الأربعاء، 16 أبريل 2014

سماعيل العربي ( 1919 / 1996 ) كاتب ومترجم جرائري بارز وواحد من المساهمين في الوطنية بمشاركته الفعالة في جميع المحافل والدوريات الثقافية.
إنه رجل صنع مجده بأسلوبه المتميز وثقافته الموسوعية وإنتاجه الغزير ..
ولكن ماذا بقي منه الآن .. وماذا تعرف عنه الأجيال الحالية ؟
عرفت الأستاذ المرحوم إسماعيل العربي مصادفة عندما صدر الجزء الثاني والثالث من كتابه { نماذج من روائع الأدب العالمي } عام 1986 وقد شدني أسلوبه الفني الرائع وطريقته المتميزة في التحليل والتي تعتمد على البساطة والشمول ، إنه أسلوب آسر ليس فيه الصرامة الأكاديمية ولا اللغو الصحافي .
وقد كنت أحسبه من رجال الأدب الذين لم يكتب لهم حظ الظهور، لذلك عنيت بالبحث عن مؤلفاته فتفاجأت بتنوعها وثرائها من التاريخ إلى الاجتماع والسياسة ثم التحقيق والترجمة ... ولكن يؤلف بينها جميعا تلك الروح اللطيفة التي تسري عبر سطورها فتنعش الفكر و لا ترهقه، لذلك؛ فهو حين يقدم كتابه يرجو ( أن يجد فيه القارئ ما توخيته من الجمع بين المتعة والفائدة .. وهذا السفر يضم بين دفتيه موضوعات متنوعة ومتعددة كلها تهدف إلى تقديم عصارة مركزة، وقد روعي في تحريرها أن تكون سهلة الأسلوب دقيقة التعبير ومشوقة لهواة الأدب للتوسع بالبحث والإطلاع ) نماذج من روائع الأدب العالمي ج 3 المؤسسة الوطنية للكتاب 1986 .
ويبدو أن لنشأته الدينية باعتباره سليل زاوية موسى الوغليسي، وولعه بالقراءة والتثقيف، وكثرة تنقله بين البلدان وتقلبه في الوظائف إلى جانب احتكاكه بالمثقفين ومظاهر الثقافة في بيئات مختلفة؛ كل ذلك كان له أثر في صقل موهبته وتكوين ثقافته الموسوعية. فهو إضافة إلى أنه متضلع في اللغات الحية الثلاث، فهو متعدد الاهتمامات متنوع الميول .
إنه من الجيل الموسوعي الذي يخوض ببراعة في مجالات متعددة تدل على سعة علمه واهتمامه، بل بلغ من شدة حرصه أنه كان قبل الخوض في تأليف كتاب يضطر لجمع المادة ويعكف عليها بحثا وتنقيبا ثم يسافر إلى البلدان التي جرت فيها الأحداث أو التي لها علاقة بالموضوع، يقول بمناسبة إعداد أحد كتبه ( وهكذا قررت القيام برحلة استطلاعية في الصحراء أفضت بي إلى عدد من ممدنها وواحاتها ) الصحراء الكبرى وشواطئها ــ المؤسسة الوطنية للكتاب 1983 ــ ويقول في مقدمة كتاب آخر ( شرعت في العمل لوضع هذا الكتاب في أوائل سنة 1975 وقد كان من بين الرحلات التي حتمها علي البحث عن الوثائق رحلة إلى المغرب الأقصى ) ــ دولة الأدارسة ــ ديوان المطبوعات الجامعية 1983 . ولك أن تتصور بعد ذلك كيف تكون قيمة كتابه .
كنت قد أعددت عنه دراسة بعنوان ( إسماعيل العربي مؤرخا وأديبا ) عام 2005 لاحظت فيها ( أنه يكتب عن رغبة وحب بعيدا عن قيود المنهج والتزامات سوق الكتاب. وكل الكتب التي ألفها كانت نابعة عن قناعة واختيار شخصي .. لذلك تأتي خفيفة ممتعة ).
وهو اتجاه نلح عليه الآن لكي يعنى به مؤلفونا، ولعل الكثير يوافقني الرأي بعد أن طغت مناهج البحث العلمي على مجالات الأدب والفكر فقيدتها بصرامتها وأفقدتها جمالياتها بثقل وطأتها على النفس ونفور القارئ منها.
طبعا لم تكن هناك علامات تدل على مسيرة حياته، وقد قضيت سنوات مشغولا بجمع مؤلفاته وقراءتها، دون أن أعرف عنه شيئا سوى معلومات مقتضبة كان يوشي بها أغلفة بعض مؤلفاته أو يضمنها مقدمات البعض الآخر .
حتى نشر الأستاذ محمد الطاهر فضلاء مقالا في جريدة ( الخبر ) ينعي فيها الأستاذ، فكانت مفاجأة لي أن هذا العلامة بعد حياة حافلة يموت في صمت بعيدا عن أرض الوطن دون أن يتذكره أحد رغم أنه صاحب 60 كتابا أثرى بها المكتبة الوطنية والعربية .
الآن؛ وبعد مرور سنوات على وفاته لم يطبع له ــ في حدود علمي ــ سوى كتيب واحد هو { الدراسات العربية في الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي } ترجمه عن الفرنسية وأعادت طبعه وزارة الثقافة ضمن برنامج صندوق دعم الكتاب الذي تشرف عليه .
محطات بارزة في حياة حافلة
- اسمه الأصلي محمد أعراب
- ولد سنة 1919 ببني وغليس في منطقة القبائل الجزائرية .
- تعلم مبادئ الدين وحفظ القرآن في قريته
- ثم انتقل إلى مدينة قسنطينة التي كانت أول محطة يشد إليها الرحال طلبا للعلم، فاتصل بالشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس وتابع دروسه التي كان يلقيها في الجامع الأخضر.
- انتقل إلى باريس عام 1938 وزاول نشاطه ضمن الحركة الثقافية تحت إشراف الشيخ الفضيل الورتلاني، إلى جانب الشباب الجزائري المغترب والطلبة العرب .
- وبعد ذلك انتقل إلى القاهرة حيث انتسب إلى إحدى كليات الجامعة الأمريكية التي درس فيها مدة 6 سنوات توجها بحصوله على شهادة الليسانس في الآداب
- في أواخر الأربعينات عاد إلى أرض الوطن حيث أوكلت إليه جمعية العلماء المسلمين تنظيم التعليم العربي وعينته رئيسا للجنة التعليم العربي فسار بها سيرا حسنا مدة أربع سنوات، إلا أن المرض تمكن منه.
- اضطر لمغادرة التراب الوطني نحو فرنسا قصد تلقي العلاج ، فاستغل الفرصة وانتسب إلى كلية السوربون التي تخرج منها عام 1954 بشهادة الدراسات العليا في التاريخ والاقتصاد .
- عمل بعد ذلك مديرا لشؤون الصحافة في مكتب رئيس الوزراء الليبي في بنغازي مدة سنة .
- ثم سافر إلى لندن التي تولى فيها منصبا في هيئة الإذاعة البريطانية، وهولندا حيث عمل في إذاعة مدينة هلفرسم، ثم سويسرا وجنيف للعمل في منظمة الأمم المتحدة .
- عمل في السبعينات مندوبا لوفد الكويت الدائم في الأمم المتحدة .
- وأخيرا عاد ليستقر نهائيا بعاصمة البلاد، متفرغا للكتابة والنشر .
- أصدر مجلة ( إفريقيا الشمالية ) التي لم يكتب لها الاستمرار طويلا .
- عمل مستشارا للشركة الوطنية للنشر والتوزيع
- الأستاذ إسماعيل العربي متزوج وله من الأبناء : شهرزاد، أسمهان وخلدون .
- توفي في 31 مارس 1997 بالدار البيضاء ونقل جثمانه إلى الجزائر حيث دفن بمقبرة العالية .
مؤلفاته
• الشؤون الدولية :
- التنمية الاقتصادية في الدول العربية في المشرق
- التنمية الاقتصادية في الدول العربية في المغرب
- التكتل والاندماج الاقتصادي بين الدول السائرة في طريق النمو
- التعاون الاقتصادي للتنمية في نطاق المنظمات الدولية
- هيئة الأمم المتحدة والتنمية الاقتصادية في الدول السائرة في طريق النمو
- الهيئات الدولية والمنظمات الإقليمية ـ دساتيرها ونشاطها
- تاريخ الصراع من أجل المواد الأولية بين دول العالم لثالث والعالم الرأسمالي
- فصول في العلاقات الدولية
- حاضر الدول الإسلامية في القارة الإفريقية
- الإسلام والتيارات الحضارية في شبه القارة الهندية
• التاريخ :
- دراسات في تاريخ الجزائر الحديث
- حياة الأمير عبد القادر
- حكومة الأمير عبد القادر
- العلاقات الدبلوماسية في عهد الأمير عبد القادر
- المقاومة الجزائرية في عهد الأمير عبد القادر
- معركة سيدي إبراهيم
- دولة بني حماد ملوك القلعة وبجاية
- دولة بني زيري ملوك غرناطة
- عواصم بني زيري ملوك آشير وبجاية والقلعة ومهدية
- دولة الأدارسة ملوك تلمسان وفاس وقرطبة
- الصحراء الكبرى وشواطئها
- الرحالة والمستكشفون المسلمون في العصور الوسطى
- تاريخ الرحلة والاستكشاف في البر والبحر
- دور العرب في تقدم الجغرافيا الوصفية والفلكية
- المسلمون والملاحة البحرية
- المدن المغربية في الأدب الجغرافي العربي
• الترجمة :
- مذكرات شارل قنصل أمريكا بالجزائر ( 1815 / 1826 )
- مذكرات الكولونيل أسكوت عن إقامته في زمالة الأمير عبد القادر
- مذكرات كاثكارت أسير الداي وقنصل الولايات المتحدة في المغرب
- سقوط غرناطة ــ واشنطون إرفينج
- قصر الحمراء في الأدب والتاريخ ــ واشنطون إرفينج
- الفتوحات الإسلامية في فرنسا وسويسرا وإيطاليا ــ جوزيف رينو
- الإسلام في مجده الأول ــ موريس لمبارد
- الدراسات العربية في الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي
- العلاقات الدبلوماسية بين دول المغرب والولايات المتحدة ــ راي إيروين
- مسرحية الثائرة ــ أوسكار وايلد
• التحقيق:
- كتاب الجغرافيا ــ ابن سعيد المغربي
- رسالة في الجغرافيا ــ لمؤلف مجهول من الندلس
- القارة الإفريقية وجزيرة الأندلس ( مقتبس عن كتاب نزهة المشتاق ) ــ الإدريسي
- كشف الغمة في أخبار الأمة ــ سعيد بن سرحان العماني
- سير الأئمة الرستميين وأخبارهم ــ أبو زكريا يحي
- سير مشايخ المغرب ــ أبو الربيع الوسياني
- عهد الأمير عبد الله الأموي ــ أبو حيان
- تاريخ افتتاح الأندلس ــ ابن القوطية
- العز والمنافع للمجاهدين بالمدافع ــ الريس إبراهيم
- المقتبس في تاريخ الأندلس ــ لبن حيان الأندلسي
- رحلة أحمد بن المهدي الغزال وسفارته إلى الأندلس
- تحفة الألباب ــ أبو حامد الغرناطي
- تقويم البلدان ــ الملك الصالح أبو الفداء
• الأدب :
- نماذج من روائع الأدب العالمي 3 أجزاء
• المعاجم :
- معجم الحواضر الإسلامية بالأندلس
- معجم الحواضر الإسلامية بالمغرب
- معجم الفرق والمذاهب الإسلامية
- معجم الجغرافيين والفلكيين العرب
هوامش
- لا أدري بالضبط إن كان الأستاذ قد حصل على شهادة الدكتوراه، وهي الصفة التي نشر بها بعض مؤلفاته .
ــ آخر كتاب نشره الأستاذ هو ( دور المسلمين في تقدم الجغرافيا الوصفية والفلكية ) صدر عن ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1994 وهو الذي اعتمدت عليه في سرد قائمة مؤلفاته .
- صورة المؤلف مأخوذة من كتاب { تاريخ افتتاح الأندلس } ــ ابن القوطية
- إنني أناشد عائلة الأستاذ والباحثين المهتمين التعاون معنا من أجل التعريف به أكثر و إعادة بعث تراثه .
مراجع
- مجموعة من مؤلفات الكاتب
- محمد الطاهر فضلاء ــ الأستاذ إسماعيل العربي : يقيم من دنياه غريبا ويرحل عنها غريبا ــ جريدة " الخبر" 09/10/1997 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق