أضيف بواسطة jassim في آثار وترآث البحرين, اخبار تراثية, تاريخ البحارنة, وثائقي
هذا
الموضوع القيم نشر قبل ايام ومحتواه يضع اليد على مؤامرة تحريف وتزوير
تاريخ البحرين الحقيقي الذي طالما سعى البعض من الباحثين والمتطفلين
لتحريفه وتزويره بشتى الوسائل والأساليب الرخيصة فهم لايدركون بان الزمن قد
تغير وان هناك من يقف لهم بالمرصاد لكشف اكاذيبهم وتزويرهم ، نعم ان تاريخ
البحرين والبحارنة اصبح يشكل للبعض بعبع وحرجا بالغ فكلما وقفوا على حقيقة
تسوء وجوههم بادروا لوأدها ودسها في التراب وكأنها عار عليهم ، الحقيقة
ستبقى واضحة وناصعة والكذب والتآمر لن يغير من الحقيقة شيئ، واترككم مع
الموضوع واتمنى ان تتأملوا في محتواه جيدا فالموضوع خطير للغاية ويحتاج
لتسليط الضوء على محتواه الثمين.
طأفنة الثقافة .. وفن صناعة الأسطورة
طأفنة الثقافة” هي إحدى التهم التي
تعودنا على قراءتها والتي توجه عادة ضد من يرى الحقيقة ويوثقها كما هي, إلا
أنها ليست التهمة الوحيدة, فقد أبتدع البعض تهم جديدة مرتكزين في ذلك على
علم النفس التحليلي وبذلك يحاول أولائك الكتاب الغور في نفسية الكاتب للبحث
عن الأسباب التي جعلته “يطأفن” الثقافة. فقد زعم البعض أن أولائك الكتاب
يعانون من “البرانويا” وعقدة المظلومية وعقدة النقص .. وعقد وعقد. الإشكال
هنا أن هناك مستشرقين جاؤوا من كبرى الجامعات فعلى سبيل المثال لا الحصر
البرفسور كلايف هولز المتخصص في اللهجة والثقافة في المجتمع البحريني الذي
أجتمع مع مخرجي المسلسلات في البحرين وأعطوه أشرطة لمسلسلات بحرينية من
أمثال “البيت العود”.. من أول نظرة لهذه المسلسلات بات واضحا أن هناك إقصاء
ثقافي في مجتمع البحرين بحيث تمثل طائفة معينة بذاتها ويتم إقصاء الأخرى,
وقد كتب هولز بحثا رائعا اسماه “اللهجة والهوية الوطنية: السياسات الثقافية
لتمثيل الذات في المسلسلات البحرينية“
‘Dialect and national identity: the
cultural politics of self-representation in Bahraini musalsalāt’, in
Paul Dresch and James Piscatori (eds) Monarchies and Nations:
Globalization and Identity in the Arab States of the Gulf, I.B Tauris,
Reading, 2005, 52-72.
وهنا مقتطفات منه:
يقول هولز في بحثة أن اللهجة البحرانية
التي يتحدث بها أكثر من نصف سكان البحرين غير ممثلة في المسلسلات, كل ما
يوجد ممثلين تم اختيارهم ببراعة وتم وضع كلمات محددة على شفاههم, وهكذا
يدعي هولز أن هناك “طأفنة للثقافة“, لا أدري كيف تم اضطهاد البرفسور هولز
أصيب بالبرانويا وأدعى ذلك.
فن صناعة الأسطورة
لست هنا في مجال الدخول في نقاش فلسفي
عقيم ولست هنا لأدعي عدم وجود كتاب مصابين بالبارانويا أو أي عقد أخرى,
ولكني هنا أيضا أبحث عن مصطلح يصف من يزور ويحرف الحقائق التاريخية, ما هي
تلك الأسباب التي تجعل من باحث أن يزور الترجمة, هناك تقارير وبحوث تاريخية
قديمة وحديثة لكنها غير منتشرة عند العامة لاسيما أنها كتبت بلغات أجنبية,
تلك البحوث تحتوي على حقائق علمية, وقد تصدى البعض لترجمة تلك التقارير
ولكنهم كلما وصلوا لكمة لها علاقة بالهوية الشيعية “يتم حذفها” من الترجمة
وكلما وصلوا لكلمة تسوء طائفة غير الشيعية “يتم تحويرها“. كل ما نتمناه من
أولائك العباقرة أو المحللين النفسيين أن يخرجوا لنا باسم العلة التي تجعل
من هؤلاء المترجمون يحورون ويزورون الحقائق التاريخية, فإن عجز علم النفس
التحليلي عن إيجاد مصطلح يصفهم فإني أحيلهم على كتاب الأستاذ عبدا لله
الغذامي الجديد “القبيلة والقبائلية وهويات ما بعد الحداثة” فبه عدة
مصطلحات تصلح لوصفهم ولنقتبس من قول الغذامي عن “الخوف وصناعة الأسطورة“
لقد حصل تحول ثقافي نوعي مهول حيث كان
البشر قديما يخافون من المجهول, فصاروا يخافون من المعلوم, وذلك لأن
الأشياء تكشفت وعلمت ولم يؤد هذا التكشف إلى طمأنينة وقبول ولكنه ظل مادة
للخوف. والخوف طعام بشري راسخ, وكان جهل الإنسان بالحقائق الكونية مصدر ذلك
الخوف وأخترع الإنسان الأول الأساطير لتفسر له تلك المظاهر”…
نلاحظ أن الخوف من المجهول أدت لظهور
الأساطير لتفسيرها, ولكن الخوف من المعلوم يؤدي أيضا لاختراع الأساطير
والترويج لها وذلك لطمس الحقائق التي يخاف منها, يبتكرون الوهم ويعيشون فيه
وكما يقول الغذامي:
“وكما لجأ الإنسان بخبرته الأولى إلى
الأساطير وثقافة الوهم لمواجهة الخوف فإنه يعود الآن إلى السلوك نفسه فصار
يلجأ إلى أوهامه الأولى متمثلة بأصولياته المرجعية والرمزية”
وهنا يتوجب علي أن أعطي أمثلة لتعزز
هذا التشخيص وتوضحه للقارئ فعلى عكس ما يفعله الآخرون الذين يبرعون في
إلقاء التهم دون إعطاء الدليل فعندما تقول فلان طائفي فما دليلك؟ وهل
الكلام الذي ساقه المتهم حقيقة أم من نسج الخيال؟ علينا أن ننتقد بصورة
علمية وأن لا نلقي الاتهامات, وتهمة تحريف التاريخ ليست بالسهلة فلا تقال
دون دليل وهنا نعزز كلامنا بالأدلة وهي كثيرة لذلك لن نطيل الموضوع كثيرا.
تتبع كيف صنعت الأسطورة وزور التاريخ
في عام 1889م زار ثيودرت بنت أطلا مسجد الخميس ووصفها في تقرير نشر جاء فيه ما ترجمته
“هذه العاصمة القديمة (أي البلاد
القديم) لازالت تضم بعض الأطلال المهمة, المسجد القديم مدرسة أبو زيدان
بمنارتيه الرائعتين و اللتين تختلفان عن مباني الوهابية الرهيبة في هذه
الأيام. و يمثل هذا المسجد معلما للسفن التي تقترب من السواحل المنخفضة
لهذه الجزر. و على جدران المسجد تمتد نقوش جميلة كتبت بخط كوفي واضح , و من
حقيقة أقتران اسم (الامام) علي (عليه السلام) باسم النبي (ص) يمكننا
استنتاج أنه مسجد شيعي ربما بني في إحدى فترات السيطرة الفارسية”.
وإليك هنا صورة من التقرير التي نشر في كتاب “اكتشاف دلمون” والذي نشر عام 1983م.
وقد تم طمس حقيقة هوية مسجد الخميس مرة
بأسطورة لا أصل لها صاغها النبهاني وتارة أخر بتزوير ترجمة التقارير
السابق, “وللعلم فقد تم ترجمة هذا الكتاب مؤخرا ولم يوزع بعد على المكاتب
ولكنه سيكون في الأسواق قريبا .. فأقرأ هذه الفقرة هنا بالإنجليزية وأنظر
تحريفها في عام 2001م ومن ثم أبحث عنها في الترجمة الجديدة … فهلت تغيرت
السياسة؟” …………….. لكم الحكم في ذلك.
صناعة الأسطورة
في عام 1914م و صل الشيخ النبهاني إلى البحرين وزار البلاد القديم فوصف “سوق الخميس” وعين ابي زيدان ثم تحدث عن مسجد الخميس :
“و شماليه (أي سوق الخميس) على مسافة
100 ذراع آثار مسجد آخر و في جانبه أطلال مدرسة قديمة لم يبقى منها سوى بعض
جدرانها و بعض أسطوانات مدورة منحوتة في صخور عظام و مكتوب على الجدران
نقرا في الحجارة بخط كوفي. و عندها منارتان متقابلتان شرقا و غربا طول كل
واحدة منها نحو 70 ذراعا. و تسمى هذه الأطلال (المشهد)”.
الغريب في قول النبهاني أنه قال أنه
عجز عن قراءة النقوشات الموجودة فيه و بعد ذلك ساق لنا استنتاج غريب حيث
قال “و هذا المسجد والمدرسة مع المنارتين الجميع من بناء عمر بن عبد العزيز
الأموي“. وهذا الكلام عاري من الصحة فالنقوشات التي زعم النبهاني أنه عجز
عن قرائتها توثق بناء كل جزء من أجزاء المسجد بالتواريخ وأسماء البناة
والمرممين وهذا ما ناقشه العديد من الباحثين ومنهم البعثة الفرنسية التي
كتبت تقارير وكتب مفصلة عنه, ويبدو أن النبهاني حاول أن يطمس جزءا من
الحقائق وأن يخلق لنا أسطورة عاشت حتى أيامنا هذه.
تحريف الترجمة
قام عبد الرحمن مسامح بترجمة تقرير بنت
الذي سبق ذكره وقد نشرت الترجمة عام 2001م في مجلة “البحرين الثقافية”
العدد 27, وقام بطمس حقيقة هوية المسجد الشيعية, وأستبدل كلمة “الوهابية”
بكلمة “الأعراب”. وإليك صورة مما كتبه مسامح.
الترويج للأسطورة وترقيعها
بعد أن صاغ النبهاني “الأسطورة” وعملت
أيد في تغير ترجمة التقارير القديمة أعتقد البعض أنه قام بمسح “الطائفة
الشيعية” من سجل تاريخ البحرين, إلا أن البعثة الفرنسية في بداية
الثمانينات قامت بالتنقيب في الآثار الإسلامية وتم نشر تقارير البعثة
الفرنسية ونخص هنا بالذكر بحوث “لدفيك كالوس” عن النقوشات الإسلامية وبحث
“منيك كيرفران” عن تاريخ بناء مسجد الخميس. هذه البحوث تكشف كل ما تم
التكتم عليه من أسرار, ولكن هناك من لا يفرق بين الباحث البحراني والباحث
الأجنبي فكل من يرى الحقيقة ويكتب عنها فهو طائفي بامتياز وبه شتى العقد,
وهكذا حتى “لدفيك كالوس” لم يسلم من الطعن في مصداقيته, فهناك أسطورة أخرى
تم خلقها, ….. هي أسطورة أغرب من الخيال … أعد الجميع أني سأرويها
بالبراهين والدلائل ولكن هي أسطورة تجر سلسلة من الأساطير وعليه سنأجل
الكلام عنها لاحقا …
ختاما …
إن كان كل باحث يرى الحقيقة فهو يعاني
من عقد الاضطهاد ويحتاج علاجا نفسيا ليشفى منها فكيف نعالج من يطمس الحقائق
بل يحاول مسح تاريخ طائفة بأكملها من سجل التاريخ, كيف نعالج صناع
الأساطير الذين يرمون الآخرين بدائهم, كيف نعالج أولائك الخائفين من
المعلوم فلم يعد هناك ما يخفى فقد أنكشف المستور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق