الاثنين، 6 أغسطس 2012

أمير المسلمين وشرعية المرابطين
لا شك أن مشروعية الحكم المرابطي كانت تتبع مراحل تطور نظام السلطة السياسية: من الحركة الإصلاحية مرورا بالدولة الإقليمية إلى الدولة المالكة للعدوتين، خلال هذه التطورات التدريجية كان النظام السياسي يزداد ديناميكية ومشروعية، إلا أن المثير للإنتباه هو الحضور القوي للمشروعية الخارجية منذ الإنتصارات الأولى للحركة الإصلاحية الصحراوية شمال وادي درعة. إن الإعتراف الرسمي بالخليفة العباسي من طرف يوسف بن تاشفين المرابطي كممثل شرعي ووحيد للخلافة الإسلامية، وإقتصاره على مرتبة أمير المسلمين وناصر الدين 1 كانت مرتبطة تاريخيا بعملية تثبيت السلطة السياسية وإحتلال المجالات المغربية والأندلسية الحساسة من الناحية الإقتصادية والإجتماعية
تقدم لنا النقود المرابطية 2 دليلا تاريخيا ، حيث يعود الإعتراف ولو ضمنيا ومبهما بالخليفة العباسي إلى فترة الأمير أبو بكر بن عمر المرابطي، ففي الدنانير السجلماسية التي يعود تاريخها إلى سنة 440 و 480 للهجرة / 1058 – 1087 ميلادية، نجد إسم عبد الله أمير المؤمنين، ورغم أن غياب لقب العباسي يثير الشكوك حول الإسم خصوصا وأن مؤسس الحركة يدعى عبد الله، إلا أن المرجح هو بداية الإعتراف بالخليفة العباسي، خاصة وأن صاحب القرار السياسي والعسكري يوسف بن تاشفين لم يكن يحمل في هذه الفترة سوى لقب أمير المغرب الأقصى، ولم يلقب بأمير المسلمين إلا بعد أن أصبحت سلطته واضحة المعالم على المستوى الصنهاجي الداخلي والمغربي وحتى في الأوساط الأندلسية 3
تشير المصادر التاريخية إلى أن شيوخ القبائل الصنهاجية إقترحوا على يوسف بن تاشفين لقب أميرالمؤمنين، فكان جوابه أن هذا اللقب مخصص للشجرة النبوية التي ينحدر منها بنو العباس حاكمي مكة والمدينة، وما هو إلا قائم بدعوتهم في الغرب الإسلامي 4، ولتثبيت أمور الدولة وإدارتها قبل بلقب أمير المسلمين وناصر الدين، حتى يتمكن من التميز على سائر أمراء القبائل الصنهاجية والخروج من نمط السلطة القبلية إلى سلطة المملكة. إذن فنحن أمام إعتراف رسمي بالخلافة العباسية سيدوم طوال فترة المرابطين، حيث يجدد كل سلطان جديد الإعتراف ببني العباس في أولى أيام إعتلائه على الحكم. لا شك أن الرجوع المرابطي إلى الشرعية العباسية الخلافية كان مرتبطا بالمذهب السني المالكي، وبتعاليم مؤسس ومنظر الحركة الفقيه والسياسي عبد الله إبن ياسين الصنهاجي، غير أن اللقب إرتبط بتطور السلطة السياسية وإنفراد فرع بني ورتنطيق بالحكم، فكان محتما على يوسف بن تاشفين أن يتخذ تدريجيا ألقابا حسب كل مرحلة ، من أمير في مرحلة الحركة الإصلاحية مرورا بلقب أمير المغرب في مرحلة تأسيس بنية الدولة إلى أمير المسلمين وناصر الدين عند إسكمال بناء السلطة السياسية بالعاصمة. فالواضح مما سلف أن تأسيس سلطة مركزية ومراكش عاصمة لها، كانت من الأسباب الرئيسية الدافعة إلى تأسيس تراتبية سلطوية داخل الجهاز الإداري والسياسي، لذالك نعتبر أن قضية الإنتصارات العسكرية وإخضاع مجالات جغرافية إستراتيجية للسلطة المرابطية جانب تكميلي لقضية الألقاب السلطانية
إن أهم نص تاريخي حول لقب المرابطين هو ما أورده صاحب الحلل الموشية، والنص رسالة مؤرخة في 15 محرم سنة 446 للهجرة الموافق 20 سبتمبر 1073 ميلادية، والرسالة وجهت إلى عمال الأقاليم، وشيوخ القبائل، والأشراف والعامة. في أول الرسالة يحدد يوسف بن تاشفين مذهب الدولة وأخلاق القائمين عليها، ثم يوضح الموضوع طالبا من الجميع إستعمال لقب أمير المسلمين وناصر الدين، مع إلزامية إستعماله في كل الخطابات الرسمية وغيرها 1. من الملاحظ أن المؤرخين إبن الخطيب وإبن خلدون يرجعان إستعمال هذا اللقب بعد الإنتصار على الملك ألفونس السادس في معركة الزلاقة في 12 رجب 479 للهجرة الموافق 23 أكتوبر 1086 ميلادية، إذن الفرق بين المؤرخين ونص الحلل يناهز إثنى عشر سنة، وإلى جانب ذالك هناك رسالة ملك قشتالة ألفونس السادس في سنة 1086 مخاطبا يوسف بن تاشفين بأمير المسلمين 5، إذا كان الإختلاف بين المصادر واضحا فانها تتفق في جوهرها على أن قضية اللقب السلطاني مسألة تخص الداخل قبل غيره، لذا يبقى السؤال المطروح يتعلق بالشرعية العباسية الخارجية وما دور علماء المالكية فيها
المؤرخ المشرقي إبن الأثير يوضح من جهته أن العلماء المرتبطين مذهبيا وسياسا بيوسف بن تاشفين، فسروا له أن شرعية لقب أمير المسلمين وناصر الدين لن يكون تاما إلا بموافقة الخليفة العباسي، وإنطلاقا من هذا التوضيح أرسل يوسف بن تاشفين سفارة إلى الخليفة طالبا منه إمارة الغرب الإسلامي، وقد مثل علماء المغرب شخصيتين بارزتين 6 . الشخصية الرسمية كانت في شخص أبي بكر محمد بن العربي، الذي بدأ رحلته في بداية سنة 485 للهجرة الموافق 1092 ميلادية حاملا معه إنتصارات يوسف بن تاشفين الأندلسية، وخلال سفارته زار مكة وسوريا ومرتين مدينة بغداد ، وفي طريق العودة مر بمصر وتوفي بها 7. والشخصية الثانية تتعلق بالقاضي المغربي إبن القاسم الذي إنتقل من مكة لينظم في بغداد إلى السفارة المرابطية، وحتى نتعرف عن أهمية علماء المالكية في الفترة المرابطية وخاصة في هذه القضية، لا بد أن نهتم بالسياق العام للعالم الإسلامي. في الأندلس كانت الخلافة الأموية قد إنتهت سياسيا وعسكريا منذ سنة 422 للهجرة الموافق لسنة 1031 ميلادية، يعني قبل ظهور المرابطين، وبقي على الساحة الإسلامية خلافتين، من جهة الخلافة الفاطمية الشيعية في الغرب ومصر 909-1141 للهجرة، ومن جهة أخرى الخلافة العباسية ببغداد 750-1260 للهجرة . لقد كان الصراع بين الجانبين محتدما لزعامة العالم الإسلامي وقيادته، لذا وجد المرابطون أنفسهم في حسابات المتصارعين على الخلافة خاصة وأن أصحاب السلطة يعلمون التوجهات الإفريقية للفاطميين منذ قرون عدة 8
لقد كان إعتراف الدولة المرابطية بالخليفة العباسي موقفا تحالفيا من الوجهة السياسية والمذهبية، للحفاظ على الإستقلال السياسي والمذهبي، فالواضح أن الحساب المرابطي كان ذكيا ومدروسا، فالخلافة الفاطمية عدو سياسي قريب من الحدود، وله تجربة تاريخية بالغرب الإسلامي وتأثير على السكان الشيعة بالمغرب، من هذا المنطلق إعتبره المرابطون خطرا حقيقيا على سيادتهم. الخلافة الفاطمية ليست فقط تهديدا مجاليا فهي كذالك خصما ومنافسا لمذهب الدولة وأسسها الإصلاحية. فالمالكية أساس الشرعية المرابطية، فهي التي قدمت أسس التأسيس السياسي من خلال إطار الإصلاح الديني والإقتصادي، والمالكية قدمت إطارا وحدويا للمجال المغربي من خلال إعلان أحقية الجهاد ضد البورغواطيين والشيعة البجلية في مدينة تارودانت 9 . إن الرسائل التي تبادلها أركان السلطتين كانت تحالفا مهما يرتكز على الإعتراف بالخلافة العباسية مقابل تقليد يوسف بن تاشفين إمارة المغرب. ففي رسالة إبن العربي نلاحظ شروط اللقب على الشكل التالي
الإعتراف بالخلافة العباسية: في الرسالة ورد ناصر الدين أي القائم بدعوة العباسيين بين رعيته وفي الثغور الأندلسية
إمتياز الأمير بحنكة عسكرية: حيث طبق أسس الجهاد، أعد قوة تقدر بستين ألف فارس موزعة من الأندلس إلى غانة
تطبيق سياسة الخليفة في مجال القانون: فهو أمير عادل يحافظ على حدود الشرع في سياسة الإقتصاد والعملة
لقد كان جواب الخليفة برسالة مختومة بعلامة القاهر بالله تأكيدا على ضرورة المحافظة على االعهد المحمول إلى الخليفة في إطار السفارة المرابطية، فالخليفة العباسي أشار إلى أسس إستمرار التقليد الخليفي وشروط إمارة الغرب الإسلامي
لا بد أن تبقى السلطة السياسية في يد أسرة بني ورتنطيق الصنهاجية التي ينحدر منها يوسف بن تاشفين الصنهاجي
على أمير المسلمين وناصر الدين يوسف أن يستمر في سياسة حماية الثغور الغربية لدار الإسلام بكل قوة وحنكة
الإعتناء بالمذهب المالكي وإتباع قواعده ونهجه في جميع المجالات الحياتية والعمل بنصائح العلماء من أهل المذهب

(1)-VAN BERCHEM Max, Titre califiens d'Occident, dans J.A., T., IX, mars-avril 1907, pp., 245 sq.
(2)-Pour les données fournies par la numismatique, voir le corpus des monnaies Nord-africaines médiévales de: HAZARD H. W., The numismatic history of late médiéval North Africa, New York, 1952, pp., 50 sq.
-إبن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، دار الثقافة، بيروت، ص ص، 22
-Un exemple des données fournies par la numismatique sur un dinâr almoravide de 450 de l'hégire.
A-Avers-champ: L'Imâm cAbd Allâh, Emîr des Croyants.
*Marge: Au nom de Dieu, ce Dinâr a été frappé à Sijilmâsa l'année 450 de l'hégire.
B-Revers-champ: Il n'y a de Dieu qu'Allâh Muhammad est son envoyé, l'Emîr Abû Bakr b. cUmar.
*Marge: Quiconque désire un autre culte que la résignation à la volonté de Dieu, ce culte ne sera point reçu de lui et il sera, dans l'autre monde, du nombre des malheureux.
-LAUNOIS Ainé, Influence des docteurs malikites sur le monnayage Zîrîde de type sunnite et sur celui des Almoravides, dans Arabica, T., XI, fasc., 2, mai 1964, planche, I, II.
(3)-LEVI-PROVENçAl Evariste, Titres souverains des Almoravides et sa légitimation par le califat cAbbâside, dans Arabica, T., II, fasc., 3, septembre 1955.
-Ibn Abî Zar, Rawd al-qirtâs..., tx., fr., op.cit., p., 187

-مجهول، الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، دار الرشاد الحديثة، الرباط، 1979، ص 29
(4)-نفس الصدر ص 29
-رسالة من الخليفة العباسي إلى علي بن تاشفين تحقيق مؤنس حسين، مجاة المعهد المصري، مدريد، عدد 1-2 المجلد الثاني، 1954
(5)-الحلل الموشية....، المصدر السابق، ص، 30
-
الوثائق الجزء الثاني، 1976، ص، 178
-الحلل الموشية....، المصدر السابق، ص ص، 26-27
-إبن الخطيب أعمال الأعلام في من بويع قبل الإحتلام، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1967 ص ص 239-240
(6-IBN AL-AT
ÎR, al-Kâmil al-târîh, Annales du Maghreb et de l'Espagne, Alger, 1901, pp., 513 à 514.
-الذهبي أبو عبد الله، دول الإسلام، منشورات الأعلام، بيروت، 1985، ص، 257
(7)-حول تكوين إبن العربي الثقافي والعلمي وكذا مؤلفاته الرجوع الى دراسة: LAGARDERE Vincent, Abû Bakr b. al-cArabî, Grand Qâdî de Séville, dans R.O.M.M., N° sur al-Andalus, culture et société, N° 40, 2e trimestre, 1985, pp., 91 à 102.
-حول المجال الإداري والقانوني والسياسي للعاماء وخاصة الأندلسيين وتأثيرهم في الفترة المرابطية راجع:
-TERRASSE H., Histoire du Maroc..., 250-251.
-CHALMETA P., Le poids des intellectuels hispano-arabes dans l'évolution politique d'al-Andalus, dans C. M., N° 37, décembre 1988, pp., 107 à 129. -La lettre publiée par LEVI PROVENçAL E., (Titre souverain des Almoravides..., op.cit., pp., 271 à 276)
(8)-حول أهمية الإقتصاد في السياسة الفاطمية وإحتياجها إلى ذهب غرب أفريقيا راجع
-DEVISSE Jean Routes de commerce et échange en Afrique occidental..., pp., 49 sq.
-CANARD Marius, L'impérialisme des Fâtimides et leur propagande, dans A.I.E.O., Alger, V., VI, 1942-1947.
(9)-N: المصادر التاريخية تشير إلى الحظور الشيعي في المغرب الأقصى فمثلا إبن حزم، في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل، القاهرة، الجزء الخامس، 1965، ص، 23، يتحدث عن وجود الشيعة البجلية في بلاد مصمودة. الجغرافي إبن حوقل تحدث عن ساكنة شيعية في جهة سوس ودرعة، أما
ياقوت الحموي فتحدث عن الشيعة الموسوية في مدينة أغمات

أمير المؤمنين وشرعية الموحدين
لقد تناولت في مقال سابق الشرعية الخارجية المرابطية ولقب أمير المسلمين وناصر الدين، وباختصار شديد سأعطي تحليلا لشرعية أمير المؤمنين الموحدي . الملاحظ منذ البداية أن أهل التوحيد قد غيروا المسار الشرعي والمذهبي التقليدي المتعارف عليه، باتباع نهج سياسي في المغرب الإسلامي مبني على سلطة الخلافة وإمارة المؤمنين بتأسيسهاعلى إستراتيجية الشرعية الداخلية، مع ربطها بالمذهب التومرتي من جهة والإرث النبوي من جهة ثانية. لقد لخص ماكس فان برشم الشرعية الداخلية الموحدية بقوله: إبن تومرت نبي بربري ومؤسس لإسلام بربري1 يحمل هذا التلخيص في طياته عناصر مجحفة للتراث السياسي الإسلامي، إذا أخذنا في الحسبان أن أهل التوحيد وإن تميزوا على المستوى السياسي العملي بشرعية داخلية دون الرجوع الى المشرق فإن الخرجانية -النظرية السياسية- تبقى مشرقية الأصل. الشرعية الموحدية مرت بمرحلتين متميزتين على المستوى النظري والعملي، المرحلة الأولى كانت مرحلة المهدوية الموحدية، التي طبق فيها خلفاء المهدي المذهب التومرتي في جميع الميادين من خلال نظرتين أساسيتين: إمامة المهدوية وأمة التوحيد. المرحلة الثانية تتعلق بالرفض الرسمي لمهدوية إبن تومرت من طرف الخليفة إدريس المأمون وسنتناول المرحلة الثانية في مقال لاحق
إن مرحلة المهدوية الموحدية تميزت بتطبيق برنامج إصلاحي سياسي-ديني في كل المجالات إخلاصا لتعاليم
مؤسس الحركة، ففي مرحل السلطة السياسية أصبح هذا البرنامج أساس إمارة المؤمنين بكل ما تحمله من معنى
دنيوي وديني. إبن تومرت قسم المجتمع المغاربي إلى قسمين: القسم الأول هو مجتمع التوحيد، أي مجتمع
الإيمان، وهذه الأمة الموحدية التي تعارض وتعادي وتحارب أمة الكفر يقودها إمام الأمة، فهو معصوم
ومختار ومسير من الله، لذا لم يكن داعية ولا فقيها ولاخليفة، بل إماما معصوما، صاحب بركات وخوارق،
وإنطلاقا من هذا التعريف يكون مؤسس الحركة الموحدية وعمله السياسي يتمتع باستقلالية عن موروث الدولة
الوسيطية المغربية في مجال الشرعية واللقب الخليفي ، فيكفينا مثالا لفهم هذه القفزة النوعية حظور تجربة
النبوة بمعانيها الدينية والعسكرية، فعبد المؤمن كان أول أصحاب المهدي، كما أن إنتصاراته العسكرية 2،
وإخلاصه للإمام جعلت منه الوريث الشرعي للخلافة، خاصة وأن الإمام المهدي قد عينه مرارا إماما لصلاة
الجماعة ولقب أمير المؤمنين 3، نلاحظ من خلال هذه العناصر التنظيمية الموحدية أن هناك رغبة الرجوع إلى
تجربة النبوة بالتركيز على بناء مشروع إصلاحي ديني وسياسي لخلافة موحدية بعيدة عن الموروث السياسي
المغربي السابق
السلطة السياسية الخليفية كانت موروثة عن المهدي إبن تومرت، حيث أن الخليفة الأول عبد المؤمن كان متشبعا بنظرية المهدوية التومرتية، فتعيينه خليفة من طرف أمة التوحيد وبإستقلالية عن المشرق الخليفي كان شبيها بتعيين أبي بكر. في نص مؤرخ الحركة الموحدية البيذق نجد وصفا لعملية التعيين تثبت إستقلالية القرار الداخلي الموحدي، فحسب البيذق إجتمعت القبائل الموحدية، فقام عبد المؤمن بالفصل بين الرجال والنساء، فألقى خطابا في الجمع ذكر فيه بنهج أمة التوحيد ، فطلب في الأخير من الجمع أن يجيبوا هل العهد الذي كان بينهم وبين المهدي لا زال قائما؟ وعند إجابتهم بنعم، أخبرهم بوفاة المهدي طالبا منهم عدم البكاء، فتدخل بعد ذالك أبو إبراهيم، عمر أزناغ، عبد المؤمن بن زغو، محمد بن محمد وهم من القيادة العليا للحركة -أهل العشرة- طالبين منه تمديد يده لمبايعته إتباعا لما سنه المهدي وإحتراما لما عاهدوا به المهدي قبل وفاته ، ويختم البيذق نصه بتوضيح أهمية البيعة وإستمرارها لمدة ثلاثة أيام متتالية، حتى تم الإجماع على خلافة عبد المؤمن 4. وخلافا لنص البيذق المؤرخ المنتمي إلى الحركة الموحدية، يقدم لنا إبن أ بي زرع نصين هامين: في الأول يخبرنا على أن المهدي قد حدد خليفته عبد المؤمن عن طريق الدعاية التي تقدمه كأحسن موحدي بعده واعتراف قيادة العشرة بإمامته. في النص الثاني يتضح أن عملية خلافة المهدي أعادت إلى السطح التكتلات االداخلية، حيث أن كل القيادات أرادت الفوز مستعينة بتحالفات على النمط القبلي التقليدي،5 لحسم هذه الخلافات الداخلية إجتمعت قيادة العشرة مع قيادة الخمسين فقدمت مشروع المصالحة المبني على تولية عبد المؤمن ثاني مؤسس للحركة وكونه غريبا وبعيدا عن التكتلات العشائرية والقبلية المصمودية
إن تعيين عبد المؤمن في 14 رمضان سنة 524 للهجرة طبقا لوصايا المهدي القانونية والسياسية، تفسر إلى حد كبير إنتقال سلطة الإمامة في ظروف سياسية طبيعية ركزت على ثلاثة عناصر أساسية
إختيار المهدي لعبد المؤمن كوارث لسر الحركة الموحدية وتقديمه في كل المناسبات كالرجل الثاني بعده أعطى لعبد المؤمن مكانة سياسية بين القبائل المصمودية الأطلسية رغم اعتباره من الغرباء من الناحية العصبية
التنظيم المحكم على مستوى القيادات العليا في الحركة وخاصة إختيار قيادة أهل العشرة ، التي عمل المهدي على تكوينها وتوحيدها سياسيا ومذهبا وأخلاقيا لتسهيل قراراتها الجماعية
أحقية عبد المؤمن بالخلافة لما عرف عنه من حنكة سياسية، فهو من المؤسسين للحركة وأبرز المنظمين لها على المستوى العسكري والمالي
بقي لقب المهدي إبن تومرت طوال حياته إمام أهل التوحيد، فلم يتخذ لنفسه لقب أمير المؤمنين، بل خص به من يخلف مهدويته، لذالك مثل عبد المؤمن وزارة المهدوية فيكون بذالك مستقلا سياسيا عن المشرق السياسي، بالإضافة إلى إستقلالية عن الإرث الخلافي باستثناء مرحلة الراشدين، إذ يعد عبد المؤمن خليفة للمهدي كما كان أبو بكر خليفة الرسول وفي نفس الوقت هو أمير للمؤمنين كما كان الخليفة عمر بن الخطاب، وللإتمام لقب أمير المؤمنين تجند الموحدون وأقلامهم لخلق شجرة المهدي وعبد المؤمن لربطهم بالنسب النبوي. المهدي هم محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن هود بن تمام بن عدنان بن صفوان بن جابر بن يحيى بن رباح بن عطاء بن ياسر بن العباس بن محمد بن الحسن بن فاطمة بنت الرسول. عبد المؤمن بدوره نسب الى النسب النبوي فهو عبد المؤمن بن علي بن علوي بن يعلى بن حسن بن كنونة بنت إدريس بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب 6. بهذه الطريقة ربط الموحدون أنفسهم بالنسب النبوي وأدخلوا عنصر الشرف في إمارة المؤمنين، ليثبتوا من هذا الجانب أحقية الخلافة. لقد إنتبه الدارسون منهم أكنوش عبد اللطيف وليفي بروفنصال إلى وجود الإنتماء إلى الفاطمية الشيعية عن طريق فاطمة بنت الرسول، وكذا الإنتماء إلى الأدارسة عن طريق كنونة بنت إدريس الثاني، لكن رغم هذا الإنتماء تبقى إمارة المؤمنين الموحدية مستقلة ومرتبطة بالمهدوية أكثر من غيرها إلى أن جاء الرفض العنيف لمهدوية إبن تومرت من قبل الخليفة إدريس المأمون

(1)-VAN BERCHEM Max, Titres califiens d'Occident...,, 276 et BRUNSCHVIG Robert, Sur la doctrine du Mahdî Ibn Tûmart..., pp., 113 sq.
- حول الشرعية وتطورها في المجال المغاربي راجع بالخصوص:
KABLY Mohamed, Les soubassements historiques de l'islamisme contemporain, dans Variations islamistes et identité du Maroc médiéval..., op.cit., pp., 16 à 17 et MAHM
ÛD Ismâcîl, al-Aghâliba, siyâsatuhum al-hârijiya, édit., Maktabat Warâqat al-Jâmica, 2e édit., Fès, 1978, chapitre sur les relations des Aghlabides avec le Moyen-Orient pp., 45 à 96.
-GOLDZIHER I., Le dogme et la loi de l'Islâm. Histoire du développement dogmatique et juridique de la religion musulmane, trad., ARIN Félix, édit., Paul Geuthner, Paris.
(2)-عن السنوات السبعة وعملياتها العسكرية راجع
-إبن عذاري المراكشي، البيان المغرب، قسم الموحدين، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1985، ص ص، 15-27. Les mêmes récits éd., et trad., par Lévi-Provençal E., sous le titre: Notes d'histoire almohade. Un nouveau fragment de chronique Anonyme, dans H., T., X, fasc., I, 1930, pp., 49 à 90.
(3)-المراكشي عبد الواحد، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، مطبعة الإستقامة، القاهرة، 1949، ص، 106
(4)-البيذق أبو بكر، أخبار المهدي إبن تومرت وبداية الموحدين، ترجمة لفي بروفنصال، طبعة بول كوتنر، باريس، ص، 137
(5)- إبن أبي زرع،الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس، باريس، ص، 261
(6)-البيذق، المصدر السابق، ص، 21.

أمير المسلمين وشرعية المرينيين
الرجوع إلى الشرعية الخارجية منذ الإنتصارات العسكرية المرينية الأولى، تفسر مشاكل ثورة القبائل المرينية في إيجاد شرعية داخلية، نظرا لغياب الدعوة الدينية التي تنبني عليها الشرعية الداخلية المؤسسة للحكم. إن الإعتراف بالشرعية الخليفية الحفصية كانت تجربة البحث عن الشرعية من طرف بني مرين، وكان ذلك في ظل حرب الخروج من المواقع التقليدية، بدون دعوة سياسية وإقتصادية، اللهم ما نعرف تاريخيا عن الحصار الذي كانت تحته القبائل المرينية أيام حكم الخلافة الموحدية. قبائل بني مرين في الصحراء الشرقية يوصفون بقطاع الطرق وسهولة إستعمال السلاح في بعض المصادر. كان الخروج من مواقعها لا يرتبط بدعوة قائمة كما كان الحال في تجربة أهل الرباط وأهل التوحيد، لذا لم يكن زعمائها يمتلكون ما يقدمونه للشرائح الإجتماعية القروية والحضرية في المناطق التي إكتسحوها، خاصة وأن التدهور السريع للحكم الموحدي وما ترتب عنه من أحداث، دفعت بكل القوى القبلية ذات التقاليد العسكرية، والمالكة للرجال والأسلحة، إلى الخروج من مواطنها الأصلية في إطار تسابق نحو المجالات الإقتصادية الحيوية، دون التفكير في شعار الخروج كما كان معروفا لدى الحركات الإصلاحية
رغم العودة إلى تبني المهدوية وفكرها التومرتي في الغرب الإسلامي من قبل الخليفة الرشيد، فإن التقسيم والعداء كان كبيرا بين جناح الأشياخ المعروفين بإتجاههم المحافظ وخلفاء مراكش الممثلين للإتجاه الإصلاحي 1.لقد كان من عادة الخلفاء تعيين الأشياخ كعمال لتسيير المناطق البعيدة عن السلطة المركزية، فعين في سنة 1207الخليفة الناصر على حكم إفريقية أبو محمد عبد الواحد إبن عمر أبو حفص زعيم هنتاتة . وفي سنة 1226 الخليفة العادل أقر بتعيين الحفصيين على ولاية تونس، رغم حدث البيعة الذي يفسر عقلية بني حفص الإنفصالية عن مركز القرار مراكش. كان لبني حفص ركائز وقوة، حيث أن المؤسس للجناح كان صديق المهدي وأحد العشرة الأوائل المنظمين لأهل التوحيد في قيادة الحركة بتينمل، كما حقق بنو حفص إنتصارات عسكرية حاسمة على بني غانية، بالإضافة إلى هذا كله كان الجناح الحفصي ينتمي ويتشبث بالإرث السياسي لمؤسس الدولة عبد المؤمن الموحدي. بمجرد أن أعلن الخليفة المأمون عن تغيير الأسس السياسية والتقاليد المهدوية لأمة التوحيد، أعلن حاكم إفريقية أبو زكرياء يحيى إسقاط الدعاء بإسم الخليفة المأمون في خطب الصلاة 2. لقد كان هذا الأخير في نظر أشياخ تونس لا يمثل إمامة المهدوية، ولا إمامة خلفاء عبد المؤمن، لأن شرعية السلطة السياسية وإمارة المؤمنين، أي الخلافة، لا تستقيم إلا بالإنتماء إلى المهدوية التومرتية. عمليا إستمر بنو حفص في إستعمال إسم المهدي وخلفائه في خطبة الجمعة، كما عززوا تعليم الفكر التومرتي في مدرسة القصبة بتونس. وفي سنة 1237كانت خطبة الجمعة تقام بإسم الأمير الحفصي وبإسم المهدي وخلفائه كمرجعية مذهبية وسياسية، مع تكثيف العمل العسكري في المجال المحيط بولاية إفريقية
خلافا لتجربة أهل الرباط وأهل التوحيد الحركة المرينية إعتمدت على عنصرين: المجتمع القبلي ونخبة القبائل، لذا نلاحظ غياب القوة التغييرية الثالثة، وبالتالي غياب عنصر التنظير للمشروع السياسي الديني والإجتماعي. إن تبني المرينيين لمشروع الإستفادة إقتصاديا من المجال الموحدي قد يكون إجابة لمصالح القبائل، ولكن لم يتمكن من خلق شرعية قانونية تمكن النخبة من تقديم عملها العسكري لمختلف مكونات مجتمع المغرب الأقصى، وقد رافق هذا الضعف المريني وجود حالة معقدة في الغرب الإسلامي على المستوى السياسي، حيث إنفلت الأمن في العديد من المناطق، وظهرت ملامح تشكيل قوى جديدة على المسرح السياسي من عناصر قبلية، بنو مرين بالصحراء الشرقية، وبنو عبد الواد في تلمسان ونواحيها، وإنفصال بنو الأحمر بغرناطة. هذه القوى كانت في مواجهة قوتين خليفيتين: السلطة الموحدية بمراكش، التي كانت لا تزال تحتفظ بنوع من الشهرة والإحترام رغم هزائمها العسكرية، والسلطة الحفصية بتونس التي عملت على تنظيم مؤسساتها السياسية والإقتصادية، فأصبحت قوة عسكرية مهمة في الغرب الإسلامي. وإنطلاقا من هذا المشهد السياسي، كانت عصبيات زناتة المغرب الأقصى والأوسط أقل إستعدادا لمواجهة الشرعية الحفصية التي أثبتت فعاليتها من خلال توجه مبني على سياسة قديمة وجديدة. إمارة المؤمنين الحفصية أعد لها بطريقة تدريجية، فأبو زكرياء الحفصي مثل قوة الرجوع إلى فترة عبد المؤمن الموحدي، إذ أعلن تمثيله للخلفاء المذهبيين قبل رفظ المهدوية سنة 1238. إبنه العادل 1249-1277، أكمل هذا التوجه بإتخاذه لقب أمير المؤمنين سنة 1253، وزاد عليه قصد الخطاب الحضرة العلية السنية الطاهرة القدسية . لقد تم بناء الشرعية الخليفية في تونس إعتمادا على المؤسسات السياسية الموحدية السابقة، مع إحداث نظام إداري مركزي يتكون من مجلس شورى يمثل القبائل الموحدية، وينقسم حسب المهام إلى مجلس عسكري ومجلس سياسي، أما صاحب الشرطة فقد كان مستشارا للخليفة في كل أمور الحكم. على المستوى الخارجي كل المعارضين لتحريف الفكر التومرتي أعلنوا تشبثهم به، كما حصل في العديد من المدن الأندلسية كغرناطة وطريفة وإشبيلية وغيرها، وفي المغرب الأقصى تشبت طنجة وسبتة والقصر الكبير بفكرة المهدوية.إن إنهيار الخلافة العباسية المشرقية تحت ضربات الماغول، وإعتراف شريف مكة في سنة 1257 بالخلافة الحفصية، متبوعا بإعتراف مماليك مصر سنة 1262، جعل من الخلافة الحفصية الوارث الشرعي للخلافة الموحدية، مما سمح لها بالظهور بمظهر المطالب بالحق، خصوصا وأن إنتماء الخليفة إلى قبيلة هنتاتة المصمودية يدعم ذالك
القبائل المرينية وفي إطار إندفاعها نحو المجالات الإقتصادية مستغلة غياب سلطة مركزية كانت لا تتوفر على داعي ودعوة تفسر عملها العسكري، كان هذا سببا في دخولها طاعة الحفصيين، فما أن أعلن التحالف بين الخليفة الحفصي والعبد الواديين حاكمي تلمسان ضد السلطة الموحدية بمراكش، حتى أسرع المرينيون إلى تبليغ الخليفة الحفصي بأن كل الأراضي التي تقع في قبضتهم تعترف بالخليفة الحفصي وتبايعه. عندما إحتل أبو بكر مدينة فاس سارع أهلها إلى مبايعة الخليفة الحفصي. أبو يعقوب المريني طلب موافقة أبو زكرياء الحفصي على مهاجمة العاصمة مراكش. لقد عمل المرينيون على إرضاء الخليفة الحفصي منذ الفترة الأولى من حكمهم، إذ إتخذوا لقب أمير المسلمين كما فعل أهل الرباط، مع حالة إستثنائية وهي فترة أبو عنان التي إستعمل فيها لقب أمير المؤمنين، رغم ذالك فإن السلطان المريني كان يبحث عن شرعية مشرقية قادمة من شريف مكة. لقد كانت التجربة المرينية بخصوص إمارة المسلمين محاولة لإحياء الإرث السياسي السني للتجارب السابقة، كما كان في نفس الوقت محاولة لتدارك العجز النظري والشرعي الناتج عن غياب مشروع الدعوة. لقد كانت هذه التجربة آخر التجارب المبنية على قاعدة العصبية والدعوة، إذا ما أخذنا في الحسبان التدارك المريني للمشروع خلال فترة السلطة السياسية
(1) إن القرارت التي إتخذها الخليفة المأمون الموحدي، تبدو غريبة إذ أنهت النظام السياسي الموحدي وقوضته من أسسه، وهذه القرارات هي كالتالي:
إنهاء سلطة الأشياخ: إستهدف الخليفة المأمون أشياخ أهل التوحيد، وخاصة شيوخ تينمل وهنتاتة، بان عمل على تصفيتهم جسديا، إبن عذاري البيان....، ص.، 285 . المصادر التاريخية تخبرنا على قتل حوالي مئة شيخ بالعاصمة مراكش حسب ما أورده إبن خلدون في العبر...، الجزء السادس، ص.، 530 وإبن عذاري في البيان....، ص.، 285، في نفس الموضوع أورد صاحب الحلل الموشية...، ص.، 165، أن العدد يصل إلى5000 شيخ، رغم صعوبة ترجيح هذا العدد أو ذاك، فالمصادر تخبرنا عن عملية تصفية فصيل الأشياخ بناءا على فتوى القاضي الماكدي حول مسألة البيعة
إسقاط المهدوية من المنظومة السياسية الموحدية: قام المأمون بإسقاط وتحريم إسم المهدي من التسليط (التسليط هو الدعوة إلى الصلاة باللغة البربرية)، ومن النقود. راجع إبن خلدون العبر....، الجزء السادس، ص.، 530وإبن عذاري البيان المغرب....، ص ص.، 286-287
تنفيذ بنود الإتفاقية المبرمة بين المأمون والملك فردناد: سمح المأمون بتأسيس كنيسة مسيحية بمراكش العاصمة، كما تم بناء منازل للفرقة العسكرية المسيحية، وقد عمل المأمون على ضمان حرية التنقل والتجمع للجالية المسيحية المقيمة في المجال الموحدي. راجع بخصوص هذا الموضوع إبن خلدون، العبر....، ص.، 531 وإبن عذاري، البيان...، ص ص.، 288 و189، وإبن أبي زرع، الأنيس المطرب...، ص.، 253
(2)- كان إنهيار السلطة الموحدية ما بين سنة 610 – 627 هجرية، بعد الخليفة الناصر ظهرت مشاكل تولية الحكم خاصة بعد هزيمة العقاب وتدخل أجنحة الأشياخ في الموضوع. في سنة 610 هجرية تولى الحكم بعد الناصر إبنه يوسف عن عمر يناهز16 سنة حسب رواية عبد الوحد المراكشي في المعجب....، ص.، 459. و10 سنوات حسب صاحب الحلل الموشية...، ص.،162 وإبن عذاري في البيان...، ص.، 265. في سنة 620هجرية الموافق لسنة 1227 ميلادية حدث فراغ سياسي في قمة السلطة، مما فتح الباب أمام العديد من المرشحين فظهرت شخصيتين من عائلة عبد المؤمن، أبو محمد عبد الواحد بمراكش وعبد الله يعقوب المنصور العادل بالأندلس. في ظل هذه الظروف الصعبة من الناحية السياسية، كما وصفها لنا إبن خلدون وإبن أبي زرع وعبد الواحد المراكشي وإبن عذاري وعبد المالك المراكشي وغيرهم، فإن صراع عائلة عبد المؤمن سمحت للأشياخ الوزراء من وضع يدهم على الحكم، كجناح الشيخ أبو سعيد عثمان عبد الله بن جامع، إذ إستولى عقبه على الوزارة لمدة 25 عاما ما ورد في الذيل والتكملة لعبد المالك المراكشي . وزاحم هذا الجناح جناح الشيخ أبو زيد عبد الرحمان بن موسى بن يوجين إبن يحيى الهنتاتي، حسب إبن عذاري في البيان المغرب....، ص ص.، 225-232-238-253، وعبد الواحد المراكشي في المغرب...، ص ص.، 442-443. لقد ظهر صراع غريب في قمة السلطة السياسية بين الأشياخ والمؤسسة الخليفية، فالأشياخ مؤسسة تتمتع بالشرعية التاريخية كانت في مواجهة مفتوحة منذ سنة 627 للهجرة مع مؤسسة الخلافة المنفردة بالحكم، ومن هنا نفهم ما سمي في المصادر بمحنة الأشياخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق