الأربعاء، 26 مارس 2014

Henry Kissinger, "Diplomatie"
1996, PDF, 860 pages, 49.38 Mb
Diplomatie (Diplomacy) est un livre du spécialiste des relations internationales et ancien Secrétaire d'État américain Henry Kissinger. Paru en anglais en 1994, l'ouvrage analyse certains moments de l'histoire diplomatique occidentale, et se concentre surtout sur le XXe siècle. Il accorde une place particulièrement importante aux grands responsables politiques et à leur vision du monde. Défenseur de la théorie réaliste en relations internationales, Kissinger s'appuie sur les concepts de raison d’État et de Realpolitik. Diplomatie est un ouvrage de synthèse influent, bien que son exactitude historique ait été contestée. Kissinger fait rarement référence à lui-même, bien qu'il occupait d'importantes fonctions officielles sous les présidences de Richard Nixon et Gerald Ford. L'ouvrage est dédié aux hommes et aux femmes du Foreign Service des États-Unis.
Revue de presse
Le nouveau monde de l'oncle Henry
La fin de la guerre froide semblait déboucher sur un monde simplifié: au centre, une Amérique victorieuse et sans rivale, seule superpuissance capable de dicter son ordre mondial et de diffuser partout son mode de vie et ses valeurs.
La magistrale leçon d'histoire et de diplomatie d'Henry Kissinger détruit cette illusion: l'Amérique, prévient celui qui a inspiré pendant près de dix ans sa politique étrangère, va devoir réformer profondément sa vision du monde et ses méthodes d'action, sous peine de se réfugier à nouveau dans un isolationnisme aussi dangereux qu'illusoire. Il lui faudra évoluer dans un système complexe d'équilibre des forces, une notion avec laquelle elle est justement en "délicatesse".
Cette révision déchirante concerne d'abord le rêve américain de sécurité collective: incarné pendant près d'un siècle par Woodrow Wilson, l'architecte de la paix de Versailles, il se nourrit de grands principes (l'autodétermination), de volonté de coopération, de partage des valeurs (américaines) et du respect du droit international.
Cette doctrine prenait le contre-pied d'une conception européenne qui avait dominé les affaires internationales pendant près de trois siècles avant de s'effondrer. Richelieu, Metternich et Bismarck avaient inventé les concepts d'Etat-nation et de souveraineté, dans un équilibre où chacun, toujours prêt au conflit, se déterminait selon son intérêt national et sa marge de manoeuvre.
Or la doctrine wilsonienne n'est plus pertinente, et le nouvel ordre "ressemblera davantage aux systèmes étatiques des xviiie et xixe siècles qu'aux schémas rigides de la guerre froide". Il comprendra cinq ou six grandes puissances - les États-Unis, la Chine, la Russie, le Japon, l'Europe (si elle est unie) et peut-être l'Inde -, entre lesquelles s'établira un jeu mouvant.
Et l'ancien conseiller des princes conclut sa grande fresque en suggérant à Bill Clinton de s'intéresser "au style de Bismarck". Les solutions les plus inventives, affirme-t-il, consisteront à "construire des structures mixtes, en chevauchement", fondées sur des principes, des préoccupations de sécurité, ou des intérêts économiques communs. Mais le rodage de ce système, dit-il, "prendra sans doute plusieurs décennies"... --Vincent Giret-
http://uploaded.net/file/84g8jrq0
كتاب الصلاة لابن قيم الجوزية pdf
رابط التحميل
رجاء اضغط على إعجاب و نشر لدعم الصفحة ولنقدم المزيد من الكتب
http://www.ebooks4islam.com/2014/03/pdf_2486.html
حاضر العالم الإسلامى - لوثروب ستودارد pdf
رابط التحميل
رجاء اضغط على إعجاب و نشر لدعم الصفحة ولنقدم المزيد من الكتب
http://www.ebooks4islam.com/2014/03/pdf_37.html

الثلاثاء، 25 مارس 2014


البادية المغربية عبر التاريخ _ تنسيق ابراهيم بوطالب

عنوان الكتاب:البادية المغربية عبر التاريخ

تنسيق:إبراهيم بوطالب

الناشر:منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط

الطبعة:1999

الصفحات: 298

الرابط:حمل من هنا

قبيلة بني زروال _ محمد بن عبد الله الفاسي الفهري

عنوان الكتاب:قبيلة بني زروال 

المؤلف:محمد بن عبد الله الفاسي الفهري

الناشر:منشورات جمعية علوم الإنسان،الرباط

الصفحات:124

الرابط: حمل من هنا

البوادي المغربية قبل الإستعمار _ عبد الرحمن المودن

عنوان الكتاب:البوادي المغربية قبل الإستعمار

المؤلف:عبد الرحمن المودن

الناشر:منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط

الطبعة:1995

الصفحات:457

الرابط:حمل من هنا

عنوان الكتاب:جغرافية المسعودي بين النظرية والواقع من الأدب الجغرافي في التراث العربي

المؤلف:دكتور عبد الفتاح محمد وهيبة 

الناشر:منشأة المعارف،الإسكندرية

الطبعة:1415هـ/1995م

الصفحات:120

الرابط:حمل من هنا

الحسبة المذهبية في بلاد المغرب العربي (نشأتها وتطورها) _ الدكتور موسى لقبال

عنوان الكتاب:الحسبة المذهبية في بلاد المغرب العربي (نشأتها وتطورها)

المؤلف:الدكتور موسى لقبال

الناشر:الشركة الوطنية للنشر والتوزيع-الجزائر

الطبعة الأولى،1971م

الصفحات:134

الرابط:حمل من هنا

الاثنين، 24 مارس 2014




المغرب الأوسط في ظل صنهاجة
تأليف : محمد الطمار
الطبعة الأولى - 2010
الناشر : ديوان المطبوعات الجامعية - الجزائر
رابط التحميل المباشر
https://archive.org/download/Al-maghrib.Al-awsat/kitab.pdf
المؤلف: مؤلف جماعي 

العنوان: تونس: أعلام ومعالم

إشراف: عبد العزيز الدولاتلي

الناشر: الوكالة القومية للتراث والمعهد الوطني للتراث- تونس

الطبعة: مارس 1997

رابط التحميل: https://archive.org/details/123boukrika44_maktoob_20140216_1932

حمل: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى  كاملا طبعة الدار البيضاء  الاصلية محققة

  الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى وهو هدية للفاضل الكريم: حميد المرزوقي،،

العنوان : الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى
المؤلف : أحمد بن خالد الناصري
المحقق : ولدا المؤلف  أ. جعفر الناصري  و أ. محمد الناصري
الناشر : دار الكتاب - الدار البيضاء - المغرب
سنة الطبع : 1418 هـ - 1997 م
عدد الأجزاء : 9


رابط النسخة على أرشيف :
http://archive.org/details/0035812

روابط مباشرة : 

الواجهة :
http://archive.org/download/0035812/00_35812.pdf
الجزء 01 :
http://archive.org/download/0035812/01_35812.pdf
الجزء 02 :
http://archive.org/download/0035812/02_35812.pdf
الجزء 03 :
http://archive.org/download/0035812/03_35812.pdf
الجزء 04 :
http://archive.org/download/0035812/04_35813.pdf
الجزء 05:
http://archive.org/download/0035812/05_35813.pdf
الجزء 06:
http://archive.org/download/0035812/06_35813.pdf
الجزء 07:
http://archive.org/download/0035812/07_35814.pdf
الجزء 08:
http://archive.org/download/0035812/08_35814.pdf
الجزء 09:
http://archive.org/download/0035812/09_35814.pdf

-----------------

ولمن اراد النسخة الأصلية المطبوعة في الخمسينات ( 1954م - 1955م - 1956م ) فقد رفعت على الرابط التالي :
https://archive.org/details/Alisti9saNasiry0

بعد ان صور أحد الاخوة جزاه الله خيرا الأجزاء : 01 - 06 - 07 - 08 - 09
وباقي الأجزاء سبق رفعها على الشبكة من مكتبة الاسكندرية.
معلمة المغرب الجزء 7 سترفع على شكل أجزاء
تم تجديد بعض الصفحات
http://www.gulfup.com/?tAitF9

*********
نسخة منسقة :

رابط مباشر :
http://archive.org/download/ma3lama-m-00/ma3lama-m-07.pdf

الأربعاء، 12 مارس 2014

تغريبة بني هلال ورحيلهم إلى المغرب وحروبهم مع الزناتي خليفة

عنوان الكتاب: تغريبة بني هلال ورحيلهم إلى المغرب وحروبهم مع الزناتي خليفة 

الناشر:دار عمر أبو النصر وشركاؤه،بيروت

حمل من هنا:حمل من هنا

تاريخ إفريقيا الشمالية _ شارل أندري جوليان

عنوان الكتاب: تاريخ إفريقيا الشمالية 

المؤلف: شارل أندري جوليان

ترجمة: محمد مزالي و البشير بن سلامة

رابط التحميل:حمل من هنا

تغريبة بني هلال ورحيلهم إلى المغرب وحروبهم مع الزناتي خليفة

عنوان الكتاب: تغريبة بني هلال ورحيلهم إلى المغرب وحروبهم مع الزناتي خليفة 

الناشر:دار عمر أبو النصر وشركاؤه،بيروت

حمل من هنا:حمل من هنا

جوائح وأوبئة مغرب عهد الموحدين _ الدكتور الحسين بولقطيب

عنوان الكتاب: جوائح وأوبئة مغرب عهد الموحدين

المؤلف:  الدكتور الحسين بولقطيب

الناشر: منشورات الزمن-المغرب

الطبعة:  2002م

رابط التحميل:حمل من هنا

حضارة الموحدين _ محمد المنوني

عنوان الكتاب: حضارة الموحدين

المؤلف: محمد المنوني 

الناشر:دار توبقال للنشر

الطبعة الأولى 1989م.

رابط التحميل:حمل من هنا

حفريات في الخطاب الخلدوني الأصول السلفية ووهم الحداثة _ ناجية الوريمي بوعجيلة

عنوان الكتاب: حفريات في الخطاب الخلدوني الأصول السلفية ووهم الحداثة

المؤلف: ناجية الوريمي بوعجيلة

الناشر:دار بترا للنشر والتوزيع

الطبعة الأولى 2008م

رابط التحميل:حمل من هنا

علماء المغرب ومقاومتهم للبدع والتصوف والقبورية والمواسم _ مصطفى باحو

عنوان الكتاب:علماء المغرب ومقاومتهم للبدع والتصوف والقبورية والمواسم 

المؤلف:مصطفى باحو

الناشر:جريدة السبيل

الطبعة الثانية 2007م

الصفحات:179

الرابط:حمل من هنا

مجلة كنانيش،العدد الثالث


مجلة كنانيش-مجلة متخصصة في الديمغرافيا التاريخية

جامعة محمد الأول،وجدة

العدد الثالث،صيف-خريف،2001

رابط التحميل:حمل من هنا

تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الأولى - تأليف: رينه ( صفحات مفردة )ديكارت :http://alexandra.ahlamontada.com/t8055-topic#214582
هذه التأملات التي يضمّها هذا الكتاب هي سيرة ديكارت الماورائية، وهي من أفخر المصنفات الفلسفية إطلاقاً... وهي بمجملها حكاية ديكارت ذاتاً... حكاية فكره الخاص في لولبياته الصاعدة، حلزونياً، إلى أسمى سماوات التجريد والتذهين.
وغاية المؤلف أن يمثل للديكارتيه بأصل منها، كما أنه هدف إلى ترسيخ أفكار ديكارت من خلال هذه الترجمة العربية لأنه لا شيء كالترجمة يقرّب النائي، من أفكار الأغيار، تقريباً هو أكثر من فهم قاموسي لها، فالترجمة هي الوسيلة الوحيدة لإبداعها ثانية في بدء من المترجم.

الاثنين، 10 مارس 2014



حول الكتاب

ما الذي يحدث في سورية؟... لم يعد ممكناً التكهُّن بمصير شرقٍ يشتعل.. معارضون يتَّفقون ويختلفون وينقسمون وموالون بين مقتنعين وحذرين وخائفين... ما يجري في سورية الآن مَردُّهُ عاملان: "خارجي يتمثَّل في تقاطع مصالح دول عدَّة"، "وداخلي ناجم عن تراكمات وتصفية حسابات".

وما يجري له خصوصية بالغة، لا تشبه ما في مصر أو تونس أو ليبيا أو اليمن أو البحرين. وما مِن سيناريو قادر على تحديد الخواتيم... إنتماءات متناقضة يعزّزها توزُّع جغرافيٌّ غير متجانس... وحقيقتان لا يمكن التغاضي عنهما: "لا استقرار في سورية إلا بتوافق اثنتين من القوى الإقليمية إيران أو العراق، تركيا، مصر"، "ولا سيطرة على سورية إلا بمفتاحين: دمشق أولاً وحلب ثانياً، وبالانتباه إلى البادية، الخاصرة الهشة لسورية".

كتابٌ يدخل إلى عمق الأزمة، متسلِّحاً بالشمولية والتكامل: ناظراً، إلى بلاد الشام، على أنها قلبٌ لبلاد ما بين النهرين وتركيا ومصر، ينفتح على الجزيرة العربية ليحلِّل ويفسِّر الأبعاد الإقليمية والدولية للثورة التي تفجّرت في ربيع العام 2011 في سورية.

ولأهمية هذا الموضوع، توزعت فصول الكتاب على إحدى عشر فصلاً يتناول الفصل الأول تاريخ الصراعات على سوريا منذ فجر التاريخ حتى القرن العاشر الميلادي، ويركز على دور سوريا المحوري في العلاقات الدولية وصراعات القوى العظمى.

ويشهد على ذلك توقيع أول معاهدة دولية على أرض سوريا بين ملك الحثيين والفرعون المصري رمسيس الثاني، عام 1284 قبل الميلاد، ويتناول الفصل الثاني الصراعات التي نشبت على سوريا ما بين القرن الحادي عشر وأوائل القرن الرابع عشر، ثم مرحلة السلام التي عاشتها البلاد في ظل المماليك حتى أوائل القرن السادس عشر.

أما الفصل الثالث، فيتناول وقوع سوريا والبلاد العربية الأخرى تحت الحكم العثماني والتحولات الدولية التي شهدها العالم حتى أواخر القرن الثامن عشر، ويتناول الفصل الرابع الضعف الذي دبّ في الدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر والتنافس الإستعماري على المشرق وإعتبار الدُّولِ الإستعمارية سوريا مدخلاً لإحداث إختراق في قلب الدولة العثمانية والعالمين العربي والإسلامي.

ويركز الفصل الخامس على المرحلة التي تلت إنهيار الدولة العثمانية وتقاسم بريطانيا وفرنسا سوريا على شكل إنتداب فرنسي فُرض على سورية ولبنان (وسط سوريا وشمالها)، وإنتداب بريطانيا فُرض على فلسطين والأردن (جنوب سوريا)، حتى وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970، وهو يحلل الأسباب التي جعلت سورية تشهد سلسلة إنقلابات ميّزت الحياة السياسية فيها خلال الخمسينيات والستينيات.

ويركز الفصل السابع على عهد الرئيس حافظ الأسد خلال السبعينيات والثمانينيات، ويحلل العوامل التي أدت إلى إستقرار نظامه، إضافة إلى التحديات التي واجهته خلال تلك الحقبة، أما الفصل الثامن فيتناول التحديات التي واجهت سورية عقب إنتهاء الحرب الباردة مع التركيز على مرحلة مفاوضات السلام بين عامي 1991 و1996.

كذلك يتناول الفصل التاسع التحولات الإقليمية والدولية التي يؤدي تحليلها إلى فهم التحولات الدولية التي شهدتها بداية الألفية الثالثة، وسيسهم هذا التحليل التراكمي عبر التاريخ في محاولة فهم التحولات السياسية خلال عهد الرئيس بشار الأسد في الفصل التاسع والعاشر وصولاً إلى تحليل أسباب الأزمة الراهنة، من وجهة نظر التأثيرات الجيو- سياسية في منطقة الشرق الأوسط على سورية في الفصل الأخير.

رابط التحميل


دولة المغول والتتار بين الانتشار والانكسار - علي الصلابي pdf

رابط التحميل
رجاء اضغط على إعجاب و نشر لدعم الصفحة ولنقدم المزيد من الكتب
http://www.ebooks4islam.com/2014/03/pdf_4350.html
المصدر:المكتبة الإسلامية الشاملة
http://www.ebooks4islam.com

حركة الإصلاح المالكي بالمغرب ودور
وﮔﺎﮒ بن زلو اللمطي خلالها

مقدمة
صدرت بحوث كثيرة ودراسات متعددة عن المذهب المالكي بالمغرب وأصوله وأسباب نشأته، وتعرضت الدراسات الكثيرة لأدوار المذهب المالكي ورجالاته في تاريخ المغرب منذ القديم وحتى العصر الحديث، وأهمية ما قام به علماء المالكية في الغرب الإسلامي من جهود لترسيخ السنة النبوية الشريفة ممثلة في مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، ومن التصدي للنحل الضالة والمذاهب المنحرفة، وما نتج عن جهادهم من توحيد المغرب عقيدة وفقهاً، وقد شملت هذه الحركة مراكز علمية ومدارس منوعة وأعلاماً عظاماً أسهم كل واحد بنصيبه في إقامة هذا البناء العقدي العلمي الاجتماعي الذي ورثناه عن أسلافنا رحمهم الله، ومن هؤلاء العلماء الذين كان لهم فضل عظيم على بلاد المغرب الشيخ العلامة المجاهد وﮔﺎﮒ بن زلو اللمطي الذي أسهم في نشر العلم والمعرفة وخدمة المجتمع وتوجيهه نحو الأفضل، وذلك من خلال المعطيات الضئيلة المتوفرة حول حياته وأعماله العلمية.

1 - حركة الإصلاح المالكي في الغرب الإسلامي
شهد المغرب الإسلامي في القرون الإسلامية الأولى حركة دائبة للتمكين للدين الإسلامي في المجتمع والفكر والثقافة، وربط المسلمين بالعقيدة السمحة واجتثاث جذور الوثنية والانحراف العقدي من نفوسهم الفطرية، وقد عمل الفقهاء والعلماء لأجل هذا الهدف اعتماد على منهجين:
أ -  منهج نشر السنة النبوية ممثلة في الفقه المالكي المعبر عن ارتباط المسلمين بدينهم ووحي ربهم وسنة نبيهم من خلال التزام الأوامر ومفارقة النواهي والبحث عن حلول المستجدات والنوازل في اجتهادات الفقهاء السالفين وما بني عليها من فتاوى المتأخرين ملتزمين بأصول الاستنباط والاقتداء بالأيمة الأعلام للمذهب المالكي من الذين وضحوا أصوله وطبقوا مبادئه في استنباط الأحكام الشرعية الموافقة لأحوال المسلمين المجيبة عن تطلعاتهم الاجتماعية والفكرية، والرد على المذاهب الفقهية المنافسة التي تقدم الرأي على النص كما ردوا على القدرية والمعتزلة([1])، وقد تزعم هذه الحركة العلمية المباركة أئمة كبار وأعلام عظام برزوا في مدرستين عظيمتي التأثير هما:
- مدرسة القيروان وضع أسسها الإمام عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي المشهور بسحنون (160-240 ﻫ)([2]) مؤلف المدونة الكبرى التي أخذها عنه طلبة كثيرون تخرجوا به وصنفوا حولها شروحاً وتعاليق، مثل ولده محم بن سحنون (ت. 255 ﻫ)([3]) ويحيى بن عمر (ت. 289 ﻫ)([4]) وعنهم أخذ علماء آخرون من أبرزهم ابن أبي زيد القيرواني مؤلف الرسالة.
- مدرسة الأندلس أسسها الإمام يحيى بن يحيى الليثي المصمودي (152-234 ﻫ)([5]) وانتشر تأثيرها بفضل جهاده في التعليم والتربية فصدر عنه طلبة كثيرون نشروا علمه وفقهه، من أبرزهم محمد بن وضاح، وزياد بن محمد المعروف بشبطون، وإبراهيم بن قاسم بن هلال.. وغيرهم كثير.
وقد انتشر بفضل هذين العالمين الكبيرين للسنة النبوية صيت عظيم كما رفعا لواء المذهب المالكي وعملا به ومكّنا له في تعليمهما وما كان لهما من الحظوة والجاه في مجمعيهما، وجعلا كل ذلك في خدمة سنة النبي r.

ب - منهج مقاومة المذاهب المنحرفة التي كان الغرب الإسلامي حافلاً بها كالخوارج والروافض والبرغواطيين خاصة في المغرب بسبب ضعف السلطة المركزية وبروز الإمارات المستقلة المتناحرة، وقد توسل الفقهاء بكل وسيلة من المقاطعة والمقاومة السلبية والمناظرة العلمية والسجال الفكري والمناجزة العسكرية([6])، واستطاعوا أن ينصروا السنة في صراعها مع البدع والضلالات، فضيق الأمويون بالأندلس على العبيديين خوفاً من أن يمتد نفوذهم إلى الجزيرة إلى أن ضعف أمرهم واندحروا بإفريقية، ثم قضى المرابطون على النحل المتعددة بالمغرب وجمعوا كلمته على السنة([7])، وذلك بفضل المالكية التي كانت «العقل الذي عصم أهل المغرب من شرور الفتنة في عصر كادت ريح الشر تعصف بالمجتمع، صمدت المالكية للخارجية فأتت عليها، وصارعت المعتزلة، وانتصرت على العبيديين، وحفظت على المجتمع وحدته وقوته، وسلمته للأجيال التالية سليماً معافى، ومصداق ذلك ما رواه الرحالة ابن جبير حين قال: إنه لا إسلام إلا ببلاد المغرب لأنهم على جادة واضحة وما سوى ذلك بهذه الجهات الشرقية فأهواء وبدع وفرق أو شيع إلا من عصم الله عز وجل من أهلها»([8]).

2 - دور التعليم في نشر مبادئ الإصلاح
لا شك أن التعليم وسيلة ترسيخ الأفكار ودحض الشبهات وتقويم المجتمع وإزالة الانحرافات منه، ولتحقيق ذلك اعتمد فقهاء المالكية في الغرب الإسلامي على التعليم بأنواعه، فهناك:
التعليم العام أو الشعبي والمقصود منه الاتصال بعامة الناس وتعليمهم شؤون الدين وأسس العقيدة والمعاملات، حتى يكونوا على السبيل القويمة، ويتجنبوا الانحراف والضياع، وقد آتى هذا النوع من التعليم أكله فمكَّن العلماء من حماية عموم الناس من الانحرافات العقدية وصيانتهم من الانسياق مع مبادئها الضالة، ولم يكن ذلك بسبب مجالس الوعظ والتذكير فحسب، وإنما لأن فقهاء المالكية في ذلك العصر المبكر مثلوا النموذج المتألق للمسلم الصحيح الإيمان الزاهد الورع، الساعي لخير جماعته المضحي في سبيل مبادئه، وقد ورث فقهاء المالكية ذلك كله من الإمام مالك رضي الله عنه الذي كان لهم أسوة في الخلق القويم والورع والزهد والصدع بالحق، فكان لهؤلاء الفقهاء مواقف حازمة من الانحراف والضلال، تسنموا بفضلها مكانة مرموقة في نفوس الناس وصاروا عندهم في «مرتبة الزعماء الذين يدافعون عن الضعفاء والمغلوبين، ويعارضون الحكام في سبيل إعلاء الحق، ويستشهدون في سبيل عقيدتهم، فآمنوا بزعامتهم»([9]).
التعليم المتخصص الموجه للناشئة من الشباب اليافع في المساجد  والرباطات، والذي يهدف إلى توفير المعرفة والتكوين العلمي للأجيال الجديدة، حتى تستطيع - على اختلاف مؤهلاتها - الوفاء بحاجات المجتمع العلمية والمعرفية وضمان استمرار العلم الشرعي المرتبط بالسنة النبوية الشريفة، وتصديه للنوازل والمشاكل، وهكذا تسلسل العلم وبرز العلماء يأخذ كل جيل منهم عن السابق لينقل المعرفة إلى اللاحق، فكان التعليم الشغل الشاغل لعلماء المغرب الإسلامي الكبار وما من أحد منهم إلا وأنفق حياته في تكوين الأجيال الجديدة وتثقيفها.
لقد صار التعليم والتكوين من أعظم المهام التي اشتغل بها علماء الغرب الإسلامي، لأنهم كانوا يؤمنون بأهمية التعليم وكونه من مراتب العبادة السامية وكانوا واعين بأهميته وضرورته للحفاظ على أمن المجتمع وعقيدته وتضامنه، ولعل مما يدل على هذه العناية الفائقة بروز التأليف حول أساليب التربية والتكوين ومناهجهما، فنجد في إفريقية محمد بن سحنون (256 ﻫ) وعلي بن محمد بن خلف المعافري القابسي (324-403 ﻫ) يهتمان بالموضوع ويبسطان فيه القول تنظيراً وتطبيقاً واستيحاء من سنة النبي r وسيرته العطرة، مما يشير إلى سعي دائب للنجاح في التعليم وبلوغ الهدف في تكوين المسلم الصالح المصلح([10]).
وتحفل كتب التراجم بأخبار العلماء العاملين الذين كونوا الأجيال وخرجوا العلماء وقادوا الفكر والمجتمع في تلك المرحلة نذكر منهم:

·     جبلة بن حمود الصدفي (ت. 299 ﻫ) الذي قام في وجه العبيديين وتصدى لأعوانهم ومن ناصرهم، بالعداء والمقاطعة وسار خلفه الناس متبعين ما يشير به([11]).
·     سعيد بن محمد الغساني المشهور بابن الحداد (ت. 302 ﻫ) العالم الزاهد الذي نافح عن العقيدة والدين بمناظراته ورده شبهات المنحرفين وإفحامهم، فكان ذلك سبب تثبيت الناس على عقيدتهم وصبرهم على الأذى والضرر([12]).
·     عبد الملك بن حبيب السلمي الإلبيري (ت. 238 ﻫ) فقيه الأندلس وعالمها، درس عليه الجم الغفير من الطلبة وتخرجوا به([13]).
·           محمد بن وضاح بن بزيع المرواني (287 ﻫ) العالم المحدث المحتسب في نشر العلم، أخذ عنه جمّ غفير من علماء الأندلس وقضاته وفقهائه([14]).

هؤلاء العلماء نماذج لمن أفنوا أعمارهم في التدريس وأخلصوا فيه جهودهم لله فآتت أكلها فصاروا علماء وفقهاء جمعوا بين الفقه والصلاح والتربية والمعرفة، وكانوا سبباً في تسلسل العلم في الأجيال اللاحقة مرفوقاً بالعمل والإصلاح والإحسان فيهما معاً، فبرز علماء آخرون في القرنين الرابع والخامس لا يقلون مكانة  عمن سبقهم، بل أضافوا إلى سلفهم الماجد جداً وجهاداً في التعليم العلمي والإصلاح الاجتماعي المؤسس على رؤية عقدية فقهية حصيفة، نذكر منهم عبد الرحمان بن عبد الله القيرواني وخلف بن عمر الحناط وعلي بن محمد المعافري القابسي ومحمد بن سعدون الباجي وقاسم بن أصبغ البياني ومحمد بن عمر بن لبابة، وغيرهم من العلماء الذين اشتغلوا بالتدريس عقوداً طويلة، وعنهم اخذ علماء الغرب الإسلامي وتأثر بهم فقهاء المغرب وتأثروا خطاهم في إصلاح المجتمع وتوحيد الأمة ونفي الانحراف في العقيدة والشذوذ في المذاهب الفقهية([15]).
اعتمد فقهاء المالكية التعليم والتكوين في حركتهم الإصلاحية سواء لنشر مذهبهم وترسيخ أسسه في المجتمع أو لمحاربة الفرق الضالة مثل الروافض والخوارج وغيرهم، وحينما نأخذ مثال ابن أبي زيد القيرواني وعمله في مجال التعليم بالقيروان، نجده قد خرج مئات من الطلبة نبغ منهم عشرات الفطاحل الكبار الذين انتشروا في بقاع الغرب الإسلامي لترسيخ الإسلام وعقيدته السمحة([16])، فعن ابن أبي زيد أخذ أبو عمران الفاسي([17]شيخ وﮔﺎﮒ بن زلو اللمطي الذي نقل معارفه إلى طلبته وتلاميذه فوصلت بهم حركة الإصلاح منتهاها بقيام دولة المرابطين على يد عبد الله بن ياسين التمنارتي.

3 - وﮔﺎﮒ بن زلو وحركة الإصلاح المالكي
نشأت التقاليد العلمية الفقهية المالكية بالشرق وانتقلت إلى إفريقية والأندلس حيث تأسست مدرستان عريقتان للفقه المالكي، نبع منهما فقهاء الغرب الإسلامي العظام ونهلوا أسس الإصلاح الاجتماعي المؤسس على العقيدة الصحيحة والاجتهاد الفقهي في ربط المجتمع بالشرع ورد الناس إلى سبيل الحق والوقوف في وجه الظلم والجور، وقد تأثر المغاربة بهاتين المدرستين في تلك المرحلة الصعبة من تاريخهم المتميزة بعدة سمات، نذكر منها:
الاضطراب السياسي، بسبب الفوضى والانقسام وانعدام سلطة مركزية قوية تحكم البلاد وتصلح أحوالها، فصار مجالاً للصراع بين المذاهب المختلفة وساحة للنِّزَال بين القوة العبيدية في إفريقية والقوة الأموية في الأندلس.
الفوضى العقدية، فقد تسربت إلى المغرب المذاهب المشرقية المنحرفة وبرز الخوارج والروافض كما نشأت نحل ضالة من أمثال البورغواطيين، وكان لكل مذهب سند شعبي وسياسي يقيم أوده ويناصره.
ولما رأى علماء المغرب ما كانت عليه بلادهم طمحوا إلى إصلاح أوضاعها خاصة بعد انتصار المالكية في إفريقية على العبيديين، واستمرار منهج أهل السنة والجماعة في الأندلس، فعملوا على تنسيق جهودهم والاعتماد على التعليم والتربية لتغيير المجتمع عبر تذكير عامة الناس ووعظهم وتكوين أجيال جديدة من العلماء المستنيرين بسنة النبي r وهديه، ومن هؤلاء العلماء القائمين بهذه الأمانة في هذه المرحلة وﮔﺎﮒ بن زلو اللمطي.

أ - من هو وﮔﺎﮒ بن زلو اللمطي
ينتسب إلى قبيلة لمطة التي كنت مستقرة على وادي نول لمطة في منطقة أيت باعمران الحالية([18])، قال صاحب "الاستبصار": «ومن بلاد السوس مدينة نول لمطة، وهي مدينة كبيرة في أول الصحراء على نهر كبير يصب في البحر المحيط، ومن مدينة نول إلى وادي درعة نحو 3 مراحل. وإنما سميت نول لمطة لأن قبيلة لمطة يسكنونها وما وراءها وهي آخر بلاد السوس»([19]).
ينتمي الشيخ وﮔﺎﮒ إلى الشرفاء الأدارسة حسب ما يدل على ذلك مشجر أنساب أسرته الوارد في "المعسول"([20])، واسمه محمد([21]) غير أنه اشتهر بلقبه (وﮔﺎﮒ) المكون من واو النسبة وكلمة (أﮔﺎﮒ) ومعناه الفقيه العليم بالقرآن والفقه - حسب ما ورد في معجم شارل دوفوكو([22]) - فيكون معنى لقبه ابن العالم أو ابن الفقيه([23])، ولا نعرف على وجه التحديد تاريخ ميلاده ولكننا نرجح أن يكون قد ولد فيما بين سنتي 350 و360 للهجرة، وكان والده طبقاً لتفسير لقبه عالماً فقيهاً، فيكون ناشئاً في أسرة علمية مما ساعده على التفرغ للدراسة والتعلم، فحفظ القرآن الكريم ودرس مبادئ العلوم ثم بدأ رحلته العلمية، والغالب أنه درس بمراكز العلم في منطقته، ثم انتقل إلى الحواضر المغربية، فهل يكون درس بفاس وتعرف هناك على أبي عمران الفاسي قبل أن ينفيه منها بنو أبي العافية المكناسيون لَمّا قام فيهم آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر؟([24]).
رحل وﮔﺎﮒ إلى القيروان وهناك لقي عبد الله بن أبي زيد القيرواني المتوفى سنة  386 ﻫ ودرس عليه كما أشار إلى ذلك صالح بن أبي صالح في كتاب "القبلة"([25])،  ثم لازم تلميذه أبا عمران الفاسي حتى تخرج عليه، ولا يبعد أن يكون درس على علماء آخرين بالقيروان ممن كانوا يملأونها علماً وفضلاً، وبعد أن اكتفى من الأخذ عاد أدراجه إلى المغرب للمشاركة في التربية والتعليم بمعية طائفة من زملائه في الدراسة، وقد توفي مخلفاً ثلاثة من الأبناء الذكور هم: ياسين ويحيى وأبو علي([26])، كما تخرج على يديه جمّ غفير من الطلبة.

ب - شهادة أبي عمران الفاسي في تلميذه وﮔﺎﮒ
لا شك أن إسهام الشيخ وﮔﺎﮒ في إقامة دولة المرابطين بفضل إرسال تلميذه عبد الله بن ياسين إلى الصحراء أسهم في إبراز شخصيته والتعريف بها فكم من العلماء الذين تخرجوا قبله وبعده على شيوخ القيروان والأندلس، قد طواهم النسيان ولم نعد نعرف عنهم شيئاً أو لا تذكر المصادر أسماءهم، وبسبب ارتباط الشيخ وﮔﺎﮒ بدولة المرابطين وصلتنا شهادة أستاذه الفاسي فيه حينما أشار على الأمير الكدالي بأن يقصده في رباطه بواد نفيس ليستشيره في أمر إرسال أحد الفقهاء معه إلى الصحراء، ونص الشهادة كما نقلتها المصادر التاريخية:

«إنني أعرف ببلاد نفيس من أرض المصامدة فقيهاً حاذقاً تقياً ورعاً لقيني وأخذ عني علماً كثيراً، وعرفت ذلك منه، واسمه وﮔﺎﮒ بن زلو اللمطي من أهل السوس الأقصى وهو الآن يتعبد ويدرس العلم ويدعو الناس إلى الخير في رباط هنالك، وله تلامذة جمة يقرؤون عليه العلم»([27]).

وهذه الشهادة تبرز مكانة وﮔﺎﮒ عند شيخه ومقدار تحصيله العلمي، وسماته الْخُلقية، فقد وصفه شيخه الفاسي بـ:

 العلم الكثير: والمقصود به العلوم التي أخذها وﮔﺎﮒ عن شيخه الفاسي، والتي درسها هو كذلك عن شيوخه بالقيروان وبغداد، مثل الفقه والحديث والأصول واللغة العربية، ولا ريب أن الشيخ وﮔﺎﮒ قد حصّل منها ما جعله يوصف بالعلم الكثير.
 الحذق: وهو المهارة وحسن الفهم والتصرف، فالشيخ وﮔﺎﮒ لم يأخذ العلم حفظاً وفهماً فحسب بل أخذه تطبيقاً ومهارة في العمل به، فجمع إلى العلم العمل وإلى حسن فهم النوازل واستنباط الأحكام تَنْزِيل المعرفة على الواقع ومخاطبة الناس على قدر عقولهم، وهي كلها صفات تدل على مهارته وفهمه.
 التقوى: وهو الخوف من الله تعالى ومراقبته في كل شيء، وهو أساس التعلم الذي تصح به النية ويستقيم العلم ويصلح العمل وتثمر الجهود.
 الورع: وهو الاحتراز للدين وتوقي الشبهات ومعاملة الناس بالإحسان إليهم الصبر على أذاهم، وتَنْزيه النفس عن الأطماع وتجنب تسخير الدين لنيل الدنيا، ولا أدل على ذلك مما أورده صاحب "التشوف" على لسانه حينما قصده المصامدة يلتمسون دعاءه، قال: «فذهبوا إلى وجاج بن زلو اللمطي وهو بالسوس، فلما وصلوه، قال لهم ما جاء بكم؟ فقالوا له: قحطنا وجئناك لتدعو الله لنا أن يسقينا، فقال لهم: إنما مثلكم كمثل قوم أبصروا جبح نحل فظنوا أن فيه عسلاً، ولكن انزلوا عندي فإنكم أضياف».
 ملازمة العبادة: وهي سمة لازمت فقهاء ذلك العهد فكان الصلاح ملازماً للعلم، والعبادة قرينة التدريس والتربية، ومن يطالع تراجم العلماء بالغرب الإسلامي آنذاك يجدهم مجدين في علمهم وعبادتهم ناصحين ورعين، ساعين إلى تطبيق ما تعلموا وتحقيق النموذج والقدوة الصالحة التي يتأسى بها مجتمعهم([28]).
 تدريس العلم: أي التعليم المتخصص الذي يستهدف نقل المعارف والعلوم اللغوية والشرعية النافعة، إلى الطلبة الشباب الناشئين مسددة بالتربية الخلقية الرامية إلى جعل العلم أساساً للعمل، وبناء الشخصية المسلمة السليمة من آفات النفس وأمراضها.
 دعوة الناس إلى الخير: وهو التعليم العام الذي يقصد حماية عامة الناس ممن لا يملكون المعرفة العلمية الرصينة، من النحل والضلالات والبدع بتعليمهم أسس العقيدة والعبادات وحثهم على التزام المعاملة الحسنة والخلق الحميد، بالوعظ والإرشاد في المساجد والمجاميع والأسواق والملتقيات...
 ملازمة الرباط: بوادي نفيس أولاً ثم بأﮔﻠﻮ ثانياً، والرباط أصلاً مكان للجهاد ومراقبة العدو، يجتمع فيه المقاتلون استعداداً لمجابهة العدو إن هاجمهم أو نزل بأرضهم، وقد توسعت وظيفته فصار مكاناً يخلو به العباد والزهاد ويجتمع فيه طلبة العلم ويقصده عامة الناس للاستفتاء والمشورة الفقهية ولطلب المساعدة الاجتماعية وللتظلم وطلب الحقوق، ويقوم فيه الشيخ العالم بدور الناصح والمعلم والمربي والساعي في الخير بين الناس([29]).
 كثرة الطلبة: حيث وصفهم أبو عمران الفاسي بالجم الغفير، مما يدل على نجاح الشيخ وﮔﺎﮒ في عمله التعليمي، وتوفقه في مساعيه لاستقطاب الطلبة وتكوينهم وتربيتهم، وكذلك مساندة مجتمعه له في مهامه التعليمية بتموين هؤلاء الطلبة والقيام بمعيشتهم، ولا ريب أن ذلك كله مؤسس على ما للشيخ وﮔﺎﮒ من سمعة طيبة وتقوى وورع مما جعله يحظى بالتقدير والاحترام. وكانت النتيجة أن تخرج به طلبة كثيرون انتشروا في بلاد المغرب وجنوبه على وجه الخصوص وعمروا مساجده بالعلم والتربية، ولا تسعفنا المصادر إلا في معرفة أسماء قلة قليلة منهم مثل أبنائه الثلاثة ياسين ويحيى وأبا علي ثم عبد الله بن ياسين التمنارتي وأبا القاسم بن عذري الفقيه، ولا شك أن كثيراً من الفقهاء الذين كان عبد الله بن ياسين يتصل بهم بجبال جزولة فيرسل إليهم أعشار قبائل لمتونة من زملائه في الدراسة بنفيس أو ممن أخذوا بأﮔﻠﻮ.

إن هذه الصفات المجتمعة التي وصف بها الشيخ وﮔﺎﮒ تبرز قدره ومكانته العلمية وسماته النفسية والتربوية، كما تظهر مكانته بين الناس وأنه كان مقبولاً مسموع الكلمة مجاب الدعوة، ولا شك أن قبائل المصامدة التي كانت تزوره وتستقي بدعائه قد خبرت ذلك منه عندما كان عندها بنفيس.

ج - أعماله التعليمية
عاد وﮔﺎﮒ بن زلو إلى المغرب بعد أن امتلأ علماً وفضلاً، ونوى العمل مع زملائه لإصلاح المجتمع المغربي بنشر السنة النبوية ومحاربة النحل الضالة، وقد مر عمله بمرحلتين الاستقرار بنفيس ثم الانتقال إلى أﮔﻠﻮ دون أن نغفل إشارة ابن خلدون إلى أنه كان بسجلماسة([30]):

 الاستقرار بمنطقة نفيس - كما وردت الإشارة إلى ذلك في كلام أبي عمران الفاسي - للتربية والتعليم والإسهام في محاربة البورغواطيين، وقد اختلف المؤرخون في تحديد المقصود من (نفيس) هل هي قرية ملكوس التي ذكرها البكري([31]) أو مدينة نفيس([32])، أو رباط على وادي نفيس في منطقة قليلة العمران([33]). كما اختلفوا في مكان نزوله أولاً هل هو نفيس أم أﮔﻠﻮ التي بها قبره الآن؟ قال محمد المختار السوسي معلقاً على ذلك: «ذكر هناك أن مسكنه في نفيس وقد أثار هذا مشكلاً اليوم. لأن (نفيسا) هو واد مشرف على (مراكش) ومحل قبر وﮔﺎﮒ يوجد في (أﮔﻠﻮ بضواحي (تيزنيت) على سيف البحر. ويؤيد أن مسكنه كان بعيداً من وادي (نفيس) ما في هذه الحكاية من الرحلة إليه([34]). ثم طول الرجوع إلى سكنى الراحلين في (نفيس)»([35]).
وإذا عرضنا الواقع الحالي لوجود قبر وﮔﺎﮒ بن زلو بأﮔﻠﻮ قرب تزنيت وما ورد في المصادر التاريخية عن نزوله بنفيس أمكننا أن نقرر - بناء على ما ذكر من سفر المصامدة لزيارته والاستسقاء به - أن وﮔﺎﮒ نزل أولاً بنفيس قرب أغمات وريكة، ولبث بها مدة طويلة خالط أهلها فعرفوا فضله وعلمه وأخلاقه، ثم انتقل إلى أﮔﻠﻮ لسبب دعاه إلى ذلك، ولم تنقطع صلة المصامدة به بل كانوا يزورونه.
ومما يؤيد هذا أن صاحب كتاب "القبلة"([36]) يذكر اجتماع طلبة ابن أبي زيد القيرواني بمنطقة أغمات وريكة لقتال البورغواطيين، ذاكراً وجود وﮔﺎﮒ بن زلو بينهم، قال: «ثم يلي ذلك المساجد التي بناها تلامذة أبي محمد (يقصد القيرواني) لأنهم جعلهم الله سبباً لإطفاء فتنة برغواطة الذين قاموا بالمغرب نحو ثلاثمائة سنة، لأن أول قيامهم في حدود خمسين ومائة من الهجرة إلى قريب من أربعمائة.. فلما وصل تلامذة أبي محمد أخذوا يقتلون كفار برغواطة وذلك لأنهم أشاروا إلى أبي محمد في ذلك فقال لهم إن كانت لكم بهم مقدرة فجاهدوهم وقدموا منكم أكثركم قبيلة، وقالوا: داود بن إيملول الصنهاجي، ثم يليه يحيى بن ويدفا الصادي من بلاد هسكورة، ثم يعلى بن مصلين الرجراجي، فكانت تلامذته من المصامدة الثلاثة المذكورين مع تونارت بن تيدي الرجراجي والولي بن يرزﻳﮕﻦ المرماري وواجاج بن زلو اللمطي وعبد الله بن أبي تاليلت اﻟژودي ويرزﻳﮕﻦ بن علي اﻟژودي ومحمد بن طاووس الهزميري الرجراجي وآخرين، من أهل أغمات وغيرهم ممن لم تعرف أسماؤهم، فقدموا داود بن يملول حتى قتل، ثم يحيى بن ويدفا حتى قتل، ثم ابنه حتى مات، فقدموا يعلى بن ﻣژلين وهو الذي بنى مسجد شاكر..»([37]).
وقد أشار الأستاذ أحمد توفيق في تحقيق كتاب "التشوف" للزيات إلى أن طلبة ابن أبي زيد القيرواني كانوا تحت إمرة الشيخ أبي محمد عبد الله بن تايسييت([38])، في حين أن مؤلف كتاب "القبلة" ذكرهم بصفة طلبة أبي محمد فظن المحقق أن المقصود هو أبو محمد بن تيسييت بينما يشير صاحب كتاب "القبلة" على أن المقصود هو أبو محمد بن أبي زيد القيرواني صاحب كتاب "النوادر"، قال: «وإلى تلك الجهة بنى تلاميذ أبي محمد مساجدهم لأنهم حملوا عن أبي محمد ما ذكر في "النوادر.." ثم رجع عنه إلى ما ذكره في كتاب "مجمع الأصول.." إلى أن قال: وذكر أبو الطيب عبد المنعم أن ابن أبي زيد رجع عما ذكر في "النوادر.."»([39]).
فالمقصود إذن أبو محمد القيرواني مؤلف "النوادر" و"مجمع الأصول" وصاحب "الرسالة"، أما ابن تيسييت فيذكره صاحب كتاب "القبلة" ناقلاً عنه تحديد تاريخ بناء بعض مساجد أغمات فحسب، دون إشارة إلى زعامته الجهاد، ورد في النص: «أخبرنا أبو محمد عبد الله بن تيسييت وكاتبه قاضي أغمات وريكة أن مسجد أغمات وريكة بناها أميرها وطاس بن كردوس من بني أمية سنة خمس وأربعين ومائتين»([40]).
لقد اجتمع طلبة أبي محمد القيرواني بمنطقة أغمات التي كانت مجالاً لنفوذ البورغواطيين وقاموا بتنسيق الجهود العلمية التعليمية والعسكرية الجهادية فتوزعوا على رباطات المنطقة لنشر المذهب السني ممثلاً في مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، فكان من نصيب وﮔﺎﮒ الاستقرار برباط نفيس متفرغاً للتدريس والتعليم، وهناك زاره يحيى بن إبراهيم اﻟﮕﺪالي سنة  430 ﻫ([41])حاملاً رسالة الشيخ أبي عمران الفاسي التي تأمره بأن يرسل مع الأمير اللمتوني فقيهاً يعلم أهل الصحراء العقيدة السليمة وملازمة السنة النبوية ويردهم إلى طريق الخير والحق رداً جميلاً، ونص كتاب أبي عمران: «أما بعد إذا وصلك حامل كتابي هذا وهو يحيى بن إبراهيم اﻟﮕﺪالي  فابعث معه من طلبتك من تثق بعلمه ودينه وورعه وحسن سياسته ليقرئهم القرآن، ويعلمهم شرائع الإسلام ويفقههم في دين الله، ولك وله الأجر العظيم، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً»([42]).
ومن هناك انطلق عبد الله بن ياسين التمنارتي([43]) ليؤسس مشروع الإصلاح على أسس اجتماعية وسياسية قوية أنتجت دولة المرابطين.

 الانتقال إلى أﮔﻠﻮ: انتقل الشيخ وﮔﺎﮒ - في تاريخ لا نعرفه بالضبط - إلى منطقة أﮔﻠﻮ الواقعة غرب مدينة تزنيت الحالية على بعد نحو 13 كلم، وهي منطقة ساحلية كانت بها عين ماء ثرارة، وبها مداشر، توجد بأحدها مدرسة وﮔﺎﮒ بن زلو([44]). ولا يبعد أن يكون الشيخ رحل إلى هناك بُعيد سفر تلميذه عبد الله بن ياسين إلى الصحراء سنة 430 ﻫ، وهناك استقر واشتغل بالتعليم والتربية والعبادة ونشر الخير حتى توفي سنة 445 ﻫ([45])، أما أسباب هذا الانتقال فمجهولة، والراجح أن ذلك كان لعدة أسباب، هي:
 مواصلة محاربة المذاهب الضالة بسوس ممثلة في الشيعة البجلية بتارودانت والبورغواطيين بجبال جزولة ومنطقة ماسة([46])، وقد ذكر محمد المختار السوسي أن «البورغواطيين قد امتدوا حيناً إلى تلك الجهة حتى قيل إنهم وصلوا ماسة»([47]). كما ذكر صاحب "بيوتات فاس" أن عبد الله بن ياسين زحف على بلاد السوس لقتال أهلها من أهل الجبال التابعين لصالح بن طريف البورغواطي، قال: «فانهزم أهل السوس المتمسكون بما التمسه لهم صالح بن طريف، وقسم (يعني المرابطين من أتباعه) فيهم عبد الله بن ياسين سبيهم وأموالهم»([48]).
 متابعة أعمال عبد الله بن ياسين عن قرب فمنطقة أﮔﻠﻮ أقرب إلى الصحراء من وادي نفيس، ومعلوم أنه كانت هناك مراسلات بين التمنارتي وشيخه اللمطي، فكان يستشيره ويرجع إليه في تدبير أموره بين اللمتونيين خاصة لما كثرت شكاواهم منه. بل إن البكري يورد رواية غريبة من أن اللمتونيين لَمّا خالفوا عبد الله بن ياسين طردوه فرجع إلى شيخه وﮔﺎﮒالذي كاتبهم يشنع عليهم فعلهم وأمره بالرجوع إليهم، قال: <span lang="AR-SA" style="font-size:17
...