التنافس
التجاري بين
الدول
الأجنبية
في المغرب
الأقصى وأثره
على استقلاله
الدكتور تركي
عجلان
الحارثي
جامعة
الملك عبد
العزيز - جدة
ارتبط
المغرب
الأقصى
بعلاقات
اقتصادية مع أوربا
ميزته عن دول
المغرب
العربي،
فالقرب الجغرافي،
والأقلية
اليهودية
المغربية
والمعاهدات
التجارية
التي عقدت بين
المغرب وبين
بعض الدول
الأوروبية
ساعدت على
زيادة
المبادلات
التجارية مع
أوروبا.
وعندما بدأ
المد الاستعماري
الأوروبي
يأخذ الطابع
العسكري خلال القرن
التاسع عشر
أصبح المغرب
العربي معرضاً
للخطر وكان
احتلال فرنسا
للجزائر
بداية التحول
في العلاقة
بين أوروبا
وبقية بلدان
المغرب العربي.
وبدأ التنافس
التجاري
واضحاً من
خلال المعاهدات
التي عقدتها
بعض الدول
الأوروبية ذات
المصالح
الكبيرة في
المغرب
الأقصى ومن
أهمها فرنسا
وبريطانيا
وإسبانيا. ففي
أواسط القرن
التاسع عشر
استطاعت تلك
الدول على
التوالي فرض معاهدات
تجارية على
الحكومة
المغربية
قدمت فيها
المصالح
الأوروبية
على المصلحة
المغربية، بل
أن تلك
المعاهدات
اشتملت على
امتيازات
للأجانب أسوأ
استخدام.
وخلال
النصف الثاني
من القرن
التاسع عشر
تزايد أعداد
الأوروبيين
حيث تضاعف
أكثر من مرة
حتى أصبح
الكثير من
الأجانب
يسيطرون على
التجارة
الخارجية
للمغرب، بل أنهم
استخدموا عدة
وسائل في سبيل
الهيمنة على
الأسواق
المغربية،
ومن هذه
الوسائل
استخدام
المغاربة
كسماسرة
يوزعون السلع
الأوروبية
ويجمعون
المواد الخام
والسلع
المغربية لتصديرها
إلى خارج
البلاد،
إضافة إلى ذلك
أخذ الأوروبيون
من قناصل
وتجار في
تفسير
المعاهدات
وتطويعها
لخدمة
مصالحهم، بل
ووصل الأمر
إلى تهديد
جهاز الحكومة
المغربية
بعدم الوقوف
ضد مصالحهم
التي تطورت
إلى تجاوزات،
والتي كان من أهمها
تقديم
الحماية
للمغاربة
الذين يدخلونهم
تحت الحماية
ويستثنون من
القانون
المغربي، وعلى
الرغم من
إدراك
الحكومة
المغربية
لتلك المشكلة
ومحاولتها
القضاء عليها
إلا أنها فشلت
في وقف
الهيمنة
الأجنبية على
التجارة المغربية.
وبالطبع
نتجت عن تلك
التطورات
آثارٌ عديدة كان
من أهمها:
تبعية المغرب
الاقتصادية
لأوروبا،
وضعف إيرادات
بيت المال
المغربي لدخول
الكثير من
المغاربة تحت
الحماية
الأجنبية،
وتدهور
العملة
المغربية
نتيجة لموجة
الغلاء التي
كان سببها
سيطرة
الأجانب على
الاقتصاد
المغربي،
وتناقص المؤن
في الأسواق
المغربية حيث
تضررت من ذلك
الطبقة
الفقيرة،
وكثرة مطالبة التجار
الأجانب
بتعويضات
مالية من
الحكومة المغربية
لدعاوى
معظمها
باطلة، وتدخل
الأجانب في
تعيين وعزل
الولاة
المغاربة
وانقسام
المجتمع
المغربي إلى
فئتين متنافرتين،
فئة المحميين
وغير
المحميين،
وإدخال عادات تتعارض
مع الدين
الإسلامي
والتقاليد
المغربية،
وبتلك الآثار
نستطيع القول
بأن التجارة
مع أوروبا لم
يحقق منها
المغرب مكاسب
كبيرة بل كان
لها آثار سلبية
قادت المغرب
إلى فقده
لاستقلاله.
التمهيد
للمغرب
الأقصى سمات
خاصة ميزته عن
باقي دول المغرب
العربي
وأعطته
الأولوية
التجارية مع أوروبا
مقارنة بدول
المغرب
العربي
الأخرى،
فالمغرب
الأقصى من
الناحية
الجغرافية
الأقرب
لأوروبا حيث
لا يفصله عنها
سوى مضيق جبل
طارق الذي لا
يتعدى عرضه في
أضيق نقطة عن
خمسة عشر كيلو
متر([1]). ومن
الناحية
السكانية
فالمغرب
الأقصى يضم أقلية
يهودية تشكل
حوالي 7 % من عدد
السكان خلال
القرن التاسع
عشر، وتعمل في
التجارة ولها
علاقاتها
القوية مع
تجار يهود
أوروبا مما
أدى إلى زيادة
التعاملات
التجارية بين
أوروبا
والمغرب([2]). ومن
الناحية
التاريخية،
فالمغرب
الأقصى لم يدخل
تحت النفوذ
العثماني
الذي شمل باقي
نيابات
المغرب
العربي، وفي
نفس الوقت،
تعرض لأطماع
أجنبية
أوروبية
وبالذات من
إسبانيا والبرتغال،
لذلك كانت
السياسة
المغربية
خلال القرنين السادس
والسابع عشر
الميلاديين
ترتكز على خلق
نوع من
التوازن
الدولي لكي
يحافظ المغرب
على استقلاله
بعيداً عن
الأطماع
الأجنبية([3]).
وظلت
الحكومة
المغربية
تنتهج ذلك
النهج مع قوى
أوروبية أخرى مثل
فرنسا
وبريطانيا
التي أخذت
تظهر على الساحة
الدولية كقوى
دولية تبحث عن
مكانة تجارية
وذلك من خلال
الحصول على
المواد الخام
من أفريقيا
وآسيا وتأمين
وصولها إلى
أوروبا دون التعرض
لها من
المغاربة في
البحر
المتوسط، وعلى
أثر ذلك عقدت
بعض الدول
الأوروبية
معاهدات صداقة
وتجارة مع دول
المغرب
العربي ومن
بينها المغرب
الأقصى. فعلى
سبيل المثال،
توصل عدد من
الدول
الأوربية إلى
عقد معاهدات
مع المغرب في
عهد السلطان
مولاي
إسماعيل من
أهمها فرنسا
وبريطانيا
حيث وقعت
الأولى
معاهدة في سنة
1682 م. أما
الثانية فقد
عقدت معاهدة
في سنة 1721 م، حيث
الهدف منها
حماية
التجارة
الأوروبية من
البحر الأبيض
المتوسط
والتحكم في
طرق التجارة
العالمية،
وعلى الرغم من
عقد تلك المعاهدات
إلا أن
العلاقات بين
المغرب
الأقصى وهاتين
الدولتين
شابهما نوعٌ
من العلاقات
الفاترة
وبالذات
فرنسا حيث أن
الجهاد
البحري الذي
كان نشيطاً
آنذاك عكر صفو
العلاقات.
وخلال
القرن الثامن
عشر أخذت
المصالح
الأوروبية
تنمو يوماً
بعد آخر في
البحر الأبيض
المتوسط،
وأصبحت تلك
المصالح تحتم
على الدول الأوروبية
تأمين
تجارتها في
محاولة للحد
من حركة
الجهاد
البحري التي
كانت تقوم بها
الأساطيل
المغربية في
تلك الفترة،
ونتيجة لذلك
أخذت الكثير من
الدول
الأوروبية في
النصف الثاني
من القرن
الثامن عشر في
عقد أو تجديد
معاهداتها مع
المغرب
الأقصى، ففي
عهد السلطان
محمد بن عبد
الله (1082-1139 ﻫ/ 1757-1790 م) على سبيل
المثال، عقدت
حوالي سبع دول
أوروبية
معاهدات صداقة
وتجارة مع
المغرب
اشتملت على
تأمين تجارتها
في البحر
المتوسط
وإعطاء
امتيازات
لقناصلها
وتجارها
ومواطنيها،
ومن خلال نظرة
سريعة على
بنود تلك
المعاهدات
نجد أن هناك
تركيز على
سلامة سفن الدول
الأوروبية
وتقديم
الخدمات لها
في الموانئ
المغربية وأن
هناك تشابه
بين بنود تلك
المعاهدات،
لذلك سأقتصر
على المعاهدة
المغربية
السويدية
التي عقدت في
سنة 1176 ﻫ/ 1763 م كنموذج
للمعاهدات
الأخرى حيث
نجد أن أكثر من
نصف بنودها
تعالج قضايا
تقتصر على
المراكب السويدية
في عرض البحر
وهذا ما ورد
في البنود التي
تبدأ بالشرط
الثاني
وتنتهي بالشرط
الرابع عشر([4]).
أما معظم
باقي بنود
المعاهدة
فتركز على
تنظيم شؤون
الرعايا
السويديين
الذين يقيمون
في المغرب
بقصد التجارة
رغم قلتهم
ويلاحظ أن الاهتمام
بالمصالح
المغربية في
السويد لم تعط
أي أهمية، بل
إن المعاهدة
تفتقر إلى بند
واحد يشير إلى
ذلك، وهذا
يقودنا إلى
احتمالين
هما، عدم وجود
مصالح مغربية
في السويد، أو
أن المفاوضين
المغاربة لم
يكونوا على
مستوى من
الدبلوماسية
تمكنهم من
الحفاظ على
مصالح بلادهم
والاهتمام
بها ولو كان ذلك
على المدى
البعيد إذا لم
يكن لهم مصالح
في ذلك الوقت،
وفي العادة
تتسم
المعاهدات
الدولية
بالمعاملة
بالمثل في كل
شرط من
شروطها، ويبدو
أن الحكومة
المغربية
حاولت تعويض
ما قدمت من
تنازلات
بالحصول على
غرامة مالية،
وعندما حددت
في عهد
السلطان
سليمان بن
محمد (1206-1238 ﻫ/ 1792-1822 م)، لم يوقع
عليها إلا بعد
دفع الحكومة
السويدية
مبلغ من المال([5]). ولم تكن
السويد هي
الدولة
الوحيدة التي
تدفع مبالغ
مالية للمغرب
الأقصى بل إن
هناك عدد من
الدول
الأوروبية
التي كانت
تلتزم بدفع
غرامات مالية
له، والسبب
يعود إلى
تنامي قوته
العسكرية في
الفترة
المشار إليها
من التوقيع
مما أدى إلى
تجديد الكثير
من الدول
الأوروبية
لمعاهداتها
التجارية
معه، وهذا ما
أشار إليه الناصري
في وصفه
لعلاقة
المغرب مع
الدول الأوروبية
حيث قال في
وصف السلطان
محمد بن عبد
الله: «وهابه
ملوك الفرنج
وطواغيتهم،
ووفدت عليه رسلهم
بالهدايا
والتحف،
يطلبون
مسالمته في البحر،
بلغ ذلك رحمه
الله بسياسته
وعلو همته حتى
عمت مسالمة
أجناس
النصارى...
وكانوا
يستجلبون
مرضاته
بالهدايا
والألطاف وكل
ما يقدرون عليه،
... وكان أعظم
طواغيتهم
طاغية
الإنجليز (الإنجليز)
والفرنسيس
(الفرنسيين)،
فكانوا
يأنفون أداء الضريبة
علانية مثل
غيرهم من
الأجناس،
فكان رحمه
الله
يستخرجها
منهم وأكثر منها
بوجه لطيف...»
([6]).
وعلى أن
الفرنسيين
والإنجليز
كانوا لا يلتزمون
بدفع إتاوة
سنوية
لنيابات شمال
أفريقيا إلا
أنهم
استطاعوا أن
يبرموا
معاهدات مع
المغرب
أعطتهم
امتيازات
أكثر مما أعطت
الدول الأوروبية
الأخرى، وهذا
يدل على أن
هاتين الدولتين
كانتا
تتمتعان بقوة عسكرية
مكنتهما من
الحصول على
تلك الامتيازات،
فعلى سبيل
المثال عندما
أبرمت فرنسا
معاهدة مع
المغرب في
مايو 1767 م
ورد في تلك
المعاهدة
الكثير من
البنود التي
وضعت الأسس
التجارية
للفرنسيين في
المغرب ومن
بين تلك
البنود الشرط
الحادي عشر
والذي ورد فيه
ما نصه «... لسلطان
الفرنصيص
(هكذا) أن يجعل
بأيالة سيدنا نصره
الله من
القنصوات
(هكذا) ما
أراد، وفي أي بلد
شاء ليكونوا
وكلاء في
مراسي سيدنا ليعينوا
التجار
ورؤساء البحر
والبحرية في
جميع ما
احتاجوا إليه
ويسمعوا دعاويهم
ويفصلوا
بينهم فيما
يقع بينهم من
النزاع لئلا
يتعرض لهم أحد
من حكام البلد
غيرهم... ومن
استخدمه
القنصوات
المذكورون من
كاتب وترجمان
وسماسير (هكذا)
وغيرهم فإنه
لا يتعرض لمن
استخدموه
بوجه ولا
يكلفون بشيء
من التكاليف
أياً كانت في
نفوسهم...
ولقنصوات
الفرنصيص
(هكذا) التصور
والتقدم على
غيرهم من
قنصوات (هكذا)
الأجناس الآخرين...» ([7]).
ومع
نهاية القرن
الثامن عشر
وبداية القرن
التاسع عشر
أخذت المصالح
الأوروبية
تزداد يوماً
بعد آخر في
البحر الأبيض
المتوسط وبدأ
الأوروبيون
يخططون
للقضاء على
القوى
البحرية لدول
المغرب
العربي ومن
بينها أسطول
المغرب الأقصى،
ولتحاشي
الاصطدام مع
الدول
الأوروبية
قرر السلطان
سليمان بن
محمد الحد من
نشاط
العمليات
الجهادية بل
وصل به الأمر إلى
أن باع بعض
سفن أسطوله
إلى كل من
نيابات تونس
والجزائر،
ولكن تلك
السياسة لم
تكن لتشفع
للمغرب بعزل
نفسه عن ما
يدور في
العلاقات المغربية
الأوروبية،
إذ أن تلك
العلاقات أخذت
تنحى منحنى
جديداً مع
بداية القرن
التاسع عشر،
فلقد قرر
الأوروبيون
العمل
مجتمعين للقضاء
على الأساطيل
المغربية بل
أن الأطماع الأوروبية
وصلت إلى
اتخاذ قرار
بالاستيلاء
على بعض
نيابات
المغرب
العربي، وهذا
ما فعلته فرنسا
عندما قامت
باحتلال
الجزائر سنة 1246 ﻫ/ 1830 م([8]). وبذلك بدأت
مرحلة جديدة
من مراحل
العلاقات بين
المغرب
العربي
وأوروبا.
مد
استعماري
جديد
ومعاهدات
مفروضة
بعد
الاحتلال
الفرنسي
للجزائر أخذت
السياسة
الأوروبية
تقوم على مبدأ
سياسة
التسابق للسيطرة
على دول
المغرب
العربي وظهر
ذلك واضحاً من
خلال التنافس
بين الدول
الأوروبية
ذات المصالح
الكبيرة في المغرب،
وبالتحديد
بين كل من
فرنسا
وبريطانيا وإسبانيا،
وأخذت كل دولة
من تلك الدول
تسعى لتأمين
مصالحها في
تلك المنطقة،
وكان المغرب الأقصى
من الأهداف
الموضوعة على
رأس القائمة
بالنسبة لتلك
الدول، ولكي
تحافظ كل دولة
من تلك الدول
على مصالحها
كان لابد من
وضع الأسس التي
تقوم عليها
تلك المصالح
وذلك من خلال
معاهدات
جديدة تراعي
التغيرات
الدولية
الجديدة وتعطي
اعتباراً
للحق
الاقتصادي
لتلك الدول الطامعة
في المغرب،
ونتيجة لذلك
أخذ التنافس
يتنامى بين
تلك الدول،
وأخذت كل دولة
تسعى للوصول
إلى معاهدة
تجارية
تعطيها
الأولوية الاقتصادية
في المغرب
الأقصى،
وبدأت فرنسا
بالمبادرة
حيث أخذت تعمل
جاهدة لتأمين
مصالحها،
ووجدت الفرصة
سانحة لها
عندما وقف
المغرب إلى
جانب الأمير
عبد القادر
الجزائري مما
حدا بفرنسا
بتوجيه
تحذيرات إلى
الحكومة
المغربية
بعدم تقديم يد
العون
للأمير، بل إن
تلك
التحذيرات وصلت
إلى تتبع
الأمير عبد
القادر
والمغاربة داخل
الأراضي
المغربية
وهزيمتهم في
موقعة إيسلي
سنة 1260 ﻫ/ 1844 م([9]).
وبعد
هزيمة الجيش
المغربي أمام
الجيش الفرنسي
اضطرت
الحكومة
المغربية إلى
طلب الصلح مع الفرنسيين،
وبالفعل توصل
الطرفان إلى
معاهدة تنهي
حالة الحرب بين
الطرفين
وتحديد
الحدود
والتزام
المغرب بعدم
مساعدة
الأمير عبد
القادر
الجزائري، وأخذ
الفرنسيون في
الضغط على
الحكومة
المغربية
بتجديد
المعاهدة
التجارية
التي كانت
سارية بين
المغرب
وفرنسا بل
وتضمينها
شروطاً جديدة
تضمن المصالح
الفرنسية في
المغرب([10]).
ونتيجة
لذلك اضطر
السلطان عبد
الرحمن إلى إصدار
ظهير([11])، ضمنته
الامتيازات
التي يجب أن
يتمتع بها الفرنسيون
في المغرب حيث
قال فيه: «... وذلك ان
حاصلة
القونصوا
(هكذا)
الفرانصي
(هكذا) خديمنا
لورشيد جعلنا
له فيما
أنعمنا عليه
وعلى جنسه
الفرنصيص
حسبما تضمنه
عقد الصلح
الذي بأيديهم...
وأذنا لقونصو
الفرانصيص
(هكذا) ولجميع
تجارهم
الانسياح في
أيالتنا
يذهبون حيث شاء
(هكذا) فلا
يتعرض لهم
عارض ولا
يمنعهم مانع وكذلك
جميع أصحابهم
وخدامهم وهم
محررون في الوظائف
كلها لا
يلزمهم شيء..»
([12]). ومن خلال
هذا النص
المفصل يتضح
لنا أن
السلطان
عندما أصدر
ذلك الظهير
كان الهدف منه
إرضاء
الفرنسيين
ولكنه في
الواقع ألزم
المغرب بجميع
المعاهدات
التي وقعت بين
المغرب
وفرنسا قبل
ذلك التاريخ،
بل إن ذلك
الظهير قام
بتفعيل تلك
المعاهدات
التي ضمنت
للفرنسيين
امتيازات
جعلت التجارة
الفرنسية
تنمو وتزدهر
في المغرب.
ونتيجة
لذلك أخذت
الدول
الأوروبية
ذات المصالح
الكبيرة في
المغرب
الأقصى مثل
بريطانيا وإسبانيا
تبحث عن
امتيازات
تفوق ما حصل
عليه الفرنسيون،
ويبدو أن
الظهير الذي
منحه السلطان
للفرنسيين
أثر على حجم
التجارة البريطانية
المنافسة
القوية
للتجارة
الفرنسية
آنذاك حيث
انخفضت
انخفاضاً
ملحوظاً مع
نهاية
الأربعينات وبداية
الخمسينات من
القرن التاسع
عشر، فعلى سبيل
المثال بلغ
حجم التجارة
البريطانية
عام 1265 ﻫ/ 1848 م
ثلاثمائة
وثمانية آلاف
ومائة
وأربعون وثمانون
جنيهاً ولكنه
انخفض في 1268 ﻫ/ 1851 م) حيث
وصل إلى مائة
وسبعة وستون
ألفاً ومائتين
وأربعة وعشر
جنيهاً([13]).
ونظراً
لذلك
الانخفاض
الملحوظ أخذت
الحكومة
البريطانية
في إنعاش
تجارتها مع
المغرب، بل
إنها قررت في
الوصول إلى
معاهدة تضمن
للبريطانيين
امتيازات
جديدة تفوق ما
يتمتع به الفرنسيون
أو غيرهم من
الأوروبيين
داخل المغرب.
وخلال
عام (1269 ﻫ/ 1852 م) أرسلت
وزارة
الخارجية
البريطانية
تعليماتها
إلى قنصلها
بالمغرب جون
دراموند هاي John Drummond Hay
للتوصل مع
المغرب إلى
معاهدة
تجارية تضمن
مصالح
بريطانيا
التي أخذت في
الانحدار،
وبالفعل قام
هاي بمحادثات
مع محمد
الخطيب نائب
السلطان في
طنجة، وحاول
في بداية
الأمر أن يقدم
نصائحه
للنائب
السلطاني
والتي تتلخص
في تخفيض
الرسوم
الجمركية وإلغاء
نظام
الكنطرادات([14])، والتي على
حد قوله تؤثر
سلبياً على
التجارة وحث
الخطيب على
الاقتداء
بالدولة
العثمانية
التي قامت
بإلغاء ذلك النظام
وعقدت معاهدة
تجارية مع
بريطانيا ساعدت
على إنعاش
التجارة بين
البلدين،
ولكنها في
واقع الأمر
أضرت
بالمصالح
العثمانية
على المدى
البعيد([15]).
ومع ذلك
حاول هاي
إقناع
الحكومة
المغربية من خلال
زياراته
للسلطان عبد
الرحمن بن
هشام أو لقاءاته
مع الخطيب، بل
أنه استخدم
أساليب عدة
للوصول إلى
غايته بلغت
درجة التهديد،
فعلى سبيل
المثال،
عندما أصر هاي
على بعض
الامتيازات
للبريطانيين
طلب الخطيب مهلة
قدرها أربعين
يوماً لكي
يعرض تلك
الامتيازات
على السلطان
للموافقة
عليها، ولكن
هاي هدد
باستخدام
القوة إذا لم
يوافق على تلك
الامتيازات
أو لم يأتيه
الرد خلال
أربعين
يوماً، بل إن
هاي طلب من
وزارة
الخارجية
البريطانية بعث
سفينة حربية
إلى شواطئ
المغرب لكي
تبت صدق قوله،
واقترح
وصولها إلى
المغرب في
منتصف فبراير 1856 م مع نهاية
انتهاء
المدة، ولكن
الحكومة المغربية
رضخت للشروط المقترحة
التي فرضها
هاي عليها قبل
انتهاء المدة
لكي تتجنب الصدام
العسكري مع
بريطانيا([16]).
وفي 5 ربيع
الثاني عام 1273 ﻫ/ 9
ديسمبر 1856 م
أبرم المغرب
معاهدتان مع بريطانيا
أحدهما
معاهدة سلم
وصداقة اشتملت
على ثمانية
وثلاثين
شرطاً
ومعاهدة
تجارية تضمنت
خمسة عشر
شرطاً
ولتحليل بنود
تلك
المعاهدتين
نجد أن معاهدة
السلم والصداقة
اعتمدت على
المعاهدات
السابقة التي
وقعت بين
المغرب
وبريطانيا([17])، والتي كانت
تحتوي على
امتيازات
للبريطانيين
في المغرب لم
تعطى
للمغاربة في
بريطانيا وهذا
يعود ربما إلى
عدم أهلية
المفاوض
المغربي
للحصول على
امتيازات مماثلة
كما حصل عليه
المفاوض
البريطاني،
وعندما نتأمل
بنود
المعاهدة نجد
أن تلك البنود
تبدأ
بالعبارات
التالية: «إن
نائب سلطانة
أكرت برطن» «رعية
أكرت برطن»
وكل هذه
العبارات
تتبع
بامتيازات
تخص الرعايا
البريطانيين
وتهمل حقوق
المغاربة في
بريطانيا ليس
هذا فقط، بل إن
تلك
الامتيازات
اشتملت على
حقوق تفصيلية وتسهيلات
للرعايا
البريطانيين
في سكنهم وتنقلهم
وتجارتهم
وممارسات
شعائرهم
الدينية،
وكان من أهم
البنود التي
وردت في تلك
الاتفاقية هي
الحصول على
حقوق قضائية
يستطيع القنصل
من خلالها أن
يحكم في
المنازعات
الناشئة بين
الرعايا
الإنجليز
والمغاربة،
إضافة إلى
إعطاء الأحقية
للقناصل
ونوابهم
والتجار
البريطانيين
بحماية
المغاربة
الذين يقومون
بخدمتهم واستثنائهم
من المستحقات
المالية التي
تدفع للحكومة
المغربية.
وللتدليل على
ذلك من خلال
نصوص
المعاهدة نجد
أن الشرط
الثاني من
المعاهدة ضمن للبريطانيين
تعيين قنصل أو
أكثر في أي
مكان شاءوا
داخل المغرب
حيث ورد فيه: «إن
جانب سلطانه
أكرت برطن
(هكذا) تعين
قونصوا واحد
أو أكثر في
أيالة جانب
سلطان مراكش
وفاس، ويكون
للقونص (هكذا)
المذكورة
واحداً كان أو
متعدداً، السكنى
بمرسى من
مراسيه أو
مدينة من مدنه
على ما
يختاروه
(هكذا) من ذلك
القنصوات
المذكورين أو
دولتهم ويظهر
لهم فيه
المصلحة
لخدمة سلطانه
أكرت برطن
وإعانة
لتجارها
ورعيتها»([18]). وعلاوة على
ذلك أعطت
المعاهدة
الأحقية للرعايا
البريطانيين
أن يسافروا
ويستقروا
ويسكنوا في أي
مكان داخل
الأراضي
المغربية
ولقد ورد ذلك
في المعاهدة
في الشرط
الرابع حيث
أشير إلى ذلك
بالنص التالي:
«رعية أكرت
برطن لهم أن
يسافروا
ويستقروا ويسكنوا
حيث شاءوا
بأيالة سلطان
مراكش دون
تعرض ولا منع
من أحد...»
([19]).
إضافة
إلى أن هؤلاء
الرعايا
البريطانيين
من تجار
وغيرهم لهم
الأمن على
أنفسهم
وأموالهم
والسماح لهم
بممارسات
شعائرهم
الدينية وورد
ذلك في الشرط
الخامس حيث نص
على الآتي: «من
كان ساكناً من
رعية أكرت
أبرطن أو
تاجراً في
ناحية من
نواحي أيالة
سلطان مراكش،
فلهم الأمن
التام على
أنفسهم
وأموالهم
ويتدينون بما
هو من أمور
دينهم من غير
أن يتعرض لهم
أحد بمنع أو
سب على ذلك...»
([20]).
ومن خلال
النصوص
السابقة يتضح
أن القنصل البريطاني
هاي أراد أن
يضمن
امتيازات
تتيح للرعايا
البريطانيين
حرية التنقل
والسكن في أي
مدينة من مدن
المغرب فعلى
الرغم من أن
المعاهدات
السابقة
الذكر التي
وقعت بين
البريطانيين
والمغاربة
خلال القرن
الثامن عشر
وبداية القرن
التاسع عشر
أعطت لهم ذلك
الامتياز إلا
أن السلطان
سليمان بن محمد
حاول إيقاف
التغلغل
الأجنبي في
المغرب فألزم
الأجانب بعدم
مغادرة
الموانئ
المغربية إلى
الداخل وطلب
من قناصل
الدول
الأجنبية بالبقاء
في طنجة وعدم
مغادرتها([21]).
وفي
الواقع إن
البريطانيين
شددوا على
تفعيل تلك
الشروط ووضعها
موضع التنفيذ
حتى لا تصدم
بقرارات سلطانية
تؤثر على
امتيازاتهم
في المغرب.
أما أهم
البنود التي
وردت في تلك
المعاهدات والتي
أعطت
امتيازات
جديدة
للقناصل
البريطانيين
فتتمثل في
الشرطين
الثامن
والتاسع، حيث
قسمت النزاعات
المحتملة بين
البريطانيين
أو بينهم وبين
المغاربة إلى
قسمين، فإذا
حدث نزاع بين
الرعايا
الإنجليز
فالقنصل
الإنجليزي له
الحق أن يحكم
بينهم، أما
إذا حدث نزاع بين
الرعايا
الإنجليز
والمغاربة
وهذا يمكن أن
يحدث على
هيئتين
الأولى أن
يكون المشتكي
بريطانياً
والمشتكى به
مغربياً ففي
هذه الحالة
يحكم القاضي
أو حاكم
البلد، أما
إذا كان
الْمُشتكي
مغربياً
والمشتكى به بريطانياً
فترفع الدعوى
إلى القنصل
الإنجليزي
ليحكم في
القضية([22]). وفي الواقع
أن إعطاء
القنصل الحق
في الحكم في
قضايا تهم
مواطنيه لا شك
أنه سوف يكون
منحازاً لهم،
فهو أصلاً وضع
للحفاظ على
مصالحهم، بل
إن موافقة
المغرب
لإقامة محاكم
قنصلية
أجنبية وسلب السلطات
المغربية بعض
حقوقها
السيادة على أرضها.
ولم تقف
الشروط
المجحفة في
تلك المعاهدة
عند هذا الحد
بل ورد في
الشرط الثالث
أن للقنصل الحق
في اختيار من
يترجم له
ويخدمه من المسلمين
أو غيرهم، أما
نوابه فلهم
الأحقية في اختيار
ترجمان واحد
وبواب واحد
ومتعلمين من المسلمين
أو غيرهم،
وأنه لا يلزم
هؤلاء جزية أو
غرامة أو ما
يشبه ذلك([23]). أما التجار
البريطانيين
فأعطوا
امتيازات خدمية
تتمثل في
تسهيلات تقدم
لمن يخدم مع
أولئك التجار
وكان الهدف هو
تنمية
المصالح
البريطانية
في المغرب بشتى
الطرق ووردت
تلك
التسهيلات في
النص التالي «من
كان ساكناً من
رعية اكرت
برطن (هكذا) أو
تاجراً في
ناحية من
نواحي أيالة
سلطان مراكش...
ولهم أن
يوجهوا في
قضاء أغراضهم
من يريدون من
أصحابهم في
البر والبحر
من غير منع ولا
تثقيف...»([24]).
وهنا أعطيت
الفرصة
للبريطانيين
لاستخدام المغاربة
كسماسرة
يجلبون
المواد الخام
المغربية
ويقومون
بتوزيع
الصناعات
البريطانية،
ومن الشروط
التي استطاع
البريطانيون
الحصول عليها
شرطاً
قانونياً
يقضي بإشراك
القناصل
البريطانيين
أو نوابهم في
المنازعات التي
تحدث بين
الرعايا
المغاربة
والرعايا الإنجليز
فقد ورد في
الشرط التاسع
من لمعاهدة التجارية
بين المغرب
وبريطانيا ما
نصه حول فصل
المنازعات
بين الطرفين «...
فإن كان
المشتكي من
رعية
الإنجليز
(هكذا) يرفع
شكواه لعامل
البلد أو
قاضيه بواسطة
القونصو
(هكذا) فيرفع المشتكي
شكواه لمحل
الحكم أو
الفصال
للقونصو أو
نوابه بواسطة
عامل البلد أو
قاضيه ولهما
أو لمن ناب
عنهما الحضور
وقت فصل
الدعوى، وإن
لم يرضى الإنجليز
(هكذا) بحكم
الحاكم أو
القاضي أو لم
يرض المسلم
بحكم القونصو
أو نوابه فله
رفع دعواه
لنائب جنسه
المفوض من
الإيالتين»([25]).
وفي
حقيقة الأمر
أن هذا الشرط
من الناحية
القانونية
خلق مشاكل
قانونية
للرعايا
المغاربة
فإذا أرادوا
أن يبحثوا عن
حقوقهم فليس
أمامهم إلا أن
يرفعوا
قضاياهم إلى
القناصل
البريطانيين
والأجانب
خاصة وأن شرط
الدولة الأكثر
تفضيلاً أعطى
الأحقية
للقناصل
الآخرين وخاصة
الفرنسيين
والإسبان
فيما بعد
للحصول على ما
حصل عليه
الإنجليز، بل
إن الحمايات
عندما أخذت في
التزايد عطلت
الكثير من
القضايا
ودفعت
بالكثير من المغاربة
للبحث عن
الحماية لكي
يحصلوا على
الامتيازات
التي يتمتع
بها الأجانب،
إضافة إلى أن
القناصل
ونوابهم
عندما يحكمون
في قضية تمس
مواطنيهم
فإنهم
يتحيزون في الحكم
لصالحهم لأن
وجودهم كان
الهدف منه المحافظة
على مصالح
حكوماتهم
ورعاياها.
ولتأمين
التجارة
البريطانية
في البحر استطاع
البريطانيون
أن يحصلوا على
التزام من الحكومة
المغربية لم
يظهر في
المعاهدات
السابقة التي
أبرمت بين
المغرب
وبريطانيا أو
غيرها من
الدول الأوروبية
ولقد تمثل ذلك
الالتزام في
تعهد السلطان
بإيقاف
عمليات
الجهاد
البحري والتي
كان البريطانيون
يعتبرونها
قرصنة ضد
تجارتهم ليس
هذا فقط بل إن
السلطان وعد
البريطانيين
بالتعاون
معهم بإنزال
العقوبة
الشديدة ضد من
يقوم بأي عمل
جهادي على
سواحل المغرب([26]).
ومع
أن
البريطانيين
حصلوا على
شروط مجزية كان
معظمها تؤكد
على المصالح
البريطانية
في المغرب إلا
أن المفاوض
البريطاني
سعى للحصول على
أن تعامل
بريطانيا
الدولة
الأكثر
تفصيلاً
حاضراً أو
مستقبلاً
وورد ذلك في
الشرط العشرين
حيث أشير إلى
ذلك بالنص
التالي «رعية
سلطانة أكرت
أبرطن (هكذا)
ومن هو تحت
حكمها يكون
لهم جميع
المنافع
ووفور النعم
الذين هم
منعقدين
بهؤلاء
الشروط (هكذا)
وجميع ما سلم
لرعية من
عداهم من
الأجناس من
بعد تاريخ هذه
الشروط يكون
لهم، وما
يتجدد من ذلك
في المستقبل
يكون فيه لرعية
أكرت برطن
(هكذا) مثل ما
هو لرعية من
جنس آخر»([27]).
أما
المعاهدة
التجارية
فلقد ركزت على
التعرفة
الجمركية
للواردات
والصادرات،
ففي الشرط
السابع أشير
إلى أن
الواردات لا
يؤخذ عليها أكثر
من عشر في
المائة من
سعرها في
المرسى الذي
استقبل تلك
السلعة. أما
الصادرات من
المراسي
المغربية
فأصدر بها
قائمة توضح الصاكة([28])، ولقد
تراوحت
الصاكة من
سلعة إلى سلعة
أخرى فعلى
سبيل المثال
بلغت الصاكة
على الدقيق 30 أوقية عن كل
قنطار([29])، وبذلك يبلغ
نسبة ما يؤخذ
من قبل
الحكومة المغربية
هو 2.5 %. أما
الصوف
المغسول فلقد
حددت الصاكة
لكل قنطار،
بمائة أوقية
وبذلك أصبحت
صاكة هذه السلعة
هي 6.6 %([30])، وفي الواقع
أن عدد السلع
التي وردت في
الاتفاقية
زادت عن
أربعين سلعة
وبذلك أصبح
الكثير من
السلع
المغربية في
متناول
التجار
البريطانيين
حيث يقومون
بشرائها
بأثمان زهيدة
مقارنة
بأثمانها في
بريطانيا
التي كان
مستوى
المعيشة فيها
يفوق ما كانت
عليه الحالة
في المغرب،
وبعد توقيع
معاهدة 1856 م بين المغرب
وبريطانيا
أخذ حجم
التجارة
البريطانية
في التزايد
بنسبة كبيرة
حيث قفزت
الواردات في
سنة 1856 م مقارنة
بالواردات في
عام 1855 م.
أما الصادرات
فلقد تضاعفت
بعد توقيع المعاهدة
مباشرة إلى 50 %([31])، واستأثرت
بريطانيا
بنصيب الأسد
في تلك الواردات
والصادرات،
ويبدو أن
إسبانيا رأت
أن مصالحها قد
هُددت نتيجة
للنمو
التجاري لكل
من بريطانيا
وفرنسا
اللتان عقدتا
معاهدتين مع المغرب
استطاعتا من
خلالهما
تأمين
مصالحهما
التجارية،
ووجدت إسبانيا
الفرصة
مواتية لها
لفرض معاهدة
تجارية على المغرب
مشابهة
للمعاهدة
المغربية
البريطانية
لتحقق ذلك
انتهزت قيام
بعض أفراد
قبيلة أنجرة
بهدم بناء بين
المناطق
التابعة لتلك
القبيلة وبين
مدينة سبتة
المحتلة من
قبل الإسبان،
وتطورت
الأحداث إلى
صدام بين
الحامية
الإسبانية في
سبتة وقبائل
أنجرة بل إن
الحالة وصلت
إلى إعلان
إسبانيا
الحرب على
المغرب رغم
جهود الحكومة
المغربية لحل
الخلاف بين
الطرفين بالطرق
السلمية([32]).
وتقدم
الجيش
الإسباني إلى
تطوان وألحق
هزيمة كبيرة
بالجيش
المغربي
واضطر المغرب
إلى عقد صلح
مع إسبانيا في
2 رمضان 1276 ﻫ/ 25
مارس 1860
م، كان من
شروطه توقيع
معاهدة
تجارية ضمت
أربعة وستين
شرطاً([33])، ووقعت في 17 ربيع الثاني
1278 ﻫ/
الموافق 20 نوفمبر 1861 م، ومن أهم
بنودها
الشروط
المتعلقة
بالحماية
القنصلية
للقناصل
ونوابهم
والتعرفة
الجمركية،
فقد أعطى
القنصل العام
الأحقية باختيار
ما يراه مناسب
من المغاربة
سواء كانوا
يهود أو
مسلمين
ليعملوا في
خدمة
القنصلية الإسبانية،
أما نوابه
فلهم الحق في
اختيار ترجماناً
واحداً
وبواباً
واحداً
واثنين من المتعلمين،
على أن
يستثنون من
الجزية هم ومن
يعولونهم([34])، أما
التعرفة
الجمركية
فحددت بنسبة لا
تتعدى عشرة في
المائة
بالنسبة
للواردات، أما
الصادرات
فحددت الصاكة
لكل سلعة برسم
معلوم حيث
شملت معظم
السلع
التجارية
وكانت إلى حد
كبير مشابهة
للرسوم التي
حددتها
المعاهدة المغربية
البريطانية([35]).
وكان من
أهم الشروط
الخاصة
بالتجارة
التي حصل
عليها
الإسبان هي السماح
لتجارهم أو من
يقيمون في
المغرب من
مواطنيهم
بحرية
التجارة
واستخدام من
ينوبون عنهم
من سماسرة
وغيرهم، بل
ولهم الأحقية
في مخالطة من
يرغبون من
المغاربة
ليقوموا
بمساعدتهم في
البيع
والشراء،
وأشير في ذلك
الشرط على أن
الولاة لا
يتعرضون
لرعية
الإسبان في
بيعهم وشرائهم،
وفي الواقع أن
تلك
الامتيازات
كانت بداية
قانونية
للإسبان
استطاعوا من
خلالها أن
يستخدموا
المغاربة
لزيادة
استثماراتهم داخل
المغرب وفي
نفس الوقت
حصلوا على
حماية قانونية
لتجارتهم
بالتجوال
داخل المغرب
خاصة وإن
كثيراً من
التجار
الإسبان بل
والأوروبيين
كانوا لا
يتعدون في
متاجرتهم مع
المغرب المدن
الساحلية([36]).
وبالطبع
لم يقتصر ذلك
الشرط على
الإسبان بل شمل
جميع الدول
الأجنبية
التي كانت
تحرص على وجود
شرط معاملة
رعاياها
معاملة
الدولة الأكثر
تفصيلاً. ولم
يغب عن
الإسبان
أيضاً ما تحصلت
عليه الدول
الأجنبية
الأخرى في معاهداته
التي عقدته مع
المغرب أو ما
ستتحصل عليه
في معاهدات
جديدة ربما تتطرق
على امتيازات
لم تتضمنها
المعاهدة
الإسبانية
المغربية،
وضمن الإسبان
شرط ينص على
ذلك حيث ورد
ذلك في الشرط
الثالث عشر من
المعاهدة ما
نصه: «... أن العقد
التجاري يكون
في الزمان
الأقصر الذي
يعطي لرعية
الإصبنيول
(هكذا) كل
الإفادة والمنفعة
التي أعطيت أو
ستعطى في
الزمان المستقبل
للطائفة
الأفضل...»([37]).
وهكذا
دخلت كل دولة
من الدول ذات
المصالح الكبيرة
في المغرب في
سباق محموم
للحصول على
امتيازات لا
تشمل فقط ما
ورد في
المعاهدات
الثنائية
الموقعة بينها
وبين المغرب
بل تعدى ذلك
إلى
المعاهدات التي
تعقد في
المستقبل
وبالطبع كان
هذا الشرط يتنافى
مع الناحية
القانونية
وكان له سلبياته
على المغرب.
توافد
الأجانب على
المغرب ووسائلهم
في السيطرة على
التجارة
المغربية
استطاع
كل من
الفرنسيين
والبريطانيين
والإسبان الحصول
على امتيازات
جديدة في
المعاهدات
التي وقعت
بينهم وبين
الحكومة
المغربية،
ونتيجة لذلك
أخذت أعداد
الأجانب في
التزايد ففي
سنة 1858 م
كان عدد
الأجانب في
المغرب لا
يتجاوز 700 نسمة، ولكن
هذا العدد
تضاعف
تقريباً في
خلال ست سنوات
ليصل إلى 1360 نسمة في سنة 1864 م، بل إن هذا
العدد تضاعف
عدة مرات خلال
النصف الثاني
من القرن
التاسع عشر
ليصل إلى
حوالي عشرة
آلاف نسمة في
سنة 1894 م([38]).
وبالطبع
أخذ هؤلاء
المستوطنون
بالعمل بالتجارة
في المغرب
إضافة إلى
التجار غير
المقيمين
والذين كانوا
يستقرون في
المغرب
لفترات قصيرة
حيث يقومون
بتوريد السلع
الأوربية
لتسويقها في
أسواق المغرب
والبحث عن
المواد
الخام، فمن
أهم السلع
المستوردة
الملبوسات
القطنية
والحريرية
ومواد غذائية
كالشاي
والسكر
والقهوة، والأواني
المعدنية أما
الصادرات
فلقد اشتملت
على المواد
الغذائية
كالحبوب
والتمور والزيت
والمواد
الخام التي
تصنع منها
الملبوسات
كالجلود والصوف
والشمع
وغيرها، ولقد
بلغت قيمة
واردات المغرب
بالجنيه
الإسترليني
عام 1852 م
حوالي 344.276 جنيهاً
إسترلينياً
وقفزت في سنة 1862 م إلى 1.198.122 جنيهاً
إسترلينياً.
أما الصادرات
فهي الأخرى
تحسنت تحسناً
كبيراً في بداية
الستينات
الميلادية من
القرن التاسع
عشر، فبينما
كانت 399.079
جنيهاً
إسترلينياً
في عام 1852 م، نجد أنها
ارتفعت إلى 1.368.342 جنيهاً
إسترلينياً([39]).
ومن تلك
الإحصائية
يتضح لنا
مفعول
المعاهدات
التي عُقدت في
أواسط القرن
التاسع عشر
بين المغرب
وبعض الدول
الأوربية وما
حصل عليه الأوروبيون
من امتيازات
جعل الواردات
والصادرات
المغربية
تتضاعف خلال
عقد من الزمن
إلى ما يقارب
الثلاثة
أضعاف. ومع
ذلك نجد أن بعض
السنوات خلال
ذلك العقد من
الزمن لم
تستمر على
وتيرة واحدة
بل ارتفعت في
بعض الأحيان
وانخفضت
أحياناً أخرى
والسبب في ذلك
يعود إلى
العوامل
البيئية
كالجفاف أو إلى
الناحية
السياسية
والأمنية
كحرب تطوان التي
أثرت على
الصادرات
والواردات في
المغرب.
وعندما
نقارن بين
الصادرات
والواردات
المدونة
أعلاها نجد أن
الميزان
التجاري
لصالح المغرب
سواء كان ذلك
في بداية
الخمسينات أو
في بداية
الستينات ففي
عام 1852 م
كان الفرق بين
الصادرات
والواردات ما
يقارب من 55.000 جنيهاً
إسترلينياً
بينما زاد
الفرق ليصل في
عام 1862 م إلى
ما يقارب من 230.000 جنيه
إسترليني،
وهذا يعني أن
المغرب من
الناحية
النظرية
استفاد من
التجارة مع
أوروبا، ولكن
من الناحية
العملية نجد
خلاف ذلك. ففي
الستينات
والسبعينات
من القرن
التاسع عشر
بدأ الأجانب
يستخدمون
المغاربة في
توزيع السلع
الأجنبية
داخل أسواق
المغرب وفي
شراء المواد
الخام
المغربية
وأخذ كل تاجر
أجنبي يحاول
البحث عن أكبر
قدر ممكن من
المغاربة
سواء كانوا
يهود أو
مسلمين ليتعاونوا
معه في تسهيل
مهمته
التجارية في
المغرب،
وبناء على
الشروط التي
حصل عليها
الأجانب في
المعاهدات
يصبح أولئك
المغاربة
المتعاونون
محميون
ومستثنون من
الكثير من
الالتزامات
المالية
والقانونية،
فالمحمي لا
يلتزم بدفع أي
غرامة أو جزية
أو ما يشبه
ذلك([40]). ومع أن المعاهدات
أعطت الحماية
لمن يترجم أو
يخدم القنصل
العام ولكنها
لم تحدد
عددهم، أما
نواب القناصل
فحددت لكل
منهم مترجم
واحد وبواب
واحد ومعلمين
فقط من
المسلمين أو
اليهود على أن
تشمل الحماية
عيال أولئك
المحميين أو
الساكنين
معهم([41]). إلا أن تلك
الشروط نُفذت
بطريقة تختلف
كل الاختلاف
عما رسم لها
من وجهة النظر
المغربية،
ففي بداية
الستينات
أخذت أعداد
المحميين
لجميع الدول
الأوروبية
تتزايد بصورة مذهلة
فعلى سبيل
المثال، زاد
عدد محميي
إسبانيا بعد
توقيع معاهدة
عام 1861 م
بأشهر قليلة
من 90
إلى 763
محمياً([42]).
وفي واقع
الأمر أن زيادة
أعداد
الأجانب
والذين
معظمهم من
التجار أدت
إلى تفسير
المعاهدات
تفسيراً يخدم
المصالح
الأجنبية ففي
المعاهدة
المغربية
البريطانية
وردت جملة في
أحد البنود
استغلت لصالح
التجار البريطانيين
وغيرهم من
الأوروبيين
خاصة وأن كل دولة
من الدول
الغربية عادة
تضمن معاهداتها
مع المغرب
بمعاملتها «معاملة
الدولة
الأكثر
تفضيلاً». ففي
الشرط الخامس
من المعاهدة
ورد النص التالي:
«ولهم (أي
البريطانيين)
أن يوجهوا في
قضاء أغراضهم
من يريدون من
أصحابهم في
البر والبحر
من غير توقيف»([43]). فكلمة
أصحابهم فسرت
على أنه من
يتعاون مع أولئك
التجار الذين
خلعوا
الحماية على
أولئك
المحميين،
وبذلك ازدادت
أعداد
المحميين
بصورة كبيرة خاصة
عندما أخذ
جميع التجار
الأجانب
يعينون لهم
أصحاب
وممثلين
تجاريين في
المراسي والمدن
المغربية.
ويبدو أن
الإقبال
المتزايد من
التجار الأجانب
على المغرب
كان من أسبابه
الامتيازات
التي أُعطيت
لهم في
المعاهدات
إضافة إلى ذلك
بحثهم عن
المواد الخام
والمنتوجات
الزراعية
والحيوانية
في أسواق
المغرب وخاصة
الداخلية
منها والتي
كانت أثمانها
تقل بكثير عما
كانت تباع في
أوروبا، فكان
تصديرها يدر
أرباحاً
كبيرة على
أولئك التجار
الذين كانوا
أيضاً يجلبون
المواد
الاستهلاكية
والمطلوبة في
أسواق المغرب
كالسكر
والشاي على
سبيل المثال، واستطاع
الكثير من
التجار
الأوروبيون
وبالذات
البريطانيون
تحقيق
أرباحاً
كبيرة من الصوف
المغربي
والحبوب التي
قاموا
بتصديرها في
السبعينات من
القرن التاسع
عشر إلى
أوروبا([44]).
ونتيجة
لإقبال
التجار
الأجانب على
أسواق المغرب
تضاعفت
اهتماماتهم
بتأمين مصالحهم
التجارية في
المغرب والتي
كان لابد من
تأمينها
بزيادة
السماسرة
والشركاء
المغاربة،
وأضفوا على
ذلك صفة
الشرعية وذلك
بتفسيرهم
لبعض بنود
المعاهدات
التي عقدت بين
المغرب وبعض
الدول
الأوروبية،
فعلى سبيل
المثال ورد في
المعاهدة
المغربية
الإسبانية أن «...
رعية أسبانيا
(هكذا) تقدر
تجعل خديماً
أو شريكاً
وتبعثه أين ما
أراد بقصد
تجارته براً
أو بحراً فلا
يمنعهم أحد من
هذا ولا يتعرض
له أحد...»
([45]). وبناءاً
على هذا الشرط
أخذ الإسبان
وغيرهم من
الأجانب سواء
كانوا تجاراً
أو غيرهم
بمشاركة
المغاربة في
التجارة
والزراعة
وتربية
المواشي،
وأصبح أولئك
المغاربة في
عداد
المحميين
الذين لا يلتزمون
بدفع الزكوات
والضرائب
التي تجمعها
الحكومة
المغربية من
رعاياها ولا
ينصاعون للقانون
المغربي بل
يحتكمون إلى
قوانين بلاد
الحامين لهم،
ولم يقف
التجار
الأجانب عند
حد استخدام
المغاربة
كسماسرة
وشركاء بل
تطور نشاطهم إلى
بيع شهادات
الحمايات إلى
المغاربة حيث
أصبحت تلك
الشهادات
تجارة بحد
ذاتها إذ أنها
تدر أرباحاً
كبيرة على
التجار
الأجانب، ولم
يقتصر بيع
شهادات
الحماية على
التجار بل
تعدت ذلك
لتشمل
القناصل
ونوابهم حيث
أخذ القناصل
الأجانب في
بيع الحمايات
للمغاربة
مشاركين تجار
بلادهم الذين
فتحوا عدد من
الحوانيت في
أسواق المغرب
كان الغرض
منها بيع
شهادات الحماية
إلى جميع
طبقات
المجتمع
المغربي ولقد
أجاد الوصف
سكوفاسو Scovasso
الوزير
الإيطالي
المفوض في
المغرب عندما
قال عن بيع
الحمايات «...
إنها مادة
تجارية تباع
لأكبر مغال في
الثمن...»
([46]).
وازداد
التنافس
التجاري بين
الدول
الأجنبية في
المغرب وأخذ
الكثير من
الأجانب يسعى
لتأمين
مصالحهم
الشخصية
ومصالح
بلادهم عبر
زيادة محمييهم بطريقة
غير قانونية،
فالقناصل
ونوابهم
والتجار
الأجانب
أنعموا على
الكثير من
المغاربة
بالحماية
وهؤلاء
المحميون أخذوا
يتفانون في
خدمة أولئك
المحميين
محاولين
إرضائهم
بتسويق
منتجات
بلادهم وجلب
المواد الخام
لهم من
الأسواق
الداخلية،
خاصة بعد أن
ألغى السلطان
محمد بن عبد
الرحمن (1859-1873)
قرار في يونيو
1864 م كان
يحظر على
الأجانب
التسوق في
أسواق المغرب
الداخلية([47]). وكانت هذه
فرصة مواتية
للأجانب
بالتجوال في مدن
المغرب
الداخلية
ومنح أكبر عدد
ممكن من المغاربة
الحماية لكي
يسهلوا
مهماتهم
التجارية وفي
نفس الوقت
يحققوا
أرباحاً من
جراء بيع تلك
الحمايات.
ولم
يتردد
المغاربة في
البحث عن
الحمايات بشتى
الطرق
والوسائل
وخاصة التجار
الأغنياء منهم
لكي يجنبوا
تجارتهم
الضرائب التي
تؤخذ منهم من
قبل الحكومة
المغربية،
ونتيجة لذلك أخذت
مداخيل
الدولة في
التناقص
وأصبحت عاجزة عن
الوفاء
بالتزاماتها
تجاه رعاياها الذين
لم يدخلوا في
الحماية([48]).
ومن
الأمثلة على
نقص مداخيل
بيت المال ما
كان يقوم به
التجار
الأجانب من
مخالطة
التجار المسلمين
لكي تسقط رسوم
الأبواب التي
كان يؤدونها
التجار
المغاربة على
سلعهم عند
دخولهم المدن
الداخلية
وخروجهم منها
والتي كان
التجار
الأجانب
معفين منها نتيجة
دفعهم
للأعشار عند
دخول سلعهم
إلى الموانئ المغربية،
بل إن بعض
التجار
المغاربة
يتواطئون مع
التجار
الأجانب
وينسبون
سلعهم إليهم لكي
لا يدفعوا
رسوم
الأبواب،
ونتيجة لذلك
التستر كتب
السلطان محمد
بن عبد الرحمن
إلى محمد برﮔﺎش
يستنكر ذلك،
معبراً عن ذلك
الاستنكار
بقوله: «... ففي
علمكم ما
يُعطى بأبواب
المدن حسبما
هو مبين ومفصل
عند المكلفين
بها وفي ذلك
من المصلحة
ونفع بيت
المال لا
يجعله عاقل
منصف، وقد صار
من لا مروءة
له ينحرف عن
الإعطاء،
وينسب ما عنده
من الأحمال
الخارج بها أو
الداخل بها لتجار
النصارى فراً
من الإعطاء،
وصاروا
يتدخلون معهم
ويخلطون
أحمالهم بأحمالهم،
ولقد كادت
مخالطتهم
معهم تؤدي إلى
تعطيل ما له
بال من
الداخل... وما
كان تجار النصارى
قبل هذا العهد
إلا مقتصرين
في أمور تجارتهم
على الوجه
الذي لا يؤدي
إلى شيء مما
أشرنا إليه
ولابد من ذكر
هذا كله لنواب
الأجناس ليكونوا
على بصيرة فيه
ويكفوا
تجارهم عن قبول
المشتغلين
بذلك من
المسلمين
واليهود الذين
ينسبون لهم
ذلك...»([49]). واستمر
التجار
الأجانب في
تنافسهم
التجاري مستخدمين
طرق ووسائل
عديدة كان
الهدف منها الكسب
التجاري
واضعين نصب
أعينهم
المقولة المشهورة
"الغاية تبرر
الوسيلة" ومن
هذه الوسائل
إعطاء
الحمايات
للكثير من
الخلطاء حتى
وصل الأمر إلى
أن أصبح أولئك
التجار
يتعاملون مع
خلطاء ليس
لديهم القدرة المالية
أو حتى
العقلية
وللعمل في
التجارة أو
الاستثمار.
ونتيجة
لذلك أدركت
الحكومة
المغربية
آثار تلك
المعاملات
ووجه السلطان
خطاباً إلى
محمد برﮔﺎش
يطلب منه
تحذير قناصل
الدول
الأجنبية من
الاستمرار في
تلك
المعاملات
حيث ورد في
الرسالة: «...
فاعلم أن
التجار
يعاملون من لا
يليق
للمعاملة إما
لسفهه وإما
لعدمه... فحذرنا
العمال من
إلزام الناس
ما لا يلزمهم
ومن جملتهم
عامل أسفي
وأمرناه أن
يحذر التجار
من مخالطة من
لا تليق
مخالطتهم...
وأعلمناك
لتكون في ذلك
على بصيرة
وتقرره لنواب
الأجناس...»
([50]).
وعندما
تولى السلطان
الحسن بن محمد
(1873-1894 م)
أدرك خطورة ما
يقوم به
القناصل
ونوابهم والتجار
الأجانب من
منح الحمايات
لمن ينطبق عليه
الشروط التي
وردت في المعاهدات
بين المغرب
وبين الدول
الأجنبية، ولمن
لا يستحق تلك
الحماية
وإنما
استخدمت التجارة
كوسيلة
لإضفاء
الحماية على
الكثير من المغاربة
الذين شاركوا
الأجانب في
تحطيم اقتصاد
بلادهم
وإضعاف
أمنها،
واستنكر
السلطان الحسن
تلك
الممارسات
التي يقوم بها
الأجانب بشدة
ووجه خطاباً
إلى نائبه
بطنجة السيد
محمد برﮔﺎش يستحثه
فيها لمناقشة
موضوع
الحمايات
الأجنبية غير القانونية
مع قناصل
الدول
الأجنبية
وضمن خطابه
بعبارة مؤثرة
قال فيها: «...
إن إدارتنا لا
تجد في البلاد
من هو باق تحت
سلطتها من
كثرة ما منحته
الدول
الأجنبية من
حمايات غير
مشروعة...»([51]).
وعلى
الرغم من دخول
الكثير من
المغاربة في
الحماية
الأجنبية إلا
أن حجم تجارة
المغرب الخارجية
لم يطرأ عليها
التغيير
الكثير كما
حدث خلال
الستينات من
القرن التاسع
عشر. فعلى سبيل
المثال إذا
أخذنا الخمس
السنوات
الأولى من عهد
السلطان
الحسن بن محمد
نجد أن قيمة
ما صدر في سنة 1873
م كان 7.767.330
دولاراً
وتراجع في سنة
1874 م إلى 5.396.755
دولاراً
ليعاود
الارتفاع إلى 6.466.765
دولاراً في
السنة التي
تلتها، أما في
عام 1876 م
فتراجع إلى 5424.940
دولاراً
ليرتفع مرة
أخرى في سنة 1877
م إلى 6.074.410
دولاراً([52]).
وهكذا
نجد أن زيادة
أعداد
المحميين كان
لها الأثر
السلبي على حجم
تجارة المغرب
الخارجية بل
أن التجارة
كانت بمثابة
وسيلة
استخدمها
الأجانب في
تنمية مصالحهم
الذاتية التي
حاولوا
الوصول إليها
بشتى الطرق
والوسائل حتى
لو أدى ذلك
إلى تجاوزات
عدة.
ونتيجة
للتوسع التجاري
للتجار
الأجانب في
مناطق المغرب
الداخلية ظهرت
بعض القضايا
الخلافية بين
التجار
والأجانب والتجار
المغاربة، أو
بين محميين
التجار الأجانب
وبين
المغاربة
الذين لا
يتمتعون بالحماية
الأجنبية
وأخذ القناصل
ونوابهم
بالاتصال
بعمال
البوادي
مباشرة
للدفاع عن
رعاياهم، رغم
أن الشروط
المدونة في
المعاهدات
بين المغرب
والدول
الأجنبية،
تقضي بأن أي
دعوى تقدم من
الأجانب يجب
أن ترفع إلى
قناصلهم، أو
نوابهم،
وبناء على ذلك
وجه السلطان
الحسن بن محمد
إلى محمد
برﮔﺎش
تعليماته
بإيقاف تلك الاتصالات
وذلك بقوله: «...
فقد كنا قدمنا
لك الكتابة
فيما قع من
بعض قونصوات
(هكذا)
الأجناس من
المكاتبة مع
عمال البادية
من غير واسطة
عمال المراسي
وتركهم
القانون الذي
رُتب سابقاً
وكتبنا لك بأن
تكتب للعمال
في ذلك من
عندك، وقد
اقتضى النظر
الآن الكتابة
لعمال
المراسي
وعمال البادية
بأن لا يفعلوا
كلاماً ولا
كتابة في دعوى
ولا مطلب من
رعية الأجناس
ومن في حمايتهم
إلا بعد أن
يرفعوا
لقوانصواتهم
(هكذا)...
وأعلمناك
لتكون على
بصيرة في ذلك
وتجري العمل
على مقتضاه...»([53]).
وفي
واقع الأمر أن
السلطان
الحسن كان
يريد إيقاف
النفوذ
الأجنبي داخل
المغرب
كالتدخل في
شؤون الولاة
والتأثير
عليهم في
إصدار
الأحكام، بل
واستخدمهم
كمحميين
ينظرون إلى
مصالح الدولة
الحامية لهم
أكثر من
نظرتهم إلى
مصلحة رعاياهم.
لقد
كانت التجارة
بالنسبة
للأجانب في
المغرب
بمثابة
"مسمار جحا"
للتدخل في
المغرب، فهي أطلقت
أيديهم في
الحصول على
المواد الخام
بأثمان رخيصة من
أسواق المغرب
الداخلية
وأعطتهم
الأحقية في
منح الحمايات
بالطريقة
المشروعة
والتي تطورت
فيما بعد إلى
حمايات غير
قانونية ونتج
عن ذلك تدهور
الأحوال
الأمنية
عندما تعالى
المحميون
وأسيادهم على
من لا يملك
الحماية([54]).
ونتيجة
للآثار التي
خلفتها
التجارة
الخارجية على
المجتمع
المغربي من
اتساع نطاق
الحماية الأجنبية
للرعايا
المغاربة
قامت الحكومة
المغربية
بعدة جهود
دبلوماسية
لإيقاف تلك
الحمايات،
وبدأت تلك
الجهود من
أوائل
الستينات من
القرن التاسع
عشر، ففي
رسالة من
السلطان محمد
بن عبد الرحمن
إلى محمد
برﮔﺎش يخبره
بإرسال موظف
سام إليه
ليناقشا
سوياً مخاطر
الحماية
الأجنبية مع
القناصل في
طنجة حيث ورد
في الرسالة «...
وبعد فقد
اتسعت دائرة
الحماية وصار
يتسارع
للدخول فيها
كثير ممن كان
متبوعاً بحق
أو جنا جناية،
حيث رأوا نواب
القنصوات
(هكذا) وسائر
التجار يقبلون
كل من احتمى
بهم وانحاش لحمايتهم،
ولم يقفوا على
الشروط
المنعقدة بين
الدول... فحصل
الضرر لبيت
المال وللرعية،
بسبب ضياع
حقوقها
المرعية،
وذلك أن المحتمي
يسقط من
الزكاة
والإعطاء...»([55]).
واستمرت
جهود الحكومة
المغربية في
عهد السلطان
محمد بن عبد
الرحمن
لإيجاد
حلولاً جذرية
لمشكلة
الحماية،
ولكن دون
جدوى، وعندما
تولى السلطان
الحسن بن محمد
بذل جهوداً
كبيرة لحل
مشكلة
الحماية القنصلية
مع قناصل
الدول
الأجنبية في
المغرب، بل
إنه أندب
أمينه محمد
الزبدي
الرباطي إلى
عدد من الدول
الأوربية من
أهمها
بريطانيا
وفرنسا
وإيطاليا
وبلجيكا
لمناقشة
مشكلة الحماية
القنصلية غير
القانونية مع
حكومات تلك
الدول، ولكن
تلك الجهود لم
تكلل
بالنجاح،
وحاولت
الحكومة
المغربة طرح
المشكلة
ثانية على القناصل
الأجانب في
طنجة وللحد من
أخطار الحماية
الأجنبية
ولكن تلك
المحاولات
باءت بالفشل،
مما جعل
الحكومة
المغربية
تقترح عقد مؤتمر
يناقش أسباب
الحماية
وكيفية الحد
من الحمايات
المتزايدة([56]).
ويبدو
أن الحكومة
المغربية
نجحت أخيراً
عندما وافقت
الدول
الأوروبية
ذات التمثيل
القنصلي في
المغرب
والولايات
المتحدة
والبرازيل
على عقد مؤتمر
في مدريد في
أواسط عام 1880
م/ 1299
ﻫ، بل إن جهود
الحكومة جعلت
بعض
السياسيين
الأوروبيين
يتعاطفون مع وجهة
النظر
المغربية
ومنهم على
سبيل المثال الوزير
البريطاني
المفوض جون
هاي John Hay
ووزير الدولة
الإسباني
عندما صرح بعد
قبول إسبانيا
للمؤتمر حيث
قال: «...
إذا أحقية
الحماية
استمرت في
تطورها كما هي
معمولاً بها
في السنوات
الأخيرة
الماضية فإن
إمبراطور
المغرب سوف يستيقظ
في يوم من
الأيام ولن
يكن تحت حكمه
أياً من
رعاياه...»([57]).
وعلى
الرغم من
تعاطف بعض
الأوروبيين
مع الحكومة
المغربية إلا
أن قرارات
مؤتمر مدريد،
لم تغير شيئاً
في سلوك
التجار
الأجانب
الذين لم يلتزموا
بتلك
القرارات
التي كان
الهدف منها
تنظيم
الحماية
الأجنبية
وقصر تلك
الحماية على
ما ورد في
المعاهدات التي
وقعها المغرب
مع الدول
الأوروبية.
وأصبحت تلك
التوصيات
والقرارات
دون فعالية
حيث استمر
القناصل والتجار
الأجانب في
تجاوزاتهم بل
إن الحالة ازدادت
سوءاً، وأخذ
التحايل على تلك
القرارات
يأخذ مجراه،
كما فسر
الأجانب المعاهدات
التي عقدتها
حكوماتهم مع
الحكومة المغربية
تفسيراً يتفق
مع مصالحهم[58]).
ومع أن
الحكومة
المغربية
حاولت إيقاف
نفوذ الأجانب
وخاصة التجار
في منح
الحمايات
الأجنبية إلا
أن التنافس
بين الدول
الأوروبية
أخذ يزداد
يوماً بعد آخر
في سبيل
السيطرة على
تجارة المغرب.
فخلال انعقاد
المؤتمر في
مدريد قامت
إسبانيا بإرسال
تجارها إلى
جنوب المغرب
في رأس يوب
(طرفاية)
ووادي نون
ليلحقوا
بالتجار
الإنجليز الذين
استقروا في
تلك النواحي
ببضع سنوات
وكان هدفهم من
ذلك فتح أسواق
جنوب المغرب
لتجاراتهم
والتعامل مع
أهالي تلك
المناطق
مباشرة بدون
وسطاء ويبدو
من ذلك أن
السياسة
الإسبانية
كانت تقضي
بتوسيع حجم
تجارتها مع
المغرب دون
النظر إلى أي
اعتبار آخر،
ولقد أرسل
السلطان
الحسن
تعليماته إلى
نائبه محمد
برﮔﺎش في مدريد
يخبره بأن
يطلب من وزير
خارجية
إسبانيا بكف
التجار
الإسبان من
النزول في
طرفاية ووادي
نون حيث ورد
في الرسالة «...
وبعد فقد
بلغنا أن دولة
إسبانيا أذنت
لتجار رعيتها
في النزول بين
رأس يوب
(طرفاية)
ووادي نون،
ولا يخفاك أن
نزولهم به
يفسد ما نحن
جادون فيه من
مباشرة أمر
نقل مكينسي
(ماكينْزي)
النجليزي (هكذا)
من تلك
الناحية،
ويجري
أجناساً
آخرين على النّزول
هناك، ويتسع
الخرق بذلك
وتنفتح أبواب
المضار على
هذه الإيالة،
فنأمرك أن
تتفاوض مع
وزير الأمور
البرانية
بالدول
الصبنيولية
(هكذا) في
الكلام مع
دولته في كف
تجارها عن التوجه
للناحية
المذكورة...»([59]).
وخلال
الثمانينات
من القرن
التاسع عشر
زادت الأطماع
الاستعمارية
في المغرب
الأقصى
وازداد
التنافس الذي
اتخذ من
التجارة وعمل
المغاربة
كمحميين في
تلك المهنة
متكئاً
يستطيع من
خلاله الوصول
إلى مكاسب
جديدة
يستطيعون من
خلالها فرض نفوذهم
على المغرب.
ودخلت دولاً
جديدة في البحث
عن المواد
الخام وتنمية
استثماراتها
الاقتصادية
مثل ألمانيا
التي بدأت
تزيد من حجم
استثماراتها
في المغرب
وذلك بتمويل
عدد من المشروعات
الإصلاحية
والبحث عن
المعادن([60]).
وبالطبع
عندما وصل
التجار
الألمان إلى
المغرب أخذوا
يقلدون
أقرانهم
الأوروبيين
في منح
الحمايات للمغاربة
الذين
يعتبرون هم
اليد الطولى
للأجانب في
تسيير
تجارتهم داخل
المغرب.
ولم
يكتف الأجانب
بما حصلوا
عليه من
امتيازات
تجارية بل
أخذت ضغوطهم
تتزايد على
الحكومة المغربية
بعد مؤتمر
مدريد
مباشرةً
مطالبين بتخصيص
رسوم بعض
الصادرات
والواردات
وإلغاء بعض
الاحتكارات
لصالح
السلطان
والتي حددتها
المعاهدات.
وكان من
الصادرات
التي اقترح
الأجانب
تخفيضها بعض
الحبوب وبعض
المنتجات
الزراعية حيث
طالبوا
بتخفيض نصف
الرسوم، أما
بعض الصادرات
الأخرى من
الحبوب
كالقمح
والشعير
فطالبوا بتسريحها
حيث أن
السلطان لا
زال حتى تلك
الفترة يحتفظ لنفسه
بحق وسقها،
أما الواردات
التي كان المخزن
يجعلها حكراً
على بعض
التجار على أن
يذهب ثمن ذلك
الاحتكار
لمصلحة بيت
المال
المغربي، فقد
أخذت في
التناقص منذ
أواسط القرن
التاسع عشر
نتيجة
للمعاهدات
التي ألغت
بعضها، وأبقت
البعض الآخر
والتي من
أهمها
الغاسول والشاي
والكبريت
وآلات الحرب
وغيرها([61]).
وأمام تلك
الضغوط
المتزايدة
طلب السلطان
إعطائه مهلة
حتى يستشير
رعيته
وبالذات
العلماء
والذين
يمثلون أهل
الحل والعقد،
واعترض الوزير
البريطاني
جون هاي على
ذلك بقوله: «...
أنه لمن
الأهمية
بمكان عدم عرض
المقترحات المطروحة
لتطوير الفلاحة
والمبادلات
التجارية على
أنظار العلماء
الذين بالرغم
من تعمقهم في
التاريخ وعلوم
الشرع لا
يتوفرون على
أي تجربة أو
معرفة بشؤون
التجارة...»([62]).
ويبدو أن هاي
كان يتوقع رد
العلماء
الذين عادة
يرفضون
التدخلات
الأجنبية في
الشؤون المغربية.
وفي عام 1303
ﻫ/ 1886
م استشار
السلطان
رعيته وذلك
بخطاب مطول
ذاكراً فيه
الضغوط التي
واجهها من
الأجانب والاقتراحات
التي يجب أن
تراعى في
إصدار الفتوى
من قبل
العلماء حيث
قال فيه: «... أما
بعد فقد كان
طلب منا بعض
نواب الأجناس
بطنجة على وجه
الخير
والمحبة فيما
سلف من أعوام تجديد
شروط التجارة
بقصد تسريح
الأشياء
الممنوعة الوسق
كالحبوب
مطلقاً
والأنعام
والبهائم ونحو
ذلك ونقصان
صاكة الخارج
ذاكرين أن
تسريح ذلك فيه
النفع لبيت
المال
وللرعية وهذه
مدة من خمسة
أعوام ونحن
ندافع ونسدد
ونقارب بما
يقتضيه الوقت
والحال...»([63]).
وأشار
السلطان إلى
أنه استشار
بعض من يثق
فيهم فلم
يشيروا عليه
بالتسريح لما
في ذلك من ضرر
على ضعفاء
الرعية لأن الأسعار
سوف ترتفع
ويصبح أولئك
عاجزين عن شراء
الحبوب
واللحوم، بل إنه
ربما يؤدي إلى
فقدان الثروة
الحيوانية
أما تخفيض
الصاكة على
الصادرات
فسوف تؤثر على
مداخيل بيت
المال ومن
ثَمّ لا
يستطيع
السلطان
الإبقاء
بالتزاماته
تجاه الرعية([64]).
وصدرت
الفتوى من
العلماء بعدم
جواز بيع آلة
الحرب من سلاح
ودواب وأدوات
حربية لأن ذلك
يؤدي إلى تقوي
الكفار بها
على المسلمين
ولكن العلماء
استدركوا بيع
آلة الحرب
عليهم بسبب
عدم فعاليتها
بالنسبة
لأوروبا التي
أصبحت تتفوق
تقنياً على
المغرب، بل
ذهبوا أبعد من
ذلك حينما
شبهوا الآلات
الحربية التي
يمتلكها المسلمون
بأنها هي
"والحطب
سواء"، أما
الحبوب
وغيرها من
المنتجات
الزراعية
فيجوز بيعها مطلقاً
على الكفار
إذا كان ذلك
لا يؤثر على
وفرتها في
الأسواق،
وإذا كان ذلك
يعود بالنفع
لبيت المال
ولكنهم
انتقدوا الاحتكار
والمتاجرة
بالأعشاب
المحرمة مثل
التبغ وأن
جلبها إلى
بلاد
المسلمين
يؤدي إلى ارتكاب
المعاصي ويجب
أن يقتصر
جلبها فقط على
النصارى
الذين لا يحق
لهم بأي حال
من الأحوال أن
يجلبوا أكثر
من حاجتهم([65])،
واستناداً
إلى تلك الفتوى
لم يطرأ أي
تغيير على
الشروط التي
أشارت إليها
المعاهدات من
المواد التي
احتفظ السلطان
بحقه في
تصديرها.
كما أن
الحكومة
المغربية
رفضت رفضاً
باتاً تخفيض
الصاكة
واعتبرت ذلك
حقاً من
حقوقها. ومع ذلك
ترك السلطان
بصيص أمل
للقناصل
الأجانب وبالذات
قناصل كل من
بريطانيا
وفرنسا
وألمانيا
للنظر في
السماح بتصدير
بعض السلع
ولكن بشرط
مراجعة بنود
مؤتمر مدريد
والتي لم تصلح
من أحوال
الحماية بل إن
الحال ازدادت
سوءاً بعد
المؤتمر،
ولكن ذلك الشرط
لم يجد قبولاً
لدى أولئك
القناصل وظلت
مسألة
المطالبة
بالتصدير
التي قادها
بعض القناصل
مهملة حتى سنة
1890
م/ 1307 ﻫ،
عندما
أثارتها
الغرفة
التجارية
الإسبانية
مرة أخرى
ووجدت لها صدى
من باقي قناصل
الدول
الأجنبية
وبالذات من
البريطانيين
والفرنسيين
والإيطاليين.
أما الألمان
فلقد نجح الوزير
الألماني
المفوض كونت
تاتنباك Cont
Tattenbac بعد
زيارته التي
قام بها إلى
فاس في سنة 1890 م/ 1308 ﻫ للحصول
على أمر
بالسماح
للتجار
الألمان بتصدير
القمح
والشعير لمدة
ثلاثة سنوات
وبسعر يقل عن
السعر
الموجود في
الأسواق حيث
أن سعر وحدة
الربع للقمح([66]) تساوي في
المغرب حوالي 20 شلن
والشعير 7 شلن
ولكنها خفضت
إلى 16 شلن و6 شلن على
التوالي.([67]).
وخلال
عام 1892 م/ 1310
ﻫ
قام الوزير
المفوض
البريطاني
السيد شارلز إيون
سميت (Charles Euan Smith)
بزيارة إلى
فاس وطالب
السلطان بنفس
الامتيازات
التي تعهدت
بها الحكومة
المغربية
للوزير
الألماني، بل
إنه طالب
بتسهيلات
أخرى كشراء
واستئجار
أراضي وبناء
مخازن
وبالفعل حقق
سميث بعض
النجاحات من
خلال الوعود
التي وعده
إياه
السلطان، كذلك
أخذ بقية
قناصل الدول
الأجنبية
يطالبون بمثل
ما حصل عليه
الألمان
واستطاع
الفرنسيون عندما
قاموا بإرسال
بعثة إلى فاس
في سبتمبر عام
1892 م
أن يحصلوا على
وعود من
السلطان
بتخفيض
التعرفة
الجمركية لهم([68]).
ونظراً
لتحسن
الأحوال
الفلاحية في
أواخر عهد
السلطان
الحسن وازدياد
التنافس
الدولي فلقد
انتعشت
التجارة حيث بلغت
الصادرات
حوالي 1.526.000 جنيهاً
إسترلينياً،
أما الواردات
فوصلت إلى 1.866.000 جنيهاً
إسترلينياً([69]). وهذا
يعني أن
الميزان التجاري
أصبح لصالح
الواردات على
حساب الصادرات
حيث بلغ 340.000 جنيهاً
إسترلينياً.
ومنذ تلك
السنة أصبح
الميزان
التجاري
سالباً حيث أن
المغرب أصبح
يعاني من
مشاكل
اقتصادية كان
من الصعب حلها
خاصة بعد وفاة
السلطان
الحسن بن محمد([70]). ومن هذه
المشاكل
الثورات التي
قامت ضد
الحكومة
المغربية مما
أدى إلى ضعف
الناحية
الأمنية في
البلاد إضافة
إلى انتشار
الأمراض
والأوبئة([71])،
وبالطبع ارتد
ذلك على
التجارة في
المغرب.
ومع
بداية القرن
العشرين اشتد
التنافس بين
الدول
الأجنبية على
المغرب
وبالذات فرنسا
وإسبانيا
وبريطانيا
وألمانيا،
وكان الاتفاق
الودي في سنة 1904 م/ 1322 ﻫ بين
الدول الثلاث
الأولى بداية
لنهاية استقلال
المغرب، فلقد
اتُّفق في تلك
المعاهدة
السرية على
اقتسام المغرب
وكانت تلك
الاتفاقية
تمهيداً
لمؤتمر الجزيرة
الخضراء الذي
عقد في 17 أبريل 1906 م/ 1323 ﻫ،
وشاركت فيه
معظم الدول
الأجنبية ذات
المصالح في
المغرب
الأقصى بما
فيها الدول
التي وقعت
الاتفاق
السري
وألمانيا التي
طالبت
باحترام
مصالحها
الاقتصادية
في المغرب،
ولذلك جاء
المؤتمر في
معظم بنوده
مؤكداً على
المصالح
الاقتصادية
والأمنية
للأجانب في
المغرب([72]). وهكذا
انتقل
التنافس
التجاري بين
الدول
الأجنبية في
المغرب إلى
اتفاق يقضي بتوزيع
المصالح
الاقتصادية
تمهيداً
للقضاء على
استقلال
البلاد.
الآثار
الناجمة عن
انفتاح
المغرب
التجاري
ترك
الانفتاح
التجاري
للمغرب على أوروبا
وتنافس الدول
الأجنبية على
التجارة في
المغرب
آثاراً هامة
على عوائده
المالية
وقوته
الاقتصادية
وتبعيته
التجارية
واستقلاليته
الإدارية
وإنهاك
خزينته
المالية وإضعاف
هياكله
الاقتصادية
وجلب الكثير
من المشاكل
الاجتماعية
التي أضعفت من
تماسكه الاجتماعي
ومن أهم
الآثار التي
أضعفت من
عوائده
المالية هي
دخول كثير من
المغاربة في
الحماية
الأجنبية
كسماسرة أو
مخالطين أو
حتى نالوا
"شرف الحماية"
من الأجانب
وأصبحوا لا
يلتزمون بدفع
أي التزامات
مالية
للحكومة
المغربية
وحتى الذين لم
يدخلوا في
الحماية
الأجنبية
أصبحوا يحتالون
على الأمناء
في المغرب ولا
يقومون بدفع
الرسوم
الواجبة
عليهم في
التجارة،
وللاستدلال على
ذلك ما قام به
التجار
الأجانب في
مدينة مراكش،
على سبيل
المثال حيث
أخذوا في
إعطاء التجار
المغاربة
شهادات تشير
على أن السلع
التي يدخلونها
المدن تابعة
للتجار
الأجانب وبذلك
تسقط عنهم
المكوس التي
يقتصر دفعها
فقط على التجار
المغاربة
نظراً لأن
التجار
الأجانب يكتفي
منهم بدفع
الجمارك،
ونتيجة لذلك
أدرك أحمد بن
داود، عامل
مراكش تلك
التعديات
فأرسل إلى
السلطان
يخبره بذلك،
وما كان من
السلطان إلا
أن أرسل إلى
محمد برﮔﺎش
يطلب منه
مناقشة ذلك مع
قناصل الدول
الأجنبية في طنجة
والذي بدوره
أرسل رسالة
جوابية ذكر
فيها: «... وأمرنا
سيدنا أيده
الله
بمطالعته
لننظر حيلهم
القبيحة،
وأفعالهم
الشنيعة التي
تمالأ عليها التجار
وأصحابهم من
غير ناه ولا
منته بخروجها
عن قانون
التجارة
وعودها
بالمضرة على
بيت المال
المسلمين
عمره الله... ويجب
على تجار
الأجناس أن
يسلكوا في
تجارتهم
الطريق
الجاد،... وهذه
الحيل التي
تمالؤوا
عليها ليست من
قبيل التجارة،
وإنما هي من
باب إفساد
أسواق المسلمين
وتعطيل
تجارتهم
وأمور
معاشهم، ولا
يقرون على
قبيح...»([73]).
بل إن
التجار
الأجانب
بدأوا
يتحايلون على
دفع الجمارك
التي يؤدونها
للحكومة
المغربية عند
دخول بضائعهم
إلى المواني المغربية
بحجة أن تلك
البضائع
عبارة عن
مستلزمات
شخصية أو
هدايا، بل
إنهم في بعض
الأحيان يماطلون
في الدفع مما
جعل الكثير من
المراسي المغربية
ينخفض
مستفادها مما
أدى إلى قلة
موارد
الخزينة
المغربية
فعلى سبيل
المثال، انخفض
مستفاد
الجديدة
انخفاضاً
كبيراً في
خلال سبع
سنوات مما
يعطي مؤشراً
على انخفاض
مستفادات
باقي الموانئ
المغربية،
ففي شهري ربيع
الثاني
وجمادى
الأولى من عام
1290ﻫ
بلغ مستفاد
الجديدة 100.531
مثقالاً([74])
بما يزيد
قليلاً عن 50
ألفاً لكل
شهر، ولكنه
انخفض في شهر
محرم من عام 1297
ﻫ إلى 3.283
مثقالاً([75])،
وبالطبع ظل
التراجع
يزداد سنة بعد
أخرى.
ولم
يقتصر التجار
الأجانب على
التعدي على قوانين
البلاد
ومستفادات
المراسي بل
إنهم لم
يلتزموا
بسداد الديون
التي كانت
الحكومة المغربية
تقوم بالتوسعة
بها عليهم
كالمتأخرات من
الجمارك أو
إيجارات بعض
المخازن والمنازل
الحكومية.
وهناك الكثير
من الحالات
التي تثبت
تقاعس الكثير من
التجار عن دفع
الديون
ومماطلتهم
للحكومة المغربية
في دفعها
وسأقتصر على
مثال واحد على
مماطلة التاجر
كريس
الإنجليزي،
الذي كان مدين
بمبلغ وقدره 404.859([76])،
ولكنه امتنع
امتناعاً
كلياً عن أداء
هذا الدين رغم
أن الحكومة
المغربية
حاولت الوصول
إلى حلول مع
ذلك التاجر
وذلك بتقسيط
المبلغ،
وعندما تعذرت
الحلول اضطر
السلطان إلى
مخاطبة نائبه
في طنجة لعرض
الموضوع على الوزير
البريطاني في
طنجة للوصول
إلى حلول([77])،
وفي حقيقة
الأمر أن تلك
المماطلات
أضرت بمالية
الدولة
وبعلاقتها مع
الدول
الأجنبية.
أما
القوة
الاقتصادية
للمغرب فيمكن
أن تقاس من
خلال تتبع قوة
العملة
المغربية منذ
العقد الخامس
من القرن
التاسع عشر
حيث أن الضغوط
الاقتصادية
أخذت في
الزيادة وبدأ
التجار الأجانب
في الإقبال
على شراء
البضائع من
الأسواق المغربية
مما أدى إلى
موجة من الغلاء
في الأسواق
المغربية،
وهذا ما أشار
إليه الناصري
بعد هزيمة
المغرب من قبل
الفرنسيين حيث
ذكر ذلك
بقوله: «... وفي
سنة إحدى
وستين
ومائتين أخذت
السكة في
الارتفاع...
ولما أخذت السكة
في الارتفاع
أخذت الأسعار
في الارتفاع أيضاً...
وعلة ذلك
والله أعلم
أنه لما وقع مع
الفرنسيين
هذا الصلح
وأسقط على
الأجناس ما كانت
تؤديه كثر
إخطارهم
وتجارهم
بمراسي المغرب
وازدادت
مخالطتهم
وممازجتهم
لأهله، وكثرت
تجارتهم في
السلع التي
كانوا
ممنوعين
منها، وانفتح
لهم باب كان
مسدوداً
عليهم من قبل
فظهر أثر ذلك
في السكة وفي
السلع، أما
السكة فلأن
سكتهم كانت هي
الغالية وهي
أكثر روجاناً
(هكذا) من سكة
الغرب، فلابد
أن يكون الحكم
والتأثير لها
والتجار
يعتبرون فيها
من الفضول
والأرباح
الناشئة عن
تغاير
القطرين ما لا
يهتدي إليه
غيرهم من
العامة
وتبعهم على
ذلك تجار المسلمين،
وأما السلع
فلأن تجار
النصارى يغالون
في أثمانها
أكثر من غيرهم
كما هو مشاهد،
ثم ما دامت
بلاد الفرنج
مترقية في
التمدن وحسن الترتيب
واتساع الأمن
والعدل إلا
وسككنا وأسعارنا
دائمة الترقي
في الغلاء على
نسبة كثرت المخالطة
واتساع مادة
البيع
والشراء
فتأمله والله
الموفق...»([78]).
ويتضح
من هذا الوصف
البليغ أن
الناصري وضع
يده على كبد
الحقيقة وأن التضخم
أخذ في
الارتفاع
خلال النصف
الثاني من
القرن التاسع
عشر، وتدهور
سعر العملة
المغربية
بصورة مذهلة،
فيما كان سعر
صرف المثقال في
السنة التي
أشار إليها
الناصري في
الفقرة السابقة
أي سنة 1261 ﻫ والتي
توافق 1845 م يساوي
16.6 غرام
من الفضة
ولكنها
انخفضت تلك
القيمة لتصل
إلى 1.7
في عام 1323 ﻫ/ 1906
م، وفي نفس
الوقت سيطر
الريال
الفرنسي على
المعاملات
الأجنبية مع
المغرب حيث
أصبحت العملة
التي تقاس بها
العملة
المغربية،
وارتفع سعره
من 15
أوقية في عام 1261
ﻫ/ 1845
م إلى 140
أوقية في عام 1323
ﻫ/ 1906
م([79]).
أما
التبعية
التجارية
فبعد زيادة
الوجود الأجنبي
في المغرب
أصبح واضحاً
مدى الارتباط
التجاري بين
المغرب وبين
أوروبا،
وانعكس ذلك على
تجارة المغرب
مع غرب
أفريقيا التي
انخفضت
كبيراً خلال
الربع الأخير
من القرن
التاسع عشر.
فلو نظرنا إلى
حجم التجارة
المغربية مع
أوروبا
لوجدنا أن
السفن التي
وصلت إلى
المغرب في عام
1879
م، 1422
سفينة بحمولة
قدرها 366.681 طناً
وبقيمة قدرها 4.339.088
دولاراً، أما
الصادرات
فبلغ عدد
السفن التي غادرت
المغرب 1425
سفينة
وبحمولة
قدرها 366.787
طناً وبقيمة
إجمالية قدرها
2.825.860
دولاراً،
وفقط يمكن
استثناء أربع
سفن من هذا العدد
وصلت من خارج
أوروبا حيث
وصلت سفينتان من
الولايات
المتحدة
الأمريكية
وسفينتان من
القدس وكان
قيمة ما
أحضرته من
بضائع اقتصر على
16.998
دولاراً فقط،
ولم تحمل أي
بضائع من
المغرب([80]).
ومن هذه
الإحصائية
يمكن إدراك
حجم التجارة
المغربية
البحرية مع
أوروبا التي
سيطر عليها
التجار
الأوربيين
منذ منتصف
القرن التاسع
عشر.
ونتيجة
لتلك السيطرة
أخذت تجارة
المغرب مع غرب
أفريقيا في
التراجع ففي
عام 1873
م/ 1290
ﻫ، قدر حجم
تلك التجارة
بحوالي أربعة
ملايين
فرنكاً
ولكنها أخذت
تنخفض بصورة
كبيرة خلال
السبعينات
والثمانينات
من القرن
التاسع عشر
لتصل في عام 1889
م/ 1307
ﻫ إلى أقل من
نصف مليون
فرنكاً([81]).
وهذا يعني أن
دور التجار
المغاربة
كوسطاء بدأ
يأخذ في
التلاشي سنة
بعد أخرى حيث
أن التجار
الأوروبيين
ومن يعمل معهم
أخذوا في
السيطرة على
التجارة
المغربية.
أما
استقلالية
المغرب
الإدارية
فلقد هُدّدت
من قبل
القناصل
والتجار
الأجانب
الذين أخذوا
يتدخلون في
شؤون المغرب
الداخلية
ويحاولون
التأثير على
عمال القبائل
الذين أخذوا
يشاركون
أولئك التجار
في مصالحهم
داخل المناطق
الريفية في
المغرب خاصة
بعد حصولهم
على الحماية
مما أدى إلى
مكاتبة القناصل
والتجار
لأولئك
العمال دون
الرجوع إلى عمال
المراسي الذي
من المفترض أن
تكون المخاطبة
في البداية
لهم وهم
بدورهم
يخاطبون عمال القبائل.
ولقد ورد ذلك
في رسالة
جوابية من محمد
برﮔﺎش إلى
موسى بن أحمد
البخاري «...
وبعد وصلنا
كتاب سيادتك
بما أخبر به
عامل أسفي السيد
الطيب ابن
هيمه بأن
قنصوات (هكذا)
الأجناس عندهم
وخلائفهم
وبعض تجارهم
صاروا يكتبون
من غير واسطة
لعمال
القبائل وبعض
أشياخهم فيما
يتعلق بالمخالطة
التي بينهم،
وأخذت بما في
ذلك خرق
القانون الذي
كان على عهد
مولانا... من أن
عمال المراسي
هو الذين
يكتبون لعمال
القبائل،
وأطلعت بذلك
علم مولانا
المنصور بالله،
فأصر أيده
الله
بالكتابة لنا
لنتكلم مع باشدورات
(هكذا) من ذكر
القنصوات
(هكذا) وغيرهم
في كفهم عن
ذلك...»([82]).
وتطورت
تدخلات
الأجانب حتى
أن القناصل
أخذوا في
التدخل لدى
الحكومة
المغربية
والتأثير
عليها بمعزل
بعض الولاة
الذين لا
يتعاونون
معهم في تحقيق
مصالحهم، ومن
الأمثلة على
ذلك ما قام به
الوزير البريطاني
المفوض هاي
الذي أرسل إلى
محمد برﮔﺎش
برسالة ينتقد
فيها عامل
العرائش الذي
لم يتعاون مع
البريطانيين
والإيطاليين
وبقية نواب قناصل
الدول
الأخرى، بل
ويطالب
بعزله، ولقد
ورد ذلك على
لسان هاي حيث
قال: «... وقد كنا
أخبرنا سيدنا
في كتاب قبل
هذا ما يغيرنا
من فعل العامل
المذكور، إذ
هو رجل لم
يليق لولاية
المراصي
(المراسي) من
أجل قبحه
وصعبه (هكذا)
مع جميع
قنصوات
الأجناس،
وبهذا الوجه سيرته
مع قونص (قنصل)
الإنجليز،
وإذا لم يعزل
لابد أن يرث
الكدر...»([83]).
أما
إنهاك خزينة
المالية فقد
كان للحروب
التي خاضها
المغرب ضد بعض
الدول
الأوروبية
الأثر الكبير
في جعل خزينة
الدولة خالية
من أي أموال
وبالذات
الحرب
المغربية
الإسبانية
التي قادت
المغرب إلى
أزمة اقتصادية
كبيرة، حيث
التزم المغرب
بدفع غرامة
حربية قدرها
عشرين مليوناً
من الريالات
حيث استوفى
الإسبان نصفها،
أما النصف
الثاني فاتفق
الطرفان على
أن يقبضها الإسبان
من مستفادات
مراسي المغرب([84]).
وجاء التنافس
التجاري
ليجعل الكثير
من الأجانب
يستقرون في
المغرب، بل ويستثمرون
في مناطق
المغرب
الداخلية عن
طريق المخالطين
مما أدى إلى
الدخول في
صفقات تجارية
مع المغاربة
وتوريطهم في
الديون، ففي
حالة الجدب
التي مرت بها
البلاد قام
بعض التجار الأوروبيون
على سبيل
المثال
بتسليف
المغاربة المحتاجين
حتى استيفاء
محاصيلهم
الزراعية،
وكان هذا
السلف يضمن
لأولئك
التجار ربحاً
يصل إلى ما
بين 40 %
إلى 50 %. وعندما
لا يستطيع
أولئك
المدينون
الدفع فإن الحكومة
المغربية
تصبح ضامنة
لرد تلك
الديون
للتجار
الأجانب لأنهم
من رعاياها([85]).
وفي
واقع الأمر أن
الكثير من
التجار
الأجانب يقومون
بادعاءات
كاذبة ضد الرعايا
المغاربة بل
وضد الحكومة
المغربية
متعللين
بتعرض تجارتهم
للنهب أو
السرقة أو
التلف، ويأخذ
القناصل
ونوابهم على
عاتقهم
مطالبة
الحكومة المغربية
بتعويضات
مالية وصلت
إلى أرقام
قياسية مع
نهاية القرن
التاسع عشر،
واضطرت
الحكومة المغربية
تحت الضغوط
الدبلوماسية
إلى دفع بعض
الديون
والتعويضات
وأجلت بعضها الآخر.
ويبدو أن
الخزينة
المغربية
استنزفت بما
فيه الكفاية
حتى أصبحت
الحكومة
المغربية عاجزة
عن تلك
المبالغ
المالية
الكبيرة والتي
تفوق حجم
التبادل
التجاري بين
المغرب وبعض الدول
الأوروبية،
فعلى سبيل
المثال بلغ
عدد القضايا
المالية
المعلقة بين
الرعايا
البريطانيين
وبين الحكومة
المغربية
أكثر من 24.000 حالة،
وتراوحت قيمة
هذه الحالات
من خمسة شلنات
للحالة إلى
آلاف
الجنيهات
لحالات أخرى،
ولقد ظلت بعض
القضايا
لأكثر من
ثلاثين سنة
معلقة بين
الطرفين([86]).
ولقد
قادت قلة المداخيل
المالية
وكثرة
المطالب
المالية التي
أخذ التجار الأجانب
بالمطالبة
بها والتورط
في ديون جديدة
إلى إفلاس
المخزن،
وبالطبع ارتد
ذلك على النظام
المالي في
المغرب ككل
نظراً لأن
الارتباط كان
وثيقاً بين
القطاع
التجاري
الحكومي والقطاع
التجاري
الأهلي،
فنتيجة
لإفلاس الدولة
أفلس التجار
ذوو الارتباط
الوثيق بها
وكان ذلك بمثابة
انهيار
للاقتصاد
المغربي،
وازدادت الأمور
تعقيداً
عندما فقدت
العملة
المغربية
الكثير من
قوتها فأصبح
هناك تضخماً
نقدياً أدى
إلى إضعاف
الاقتصاد
المغربي،
وكان ذلك التحول
بمثابة هيمنة
أجنبية على
تجارة المغرب
وعلى اقتصاده([87]).
بل
إن التضخم وصل
ذروته عندما
أخذ بعض
الأجانب
والمغاربة في
تهريب وتزوير
العملة
المغربية،
أغرق الأسواق
المغربية
بالعملة
المزيفة حتى
أن بعض التجار
الأجانب
امتهن تهريب
العملة في سوق
سوداء أنشئت
لهذا الغرض،
وقدر مييج
العملة التي
فقدها المغرب
خلال سبع
سنوات أي ما
بين عامي 1878 و1884 بحوالي 21 مليون
فرنك، بل إن
التزوير
للعملة
المغربية أدى
إلى تضخم في
الأسعار وأدى
إلى إضعاف
الاقتصاد
المغربي،
خاصة بعد أن
أصبح معظم
النقود المغربية
مزورة، ومما
يؤيد صحة هذه
المقولة أن
الحكومة
المغربية
عثرت على 80 % من
بعض مداخيل
بيت المال
مزورة، وهذا
بالطبع قوض
هياكل
الاقتصاد
المغربي([88]).
لم
تقتصر
آثار
الانفتاح
الاقتصادي مع
الغرب على
الآثار
الاقتصادية
بل تعدت ذلك
لتشمل آثاراً
اجتماعية كان
من أهمها
انقسام
المجتمع المغربي
إلى فئتين فئة
المحميين
وغير المحميين
أو فئة
الأغنياء وفئة
الفقراء،
فحصول
المحميين على
أوراق الحماية
وعملهم مع
التجار
الأجانب جعل
هناك تنافر بين
فئة المحميين
والذين لا
يتمتعون
بالحماية
خاصة وأن
الحاصلين على
الحماية
أخذوا في التعالي
على من لا
يملك
الحماية،
ونتيجة لذلك أخذت
الكثير من
التجاوزات
تمارس من قبل
المحميين. أما
انقسام
المجتمع
المغربي إلى
فئة أغنياء
وفقراء،
فكانت نتيجة
لتحكم فئة من
المغاربة في
التجارة،
وذلك من خلال
عملهم مع
الأوربيين،
ونشأت فئة
أرستقراطية
أصبحت ذات
نفوذ اقتصادي
في البلاد
واستطاعت أن
تستفيد من
الأزمات
الاقتصادية
وتزيد ثرائها
سنة بعد أخرى([89]). أما
الفقراء
فأخذوا
يزدادون
فقراً وذلك
بسبب ارتفاع
الأسعار حيث
ارتفعت بعض
الأسعار الأساسية
مثل الصوف
الذي ارتفع
سعره 400 %
في خلال مدة
خمسة وعشرين
عاماً([90]).
إن
الفجوة التي
خلفها الوجود
الأجنبي بحجة
التجارة لم
تقتصر على
الانقسام
داخل المجتمع المغربي
بل تعدت ذلك
لتصل إلى
التطاول على
المبادئ التي
كان يقدسها
ذلك المجتمع
ويرى أن
انتهاكها
اعتداء على
الثوابت
الدينية التي لا يمكن
التهاون مع من
لا يحترمها،
وهناك أمثلة
كثيرة. ولكن
سأسوق مثالاً
واحداً يثبت
الآثار
الاجتماعية
التي خلفها
الوجود داخل
المغرب ألا
وهو ما كان
يقوم به
التجار
الأجانب في
الجديدة من
التعدي على
أعراض
المسلمين حتى
وصل الأمر إلى
تدخل السلطان
الحسن بن محمد
في التصدي
لتلك الظاهرة
الخطيرة وذلك
عندما أرسل
خطاباً إلى
نائبه في طنجة
يأمره
بمخاطبة
قناصل الدول
الأجنبية
لحسم تلك
الممارسات
التي تتعارض
مع الدين حيث
قال فيها: «... وبعد فقد
أخبر عامل
الجديدة
الطالب محمد
الجراري بأن
النساء
الشابات
بالجديدة
احتازهن
النصارى
تجارهم
وصاروا
يأوونهم
انبنت على ذلك
مفسدة عظيمة
ومنكر فاحش لا
يحل السكوت عنه
ولا إقرارهم
عليه، وكنا
أمرنا بالسبب
الداعي إلى ركون
النساء لهم
وبأن يقطع ذلك
الفساد ويحسم
مادته، فأجاب
بأن السبب في
ذلك هو أنهن
لما اشتد بهن
الحال زمن
المسبغة لا
أعاد الله
شؤمها على
المسلمين
انتهز النصارى
فيهن الفرصة،
وصاروا
يحوزونهن
لأجل الاضطرار
الذي لحقهن،
وبأنه لما رأى
في ذلك من
الفاحشة، قام
بعض تجار
النصارى
المذكورين يدعي
عليه إنه إنما
أراد بذلك
تعطيل
تجارتهم لكون
النصارى
يظهرون أن
النساء
متعلمات
عندهم يستعملونهن
في
أمور
التجارة
ويحتمون بذلك
عليه... وعليك
فنأمرك أن
تتكلم مع
الباشدورات
(هكذا) في ذلك
وأن تعرفهم
بأن تلك مفسدة
في الدين
عظيمة لا يحل
السكوت عنها
ولا الإقرار عليها،
وعالج أمر ذلك
معهم كما
ينبغي...»([91]).
ومع
نهاية القرن
التاسع عشر
ظهر جلياً أن
التجارة مع
أوروبا جلبت
للمغرب
الكثير من
المشاكل
الاقتصادية
والاجتماعية
بل
والسياسية، والتي
أضعفت المغرب
حتى أصبحت
حكومة غير قادرة
على إيقاف ذلك
التغلغل
الأجنبي.
ونتيجة لذلك
ظهرت ردة فعل
وطنية معارضة
للتدخلات
الأجنبية في
البلاد
ومنتقدة
سياسة
الحكومة
المغربية في
عهد السلطان
عبد العزيز بن
الحسن
الأجنبية في
البلاد
ومنتقدة
سياسة
الحكومة
المغربية في
عهد السلطان
عبد العزبز بن
الحسن (1894-1908 م)،
الذي ورط
البلاد في
ديون كان
الهدف منها
الإصلاح
ظاهريّاً،
ولكن معظمها
أنفقت على
الثورات التي
قامت ضد
الحكومة
المغربية
كثورة
الجيلاني بن
إدريس
الزرهوني
والبعض الآخر
ذهب لجيوب
الوسطاء([92]).
ويبدو
أن الأحوال
السيئة التي
مر بها المغرب
مع نهاية
القرن التاسع
عشر وبداية
القرن العشرين،
جعلت الدول
الأوروبية
تنهج سياسة
مغايرة
لسياسة القرن
التاسع عشر
والتي تبنتها
بريطانيا
والتي تقضي باحتفاظ
المغرب
باستقلاله
والقيام
بالسياسة الإصلاحية
التي تخدم
التجارة
الأجنبية في المغرب،
وذلك بحفظ
الأمن لتأمين
التجارة والإبقاء
على الحكومة
المغربية([93]).
ولكن عندما
أحست الدول
الأوروبية
بتهديد
الثورات
لمصالحها
التجارية
وعجز الحكومة
المغربية عن
السيطرة على النواحي
الأمينة
قررت، الدول
ذات المصالح الكبيرة
في المغرب،
والتي لا زالت
حتى بداية القرن
العشرين
تحتفظ بتلك
المصالح
الوصول إلى
اتفاق ودي غير
معلن يوصي
بالسيطرة على
المغرب وتأمين
التجارة
الأجنبية
داخل المغرب
واستغلال
خيراته([94]).
ونظراً
لاقتصار ذلك
الاتفاق على
دول أوروبية
محددة فقد
استنكرت
ألمانيا
الاتفاق الذي
أهمل مصالحها
التجارية في
المغرب والتي
نمت نمواً
مضطرداً خلال
العقد الأول
من القرن العشرين،
ففي سنة 1901
م/ 1319
ﻫ، كانت صادرات
ألمانيا إلى
المغرب حوالي 2.5
مليون مارك،
أما وارداتها
فبلغت 4.5 مليون
مارك، ولكن
تلك الواردات
ارتفعت إلى 25 مليون
مارك في سنة 1911 م/ 1329
ﻫ، وهذا
يعطينا دلالة
على اهتمام
ألمانيا
بمصالحها
التجارية في المغرب
لذلك طالبت
بعدم إهمال
امتيازاتها
وأكدت على أن
المنافسة
التجارية
تبقى حرة
لجميع الأمم دون
استثناء
لدولة على
الأخرى،
ونتيجة لتهديد
ألمانيا
لفرنسا
وحليفاته في
الاتفاق الودي،
قبل
الفرنسيون
بعقد مؤتمر
ينظر في الامتيازات
الاقتصادية
لجميع الدول
التي لها مصالح
اقتصادية في
المغرب،
وبالفعل عقد
المؤتمر في
أبريل سنة 1906
م/ 1323
ﻫ ، وخرج
بقرارات تؤكد
على سيادة
السلطان وسلامة
أراضيه،
والحفاظ على
الامتيازات
الأجنبية
كالأمن في
المواني
وتنظيم
الاستثمارات
الأجنبية والتركيز
على جمع
الضرائب
والجمارك لكي
تستطيع تلك
الدول القيام
بالعملية
الإصلاحية،
وفي واقع
الأمر أن هدف
ألمانيا كان
الحفاظ على
مصالحها
وعندما
حققتها لم تعر
مصالح المغرب
أي اهتمام،
ونظراً
للقرارات
الجائرة في
مؤتمر الجزيرة
التي تضرر
منها المغرب
ظهرت ردة فعل
ضد السلطان
عبد العزيز
انتهت بعزله وتنصيب
أخاه عبد
الحفيظ
سلطاناً على
المغرب 1326
ﻫ/ يوليو 1908
م([95]).
وظلت
الدول
الأوروبية
تنفذ
مخططاتها
الاستعمارية
في المغرب،
وكان من
القرارات
التي اتخذتها
تلك الدول عدم
الاعتراف
بالسلطان عبد
الحفيظ سلطاناً
على المغرب
حتى يعترف
بقرارات
مؤتمر الجزيرة
التي تؤكد على
المصالح
الاقتصادية
للدول
الأجنبية،
وبهذا العمل
جعلت السلطان
عبد الحفيظ في
موقف محرج مع
أنصاره الذين
من شروط
بيعتهم له هو
عدم الاعتراف
بقرارات
مؤتمر الجزيرة.
وخلال حكم
السلطان عبد
الحفيظ بدأت كل
من فرنسا
وإسبانيا في
احتلال أجزاء
من البلاد
تدريجياً بعد
أن أخذ أنصار
السلطان عبد
الحفيظ
بالتخلي عنه
مما أدى إلى
انتشار الثورات
ضد سياسة
السلطان عبد
الحفيظ التي
أخذت تسير على
النهج الذي
سارت عليه
سياسة سلفه
السلطان عبد
العزيز. وفي 30
مارس 1912
م استطاع
الفرنسيون
والإسبان
الاستيلاء على
المغرب ووضعه
تحت الحماية
واستثمار
خيراته بصفة
مباشرة وليس
بطرق ملتوية
كما كان يحدث في
القرن التاسع
عشر([96]).
وصفوة
القول إن
المغرب
الأقصى فرض
عليه معاهدات
تجارية وقع
بعضها بعد
هزائم
عسكرية، فجاءت
بنود تلك
المعاهدات
لصالح الدول
المنتصرة
وأخذت الدول
الأوروبية
تطالب بنفس
الامتيازات
التجارية
التي حصلت
عليها تلك
الدول، بل إن
المعاهدات
اشتملت على
بعض البنود
التي وجد فيها
بعض الثغرات
القانونية
فأخذ التجار
الأجانب
يفسرونها بما
يخدم مصالحهم.
ومن هذه
الثغرات حق
استخدام
المغاربة
كسماسرة أو
شركاء من قبل
التجار
الأجانب
الذين أضفوا
عليهم ا عرف
"الحماية
الأجنبية"،
وازداد عدد
المحميين
بزيادة عدد
الأجانب
وبالذات التجار
الذين أخذوا
يستقرون ليس
فقط في
المراسي المغربية
بل يستوطنون
المناطق
الداخلية،
ونمت
المبادلات
التجارية بين
المغرب
وأوروبا
استيراداً وتصديراً،
وكان الميزان
التجاري في
بعض السنوات
خلال النصف
الثاني من
القرن التاسع
عشر لصالح
التصدير،
وهذا يعطي
مؤشراً على أن
المغرب
ظاهرياً
استفاد من
تجارته مع
أوروبا.
وفي
حقيقة الأمر
أن الاستفادة
ضئيلة مقارنة بالأضرار
التي لحقت
بالمغرب سواء
كان ذلك على
المستوى
السياسي أو
الاقتصادي أو
الاجتماعي،
فالحكومة
المغربية
بدأت في فقدان
هيبتها
داخلياً
وخارجياً
وأصبحت
الكثير من
التدخلات تفرض
عليها من قبل
الأجانب
فضعفت وقلت
هيبتها، وحتى
عندما أرادت
أن تصلح ما
خلفه الأجانب
من تجاوزات في
المغرب لم
تنجح في ذلك،
وكان مؤتمر
مدريد دلالة
واضحة على
عجزها في
الوقوف أمام
الضغوط
الأجنبية. أما
اقتصادياً
والحكومة المغربية
فقدت الكثير
من مداخلها
المالية وتورطت
في ديون كان
سببها
التغلغل
التجاري الأجنبي
ونتج عن ذلك
ضعف المغرب
اقتصادياً
وتدهورت
عملته حتى وصل
إلى مرحلة
الإفلاس
فاضطرت
حكومته إلى
الاقتراض،
أما
اجتماعياً
فلقد انقسم
المجتمع المغربي
على نفسه إلى
فئتين
متنافرتين
وأدخلت عليه
عادات تتنافى
مع مبادئه وأخلاقه،
فجاءت تلك
العوامل لتضعف
المغرب
وتفقده
استقلاله.
([13]) ب.
ح، روجرز، تاريخ
العلاقات
الإنجليزية
المغربية حتى
عام 1955، ترجمة
يونان لبيب
رزق، دار
الثقافة،
الدار
البيضاء، 1981،
ص. 216. لم يكن
السبب السابق
الذكر هو
الوحيد بل كان
هناك أسباب
عدة أدت إلى
خفض حجم
التجارة البريطانية
مع المغرب، من
أهمها
الاحتكارات
التي كان يقوم
بها السلطان
لبعض السلع
وزيادة الرسوم
على بعض السلع
التي يتعامل
بها البريطانيون
إضافة إلى
مهاجمة أهالي
الريف للسفن
البريطانية.
(انظر: المصدر
السابق، صص. 214-215).
([17]) هناك
عدة معاهدات
أبرمت بين
المغرب
وبريطانيا
كان من أهمها
المعاهدة التي
وقعت سنة 1166 ﻫ/ 1751 م، في عهد
السلطان عبد
الله بن
إسماعيل
والمعاهدة
التي وقعت في
عهد محمد بن
عبد الله في
سنة 1175 ﻫ/ 1760 م، وجددت في
سنة 1199 ﻫ/ 1783 م، ووقع
اتفاقية أخرى
في عهد
السلطان
سليمان بن
محمد في سنة (1216 ﻫ/ 1801
م)، وجددت في
عام 1239 ﻫ/ 1824 م. (انظر: المصدر
نفسه، صص. 94-95).
([29]) القنطار
هنا لا يقصد
به وحدة الوزن
وإنما وحدة
العد حيث
تساوي 1200 أوقية كما
ورد في بعض قيمة
(انظر مجد
الدين محمد بن
يعقوب
الفيروز
آبادي، القاموس
المحيط،
مطبعة
الرسالة،
بيروت، 1987، ص. 600؛ وأيضاً
انظر محمد
الشريف، «تقييد
جديد حول
النقود
والأوزان
والمكاييل المغربية
في القرن
السابع
الهجري»، مجلة
التاريخ
العربي،
العدد 11، صيف 1420 ﻫ/ 1999 م، ص. 131).
ورد في
الرسالة ما
نصه«If the Right of Protection Continues to Develop as it has Been
Doing for the Last Few Years the Emperor of Mococco will Awake Some Day Without
a Single Subject».
«… I
have the Difficult and Intricate question of Pecuniary Claims Against the Moroccan Gouvernemant, the subject of a
Separate Report. These Calaims Aggregating Over 24.000, Vary in Amount
From Five Shillins to Thousands of Pounds.
Some of Them Are Thirty Or Forty Years Old… ».
انظر
تقرير وست
ريدجوي إلى
آرل روسبري، مصدر
سابق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق