عثرت على هذا المخطوط في المكتبة الوطنية بباريس تحت رقم 7009 في بداية السبعينات،
ضمن أوراق ومخطوطات كانت في ملك الأستاذ كولان، وعندما تصفحته أثار اهتمامي، وبدأت
في نسخه، إلا أنني سرعان ما اكتشفت وأنا أطالع أعداد "مجلة المعهد المصري" أن
المستشرق الإسباني أمبروزيو أويثي ميراندا قد أنجز دراسة للمخطوط تحت عنوان "الطبيخ
في المغرب والأندلس في عصر الموحدين" في المجلد الخامس (ص 137 - 155 في القسم
الإفرنجي) وقام بترجمته إلى اللغة الإسبانية، ثم نشر فيما بعد النص الكامل في
المجلد التاسع والعاشر، من المجلة المذكورة 1961-1962.
غير
أنني احتفظت بما نسخت، وصورت من المخطوط نسخة كنت أعود إليها من حين لآخر، وفي نفسي
شيء منها، وصار مدار حديث مع زملاء وباحثين، ولم أعد أرى فائدة في تحقيقه، ما دام
لا توجد منه نسخ أخرى، وكنت أيضا من حين لآخر أهيئ بعض وصفاته للأهل والأصدقاء كلما
كانت الفرصة مواتية لأكتشف قيمته ووصفات الأطعمة التي يتضمنها.
ومرت
أعوام وبينما وأنا أراجع فهارس مخطوطات الخزانة العامة بالرباط قسم الوثائق، إذ
صادفت مخطوطا تحت عنوان: "أنواع الصيدلة في ألوان الأطعمة" مكتوب بخط مغربي جميل،
وكانت دهشتي كبيرة عندما، وقفت عليه، فوجدت أنه نفس المخطوط، الذي أملك منه نسخة
مصورة، وهو الذي نشره الأستاذ ميراندا، كما نبهني الزميل الدكتور شوقي بينبين إلى
أن هناك نسخة من الكتاب موجودة بالمكتبة الملكية، إلا أنني اكتشفت أنها مصورة عن
نسخة الموجودة بالخزانة العامة.
وحسب
علمي فإن كل من اهتم بكتب الطبخ والأدوية لم يشر لا من قريب أو من بعيد إلى هذه
النسخة المصورة التي كانت في ملك السيد الشرعي عبد اللطيف، وتقدم بها إلى جائزة
الحسن الثاني للمخطوطات سنة 1970، ونال بها الجائزة الأولى، وهو بالمناسبة أحد
معارفي وجيراني بالزاوية العباسية بمدينة مراكش، حيث يوجد ضريح سيدي أبي العباس
السبتي.
هكذا
قر عزمي على تحقيق المخطوط، مادمت أمام نسختين منه، تفسح المجال للمقارنة والضبط
العلمي، مع العلم أن ما نشره الأستاذ ميراندا لم يكن تحقيقا، بقدر ما كان نسخا
للأصل، مع وجود بتر في المخطوط المنشور في أوله وآخره، وخرومات متعددة، وبياضات
كثيرة، كما سوف يلاحظ القارئ من خلال المقارنة.
بقلم
الدكتور عبدالغني أبو العزم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق