الثلاثاء، 29 يناير 2013


قراءة في كتاب

 الجيش المغربي عبر التاريخ

 للأستاذ عبد الحق المريني


في اطار اغناء الركن الخاص بالتاريخ يسعدني أن أقدم قراءة في كتاب للمرة الثانية قام الاستاذ منير البصكري ،والكتاب هذه المرة كتاب مغربي مئة بالمئة ،إنه كتاب الجيش المغربي عبر التاريخ، لكاتبه الأستاذ عبد الحق المريني ،صدرعن دار النشر المعرفة بالرباط .
وبالنظر الى أهمية وقيمته، فقد تمت طباعته عدة مرات بشكل منقح ومراجعة دقيقة، وقد زادت هذه الاهمية عندما ترجم الى اللغة الفرنسية على يد الأستاذ أحمد بن جلون، وقد جاءت هذه الترجمة وافية ودقيقة ومستوعبة للموضوع بأسلوب بسيط ومؤد الى المعنى.
إن ترجمة رجمة كتاب الجيش المغربي عبر العصور الى الفرنسية سيكشف لأولئك الذين يجهلون قيمة الجيش المغربي ماضيا وحاضرا، أن قوة المغرب تتمثل في موارده البشرية ،إضافة الى ذلك سيتحققون من أن الجيش المغربي لم يكن في مجمل تاريخه جيش عدوان ،بل جيش جهاد وخدمة للأمن والسلام.كما سيكشف لهم وبالملموس أن هذا الجيش –منذ أن كان-إستطاع أن يحقق انتصارات باهرة عبر العصور، ومن تمة فأنه مدعاة للفخر للمغرب وللمغاربة .
تتبع الأستاذ عبد الحق المريني في كتابه هذا، مختلف الجوانب التاريخية التي رافقت الجيش المغربي منذ فجر التاريخ الى المرحلة الراهنة، مبينا أهم الخصائص والمقومات التي يتمتع بها ولا يزال،مستندا الى وثائق هامة مغربية وأخرى أجنبية،لم بتم الكشف عنها في الدراسات الأخرى ،إضافة الى مجموعة من الصور والرسومات البيانية
وعلى إمتداد صفحات الكتاب، يتدرج الؤلف بالحديث عن الجيش المغربي، منذ العهد الروماني ،إذ لم يستطع الرومان احتلال الشواطئ المغربية الا بعد مقاومة شديدة من قبل الجيش المغربي، استمرت عدة سنوات .كما أن هذه المقاومة استمرت أيضا إبان الفتوحات الإسلامية، إذ لولا تلك العاطف الدينية العميقة التي تميز بها المغاربة إذ ذاك لما تسنى للفاتحين اقتلاع جذور المسيحية من أوساط المغرب. 
وفي عهد الدولة الإدريسية، تم تنظيم الجيش المغربي ،فكان يحمي البلاد ويتعقب المجرمين وقطاع الطرق، ويقوم ببناء الحصون والقلاع ذاخل البلاد وعلى الحدود.
أما بالنسبة للعهد المرابطي، فقد تم تحصين المغرب ،علاوة على الدور الذي قام به الجيش المرابطي من خلال الدفاع عن الأندلس، ومجابهة النصارى في حروب الإسترداد المسيحي. لذلك،كان المرابطون محاربين من الطراز الأول، وامتازوا بالشجاعة الفائقة، والجرأة والإقدام والصبرعلى تحمل مشاق الحرب وتضحياتها.
وعن وضع الجيش المغربي هي العهد الوحدي، أبرز المؤلف النظام الهائل الذي كان عليه الجيش، مما ساعده على تفوقه وتحقيقه العديد من الإنتصاراتن على حدما حققته "وقعة الأرك"التي واجه فيها الجيش المغربي الإسبانين القشتالينن المعززين بالبرتغالين، مما كان له اثر كبير في المشرق.
وفي العهد المريني، استمر الجيش المغربي في الجهاد ضد الإسبانين، ومساعدة دولة بني الأحمر للوقوف في وجه الغزو المسيحي، وكذا من قمع بعض الثوار حتى تم القضاء عليهم. ناهيك عن اتصاراته في الأندلس .بل إن الدولة المرينية كانت تحاول توحيد أقطار المغرب (الكبير ) تحت رايتها إحياء لمجد المغرب وقوته وعظمته.
كما تحدث الكاتب عن مقاومة الجيش الوطاسي للبرتغالين، فقد تم طردهم واسترداد أزمور وأكادير وأسفي منهم ،وذلك على يد محمد البرتغالي الذي خلف والده محمد الشيخ الوطاسي نكما كبد البرتغالين خسارت فادحة ،بقيادة أخيه ووزيره الناصر.
وعن الجيش المغربي في العهد السعدي، يشير الكاتب الى ما توفر للقوات العسكرية من وسائل الحرب والسلاح الثقيل، علاوة على ما كان لها من تنظيم محكم ودقيق .فقد اهتم السعديون بصناعة المدافع، وبناء الأبراج غاية الإهتمام ،كما اهتموا أيضا بصناعة البارود ،وكانت "هولاندا" تستورده من المغرب إبان حربها مع إسبانيا سنة1628.ولا يخفي ما للأسطول البحري في العهد السعدي من أهمية .ففي عهد عبد الله الغالب باللهن كان الأسطول البحري يتوفر على سبعين مركبان كما شارك هذا الأسطول في حملة السودان، وقد برز عدد هائل من قادة الجيش السعدي من بينهم :محمد الحراث بن محمد المهدي الشيخ وعلي بن مسعود بن سقرة وسعيد بن فرج الدغالي وغيرهم.
وعن المؤسسات العسكرية السعدية ،يذكر الكاتب أنها تتوفرة في غير قليل من المناطق، تخزن العدة والسلاح والبارود والرصاص وما شابه ذلك،كما أن الدولة السعدية ركزت كثيرا من جهودها الحربية على المناطق الصحراوية، دفاعا عن الوحدة الوطنية .وحتى يبرز الكاتب قوة الجيش السعدي تناول مقاومته للبرتغال مركزا على معركة "وادي المخازن" التي انتصر فيها السعديون.وقد جاء حديثه عن هذه المعركة، معززا بالرسوم البيانية لمواقع القوات المتحاربة يوم المعركة .علاوة على كيفية تركيب الجيوش المتحاربة، وخط سير حملة "سيباستيان" نحو موقع المعركة،مختتما حديثه عن هذه المعركة بقصيدة شعرية للأستاذ علال الفاسي .
وبدقة متناهية، تعتمد ذكر التواريخ ،وأعداد الجيوش، والمدافع، تناول صاحب الكتاب معركة الدلائين ضد الإسبان ،وتعزيز المورسكين لصفوف اللجيش المغربي في عهد "قراصنة سلا" ،إضافة اللى حديثه عن الحركة العياشية، إذ تعددت الاشتباكات بين العياشي والإسبانين والبريغالين في "البريجة"و"المعمورة".
وفي العهد العلوي ،كان الجيش المغربي يتألف من عشرات الآلاف من جمبع نواحي المغرب(جيش الودايا-جيش النار-جيش البواخر-جيش الشراردة...)وكان جيشا منظما وقويا ،قمع به المولى الرشيد المؤسس الحقيقي للدولة العلوية "الثورات الذاخلية وأخضع به العصاة المتمريدين ،كابن محرز بناحية مراكش، والخضر غيلان حليف الإنجليز، والأتراك من ناحية الهبط".ولم بفت المؤلف الحديث عن وحدات الجيش في ظل حكم المولى إسماعيل ،وكان يتألف من المشاة(25.000جندي) الخيالة(10.000) الرماة الطبجية(3000الى 4000رجل) المخازنية(4000من العبيد و30من الفرسان).وكل هذه الفرق كانت تخضع لتكوين عسكري جيد، ونظام حربي متميز ،قائدها الأعلى هو المولى إسماعيل .
ومثل هذا الأمر درج عليه مختلف الملوك المغرب، الذين جعلوا من البلاد قطرا عزيز الجانب، زاخرا بالبروج الحصينة ،والقلاع المشيدة، وبذلك أعادوا الى المغرب القوة والبأس، وهكذا فصل الكاتب الحديث عن موقع الجيش المغربي في عهد سيدي محمد بن عبد الله ،ذاكرا أعماله الحربية واهتمامه بالأساطيل البحرية ،إذ بلغ عدد مراكب هذا الأسطول في عهده الى خمسين قطعة بحرية.
وفي عهد مولاي سليمانن تم الوقوف في وجه الزاحفين على شواطئ المغرب وثغوره ،وإغاثة أهل وهران وتلمسان لما فتك بهم الأتراك سنة 1203ه .كماأن المولى عبد الرحمان بن هشام إستطاع القضاء على أهل الفتن وأعداء الدولة اعتمادا على جيشه المنظم والقوي 
في عسكر ملأ القلوب مهابة
والأرض خيلا بالعوارق ينهق
للفتح والتمكين فيه دلائل
وعليه ألوية السعادة تخفق
ولم يغب عن الجيش المغربي بلاؤه في معركتي "وادي إسلي"(1844)ضد القوات الفرنسية مساندة من المغرب للجزائر ولا في معركة الهجوم ضد القوات الإسبانية التي كانت تطمع في احتلال الشمال المغربي أو في رد الهجوم الفرنسي (حملة بونابرت)على مصر.
ولعل المتتبع لمختلف المراحل التي حكم فيها الملوك العلويون المغرب سيلاحظ مدى إهتمامهم الكبير وعنايتهم القصوى بالجيش المغربي وفي كل هذه المراحل كان الجيش يكسب خبرات ونجارب لمواجهة الأسلوب الأوروبي الجديد والمنظم الذي يقوم على التمارن العسكرية الكثفة والتدرب على مختلف أنواع القتال مع إستخدام الأسلحة الجديدة التي أصبحت تعتمد الدقة والحركية إضافة الى هذا الإهتمام المتزايد عرف الجيش المغربي إصلاحات عسكرية مهمة خاصة في عهد المولى الحسن الأول تمثلت في خلق معامل لصنع "القرطوس"وإرسال البعثات طلابية عسكرية الى الخارج إضافة الى خلق نظام التعبئة العامة وهكذا حظي المغرب في عهد المولى الحسن الأول بجيش عتيد ومسلح بأحدث الأسلحة ونفس الأمر في العهد العزيزي إذ صبح للجيش المغربي نظام خاص وفق جدول ليبان الأعمال التي يطلب من العسكلر القيام بها .
ويتوالى هذا الإهتمام أيضا في العهد الحفيظي إذ على الرغم من التذخل الفرنسي فقد حاول الجيش المكغربي –قبل إعلان الحماية –أن يحمي وحدة التراب الوطني ويدافع عن كيانه.
بعد ذلك ينتقل المؤلف للحديث عن جيش التحرير ومقاومنه للاحتلال الفرنسي مع التركيز على أبطال التحرير الذين امتازوا بدفاعهم عن حوزة الوطن وقد عزز المؤلف هذا العمل بالحديث عن المقاومة الجيش المغربي للتدخل الأجنبي في الصحراء وعلى الرغم من نظام الحماية على المغرب فإن الجيش المغربي عرف إعادة تنظيمه بشكل يتناسب مع الظروف الجديدة التي أصبحت عليها البلاد.
وفي هذه الأثتاء كانت الحلرب العالمية الأولى قد اتقدت شرارتها فشارك الجيش فيها الجيش المغربي الى جانب فرنسا مشاركة قوية وفعالة حيث أبلى الجنود المغاربة البلاء الحسن من خلال ما حققوا من انتصارات باهرة يعود الفضل فيهم الفضل في الإحراز عليها.
والى ما سبق اهتم الكاتب بالحديث عن الجيوش الريفية المغربية بقيادة عبد الكريم الخطابي في حوربه الطاحنة ضد الجيوش الإسبانية بعد معارك متفرقة امتدت من 1913الى سنة1915وفي هذه الفترة عمل محمد بن عبد الكريم الخطابي على متابعة رسالة والده للاستمرار في الحرب التحريرة معانا الحرب على الإسبان مماى دفع الجيشان الفرنسي والإسباني الى التحالف ضد الجيش الريف المغربي .
وقد نبه المولف الى ما كابديه الجيوش الإأجنبية من خساءر في هذه الحروب التي كان فيها للمغرب صدى قوي عكسته العديد من الأشعار المغربية والمشرقية على حد سواء.
إشارة أخرى تثبت قوة الجيش المغربي وحضوره المتميز ويتعلق الأمر بخوض معارك الحرب العالمية الثانية تلبه لنداء السلطان محمد بن يوسف لاأجل محاربة الفاشية والنازية إزاء فرنسا وحلفائها وفي أثناء حديث المؤلف عن هذه الحرب الكونية سيجد القارئ الكثير من المعلومات التي تظهر  الصدى الكبير الذي تركه الجيش المعرب في الأوساط الدولية مما حدى بكثير من الشخصيات العلمية لتقدم شهدات تاريخية عن أبطال الجيش المغربي العتيد.
وإضافة الى ماسبق تحث الكاتب عنالجيش المغربي ومشاركته في الحرب الهند الصينية (1948-1954)كما تحدث عن تكوين جيش التحرير ومقاومته لكل أشكال الاحتلال شمال وجنوبا.
وفي عهد الإستقلال كان لابد من الاستمرار في تطوير وتجديد هياكل الجيش المغربي فتقرر في عهد محمد الخامس أن تحمل القوات المسلحة المغربية اسم "القوات المسلحة الملكية" أسندت رئاستها العامة لولي العهد آنذاك الحسن الثني بمفتضى ظهير شريف.
ةلم يدخر هذا الجيش جهدا لتحقيق جلاء القوات الأجنبية عن الأراضي المغربية إضافة اللى انضمام جيش التحرير الى صفوف القوات المسلحة الملكية ثم تكوين الأطر في المدارس والمراكز العسكرية وأصبحت لهذه القوات مدارس خاصة للنكوين والتأطير بغية أن بصبح الجيش المغربي في مصاف الجيوش الراقية.
وحتى تكون الصورة متكاملة لما يقوم يه الجيش المغربي من أدوار مهمة سجل الكاتب أبضا دفاع هذا الجيش عن القضايا العادلة في الشرق الاوسط وفي افريقيا استجابة لنداء الواجب الإسلامي والدولي ومن تمة استعرض الكاتب مختلف بطولات القوات المسلحة الملكية في الكونغو(1960)والجولان وسيناء(1973)والزايير (1977/1987)وحرب الخليج(1991)والصومال(1992)والبوسنة والهرسك(1996)
ونظرا لما يتمتع به المؤلف من حس أدبي متميز فقد جاء في ثنايا الفصول والمباحث عدد هائل من القصاءد الشعرية التي نظمها الشعراء المغاربة عبر مختلف مراحل التاريخ المغربي يتغنون فيها ببطولات الجيش المغربي استنهاضا للهم ودعوة الى الجهاد حتى يبقى المغرب صامدا أمام كل الصعوبات والتحديات 
وهكذا سيلاحظ القارئ أن هذا الكتاب يتميز بحضور شخصيتين شخصية المؤرخ وشخصية الأديب وهذا ويجمع الكتاب بين الصورة والوثيقة والسروحات المستفيضة والمتعة الأدبية يطبعه صدق الشعور الصادر عن انفعال عميق يميز الكاتب وهو يتحدث عن الجيش المغربي عبر مختلف مراحاه التاريخية 
ولعل إخراج هذا الكتاب في الصورة التي انتهى إليها من خلال ترجمته الى الفرنسية سيكون ربحا كبيرا للتعريف بالجيش المغربي خاصة بالنسبة لأولئك الذين لا يعلمون شيئا عن المغرب أو يتجاهلون معرفة أي شيئ عن ا البلد الطيب.


تاريخ الخزائن العلمية بالمغرب الأقصى
اهتم المغاربة منذ القديم بتأسيس المكتبات وخزائن الكتب وصناعة الورق وتجليد الكتب، وبرعوا في هذه الفنون حتى كان كل كاتب أو باحث أو عالم أو فقيه يزاول هذا العمل الورقي والكتبي والتغليفي والتجليدي يوميا في بيته أو عمله أو أثناء الاستراحة من الكتابة والتأليف، وهنا سنعرض لنوع خاص من الخزائن وهي الخزانات الملكية التي كان ملوك المغرب يحرصون على الحفاظ على مؤلفات العلماء والفقهاء والمفتين والقضاة، المعاصرين لهم، ويزداد لديهم الاهتمام بجمع كتبهم بعد وفاتهم، واليهم يرجع الفضل في التراث العلمي والثقافي الذي تضمه المكتبات الملكية القديمة في تاريخ المغرب، وفيما يلي عرض للخزانات الملكية حسب الدول التي تعاقبت على حكم المغرب عبر العصور التاريخية
 في عهد الدولة الادريسية
خزانة الإمام يحيى الرابع الإدري :
 وهو الامام يحيي الرابع الادريسي الذي تولي الحكم في المغرب بين سنتي 292 و 305هـ، وقد أثبت البكري أن الامام يحيى كان ينسخ له عدة من الوراقين.
في عهد الدولة المرابطية
 خزانة السلطان علي بن يوسف المرابطي :
 ذكرها ابن خلدون في بحوثه حول خزائن قبائل لمتونة، في خواتم أجزاء من مخطوط كتب برسم هذا السلطان، وتوجد مخطوطات منسوبة اليها في مكتبة القرويين والخزانة العامة بالرباط.
 في عهد الدولة الموحدية :
 وقد أولت هذه الدولة الموحدية الاهتمام بالخزانات الملكية عناية خاصة، وشيدوا لها المكتبات، ووضعوا خطة المحافظة عليها، واختيار القيمين بها من العلماء الأجلاء، ومن أشهر خزائنهم
خزانة الخليفة أبو يعقوب يوسف الموحدي 
 وقد كان هذا الخليفة الموحدي مهتما باقتناء الكتب، وكان يتفقدها من أقطار الأندلس والشمال الافريقي، وذكر المراكشي في كتابه المعجب أن هذا الخليفة أمر بجمع المؤلفات التي تتناول مادة الفلسفة، فنافس في ذلك ما اجتمع للحكم الأموي بقرطبة، وقيل إن خزانته كانت تشتمل على 400.000 أربعمائة ألف مجلد، وبهذا يعرف ما كانت عليه الخزانة الموحدية من كثرة الكتب والمؤلفات والمخطوطات، ويعتير الخليفة أبو يعقوب يوسف الموحدي المؤسس لأول مكتبة ملكية عظيمة بالمغرب
 خزانة الخليفة عبدالله العادل الموحدي :
 وقد أضاف الى سلفه عملية تنظيم الباقي من كتب الخزانة الموحدية، وتمييز الكامل منها
خزانة الخليفة أبو حفص المرتضى
  وهو آخر من اهتم بالخزانة الموحدية التي صارت من بعد الموحدين إلى دولة المرينيين. ولا تزال حاليا مؤلفات في خزانة القرويين برسم خزانة الخليفة عمر المرتضى ومنها (نظم الدرر بناي أحمد أجل البشر)، مع كتاب (الروضات البهية) لكاتبه أبي محمد الحسن ابن القطان
 في عهد الدولة المرينية 
 وقد عني سلاطينها أيضا بجمع الكتب وانشاء المكتبات وتأسيس المدارس، وتنقسم خزائنها الى خزائن ملكية وخزائن أميرية وهي
الخزائات الملكية :
خزانة السلطان يوسف بن يعقوب المريني 
 جاء ذكرها في كتاب (الامتناع والانتفاع في معرفة أحكام السماع) لمؤلفه الدراج السبتي
خزانة السلطان أبي سعيد المريني الأول 
 وإليها تنسب بعض المخطوطات من ربعات قرآنية، ثم نسخة من الشمائل الترميذية.
خزانة السلطان أبي الحسن المريني 
 ذكرها ابن خلدون في حديثه عن المصحف العثماني والمصاحف المهداة للحرمين الشريفين، وقد وقعت في عهد هذا السلطان كارثة أتت على ثروة ثقافية وعلمية تاريخية مغربية، حيث تعرض الموكب البحري لهذا السلطان للغرق والذي كان يشتمل على ستمائة 600 مركب بحري من الأسطول المغربي أمام سواحل مدينة بجاية بالجزائر أثناء رجوعه من تونس إلى المغرب بحرا، وكان بصحبته 400 من أعلام المغرب ما بين عالم وفقيه ورجل دولة، وقد كانوا من مرافقي السلطان أبي الحسن المريني، ومن أبرزهم، العلامة أبو عبد الله محمد بن سليمان السطي، شارح الحوفي، والعلامة أبو عبد الله محمد بن الصباغ المكناسي، الذي أملى في مجلس درسه بمكناسة على حديث يا ابا عمير، أربعمائة فائدة، والعلامة الأستاذ أبو العباس أحمد الزواوي، بالاضافة الى ضياع المصحف العثماني، وهو أحد المصاحف الأربعة التي بعثها الخليفة عثمان بن عفان الى الأقطار الاسلامية، وهذا المصحف كان من نصيب المغرب، وكان من ذخائر ملوكه، يتوارثونه بينهم ملكا بعد ملك، ودولة بعد دولة، إلى أن قدرت له هذه النهاية، وقد وقعت هذه الكارثة أمام ساحل تدلس بالجزائر، وذلك في سنة 750 هـ
خزانة السلطان أبي عنان المريني 
ذكرها الكزنائي في تأريخه أن هذا السلطان أنشأ خزانة خاصة في القصر السلطاني بفاس، مع خزانة أخرى مرينية بجامع القرويين
خزانة السلطان أبي سالم المريني 
 ورد ذكرها بسبب مجلد ضخم يوجد بخزانة القرويين لكتاب بعنوان (عمل من طب لمن حب)، والذي كتب مؤلفه ابن الخطيب مخطوطة منه باسم السلطان أبي سالم المستعين بالله المريني
 خزانة السلطان أبي فارس عبد العزيز الأول المريني 
 ورد ذكرها في المصنفات التي قدمت لهذه المكتبة ومنها (السلسل العذب) للخضرمي و(الدوحة المشتبكة) للمديوني.
 خزانة السلطان أبي فارس موسى المريني 
 ورذ ذكرها في تقديم الخزاعي كتابه (تخريج الدلالات السمعية) اليها
 خزانة السلطان أبي سعيد الثاني 
 وهي أيضا من خزانات العهد المريني الأخير
 الخزانات الأميرية : وهي خزانة العزفيين أمراء سبتة في عهد الدولة المرينية وهي
 خزانة القاضي أبي العباس السبتي 
 وصاحبها هو أحمد بن القاضي محمد بن أحمد اللخمي ثم العزفي بسبتة
 خزانة أبي القاسم العزفي 
 وصاحبها أمير سبتة، وابن القاضي أبي العباس المذكور قبله
- في عهد الدولة الوطاسية
§ خزانة السلطان أبي العباس الوطاسي : ورد ذكرها في هدية عبارة عن كتب وردت عليها من بعض علماء مصر.
 في عهد الدولة السعدية 
 وفي هذا العهد ظهرت الكتابة والتوثيق المنظم في التاريخ المغربي، وانتظم تصنيف الكتب والمؤلفات، وتطورت صناعة الورق، مما ساعد على ظهور مجموعة جديدة من خزائات الملوك والأمراء ومن بينها
 الخزانات الملكية : وهي الخزانات التي كانت تحت نظر السلاطين المغاربة وخاصة المهتمين منهم بالعلوم المختلفة، وهي
خزانة الأميرة مريم بنت السلطان محمد الشيخ السعدي 
 وبرسمها كانت كتابة مصحف شريف، جاء في خاتمته توثيق اهدائه لخزانتها، بتاريخ فاتح شعبان عام 967هـ
خزانة الأمير محمد بن عبد القادر بن السلطان محمد الشيخ السعدي 
 وهي التي ورد ذكرها في خاتمة المصحف الكريم المكتوب باسمها بتاريخ أوائل رمضان عام 968هـ. كما كتب لنفس الخزانة (ديوان نزهة القلوب) على يد سعيد بن محمد التونسي، عام 965هـ.
 خزانة السلطان عبد الله الغالب بن السلطان محمد الشيخ السعدي 
 وينسب اليها مصحف شريف يحمل تاريخ 975هـ. وبعده (كتاب الوصول لحفظ الصحة في الفصول) للعلامة لسان الدين ابن الخطيب، بتاريخ 978هـ. كما ينسب اليها أيضا كتاب (التمثيل والمحاضرة بالأبيات المفردة الشادرة)، وهو مخطوط دار الكتب المصرية أهداه اليها مفتي الحرمين الشريفين قطب الدين محمد بن علاء الدين أحمد الحنفي
خزانة السلطان أحمد المنصور الذهبي السعدي 
 وهي كبرى خزائن الشرفاء السعديين، بحيث بلغ عدد كتبها 32.000 كتاب، وقد وصف اليفرني مؤسسها السلطان احمد المنصور السعدي بانه كانت له عناية تامة باقتناء الكتب والتنافس في جمعها من كل جهة: فجمع من غرائب الدفاتر ما لم يكن لمن قبله، ولا يتهيا لمن بعده مثله، وقال الفشتالي عن خزانته السلطانية : (اشتملت الخزانة الكريمة العلية الأمامية الشريفة اليوم، على عدد جم من تصانيف أهل العصر في كل فن، حتى في الطب والهندسة)، وهناك شهادة أخرى من العلامة المقري الذي قدر عدد كتبها بما ينيف على 100 مائة مؤلف في خصوص الموضوعات المدونة برسم الخزانة المنصورية. وأكد المؤرخون أن مرد هذا التطور في مكتبات وخزائن السعديين يعود إلى أنها استفادت من العلاقات الودية التي كانت تربط الدولة بالشرق والغرب، فترادفت عليها هدايا الكتب من المشرق الإسلامي، من ذلك " البحر الزخار والعيلم التيار" من تأليف الجنابي، و"شرح ترضيح ابن هشام"، والذي قدمه مؤلفه أبو بكر الشنواني للخزانة المنصورية، كما أن بعض أكابر المسيحيين الغربيين قدم للمنصور مصنفا طبيا مكتوبا بلغة أجنبية يترجح أنها اللاتينية. وكان السلطان السعدي يوفد البعثات للقاهرة والاسنانة بقصد شراء الكتب واستنساخها، ويبذل فيها التعويضات السخية، وكانت هذه الخزانة مفتوحة في وجه الباحثين، فيذكر أن أحمد بابا التنبكتي استفاد منها كثيرا في تأليفه "نيل الابتهاج بتطريز الديباج" وكذلك أحمد الحجري اعترف بأن المنصور كان يفيده بكتب خزانته. وورد أيضا أن أبا جمعة أعاره السلطان احمد المنصور 500 كتاب أخرجها من خزانته، حتى يفيد منها العلم المراكشي في تأليف شرح "درر السقط في مناقب السبط" لابن الآبار، وقد كان لثلاثة من أبناء المنصور خزائن أسسوها في عهد والدهم، وهو من الدلائل القوية على ضخامة الخزائن المغربية في عهد المنصور السعدي
 خزانة الأمير أبي فارس عبد الله الواثق 
 ومن بقاياها نسخة من كتاب منسوب اليها وهو "التشوف" للتادلي، وهو مرسوم بداخله اسم أبي فراس بخط شرقي مشتبك
خزانة الأمير محمد الشيخ المامون 
 وينسب اليها كتاب برسمها لمؤلفه أبو القاسم الوزير الفاني بعنوان "الروض المكنون في شرح رجز ابن عزرون"، بتاريخ 18 جمادى الثانية عام 999هـ بمدينة فاس.
 خزانة السلطان أبي المعالي زيدان 
 وتتكون من مكتبة والده "السلطان المنصور السعدي"، ثم مما صار إليه من مكتبتي أخويه أبي فارس والمامون المتوفيين قبله، ولا شك أنه أضاف لهذه الخزائن كتبه الخاصة، وهي التي تحمل أولها توقيعاته بخطه الشرقي هكذا: "من كتب زيدان أمير المؤمنين بن أحمد المنصور أمير المؤمنين الحسني"، أو ما يشابه هذا التعبير. وقد كان من محتويات هذه الخزانة مؤلفات باللاتينية لتترجم منها بعد إلى العربية. وهكذا يتبين أن هذه المكتبة ربما تضخمت أكثر من خزانة المنصور. وقد تعرضت لنكبة عظمى بعد ثورة ابن ؟أبي محلى ضد زيدان عام 1020هـ - 1612م، فإن هذا الأخير اضطر إلى مغادرة مراكش لآسفي، حتى يسافر منها استأجر مركبا فرنسيا حمل ذخائره وكمية من عيون خزانته تقدر بنحو 4000 أربعة آلاف مخطوط في مختلف العلوم والفنون، ثم قدر لهذا المركب أن يأسره القرصان الإسبان، وذهبوا به إلى اسبانية غنيمة باردة، فأمر الملك فيليب الثالث أن توضع الكتب في دير الاسكوريال، وفي سنة 1671م، شب حريق في الدير هائل أتى حرقا على قسم مهم من هذه الكتب، ولم يسلم منها إلا نحو 2000 ألفي مجلد. وهي الباقية اليوم من المكتبة الزيدانية في قصر الاسكوريال، حيث وضع لها على التوالي ثلاث فهارس:
· الفهرس الأول: قام به ميشيل كازيري السوري الماروني، في مجلدين بعنوان: "المكتبة العربية الاسبانية في الاسكوريال"، وظهر المجلد الأول سنة 1760م، والثاني سنة 1770م.
· الفهرس الثاني : ثم قام المستشرق الفرنسي هارتفج ديرانبورغبوضع فهرس جديد لها، وطبع المجلد الأول سنة 1884م تحت عنوان: "مخطوطات الاسكوريال العربية"، وفي سنة 1903م صدر الكراس الأول من المجلد الثاني
الفهرس الثالث : وبعد وفاة ديرانبورغ أصدر ليفي بروفنسال مجلدا جديدا لتميم عمل سابقه، ونشر سنة 1928م فهرس بعنوان (قائمة المخطوطات العربية في الاسكوريال) وهكذا ضاع قسم مهم من الخزانة السعدية، وذهب بعضه ضحية الحريق الذي شب في دير الاسكوريال، بينما استقر ما تبقى منه في خارج المغرب بإسبانية، أما الباقي من هذه المكتبة في القصر الزيداني بمراكش، فقد نقل طرفا منه الفقيه أبو زكرياء الحاحي عند خروجه من هذه المدينة إلى رباطه في بسوس، بعدما كان دخلها لنجدة زيدان ضد ابن أبي المحلى الثائر على السلطان زيدان السعدي. وتشتت الباقي من الخزانة السعدية من جراء الفتن التي عاشها المغرب في أعقاب هذا العصر، حيث تناثرت ذخائرها بين كبريات الخزانة المغربية.
 خزانة ابنه السلطان الوليد بن زيدان السعدي 
 وقد عرفت بهدية أهديت لها وهي عبارة عن منظومة طبية، ومصنف في التوحيد.
oالخزانات الأميرية : وهي الخزانات التي يملكها رؤساء الامارات التى تأسست في الفترة الفاصلة بين عهد الدولة السعدية والعلوية ومن أشهرها إمارة الدلائيين، وامارة ابوحسون السملالي، وقد كانت لدى السملاليين خزائن منها
 خزانة أمير ايليغ 
 وأخيرا تكون خاطفة المطاف خزانة أمير ايليغ قرب نزروالت بسوس، ومن الثابت أن أبا حسون علي بن محمد بودميعة السملالي: كان يستنسخ الكتب من الزاوية الدلائية.
-في عهد الدولة العلوية
 خزانة السلطان سيدي محمد بن عبدالله العلوي 
ويسمى بالسلطان العالم، لفكره وعلمه الواسع واهتمامه بالتأليف والتصنيف وكثرة خزائن كتبه المنتشرة بين المدن الكبرى التي يستقر بها، ومن أعظم انشغالاته هو مطالبته الدولة الاسبانية باسترجاع المكتبة الزيدانية السعدية باعتبارها تركة وطنية مغربية، فلم يتنازل هذا السلطان أبدا عن المطالبة بالمجموعة الزيدانية بالاسكوريال، وكان يبعث لهم باستمرار سفيره محمد بن عبد الوهاب ابن عثمان المكناسي، للمفاوضة في هذه القضية حتى ألف عن تلك المهمة كتابه (الإكسير في فكاك الأسير). وقد حاول ابن عثمان ارضاء الملك كارلوس الثالث بمبادرة بأن قدم له مخطوطات عربية برسم سلطان المغرب سيدي محمد بن عبد الله، لكن كارلوس أشفعها بالاعتذار عن كتب الاسكوريال التي لا يمكن إخراج شيء منها، حيث أنها محبسة إلى نظر البابا مباشرة، وقد سجل نفس المؤلف شعوره حيث عاين خزانة الاسكوريال، وعبر عن هذا في الرحلة قائلا: (فخرجت من الخزانة بعد أن أوقدت نار الأحزان بفؤادي نارها، ونادت يا للثارات فلم يأخذ أحد ثارها، يا ليتني لم أرها). وهكذا يرسم ابن عثمان إحساسه الفردي إزاء هذه المجموعة المغربية، بالرغم من المساعي الرسمية
خزانة السلطان المولى سليمان العلوي
 وإلى عهد هذا السلطان العالم الفاهم الملتزم الورع، والمهتم بالعلوم الدينية والفقهية، والمالك لخزائن عديدة والمكتبات والذي أعطى لرعياه العلماء انطلاقة تأسيس مدارس قرآنية وعلمية كثيرة وكلها تحتوي على مرافق خاصة بخزائن كتب العلم والحديث، وفي هذا الجو العلمي الزاهر، لم يستطع المغرب أن ينسى مأساة الكتب الزيدانية، وقد قال الباحث في هذا الصدد (ولاشك أن هذا كان الحافز لأحد أعيان المغاربة في العصر السليماني لأن يقترح ترجمة فهرس الاسكوريال للكازبري من اللاتينية إلى العربية، والمعني بالأمر هو وزير السلطان أبي الربيع، محمد بن عبد السلام السلاوي اللقب المكناسي الدار، حيث كلف مترجما بنقل هذا الفهرس إلى العربية، حيث وقع الفراغ من انتساخه عام 1226هـ، الموافق سنة 1811م ولا تزال بقيد الوجود المخطوطة الأصيلة لهذه الترجمة).
 خزانات المدارس العتيقة 
 وهي ميزة هذا العصر العلوي كما أنها تعتبر من أعظم الذخائر العلمية في هذا العصر لما فيها من كنوز دينية وعلمية وأدبية وثقافية لا تقدر بثمن من المخطوطات النفيسة، ولا تخلو أي منطقة من مناطق المملكة المغربية من أي خزانة من هذا النوع، وخاصة في القبائل الأطلسية والريفية وجوامع المدن العتيقة كمراكش وفاس وسلا وتارودانت ووازان وتطوان ووجدة وتافيلالت ومراكز الزوايا والمدارس العتيقة في الصحراء وغيرها