجدت في المغرب ضالتها بعد فرارها من سطوة الخلافة في المشرق .
        و قد ظهر هذا التحول جليا في المغرب الإسلامي بفعل طول أمـد الدولة الفاطمية و سعيها الحثيث لتعميم المذهب في أقطار المغرب الإسلامي الثلاث  ، و استطاع الفاطميون القضاء على الدويلات الثلاث و الإطاحة بمذاهبها ،  فقرر الفاطميون لعن الصحابة و تأليه الإمام و محاربة السنة و إقامة البدعة 24 .
      و كان من نتائج هذا التحول تلك المجازر التي راح ضحيتها جموع من أهل السنة في المغرب الإسلامي 25 ، و يـُـثبت التاريخ أن التقتيل و التذبيح ميزة الحركات الباطنية و لاسيما الشيعية منها 26 ،  بالإضافة إلى ذلك تأسست في المغرب الإسلامي نواة شيعية رافضية من جهة و باطنية إلحادية من جهة أخرى ، حيث سيعرف المغرب الإسلامي عددا من الحركات الباطنية المشابهة ، حين تعمق البربر في فهم رموز الشيعة الباطنية ( الإمامة ، الرجعة ، العصمة ، المهدوية ) و تأثروا بها ، و لعل في الحركات المتكررة التي قام بها مدعو المهدوية ما يـُـلقي ضوءا على هذه الحقيقة ، ففي مختلف أدوار البربر نجد الكثير منهم قد انتحلوا لأنفسهم اسم المهدي المنتظر وفق المنظور الشيعي الذي يخرج ليملأ الأرض عدلا كما مـُلئت جورا 27 .
    و بنهاية القرن 4 هـ / 10 م تقهقر المعتقد الشيعي الإسماعيلي المتطرف ، مـُثبتا حقيقة تاريخية أخرى هي أن المغرب لم يقبل التشيـع، ولم يتشرب هذه العقيدة ، و ما هي إلا نقطة تحول مر بها المغرب في مرحلة نضجه الفـكري و العقيدي.
           أما  التحول العقدي الثالث  فقد تأخر إلى منتصف القرن الرابع الهجري عندما تحول المشهد العقيدي في المغرب الإسلامي برمته إلى المذهب السني قمة و قاعدة ، بداية من العهد الزيري و جهود المعز بن باديس 28 ، و انتهاءًَ بالدولة المرابطية التي رسمته و قننته و تكفلت برعايته و تقريره و الذود عنه 29 ، و هو تحول يـُـمكن اعتباره رجوعا إلى الأصل بعد زيغ و تنبه بعد غفلة و رشد بعد غواية ، و هو معدن المؤمن الذي يصول ويجول و يعود إلى مربظ الحق ، فقد أصّـل المرابطون بهذا التحول الرجوع إلى عقيدة أهل السنة التي جعلت أهل المغرب الإسلامي في حصن عقيدي و قاعدة متينة تحفظهم من شرور الحركات الباطنية و الشيعية و الإلحادية و الخارجية ، و إن كانت ستظهر به حركات زائغة إلا أنها غير شاملة من جهة و لا تبتعد عن فلك أهل السنة و لا تخرج عن دائرة معتقدهم .

           أما التحول العقيدي الرابع و الأخيـر الذي شهـده الغرب الإسلامـي و استقر عليه ، فكان منتصف القرن السادس الهجري ، حيث تحول المغرب الإسلامي من المذهب السني ( مذهب أهل الحديث ) إلى المذهب الأشعري الكلامي 30 ، ذلك بثورة محمد ابن تومرت على الدولة المرابطية و جهود خلفائه من بعده في الدولة الموحدية 31 ، و كذا جهود فقهاء المغرب الذين عادوا من المشرق بقواعد المذهب الأشعري ، كأبي الحجاج يوسف بن موسى الكلبي السرقسطي المراكشي الضرير ( تـ 520 هـ / 1126 م ) ، المشهور بمنظومته العقيدية الأشعرية المسماة بـ " الإرشاد والتنبيه في علم الإعتقاد " 32 ، و أبو بكر بن العربي الإشبيلي ( تـ 520 هـ / 1126 م ) 33 ، الذي تهجّـم على فقهاء المرابطين و اتهمهم بالعجز 34 ، ووصفهم بأوصاف شنيعة، فجعلهم ممن كاد للإسلام، وأنه لا فهم لهم، وليس لهم قلوب يعقلون بها، ولا آذان يسمعون بها، فهم كالأنعام بل هم أضل، وعدّهم من الغافلين الجاهلين في موقفهم من الصفات 35 .
      إلا أن الدور السياسي كان أنفذ من الدور العلمي ، حيث كان الأول حاسما ، و الثاني ثانويا فرعيا ، ويصح القول أن الأشعرية شقت طريقها إلى المغرب بالسيف والقلم ، السيف الذي مثله بن تومرت والقلم الذي مثله ابن العربي ، إلا أن الذي يبدوا لنا أن حد السيف كان أقوى وأمضـى من مداد القلم 36 ، لكن المعتقد الأشعري الذي حل بالمغرب الإسلامي و اٌعتمد مذهبا رسميا هو مذهب متأخري الأشعرية الذي لم يسلم من بعض الإنحرافات العقيدية و التي تفصله عن معتقد الإمام الأشعري سواء في مرحلته الثانية أو الثالثة 37  ، و عموما أقرت الدولة الموحدية المذهب الأشعري مذهبا رسميا و أعدت الفقهاء و عبأت العامة فاستقر المذهب و انتشر و ساد .
            و استمرت الحالة العقدية في المغرب الإسلامي بعد تفكك الدولة الموحدية و انقسام المغرب الإسلامي من جديد إلى ثلاث دويلات ( المرينية في المغرب الأقصى ، الحفصية في المغرب الأدنى ، الزيانيـة في المغرب الأوسط ) و التي أقرت هذا التحول و طعمته ببعض التصوف 38 ، و استمر الحال إلى أن جاء العثمانيون وتبنوا العقيدتين الأشعرية و الماتريدية كذلك 39 ، و كان أن استقر المغاربة على المستوى الرسمي على معتقد الأشعري أصولا و مذهب مالك فروعا و تصوف الجنيد سلوكا ، ( عقيديا و مذهبيا و سلوكيا ) و سعيهم الحثيث – متواصل - لإنزال ذلك إلى العامة  متمثلين قول الفقيه المالكي عبد الواحد بن عاشر الفاسي (990 هـ 1040 هـ / 1583 م – 1631 م) : 
في عقد الأشعري وفقه مالك  TTT وفي طريقة الجنيد السالك 40  .
              

                لعل من أهم النتائج التي تستوقفنا هنا هو ذلك الترابط التاريخي بين الجانبين السياسي و العقيدي في تاريخ المغرب الإسلامي ، و أن الوحدة السياسية للمغرب مقرونة بوحدته الفكرية ، حيث إن مرافقة هذه التحولات العقيدية تحولات سياسية يـُـعزز حقيقتين أولها أن الدول التي قامت على أرض المغرب الإسلامي قامت على أساس ديني ، و الدول تقوى بالدعوة الدينية و تزيد في أصل قوتها كما ذكر ابن خلدون 41 ، و الحقيقة الثانية أن وحدة المغرب الإسلامي السياسية تابعة لوحدته الفكرية و المذهبية ، و هو تلازم تقرره الحقائق التاريخية .
       و يبقى المغرب العربي الآن مجالا مفتوحا لأي تحول فكري أو عقدي محتمل في ظل الإنفتاح العلمي و الإعلامي الواسع من جهة ، ومن جهة أخرى استمرار الصراع بين دعاة المحافظة و التقييد و دعاة الإصلاح و التجديد .

الإحالات

[1]- يـُـقصد بالبربر الجماعات التي أقامت منذ أحقاب في الشمال الإفريقي من برقة شرقا حتى المحيط الأطلسي غربا ، يـُرجع ابن خلدون كلمة بربر إلى كثرة بربرتهم ، و البربرة بلسان العرب هي اختـلاط الأصوات غير المفهومـة ، و يـُرجعهم البعض الآخر إلى كلمة بربروس و تعني الرافضين للحضارة الرومانية ، بينما يـنسبهم البعض الآخر إلى بربن بن قيس ،  و أصولهم من فلسطين وملكهم جالوت ، فلما قتله نبي الله داود جلت البربر إلى المغرب وانتشروا في أرجائه ،  اُنظر : ابن خلدون ، تاريخ ابن خلدون ، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،1401هـ/1981م ، ج 6 ، ص: 89 ، الذهبي ، سير أعلام النبلاء، تحقيق : شعيب الأرناؤوط ،  الطبعة 09، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1413 هـ / 1992 م ،  ج 18 ص: 428 – 429 .  
2 - مبارك الميلي ، تاريخ الجزائر في القديم و الحديث ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ،  ج 01 ، ص : 74 – 75 .
3 -  محمد بيومي مهران ، المغرب القديم ، دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية ، 1410هـ / 1990م ، ص : 203 و ما بعدها ، و مبارك الميلي ، المرجع السابق ، ج 01 ، ص : 74 - 75  .
4 – ذكر صاحب الإستقصا أكثر من عشرين صحابيا دخلوا المغرب ، اُنظر : السلاوي ، الإستقصا في أخبار المغرب الأقصى ، تحقيق : جعفر الناصري ومحمد الناصري الطبعة01، الدار البيضاء،  دار الكتاب ،1418هـ / 1997 م ، ج 01 ، ص : 141 – 144 . 
5 - نفسـه ، ص : 156 .
6 - سنتطرق خلال هذا العرض إلى التحولات العقيدية – في الأصول - لما لها من أهمية ، أما فقهيا – الفروع - فقد تركز في المغرب الإسلامي المذهب الأوزاعي ثم الحنفي ، كما تواجـد المذهبيـن الشافعـي و الظاهري ، لكن الغلبـة و السيطرة كانت في النهاية للمذهب المالكي ، انظر مثلا : نجم الدين الهنتاتي ، تطور المذهب المالكي بالغرب الإسلامي ، دار تبر الزمان ، تونس ، 2004م  ، ص : 107 – 114 .
7 - تسرب المذهب المعتزلي إلى المغرب قبل ذلك في زمن واصل بن عطاء الذي أرسل دعاته إلى المغرب ، اُنظر : أحمد أمين ، فجر الإسلام ، الطبعة 10 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، 1969 م ، ص 300 . و قد استطاع هذا الداعية جمع الأنصار حوله مما جعل ياقوت الحموي يذكر أن " مجمع الواصلية ( أصحاب واصل بن عطاء ) كان قريبا من تاهرت و حان عددهم نحو الثلاثين ألفا في بيوت كبيوت الأعراب يحملونها "  .اُنظر :  ياقوت الحموي ،  معجم البلدان ، دار الفكر ، بيروت، دون ت.ط  ، ج : 02 ، ص : 7 ، 9  . 
8 - عن ذلك اُنظر : أبو العرب المالكي ، المحن ، تحقيق عمر سليمان العقيلي ، الطبعة 01 ، دار العلوم ، السعودية ، 1404هـ/1984م، ص :449 – 451 .  
9 - اُنظر مثلا : إبراهيم التهامي ، جهود علماء المغرب في الدفاع عن عقيدة أهل السنة و الجماعة ، الطبعة 01، دار الرسالة ، 1422/2002، ص :265 – 289 .
10 - منهم : ابن صخر المعتزلي (اُنظر : أبو بكر المالكي ، رياض النفوس ، تحقيق : بشير البكوش ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1403 هـ ، ج01 ، ص : 264 ) ، و منهم :  البهلول بن عمرو التجيبي ( اُنظر : أبو العرب التميمي ، طبقات علماء إفريقيا و تونس ، تحقيق : علي الشابي ، الدار التونسية ، الطبعة : 02 ، 1985 م ، ص : 157 ) ، و منهم : معد بن عقال ( أبو بكر المالكي ، المرجع السابق ، ج01 ، ص : 477 ، و القاضي عياض ترتيب المدارك ، تحقيق : عبد القادر الصحراوي ، الطبعة 02 ، وزارة الاوقاف ، المغرب ، 1403 هـ ، ج 02 ، ص : 511 – 512 )   .
11 - المعروف عن أهل المغرب أنذاك البساطة في المعتقد و منافرة علم الكلام و أهله ، و لكن يبدوا أن الإعتزال مهد الأرضية لاستقبال مدارس كلامية أخرى كالمدرسة الأشعرية ، قال السلاوي حاكيا عن معتقد أهل المغرب " مقلدين للجمهور من السلف رضي الله عنهم في الإيمان بالمتشابه وعدم التعرض له بالتأويل مع التنزيه عن الظاهر وهو والله أحسن المذاهب وأسلمها " ، السلاوي ، المرجع السابق ، ص : 196 . 
12 - قامت دولة بني مدرار على المذهب الخارجي الصفري في سلجماسة في المغرب الأقصى لكنها كانت دولة صحراوية داخلية لم يكن لها تأثير عقيدي يـُذكر .
13 - و لا أدل على ذلك من مبايعتهم لعبد الرحمات بن رستم و هو من الفرس . 
14 - محمود إسماعيل عبد الرزاق ، الخوارج في بلاد المغرب حتى منتصف القرن الرابع هجري ، دار الثقافة ، الدار البيضاء ، المغرب ، 19985 / 1406هـ ، ط 02 ،، ص : 154 – 183 .
15 - من ذلك أنهم وطدوا علاقاتهم مع الأمويين في الأندلس .
16 - اُنظر : عيسى الحريري ، الدولة الرستميـة بالمغرب الإسلامي حضارتها و علاقاتها ، دار القلم للنشر و والتوزيع ، البعة : 03 ، 1408هـ / 1987م ، ص : 236 – 237 .
17 - محمود إسماعيل المرجع السابق ، ص :  292 – 300 .
18 - ابن عذارى المراكشي ، البيان المغرب في أخبار الأندلس و المغرب ، تحقيق : إحسان عباس ، دار الثقافة ، بيروت ، لبنان ، الطبعة 02 ، 1983 م ، ج01 ، ص : 52 ، ابن خلدون ، المرجع السابق ، ج06 ، ص : 108- 111 . 
19 - و من أهم معتقداتهم أيضا جوزوا: خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال، ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة.اُنظر : الشهرستاني ، الملل والنحل ، تحقيق : أمير علي مهنا - علي حسن فاعور ،  الناشر ، دار المعرفة ، الطبعة 03 ،  1414هـ / 1993م ، ص : 42 .
20 - نسبة إلى خلفاء بني حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن عبد الله بن علي بن أبي طالب ، وقد امتد حكمهم على مدينة الجزيرة الخضراء و طنجة و سبتة و ملقة. انظر: ابن حزم ، جمهرة انساب العرب ، دار المعارف ، ص : 43 – 44 ،ابن عذارى ، المصدر السابق ، ج 03 ، ص : 122 . و محمد عبد الله عنان ، دولة الإسلام في الأندلس ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، الطبعة 02 ، 1411 هـ / 1990 م ، ج 02 ، ص : 657 .
21 - اُنظر : محمود مكي ، التشيع في الأندلس ، مجلة المعهد المصري للدراسات الإسلامية ، المجلد الثاني ، العدد الثاني ، 1383 هـ /1954 م ،  ص 162 .
22 - نص نشره الأستاذ علال الفاسي رحمه الله تعالى في مجلة التضامن ، بالعدد الثالث من السنة الأولى، سنة 1393/1974، ص : 15- 18.
23 - من معتقداتهم أنه لن تخلو الأرض قط من إمام حي قائم: إما ظاهر مكشوف، وإما باطن مستور. فإذا كان الإمام ظاهراً؛ جاز أن يكون حجته مستوراً. وإذا كان الإمام مستوراً؛ فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين ، ومن مذهبهم: أن من مات ولم يعرف إمام زمانه: مات ميتة جاهلية. وكذلك من مات ولم يكن في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية ، وأشهر ألقابهم الباطنية؛ و القرامطة، والمزدكية؛ و الملحدة . اُنظر : الشهرستاني، المصدر السابق ، ج 01 ، ص : 56 ، و قد أخرجها ابن حزم من طوائف المسلمين ، الفصل في الملل والأهواء والنحل  لمحقق : محمد إبراهيم نصر – عبد الرحمن عميرة الناشر : دار الجيل ، ج 01 ، ص 199.
24 - هذا أشهر من أن ينكر في تاريخ بنو عبيد ، اُنظر مثلا : القاضي عياض : المصدر السابق، ج3، ص 318. .
25 - فأول ما فعل المهدي بعد أن استتب له الأمر: (أنه أمر يوم الجمعة أن يذكر اسمه في الخطبة، و يُلقب بالمهدي أمير المؤمنين في جميع البلاد، فلما كان بعد صلاة الجمعة جلس رجل يعرف بالشريف ومعه الدعاة ، وأحضروا الناس، ودعوهم إلى مذهبهم، وقتل من لم يوافق) اُنظر : المقريزي ، اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا ، تحقيق : جمال الدين الشيال ، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الطبعة 01 ، القاهرة ، 1416هـ/1996م ، ج01 ، ص  : 17.
26 - اُنظر مجازر القرامطة الشيعة في المشرق ، ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، تحقيق،  أبي الفداء عبد الله القاضي، الطبعة 02 ، بيروت، ،  دار الكتب العلمية، 1415 هـ / 1995 م ، ج 3 / ص 370 و 462 ،  و ابن كثير ، البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت، بدون ت.ط ، ج 11 ، ص 175.
27 - من أدعياء المهدوية في الأندلس  على سبيل المثال حركة أحمد بن معاوية القط الثائر 288 هـ  ، اُنظر : محمود بن علي مكي ، التشيع في الأندلس منذ الفتح حتى نهاية الدولة الأموية ،مكتبة الثقافة الدينية - القاهرة - الطبعة 01 ،  1424هـ ، ص : 12 . و في المغرب  حركة  المهدي محمد بن تومرت مؤسس الدولة الموحدية ، كما تذكر كتب المصادر طائفة الجبلييـن أو العكازييـن بمنطقة السوس في المغــرب الأقصى التي قامت على أسـاس الفكـر الشيعي و المهدي المنتظر .  اُنظر : عبد المجيد النجار ، المهدي بن تومرت : حياته أراؤه وثورته الفكرية والإجتماعية وأثره بالمغرب، دار الغرب الإسلامي، 1403هـ/ 1983م ، ص : 417 – 418 .
28 - السلاوي ، المصدر السابق ، ج01 ، ص : 194 .
29 -  اُنظر : محمد بن عبد العزيز الدباغ ،  دور المرابطين في توحيد المغرب و إقرار الدعوة السلفية ، مجلة دعوة الحق ، المغرب ، ص : 227 – 228 .
30 - ابن خلدون، المرجع السابق ،ج : 6، ص : 300 . السلاوي، المـصـدر السـابـق، ج : 1، ص : 63 .
31 - اُنظر : تفصيل ذلك : عبد المجيد النجار ، المرجع السابق ، 400 - 473 ، و اٌنظر : مصطفى مغزاوي ، دور العامل السياسي في انتشار المذهب الأشعري ، رسالة مجستير ، معهد التاريخ بجامعة الجزائر ، 2008 م، ص :38 – 48 .
32 - يوسف احنانا، تطور المذهب الأشعري في المغرب الإسلامي، منشورات وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، المملكة المغربية،  1424 هـ/ 2003 م، ص : 83  .
33 - الإمام العالم القاضي محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد المُكنى بأبي بكر بن العربي المعافري، قاضي قضاة كورة إشبيلية، كان مولده ليلة يوم الخميس لثمان بقين من شعبان 468هـ / 1075 م رحل إلى المشرق مع أبيه مستهل ربيع الأول سنة 485هـ / 1092 م، ودخل الشام والعراق وبغداد، وسمع بها من كبار العلماء، ثم حج في 489هـ / 1096 م، وعاد إلى بغداد، ثم خرج إلى دمشق سنة 491 هـ/ 1098 م، ثم عاد إلى الأندلس 493هـ/ 1100 م مرورا بمصر، وقدم إشبيلية بعلم كثير، وكان موصوفاً بالفضل والكمال، وولي القضاء بإشبيلية، ثم صُرف عنه ، توفي بمغيلة بمقربة من مدينة فاس، ودفن بها في ربيع الآخر سنة 543هـ / 1148 م . اُنظر عنه مثلا : المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، بيروت، دار صادر، 1388هـ / 1968 م، ج : 2، ص : 26، 43 . و ابن أبي بكر القضاعي البلنسي، التكملة لكتاب الصلة، تحقيق :  عبد السلام الهراس،  دار الفكر، بيروت، 1416 هـ / 1995م، ص : 192 .
34  - اُنـظر : يوسف احنانا، المرجـع السـابـق، ص :  101 . و  عن أشعريته يـُـنظر أيـضـًا : عمار طالبي، أراء بن العربي الكلامية و نقده للفلسفة اليونانية، الطبعة 02، الجزائر، الشركة الوطنية للنشـر و التوزيع، 1981م 
35  -  اُنـظر : أبو بكر بن العربي، العواصـم من القواصـم ، الشركة الوطنية للنشـر و التوزيع، الجزائر ، 1981، ص : 282 – 288 . و خـالد كبير علال، الأزمة العـقـيدية، دار الإمام مالك ، البليدة ، الجزائر ، 1426 هـ / 2005 م ، ص :  39، 43، 44 .
36 - اُنظر : مصطفى مغزاوي : المرجع السايق ، ص : 89 .
37 - التهامي إبراهيم ، الأشعرية في المغرب و موقف العلماء منها ، مجلة الموافقات ، العدد 04 ، محرم 1416 هـ / جوان 1995 م ، المعهد الوطني لأصول الدين – الخروبة ، الجزائر ، ص : 25  .    
38 - اُنظر : حسين مؤنس ، معالم تاريخ المغرب و الأندلس  ، دار الرشد – مصر ، 2004 م ، ص 210 ، إبراهيم حركات ، الحياة الدينية في عهد بني مرين ، مجلة دعوة الحق ، السنة السابعة – العدد 02 ،  – ص 07 – 11 ،   السنة السادسة – العدد 08 ، الفكر المغربي في عصر بني مرين  - ص 35 -  42 . و أبي أويس محمد بوخبزة الحسني ، حوار هادئ مع الأستاذ عبد السلام ياسين ، مجلة الصوفية ، العدد 07 ، صفر 1429هـ - فيفري 2008م ، ص : 04 – 05 .
39 - انظر مثلا : عبد العزيز سليمان ، الشعوب الإسلامية ، دار الفكر العربي ، بيروت ، لبنان ، ص : 124 .      و ليس ثمة اختلاف كبير بين المذهبين الأشعري و الماتردي ، اُنظر :  غالب عواجي ،  فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام ، المكتبة العصرية الذهبية ، جدة ، 1422 هـ / 2001 م ،  ص : 1231 – 1232 .
40 - منظومته المعروفة "بالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين"، ألفها للتلاميذ المبتدئين لتعلم المبادئ الأولى في العقيدة والفقه والأخلاق، وهي مبدوءة بقول الناظم:
يقـول عبد الواحد ابن عاشر                            مبتدأ باسم الإله القـادر
الحمـد لله الذي عـلمـنـا                             من العلوم ما بـه كلفنـا
وبعد فالعون من الله المجيـد                            في نظم أبيات للأمي تفيد
اُنـظـر : ابن عاشر ، الدر الثمين و المورد المعين ، شرح : محمد بن احمد بن احمد المالكي ،  طبعة مكتبة مصطفى الباني الحلبي و أبناؤه ، 1373هـ / 1954م ، ص : 04 – 12  .
41  - ابن خلدون ، المقدمة ، منشورات دار الهلال ، بيروت ، لبنان ، 2000 م ، ص : 110 . 

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم ’الشكرالجزيل على هذه الدراسة التي اثرت معلوماتي حول الموضوع خاصة وأن التاريخ تخصصي

    ردحذف