السبت، 28 يوليو 2012

أسس قيام الدعوة الموحدية و فتوحاتها 
                                                                                                جمال الرداحي 



أسس  قيام الدعوة الموحدية
ساعدت مجموعة من الظروف والصراعات الدينية والاجتماعية الموجودة بالمغرب الأقصى عند بداية القرن 6  هجري / بداية القرن 12م. على قيام الدعوة الموحدية وتجنيدها لمعارضة الحكم المرابطي والوصول الى السلطة. ترى ماهي الأسس الدينية والاجتماعية التى انطلقت منها الدعوة الموحدية؟ وما دور محمد ابن تومرت في تأسيس هذا المذهب ؟
محمد ابن تومرت.
ارتبط قيام النظام الموحدي بشخصية المهدي بن تومرت من جهة وأوضاع العالم الاسلامي وبالأخص الشمال الأفريقي و الأندلس. فمحمد بن تومرت المؤسس السياسي والمذهبي للدولة. ولد حوالي 485هجرية/1075ميلادية بالأطلس الصغير بمنطقة سوس الأقصى . وتعلم في صباه وشبابه أصول الشريعة والفقه واشتهر باسم '' أسفو'' أي '' المشعل '' نظرا لمواظبته على الدراسة والصلاة تم انتقل الى المشرق في 501هجرية/1107ميلادية.ليكمل تحصيله ويعمق معارفه في أهم المراكز العلمية (قرطبة الاسكندرية) إلا أن أهم مركز علمي اجتذبه لوقت طويل هوبغداد. تم  عاد الى المغرب حيث كان يشرح لجماهير المسلمين داخل المساجد وفي  الأسواق أصول الدين وفروعه وكان ينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف بحيث أعجب به وبأفكاره العديد من الناس .ومن بينهم " عبد المؤمن بني علي الكومي" عند التقائه بملالة فقام بإتباع نهجه
وطريقة مسيرته.
الأسس التي قامت عليها الدولة الموحدية
. أ-    الأسس الدينية.
يعد من أقوى عوامل تأسيس الدولة الموحدية بحيث انطلق المهدي من مناهضة استبداد الفقهاء المرابطين ومن الجمود الفكري الذي سيطر على الفقهاء بحيث أهملوا الاجتهاد وتشبثوا بالتفسير الحرفي للقران والاقتصار على الفروع ونبد الأصول الدينية وطالب الناس بالرجوع إلى الأصول " الكتاب و السنة" وهو بدلك متأثر بالمدرسة الأشعرية في حين كان فقهاء المغرب لايأخدون بهدا المذهب في التأويل بل يرون وجوب الإقتداء بالمالكين والاكتفاء بالفروع وإقرار المتشابهات كما جاءت والاهتمام بظواهر الأمور.كما بين ابن تومرت أن فقهاء المرابطين عملوا على استغلال الأفكار الدينية لكسب عيش رغيد وتبرير تصرفات أصحاب الحكم المرابطي.
  بالأسس السياسية.
ارتكزت الأسس السياسية للمهدي بن تومرت على محاربة تهاون و ضعف ملوك المرابطين في تسيير شؤون الدولة منذ عهد علي بن تاشفين و أيضا توقف حركة الجهاد في الأندلس.  
  جالأسس الاجتماعية
انتقاد الموحدين لمجموعة من المظاهر الاجتماعية التى سادت في المجتمع المرابطي منها:
 -  ظهور الانحلال الخلقي الذي تجلت أثاره في بيع الخمر وشربه جهرا.
 - خروج النساء سافرات متبرجات في المواكب.
 -إهمال الواجبات الدينية واشتغال الناس بالطرب.
 - نفوذ النساء على الأمراء.
  د-   أساليب الدعاية للمذهب الموحدي عند ابن تومرت
غادر ابن تومرت مراكش  بعدما  علم  بمكائد  الفقهاء  ولتحق  بمسقط رأسه وفي سنة 518 ه/1125م هاجر من جديد نحو الشمال واستقر في تينمل بحيث اتخذها قاعدة للانطلاق دولته ودلك لمزايا موقعها ولحصانة بقعتها . تقع تينمل كما نلاحظ من الخريطة  على السفح الشمالي للأطلس الكبير في المجرى  الأعلى لنهر نفيس المنحدر  نحو مراكش وهو وادي ضيق المسلك لايسع كثير من الخيل ومن هده  النقطة أخد ابن تومرث بنشر الدعوة الموحديةفي قبائل مصمودة واختارهم دون سواهم للانتساب اليهم ولقربهم  من مراكش ولعداوتهم للمرابطين  ولكثرةعددهم ولقيت دعوته نجاحا  كبيرا عندهم فبايعوه ولقبوه بالمهدي  ودلك نظرا للأسباب التالية
 -كان الإيمان بظهور المهدي المنتظر منتشرا لأنه كان يرمز إلى إقامة العدل بين الناس.فأذاع ابن تومرث بأنه "المهدي المنتظر" وأنه أحسن الناس معرفة بالله ورسوله.
   - توفق في اختيار أساليب الدعاية فقد كان يخاطب سكان الجبل والمناطق التي لايفهم أهلها العربية باللهجة البربرية وألف كتب ورسائل بهده اللهجة وكيف عمله التكويني حسب مستويات الفهم لدى مختلف الشرائح الاجتماعية .
   - كان يتشبه بالنبي (ص) في سائر أعماله فهجرته إلى تينمل كهجرة النبي إلى المدينة المنورة وقد دعا أتبعه بالأنصار وكان أصحابه عشرة كأصحاب النبي...
   - كان له أثر قوي في نفوس المصامدة نظرا لزهده في الدنيا ودفاعه عن الحق وفصاحته.
   - ويرجع نجاحه أيضا إلى قدرته على التنظيم والقيادة
 - المؤسسات السياسية التي تنظم الدولة
أقام ابن تومرث دولة جديدة في الأطلس لها ضرائبها وجيشها وتنظيمها واحتفظ بالنظام القديم الذي كان مألوفا عند البربر ولكنه رتب القبائل حسب قرابته منها . بحيث أنشاء مؤسسات سياسية لقيادة الحركة الموحدية الناشئة مستمدا أنواعها من السيرة النبوية ومن العادات والتقاليد القبلية ومن الواقع الذي تمخض عنه توسع الحركة وتطورها.
  أمجلس العشرة:
أهل الجماعة على غرار صحابة الرسول العشرة وهم الأولون اللذين بادروا إلى إتباعه كعبد المؤمن .تميزوا بالعلم والقدرة على القيادة وروح التضحية وهم أهم مستشاريه وكانوا يتكلفون بتنفيذ القرارات المنظمة للحركة.
ب- مجلس الخمسين
رؤساء الخمسين قبيلة التي كانت سباقة لمساندة الحركة الناشئة وهو مجلس دو طابع استشاري.
ج- مجلس الطلبة
دعاة الحركة في البداية مارسوا فيما بعد أنشطة في مجالات التربية والتعليم والإدارة والجيش فامتد تأثيرهم وسط عديد من الشرائح الاجتماعية بفضل هدا التنظيم الدقيق الذي أتاح تلقينا مذهبيا وسياسيا مكتفا للقبائل بحيث اتضحت بواسطتها الأهداف السياسية للحركة التومرثية كما سهرت هده المؤسسات التنظيمية على تطبيق برنامج ابن تومرث والعمل على إحلال نظام حكم جديد محل الحكم المرابطي .  
- فتوحات الموحدين :
أ- إخضاع  المغرب الأقصى :
تحصن الموحدين بالجبال في بداية دولتهم فتجنبوا البدء بإخضاع السهول ودلك لأن عبد المؤمن استخلص العبرة من هزيمة"معركة البحيرة " وأيضا لجعلهم في مأمن من غارات الخيالة المسيحيين العملين في جيش المرابطين.و أيضا للاستفادة من خيرات الجبال ومن السيطرة على أهم المناجم المغربية ومن مراقبة أهم الطرق التجارية من الصحراء نحو البحر الأبيض المتوسط فيتقوى بعد دلك نفوذهم. لدى اتجهت أولى حملاته للجبال مابين سنتي (534ه و535ه / 1140م و1141م) ودلك لمراقبة مواطن الثروة المعدنية اللازمة لصنع السلاح والأدوات المختلفة كالنحاس والرصاص .وبدلك اعتبرت الجبال قاعدة للانطلاق هجوما ته والانسحاب عند الاقتداء   ثم تحول إلى مهاجمة القوات المرابطة داخل السهول خاصة في سها الحوز الحالي وحاصر مراكش بعدها أصبح يتوفر على قدرات عسكرية وبشرية ومادية وعلى موارد هامة وبالتالي استغرق التوحيد السياسي للمغرب الأقصى تحت السلطة الموحدية العديد من السنوات بحيث واجهوا العديد من الانتفاضات الجهوية والمحلية لعدد من القبائل المعارضة للسلطة الموحدية
ب- فتح  المغرب الأوسط (546ه/1151م)
دخل عبد المؤمن الجزائر 546ه ثم بجاية فدخل بعدها قلعة بني حماد عنوة وكانوا أسسوها 386ه ودامت مملكتهم إلى 546ه وكانوا تابغين لأبناء عمومتهم. صنهاجة بافريقية إلى أن انفصل المغربي باديس بافريقية عن سلطة الفاطمين ودعا الخليفة العباسي 535ه فاستقالت مملكة بني حامد عن سلطة افريقية إلى أن قضي عليها الموحدين
ج- فتح  افريقية (546-555ه/1151-1160م)
كانت افريقية تعاني من فتينة بني هلال وكدا مضايقة النرمندين لسواحلها حيث استولوا على المهدية وزويلة 576ه وبغد أن عزم عبد المؤمن على فتح افريقية توجه بجيش قوامه مئة ألف مقاتل وصحبه الحسن بن علي الملك الذي كان في افريقية قبل أن يفر منها مند عاد النرمنديون لاحتلالها 544 ه تم وصل تونس وفتحها وكان قبل دلك قد شن حربا اقتصادية على افريقية حتى لا تدخلها الموارد الأساسية عن طريق المغرب الأوسط وحاصر المهدية غير أن أسطول الموحدين كان هو الرابح واستمر حصار المهدية ستة أشهر ثم استسلمت سنة 555 ه.
د- فتح  الأندلس
كانت القوات المسيحية حققت عند منتصف القرن السادس الهجري /12م المزيد من التقدم داخل شبه الجزيرة الأيبيريا وكتفت من غاراتها على الحدود الشمالية للأندلس وكان عبد المؤمن الموحدي يراقب هده الهجمات المسيحية مند بداية توسعاته بالمغرب الأقصى الى أن ارتأى أن يضمن توحيد شمال إفريقيا أولا قبل الانطلاق الى ما وراء مضيق جبل طارق. وفي سنة 557ه/1162م وبعد نهاية توحيد افريقيا  الشمالية قرر عبد المومن القيام بحملة  عسكرية كبرى لفتح الأندلس  الى أن توفي وهو في خضم الاستعداد لذلك فتولى ابنه وخلفه يوسف بن عبد المؤمن مهمة الجهاد بالأندلس وفي عهد الخليفة "يعقوب بن يوسف" الموحدي كان  ألفونصو الثامن ملك قشتالة  قد حالف ملك أرغون وتمكنا معا الاستيلاء  على عدة مواقع شمالبلادلأندلس  وفي نفس الوقت توغلت جيوش مملكة  ليون المسيحية داخل إقليم أستزاد الأندلسي وتسربت القوات المسيحية المتحالفة نحو  الجنوب الغربي للأندلس في محاولة لتطويق البلاد من الخلف.عندئذ سارع الخليفة يعقوب بن يوسف الموحدي  إلى جمع الجيوش والعبور بها  إلى الأندلس والتقى الجمعان المتحاربان في "معركة الأرك" سنة 591ه/1195م. حيث  حقق الموحدين انتصارا بينا على  القوات المسيحية وتلقب الخليفة يعقوب  بن يوسف على إثرها بلقب "المنصور"  ثم قام بحملة شملت شمال وغرب الأندلس  استطاع خلالها أن يسترجع معظم المناطق  المحتلة.وكانت من نتائج هده المعركة اكتساب الموحدين سمعة وهيبة كبيرتين عرفت"حركة الاسترداد المسيحية"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق