صاحب الزنج ودين الحرية
لم يصل أي زنجي في بلادنا حيث دين الحريات والمساواة الي ما وصل
اليه السيد باراك أوباما أو كولن باول أو السيدة
كونداليزارايس
عقد استاذنا (طه حسين) فصلاً في كتابه ألوان , وقارن فيه بين ثورة العبد الأبيض الاسبرطي (سبارتاكوس) ضد روما من أجل تحرير العبيد ونيل الحرية , في القرن الأول الميلادي . وبين العبد الأسود (عبد الله بن على بن محمد) الذي قاد ثورة للعبيد السود المعروفين بالزنج ضد الخلافه الاسلامية , من أجل ذات الهدف , تحرير العبيد ونيل الحرية, ولكن في بلاد العرب , وفي العراق تحديداً , حيث عاصمة الخلافة. ومنذ طه حسين بالامس القريب تغير وجه الدنيا ، وجرت في النهر مياه كثيرة بمتغيرات عظيمة في العلم وفي الاخلاق وفي الانظمة الحقوقية وكافة الانظمة المجتمعية من اقتصاد الي سياسة , مما يتوجب معه اعادة قراءة حكاية صاحب الزنج مرة اخري, ولكن بعيون اليوم.
و(الزنج) هو المصطلح العربي الدال علي عبيد الامبراطورية العربية السود, والذين كان يتم خطفهم من قبل النخاسين من ساحل افريقيا الشرقي الاقرب , وغالباً من منطقة زنجبار وتنجانيقا (تنزانيا حالياً) , وبيعهم في اسواق العرب, للقيام بالاعمال الدنيئة مثل كسح المجاري وتطهير الانهار , وغالباً ما كان للامبراطورية عبيدها بمئات الالوف للقيام بهذه الاعمال الضرورية. ومن ثم انتسب هؤلاء العبيد الي موطنهم بالاسم الذي أطلقه عليهم أسيادهم, فهم زنوج ـــ من زنجبار. وهي ذات الاحداث التي جرت مرة أخري في الولايات المتحدة الامريكية بعد قرون طويلة, لكن النخاسين كانوا يخطفون فرائسهم هذه المرة من الشاطئ الافريقي الغربي الاقرب ، من نيجيريا والنيجر , لذلك أطلقوا عليهم في امريكا الاسم الذي يشير الي أصلهم الوطني , فهم ---- (نجرو).
وكانت أفريقيا بتخلفها الفارق في ذلك الزمان وحياة شعوبها البدائية بلا دولة ولا قانون ولا حماية, هي المكان الامثل لخطف العبيد دون خشية أي عواقب. ورغم أن استعباد الانسان لأخيه الانسان جريمة كبري بحق الانسانية بعيون اليوم, فان ما حدث في تلك الحقب القديمة علي ارض الواقع في الزمن العبودي بعيداً عن منظومة القيم المعاصرة, هو أن العبودية كانت النظام الاقتصادي العالمي الامثل الذي ساهم في قيام حضارات عريقة ودفع تقدم البشرية. كان السيد المالك يقوم بتسخير عبده في العمل ويكون للعبد أدني حصة من عائد هذا العمل, بما يكفي لاستمرار الحياه وأداء المطلوب منه, والفائض هو اضافة تنموية لكنها من نصيب السيد, وليس للعبد علي السيد سوي حق الايواء والطعام والرعاية الصحية المطلوبة للشغل . ومعلوم أيضاً أن ظهور الآلة البخارية القادرة علي العمل بشكل أكفأ من العبد, قد أدي الي سقوط هذا النظام المشين بإعلان ابراهام لنكولن الامريكي ثم الحرب الاهلية التي أنهت نظام العبودية.
وكذلك من المعلوم أن نظام العبودية قد لازم الدولة العربية الاسلامية منذ ظهورها, فقوانين الجهاد الاسلامية نشطت عمليات الاستعباد, وأمدت أسواق الرقيق بالبضاعة طوال الوقت, بتحويل أبناء الشعوب الحرة المفتوحة الي سلع, بعد أن أباحت لهم قواعد الجهاد الشرعية استباحة شعوب بكاملها, والاستيلاء علي الارض بمن عليها ملكاً للعرب وورثتهم وقفا عليهم وعلي نسلهم من بعدهم, حسبما انتهي اليه الخليفة عمر بن الخطاب, بدلا من توزيع الاراضي بما عليها من بشر علي الفاتحين وتمزيقها فوقفها بمن عليها لصالح عرب الحجاز.
هذا بينما يقول لنا مشايخ اسلام اليوم, بعد استقرار مفاهيم الحرية الراقية عالمياً, ان الاسلام قد وضع في مقاصده تحرير الرقيق بتحريضه علي العتق. وانه لم يلجأ لتحريمه مرة واحدة انما لجأ للتدريج, رغم أنه لم يتدرج فيما هو أهم ، وقام بتكسير آلهة العرب أمام أعينهم دفعة واحدة. وقد مات النبي تاركاً خلفه عبيده ضمن ما ترك, كذلك كل الصحابة وكل المبشرين بالجنة،
كان عندهم عبيدهم وجواريهم, وكان الامام علي أزهدهم في الدنيا وأفقههم في الدين, ولم يترك وراءه سوي تسع عشر جارية من ملك يمينه ، وقد ذكر بن القيم في زاد الميعاد أنه كان للنبي بالاضافة الي زوجاته الثلاث عشر ، أربع سراري 10/114 . غير عبيده ومنهم من كان يقربه منه ويحبه مثل (أبي مويهبة ) ( ابن كثير 7/244/السيوطي/الخلفاء/176). فان كان تحرير العبيد مسألة ضمن أغراض الاسلام, لكان النبي والصحابة هم الاولي بتنفيذ هذه الاغراض بتحرير عبيدهم وجواريهم, لكن هذا التحرير لم يكن ضمن أهداف الاسلام, لانه لو كان كذلك لكان النبي والخلفاء الاربعة والمبشرين بالجنة هم أول العاملين به.
ولو كانت حرية عدم الاستعباد وهي أدني ألوان الحرية مطلباً اسلامياً ، لطالب بما طالب به سبارتاكوس قبله بما يزيد عن ست قرون, بالغاء العبودية نهائياً, وتحرير عبيد البلاد المفتوحة علي الاقل ، لقد فعلها سبارتاكوس الوثني قافزاً بالبشرية خطوة حقوقية عظمي في مستقبل لم يكن قد أتي بعد , ولم يفعلها المسلمون لسبب بسيط, انها لم تكن ضمن جدول اهتمامات المسلمين الاوائل ، كما يدعي اليوم السدنة والكهنة من تجار الاسلام السياسي.
بل وتقدس النظام العبودي في الاسلام بفقه كامل للرقيق كطبقة مختلفة عن بقية الطبقات حقوقياً واجتماعياً وانسانياً, لذلك اهتم الفقه الاسلامي بفقه الرقيق لاعطاء كل ذي حق حقه, كذلك ورد التسري بالجواري في ثلاث وعشرين آية بالقرآن, وظل هذا النظام معمولا به حتي اكتشف الامريكان جور النظام العبودي وسوئه, ومع الايام تحول الي جريمة في نظر كل الهيئات الحقوقية العالمية بلا استثناء, حتي تم ايقاف العمل به في السعودية عام 1966 بعد أن قبل الوهابيون بالقرار الدولي صاغرين.
أما مصر فقد سبقت هذا الزمن الي الغاء العبودية باتفاق مع بريطانيا ، تم بموجبه انشاء مصلحة للرقيق ، مهمتها تنفيذ الاتفاقية لقطع دابر الاتجار بالرقيق, الذي يأتيها من الحبشة والسودان والنوبة المصرية. وبهذه الاتفاقية المصحوبة بأمر عال من الخديوي في 14/8/1877 تم القضاء علي العبودية في مصر, وهو الامر الذي ينص علي " أن بيع الرقيق السوداني أو الحبشي من عائلة الي عائلة ، يمنع كلياً من القطر المصري. بعد مضي اثني عشر سنة من تاريخ المعاهدة المذكورة. وبعد مضي المدة المحكي عنها, اذا كان أحد رعايا الحكومة المحليين يخالف الامر ويتجرأ علي بيع رقيق سوداني أو حبشي, تصير مجازاته بالاشغال الشاقة لمدة أقلها خمسة أشهر وأكثرها خمس سنوات ".
إن أقصي ما يمكن قوله بشأن موقف الاسلام من النظام العبودي, هو أن الاسلام قد أدخل اصلاحات علي نظام الرق ، وحاول حصر مصادره في رق الحروب, كما حرم عبودية الوفاء بالدين, لكن ذلك لم يمنع عبودية البيع والشراء لانها لم تحرم نصاً, وما ترتب عليها من عبودية الخطف, بينما ظل الجهاد قروناً متطاولة يزود أسواق العبيد بمعين لا ينضب, فيروي ابن الاثير أن غنائم البطل المسلم موسي بن نصير, في سنة 591 هجرية بلغت ثلاثمائة ألف رأس مسيحي, وأن موسي استقدم معه الي دمشق ثلاثين ألف عذراء من الأسر القوطية النبيلة /4/295.
وان الدارس لتاريخ الدولة الاسلامية, يعلم ان طلاب العدل السياسي والاجتماعي لم يتوقفوا عن مطلبهم رغم ما تعرضوا له من تنكيل وتكفير وجور. ولم تكن ثورة الزنج سوي مظهر عملي يفعل تلك المطالب ويجسدها علي أرض الواقع, مطالب الحرية والعدل الاجتماعي والسياسي.
استمر صاحب الزنج يمهد لثورته ست سنين فتحدث لأصحابه في أن يؤمروه عليهم, وأن يغامر بهم كما غامر الناس, وارتحل داعياً لنفسه بين العبيد الي هجر ثم الاحساء ثم البادية ثم البصره كرة اخري , وفي رمضان سنة 255هـ كان قد اتخذ القرار للقيام بمهمته التاريخية. بعد ان كان قد رتب اتصالاته بالرقيق الذين يعملون حول البصره في كسح السباخ واصلاح الاراضي واستخراج الملح, وفي غير ذلك من الاعمال الدنيئة الشاقة والتي سخرت لها الخلافة عشرات الالوف من هذا الرقيق الافريقي الاسود.
ساعة الصفر اقتحم عبد الله بن محمد بعبيد ما حول البصرة, مدينة البصرة, وخربها وقتل أهلها واستصفي ما عندهم من أموال ، وأخذ الأسري من أحرار العرب كما كان العرب يفعلون بغيرهم, وأخذ النساء الحرائر فوزعهن علي اصحابه سبايا بعد أن كن ربات خدور سادات. ويوماً وراء يوم كان جيش صاحب الزنج يزداد عدداً بالعبيد المحررين. ويزداد سيطره علي مساحات جديدة من أرض الخلافة, أقاليم وكور أصبحت تدفع الخراج لعبد الله بن محمد, تماماً كما فعلت جيوش العرب زمن الغزو الفاتح. ودخلت الخلافة عدة حروب ضد الزنج وكان نصيبها المزيد من الخسارة والانكسار, وبلغ صاحب الزنج مبلغاً أتخذ معه لنفسه ولقواده مدنا جديدة للاقامة فأنشأ لنفسه (المدينة المختارة) , واقام لقائد من قواده (المدينة المنيعة) ولآخر (المدينة المنصورة) , مما أصاب الخلافة بجزع شديد, وتم تكليف الموفق شقيق الخليفة بادارة حرب صارمة للقضاء علي ثورة العبيد.
ابتدأ الموفق باللعب علي نفسية العبد, فأرسل لعبد الله بن محمد يفاوضه ويرهبه, ويعرض عليه كلون من الاغراء المادي خمسة دنانير مقابل كل عبد يسلمه (أنظر كم كانت قيمة الانسان ؟) , فلم يحفل به ولا بعروضه ومضي في دعوته التحريرية , بل وبدأ منعطفاً آخر عندما قرر قبول الاحرار من الفقراء في جيوشه, مما أدي الي مزيد من هزيمة جيوش الخلافة.
وقررت الخلافة وضع كل امكانيات الامبراطورية للقضاء علي الزنج, وحشدت جيوشاً طارئة أمكنها السيطرة علي مجاري الانهار وحصار قنوات المياه المحيطة بمناطق الزنج المحررة. وأخذت سفن الموفق تجوب المياه تنادي الزنج للتخلي عن زعيمهم, ومن استسلم منهم أمنه الموفق وأكرمه واركبه معه سفينته ليعرض حاله علي زملائه المحاصرين, مع عرض آخر لرؤوس من قاوم من الزنج, فبدأ الجيش الثائر يستشعر الضعف والهوان والرهبه, وإزاء الحصار انتهي الامر باستسلام العبيد فرادي وجماعات لجيوش دولة الخلافة.
يري المؤرخون المسلمون أن عبد الله بن محمد لم يكن الا مغامراً شريراً تسبب في فتنة وخراب طمعاً في الرياسة, وتجدهم لا يسمونه الا الخبيث واللعين ، ولا يصفونه الا بعدو الله وعدو المسلمين, لكن تراهم بماذا كانوا يسمونه لو كان هو المنتصر؟ لذلك يري باحثون محدثون ومنهم أستاذنا طه حسين أنه كان رجلاً ذكي القلب بعيد الامل دقيق الحس ضابطاً لأمره مالكاً لارادته. كان يعيش في بغداد وعلي اتصال ببعض عبيد قصر الخلافه, فرأي الفساد عن قرب, ورأي عبادة اللذة والخلل الاخلاقي والاجتماعي فتكرهه نفسه, لكن هل كانت تكرهه لانها كانت نفس كريمة تحب الخير وتكره الشر وتطمع في العدل وتؤثر المعروف؟ أم كانت نفساً طموحا تريد أن تشارك في نعيم الاحرار؟
إن مطالعة ما حدث تطلعنا علي الاجابة.
الظاهرة الاولي الملفتة للنظر, هي ذلك الافتتان الشديد به بين الناس حتي حالفه فقراء الاحرار ، وخاضوا معه المعارك متحالفين رغم انه لم يكن قرشياً, ولا حتي عربياً , ولا نبياً , ولا رسولاً, ولا صاحب كتاب, ولا صحابي, ولا صاحب معجزات, ولا هو حتي أبيض اللون كالبشر الأسوياء انسانياً في زمنه. افتتن الناس به وأيدوه وهو العبد الاسود المفرد ضد الخليفة المؤيد من الله في اعتقاد زمانهم , والمؤيد من الشريعة ومن الاجماع ومن جيوش الامبراطورية بعد ذللك ظهيرا . لقد تصدوا مع عبد الله لجيوش الخليفة التي فتحت بلداناً وهزمت دولاً, وانتصروا في كل المواقع عدا الاخيرة, وفي زمنهم لم يعرفوا ما هي حقوق الانسان ولم يسمعوا عنها كما في أيامنا, ولم يعرفوا العقد الاجتماعي ولا مبادئ الثورة الفرنسية, ولم يعلموا ما هي الدساتير ولا البرلمانات . انها كانت روح الانسان الحرة التي ثارت علي السيد خليفة الله في أرضه, حتي لو كانت الثورة عليه كفراً كما يؤكده دوماً علماء السنة وفقه السنة علي اتفاق. لقد اختاروا الحرية ولو كانت مروقامن الشرعية, اختاروا الحربة علي العبودية في ظل الشرعية.
ولا يمكنا ان نزعم ان صاحب الزنج كان مدعوما من امريكا أو عميلاً لاسرائيل, أو انه تعرض لضغط أو تأييد من الرئيس بوش ، بينما في ايامنا عاد الماض الكريه بظله مع دعاة الاستعباد والخلافة والدولة الاسلامية ، التي رفضها عبيد البصرة من الزنج وفقراء الاحرار. لقد فهم عبد الله بن محمد أن نظام الخلافة المؤيد بالفقةالمشيخي المقدس هو موطن الداء, فقام يضربه بعنف, ومعه كل المستضعفين. كان الخليفة قرشي عربي مقدس ورفض عبيده السجود له, واليوم يريدوننا أن نسجد للمشايخ من رموز الاسلام الذي لا يعرف رموزاً !!
العبيد رفضوا نظام الخلافة الاسلامية وطريقته في الحكم في القرن العاشر الميلادي, ويأتي من يطالب بعودته في القرن الحادي والعشرين !!
يلفت النظر بشدة قول عبد الله بن محمد لأصحابه" لنغامر كما غامر الناس" . كان التاريخ ماثلاً لم يمض بعد بتاريخ الفتوحات , عندما غامر العرب ففازوا بالارض ومن عليها. لكن هذا التاريخ الماثل يبدو أنه أيضاً كان هو المثل والقدوه, فقام عبد اللة بن محمد يختار لنفسه راية خضراء ، كتب عليها الآيات: " إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون" .
لقد جعل الحرب في سبيل الحرية, حرباً من المؤمنين ضد المشركين, كما هو موضوع الآيات, لقد جعل حربه حقاً يقف الله بجانبه ضد الخلافة ونظامها كله ،أصبحت هي الباطل.
يلفت النظر أيضاً وفاء صاحب الزنج لاتباعه بما كان يعد, كان يحلف لهم جهد ايمانه أن سيملكهم أرضهم ، ويجعلهم سادة يملكون الرقيق بعد أن كانوا رقيقاً, وانهم سيملكون ساداتهم , وبر لهم دوماً بما وعد ، بل قام يطبق علي السادة الذين اصبحوا عبيداً شريعة هؤلاء السادة العرب, فكان يجلدهم بالسياط ، ويوزع علي اتباعه أنصبة عادلة من غاراتهم علي السفن والقري ، بنفس نسبة التقسيم زمن غزوات النبي وغزوات الفتوحات, سواء كانت تلك الانصبة منافع مادية أو بشراً من أطفال ونساء السادة المترفين, فأنفذ في العرب شريعتهم, لكنه ارتقي عنهم خطوة عندما ساوي بين البيض الاحرار وبين الزنوج وآخي بينهم كمؤاخاة المهاجرين و الانصار.
كان تطبيق شريعة العرب علي العرب مأتماً عربياً عظيماً, آلم العرب واوجع اكبادهم في كل بقاع الامبراطورية التي اهتزت لاغتصاب النساء العربيات الماجدات من قبل العبيد السود وبيعهن في الاسواق. آلمتهم شريعتهم عندما طبقت عليهم ، فقاموا من كل أرجاء الامبراطورية يرسلون للخليفة بالدعم المادي والعسكري للقضاء علي ثورة الزنج, وكان هذا تحديداً هو السبب الحقيقي في كسر ثورة الزنج.
وكان للمشايخ والفقهاء أيضاً دورهم الكبير في كسر تلك الثورة فكفروا صاحب الزنج ومن معه ، رغم أنه كان يطبق شريعة الاسلام تماماً ولو راجعنا أفعاله لوجدناه رجلا مسلما 100× ال100, فقد جلدهم بالشرع كما كانوا يجلدون الناس, وطبق شريعة العين بالعين والسن بالسن, وركب هو ورجاله نساء السادة العرب المهزومين , وأسروا أطفالهم ونهبوا أموالهم, فأين الكفر فيما فعل صاحب الزنج؟ ان الكفر الواضح أنه لم يفهم أن تلك قوانين مقدسة يطبقها العرب علي غير العرب فقط, هي قوانين تستثني واضعي القانون من القانون.
لقد أدرك عبد الله بن محمد خلل نظام الخلافة المقدسة وحلفها المشيخي , لكنه لم يستطع أن يجد أمامه بديلاً يعرفه ويفهمه لثقافته الاسلامية التي كان يتمسك بها بايمان عظيم, أبداً لم يتصور صاحب الزنج ولا الزنج المسلمون أن الظلم يمكن أن يأتي من النظام الديني للحياة , فالشريعة مقدسة لذلك هي سليمة بالتمام والخطأ إنما هو في التطبيق, في الاشخاص كالخليفة وحاشيته وفقهاؤه. لذلك عندما انتصر الزنج استخدموا نفس الآليات مع أسيادهم السابقين, العبيد حالياً, ولم يكن يري أن هناك نظاماً أفضل من النظام الاسلامي فطبق شريعته باخلاص, فأذاق العرب مرارة الكأس الذي أذاقوه لمختلف الشعوب. فاستمر الظلم رغم تبدل الشخوص, كل ما حدث هو أنه قد أصبح العبد سيداً والمظلوم ظالماً والمجلود جلاداً, لذلك عندما انتصر الزنج ظل الظلم هو صاحب السلطة , لذلك عاد الزنج مع هزيمتهم النهائية أمام جيوش الامبراطورية عبيداً مرة أخري, لانهم لم يكونوا مؤهلين لاستبدال تلك الثقافة بثقافة أكثر نضوجاً تقدس الحرية والكرامة والانسانية والعدل والمساواة لكل البشر. لقد كانت القاعدة ظالمة منذ سبارتاكوس وما بعد سبارتاكوس, ومنذ الفتوحات ومنذ الزنج وما بعد الزنج, حتي اجتمع الانسان عبر نضالات طويلة فى عالم الحريات , ليستكمل مسيرة سبارتاكوس وصاحب الزنج ، ليجبر العالم كله مسلمين وغير مسلمين للتخلص عن عار اتجار الانسان في أخيه الانسان.
ملحوظة خاتمة: أنه لم يصل أي زنجي في بلادنا حيث دين الحريات والمساواة الي ما وصل اليه السيد: (كولن باول ) ولا براك أوباما, ولا ما وصلت اليه .... ويا للهول ... سوداء... ونجرو ، و لمزيد من النكاية وفداحة المصيبة :( امراة ) , هي ( السيدة كونداليزارايس ) وذلك في بلاد الكفر والطاغوت. لقد كان حظ عبيد النيجر (النجرو), أوفر من نكد حظ عبيد زنجبار , لقد أصبحوا مواطنيين حقيقيين كاملي الحقوق في دولة عظمي .. تري هل هي سخرية الأقدار؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق