الجمعة، 3 أغسطس 2012

اتجاهات فلسفة التاريخ المعاصرة
 
الاتجاه الحيوي: "نيتشه وشبنجلر"
تعود أصول الاتجاه الحيوي في فلسفة التاريخ إلى الحركة الرومانسية التي ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر عند روسو، وقد لاحظنا كيف تلقف الألمان هذا الاتجاه ومنحوه معاني مختلفة عن أصوله التنويرية إذ اخذ الألمان يطبقون عليه نزعة حيوية عرقية نوردية و (داروينية تاريخية) وتشاؤمية ثقافية.
والفيلسوف الذي سار بهذا الاتجاه إلى نهايته القصوى هو نيتشه (1844-1990م)، إذ تحول مثل ماركس إلى حركة أيديولوجية وثقافية كبرى في القرن العشرين، وإذا كان ماركس قد سار بفكرة هيجل الجدلية إلى نهاية الشوط، فان نيتشه قد انطلق حيث انتهى إليه فيورباخ في تبشيره بالإنسان الأعلى "السوبرمان" الذي سيحل محل المسيح، بعد إن أعلن موته([1])
هذا، ويرى البنيوي (ميشل فوكو) أن فيورباخ وليس نيتشه هو الذي أمات الله، في حين لم يكن هذا الأخير ألا نذيراً وناقلاً لهذا النبأ المشؤوم لأهل عصره، حينما أصابته الدهشة بعد أن تحسس قلبه وقلوب أهل زمانه فوجد أن الإيمان بالله قد مات(*).
من هذه الواقعة الإيمانية الخطيرة تنطلق فلسفة نيتشه في التاريخ، لقد أدرك نيتشه قبل غيره من أهل زمانه هول المأساة، مأساة غياب الإيمان بالله محدساً، إلى هول الثمن الذي يترتب على الإنسان دفعه بقوله "إذا لم نجعل من موت الإله زهداً كبيراً وانتصاراً دائما على ذواتنا، فسيتحتم علينا أن ندفع ثمن هذه الخسارة الفادحة.
لقد كانت المشكلة التي روعت نيتشه هي مشكلة العدمية فقد أصبحت العدمية لديه نبوئية- (أصبحت العدمية واعية لأول مرة) كما يقول كامو "قد اقر العدمية وفحصها كواقعة سريرية"(2).
مع نيتشه بلغت الحداثة الغربية كامل أزمتها، إذ غدا الإنسان لوحده في هذا العالم المتحرر من الإله. ومن القيم الأخلاقية التي كانت ترتبط به إن مسؤولية هذا العالم خيره وشره تقع الآن على عاتق الإنسان المهجور لوحده بلاعون ألهي دون سحر ارضي، وليس هناك بادرة أمل في أي عون متعال، إن الإنسان صار وجهاً لوجه بإزاء العدم عدم القيم الأخلاقية والتقاليد التي كان يستمد منها مسوغات حياته ويرد نيتشه عن هذا السؤال المفزع: ولكن هل يستطيع الإنسان إن يعيش دون أمل؟... دون أن يؤمن بشي؟.
لقد جاء جواب نيتشه مشروطاً- انه في ر كوب المخاطر- يجب على الإنسان إن يتقبل ذاته قدراً محتوماً وان يسلم ببراءة العالم ويتقبله بعد تطهيره من كل الأصنام والأحكام والقيم، عندما ينهار العالم الحقيقي عالم المثل الافلاطونية فان العالم المحسوس يقصد عالم المؤسسات والقيم- ينهار أيضا ولكن لا ليرشح في العدم، بل ليأخذ الحسي والمحسوس كل التصديق والموافقة([3]).
بعد أن ينسف نيتشه الأساس الموضوعي لكل القيم ويطهر العالم من الأصنام معترفاً فقط ببراءة الصيرورة التي تمثل عنده منتهى الحرية "الرضا التام بالحتمية التامة" يعلن معتقده الجديد "الإنسان الأعلى" هو مطلبي واهتمامي، فهو أول وأخر ما اهتم به... لا الغوغائيين التافهين الذين أصبحوا اليوم سادة يعلمون الناس الخنوع والتواضع والحذر والصبر والمثابرة... أولئك الذين يسيطرون على المصير البشري كله... المتشبهون بالنساء والعبيد([4]).
وقد كان اثر شوبنهاور عميقاً في نيتشه، إذ خلص إلى أن "إرادة القوة"([5])  هي المنقذ للإنسان الحديث، وكانت البطولة الرومانسية هي ترياق "نيتشه" المضاد للتشاؤم الثقافي عند أستاذه ريكهارت، وجميع أعمال نيتشه (العلم المبهج)، و(جينيالوجيا الأخلاق)، و(ما وراء الخير والشر) و (هكذا تكلم زرادشت) كانت بمعنى عميق، بحثا عن جذور التفسخ في الثقافة الأوروبية، فقد وصل إلى خلاصة إن أوروبا الحديثة فقدت قوة الحياة الدافعة لخلق قيم وخصوبة تؤدي إلى ثقافة قوية حقاً، على وفق هذا المنطق يصبح التاريخ كله صراعاً بين مجموعتين هؤلاء الذين يعبرون عن أرادة القوة وغريزة الحياة، وأولئك الذين لا يعبرون عنها([6]).
على هذا النحو نرى نيتشه يقدم مفاهيم جديدة للتاريخ، قوة الحياة والبطولة والتفوق، وهو بذلك يمثل صورة نكوص باتجاه الروح الديونيسية، ضد الروح الابولونية، الروح البربرية ضد الروح الحضارية الاستقراطية ضد الجماهير، كان نيتشه معجباً بالاستقراطية أنموذجاً لقوة الحياة النشطة في المجتمع، ولقد وجد نيتشه في داروين سنداً قوياً لفلسفته، إن الحياة هي القوة قوة الغرائز والشهوات والاندفاع والحرب والمغامرة والرقص وكل ما يتضمن نشاطاً قوياً وحراً وممتعاً على نحو عام والتاريخ كله يسير مدفوعاً بإرادة الظفر خلال قوة لا تعرف الرحمة، بهذا المنطق الأخلاقي النكوصي يفسر التاريخ([7]) لقد أراد نيتشه أن يجيب على السؤال: ما هو الإنسان؟ ما هي كينونة الكائن؟... وكان جوابه: انه "إرادة اقتدار" وعود ابدي لذات النفس... وتتعلق فكرة إرادة الاقتدار في قدرة الموجود على تجاوز وجوده فيما تتعلق فكرة العود الأبدي، بالكائن في كليته- وهي القبول الأعلى للحياة وللكائن.
بيد إن المصر الذي آلت إليه فلسفة نيتشه(*) أكثر مأساوية من مصير فلسفة ماركس، إذ جعل ذريته – من مطلبه: "إن يخضع الفرد لخلود النوع، حالة خاصة من النوع". أما الحياة التي كان يتحدث عنها بخوف وارتجاف، فقد هبطوا بها إلى بيولوجيا للاستعمال المنزلي، وقلبوا باسمه الشجاعة ضد العقل وقوة الخلق والإبداع، إلى قوة العنف والقتل والتدمير.
وإنها لمفارقة مأساوية إذ يستحضر نيتشه في القرن العشرين لينصب بكونه أبشع اله للتعصب والقتل والطغيان مع انه كان يقول: "اعرف التاريخ بما فيه الكفاية ولدرجة تجعلني لا أتوقع من استبداد الجماهير سوى الطغيان الذي سيكون نهاية التاريخ"([9]).
وإذا ما استثنينا ماركس، فلا مثيل لمغامرة نيتشه في تاريخ العقل... "ولم يكن لدينا مثالٌ عن فلسفة منارة بتمزقات نفس فريدة، تدعو الإنسان للتفوق على ذاته قد أظهرت للملاء بركام جثث المعتقلين وملايين القتلى والعذابات الرهيبة، يقول كامو التبشير بإنسانية متفوقة يكون مؤداة أنتاج الأقزام هو ذا الأمر الذي يجب إن يفضح ويحتاج إلى تفسير"([10]).
لقد أصبح نيتشه دون إن يدري – متحدثاً رسمياً باسم الآرية المعادية للسامية، ورمزاً أيديولوجيا للنازية الهترلية ويهمنا من نيتشه هنا تلك الأفكار التي سوف تلهم (شبنجلر) وأهمها:-
1-تمييزه الصارم بين الثقافة والحضارة عاداً إن الثقافة هي القوة الحيوية وان الحضارة هي الأخلاق المتفسخة أخلاق العقل والعلم والنظام(*).
2- الفكرة الثانية: هي فكرة العود الأبدي، التي تعني قانون "التواتر اللانهائي" كل الإحداث تتكرر إلى ما لا نهاية، وان مجمل الطاقة في الكون يظل دائماً كما هو، وان لا خطة ولا هدف غائي هناك ليعطي معنى للحياة أو للتاريخ يقول (زرادشت) "أعود ثانياً مع هذه الشمس، هذه الأرض، هذا النسر، هذه الحية... لا إلى حياة جديدة... حياة أفضل أو حياة متشابهة أعود إلى هذه الحياة نفسها"([11]).
وإذ لا هدف نهائياً فان حيوية الحياة وتوترها وخيار الفرد هو المهم، عش "هكذا لكي ترغب في أن تعيش ثانية" إن أرادة القوة، ليس لها غاية أخرى غير ذاتها.
إن شبح نيتشه سوف يخيم على تاريخ فكر القرن العشرين، ولقد انتهى نيتشه إلى إن مصير الحضارة يعتمد على قوى حيوية موجودة بمعزل عن الخير والشر، إنها قوة الحياة في النمو والتجدد والخلق والإبداع والتجاوز، التي غدت عند أحفاده قوة السيف والساعد. 

شبنجلر والتعاقب الحيوي للحضارات
إن هذا النيتشه، نبي التشاؤمية الثقافية هو الذي سيلهم أوز والد شبنجلر (1880-1936) ويشكل رؤيته الفلسفية عن مصير الحضارة الغربية، إذ تبنى شبنجلر خلاصات نيتشه وأعاد مزجها في رؤية جديدة للتاريخ والحضارة إضافة إلى تأثر شبنجلر بـ غوته والكاتب المسرحي النرويجي "هنريك أبسن" وفيلسوف التاريخ "ارنست هايكل" الذي كانت رؤيته لتاريخ الإنسان كجزء من كل عضوي قد أثرت بعمق في تفكيره في الفترة الأخيرة"([12]).
في الواقع يصعب جرد كل الذين آثروا في شبنجلر، فهو مثله مثل أي فيلسوف لا بد من انه تأثر بكل الثقافة الفلسفية الأدبية والعلمية التي سبقته، ونشير فقط لمن يدين لهم شبنجلر أكثر من غيرهم وأهمهم بعد نيتشه هيرقليطس، وليبتز وفلهم دلتاي، وشوبنهاور وزيمل وداروين... وغيرهم ويعرض شبنجلر فلسفته في التاريخ في عدد من كتبه أهمها "أفول الغرب" الذي ترجم إلى العربية بـ "تدهور الحضارة الغربية" و(السنوات الحاسمة)، و(البناء الجديد الرايخ الألماني)، و(ألمانيا وتطور التاريخ العالمي)، و(الإنسان والتقنية)، و(هيرقليطس) و(البروسية والاشتراكية)، و(ساعة قرار)... الخ.
لقد عاش شبنجلر في بيئة ثقافية متوترة، كانت الثقافة الألمانية تواجه تحديات كبيرة فيها، تحدي ازدهار الحضارة الانجلوسيكسونية وليبراليتها الفردية وتحدي التكنولوجيا واليتها، وكان تراث النقد الثقافي الألماني يرى أن الآلات الصناعية ليست دليلاً على التقدم وإنما على الانحلال والتفسخ، في تلك المدة من صعود القومية الألمانية وازدياد الشعور بالذات والهوية الألمانية التي تمثل الروح الآرية الحيوية وتحمل قوة الحيوية الثقافية. وقد اخذ الصدع الثقافي في الدوائر الأكاديمية يتسع بين الثقافة والحضارة، كان الشعور العام بين المثقفين الألمان بان ألمانيا هي الثقافة وأوروبا هي الحضارة الغاربة(*).
وكان الرمز الثقافي في ألمانيا في أواخر التسعينات هو (زرادشت) النبي الأوحد والمريد الذي يخلق نظامه الخاص من وسط البرية هذا الرمز النيتشوي يتوحد مع رمز أخر هو (فاوست) غوته ليلهب الروح الألمانية بإحساس مستعر بالقلق والتوتر والتفوق، وبعد ألازمة (الماركشية) التي اشرنا إليها سابقا بدا شبنجلر يخطط لمشروع ضخم لتوضيح أفكاره الجديدة في التاريخ والحضارة، تحت عنوان (المحافظ والليبرالي) لكنه عندما وقف ذات يوم من عام 1912 أمام محل لبيع الكتب القديمة في (ميونخ) شاهد على واجهة العرض كتاباً عن التاريخ القديم بعنوان "أفول الحضارات القديمة" وهكذا جاءه عنوان كتابه "أفول الغرب"([14]).
وما أن شرع شبنجلر في وضع اللمسات الأولى لمشروع دراسته الواسعة عن الظاهرة السياسية([15]) للحداثة الغربية وعن احتمالات تطورها في المستقبل، حتى قرعت الأجراس منذرة ببدء الحرب العالمية الأولى كان الشعور بان أوروبا تقف على حافة الهاوية، والتوق المحموم لبداية نيتشويه جديدة هو المزاج الغالب على ألمانيا حينذاك، وكان شبنجلر يشجع الحرب ويحسد من يمرون بخوض تجربتها([16]) كل تلك المخاوف والآمال كانت تستحث في شبنجلر الرغبة والحلم لرؤية ألمانيا " الثقافة الحيوية" تنتصر على الحضارة المتفسخة في الغرب.
أكمل شبنجلر كتاب "أفول الغرب" عام 1914 ولكن قيام الحرب أوقف مراجعته النهائية، وبسبب ضعف بصره، وقلبه أيضا، لم يلتحق "شبنجلر" بالجيش، لكنه سرعان ما وجد نفسه متورطاً في المجهود الحربي ففي (25 أكتوبر) كتب إلى صديق له "أنا متفائل تماماً... سننتصر"([17]) وفي ابريل 1918 وفي غمرة الهجوم الألماني الأخير، على فرنسا، كانت ألمانيا تبدو على وشك الانتصار، وكان شديد الاقنتاع بان ألمانيا ستقيم إمبراطورية قوية من بين أطلال أوروبا المتفسخة وتبسط قوتها شرقاً باتجاه "الاورال" ثم توالت خيبات الأمل حينما انهار هجوم (لندندورف) أمام الهجوم المضاد للحلفاء، بعد ذلك عمت ألمانيا المنهزمة حالة من الاضطراب والفوضى والتوحش" لا شي سوى الجوع والنهب، والقذارة والخطر والنذالة التي لا مثيل لها، هكذا يصف وشبنجلر ألمانيا بعد السقوط"([18]).
وكان أول رد فعل عند شبنجلر هو اليأس" لقد انهار كل ما كنت احلم به واقدره، لماذا يحل بنا هذا المصير؟ النظام السياسي والروح البروسية التقليدية والرجال الشجعان كل شي مات بالخنادق، وكانت الثورة التي أعقبت الهزيمة عام 1919م أكثر الثورات دموية في تاريخ ألماني"ا([19]).
في خضم هذه الأحداث العاصفة، وفي تلك الآفاق الموحشة([20])، كان شبنجلر يفكر بالتاريخ والحضارة([21]).
التعاقب الدوري للحضارات
 انطلق شبنجلر في فلسفته للتاريخ العالمي، من التمييز بين المفاهيم الأساس: الطبيعة والتاريخ، العلية والمصير، العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، الوقائع والأحداث والحقائق والمعارف، الصيرورة والوجود، الزمان والمكان الحضارة والثقافة، الشعور والعقل، التاريخ كأحداث والتاريخ راوية للأحداث([22]).
وبعد أن ينتقد أوهام المركزية الأوروبية، والحتمية التاريخية والتقدمية المدنية والحضارية، أخذ يفكر في ذلك السؤال الذي اقلق ملهمة نيتشه والذي سوف يقلق فيما بعد توينبي ما هو مصير الحضارة الغربية؟؟
هذا هو السؤال الذي حفز شبنجلر على كتابة "أفول الغرب" وفي سبيل الإجابة على هذا السؤال كان لا بد له من أن ينظر إلى التاريخ كله نظرة تحليلية وصفية مقارنة، وعلى أية حال، لم يكن "أفول الغرب" عملاً أصيلا كما يزعم شبنجلر، وكما يعتقد بعض الدارسين، بل كان عرضاً ملخصاً للتشاؤمية التاريخية والسخط الثقافي على مدى نصف قرن، إذ اعتمد شبنجلر على تراث النقد الثقافي الألماني بعبارته الملغزة ومفاهيمه الميتافيزيقية مثل "الشعور، والمصير، وروح الشعب، وذاكرة العرق"
كما اعتمد على نظرية القرن التاسع عشر العضوانية للتطور التاريخي، بعد مزجها بالتقليد الحيوي النيتشوي([23]), وفي رأيه أن التاريخ سياق حي للأحداث وصيرورة مستمرة لا تسير في إي اتجاه، بل تنبثق في الثقافات المختلفة وكل ثقافة تاريخية تشكل كلاً واحداً منغلقاً على نفسه لان لديها قوتها الحيوية الداخلية الخاصة، التي تجعلها جزءاً من الحياة بكل اكتمالها، وتقرر مصيرها المستقبلي، ولا وجود لأي تأثير أو تأثر بين الكيانات الثقافية المختلفة، كل ثقافة لها إمكانياتها الخاصة الفريدة... للتعبير عن الذات التي تنبثق، وتنضج وتنحل ولا تعود، وكل منها "بلا هدف" ولا غاية، بل تكرس وجودها وقيمها من اجل أشياء الزمان والمكان مدفوعة بقوة الحياة ومنطقها الحيوي، وبدلاً من الاستمرارية والتقدم في التاريخ، هناك فقط انقطاعات وانعطافات سريعة مفاجئة عن "كتلة من البشر لا حدود لها، تفيض في مجرى بلا شواطئ، ولكل ثقافة طفولتها وشبابها ونضجها وشيخوختها"([24]).
وربما كان شبنجلر قد استلهم ابن خلدون، في هذا التصور الحيوي الدوري للثقافات- الحضارات، وفي اعتقاده أن الحضارة هي شيخوخة الثقافة بل الحضارة هي المصير الحتمي لكل ثقافة.
في ضوء ذلك يحدد شبنجلر ثماني حضارات عالمية جديرة بالاهتمام هي: البابلية، والمصرية، الصينية، الهندية، الكلاسيكية (الإغريقية الرومانية والإسلامية والمكسيكية قبل كولمبوس، والغربية)([25]).
وعلى الرغم من إن شبنجلر قد أزاح في تصوره الحضاري للتاريخ الحضارة الغربية من مركز التاريخ التي تدعيه لنفسها لكنه لم يمنح الحضارات الأخرى في دراسته القدر نفسه من الاهتمام والبحث.
وكل حضارة من تلك الحضارة هي كيان عضوي منغلق على ذاته، يولد وينمو وينضج ويشيخ ويموت، وكما إن للكائن الحي دورة حياة كذلك للحضارة دورة حياة منغلقة([26]).
وكل حضارة أنما تخضع لمسار تعاقبي في تطورها الذاتي، والتعاقب الدوري للحضارات لا يقصد به شبنجلر أن الحضارات تعقب بعضها بعضاً فحسب بل أن كل حضارة تسير في تطورها الذاتي في مسار دوري من الولادة إلى الشيخوخة، ويشبه شبنجلر كل حضارة بتوالي الفصول الأربعة: ربيعها في مرحلة البطولة: في حياة الأساطير وشعر الملاحم والبطولة كمرحلة هوميروس لدى اليونان وفترة العصور الوسطى في الغرب، أما صيفها فيتميز بظهور القيادات المتوثبة الطموحة، أنها مرحلة ظهور وازدهار دولة المدنية في الحضارة الابولونية، ومرحلة ظهور الدولة الأموية في الحضارة العربية الإسلامية، وعصر النهضة في الحضارة الغربية الفاوستية، ويمثل الخريف مرحلة النضج الكامل للينابيع الروحية والبوادر الأولى للشيخوخة والإرهاق، وفي الشتاء تفقد الحضارة روحها المبدعة وتصبح مجرد مدنية آلية ميكانيكية منظمة إذ يسود العقل والنظام والمال والمنفعة، إذ تتجمد السورة الحيوية وتتجسد في المؤسسات المدنية وتجف ينابيع الخلق والإبداع والتسامي الروحي.
أن عصراً تسود فيه الآلية البحتة وينعدم فيه الابتكار الفني الفلسفي وتسيطر عليه الاتجاهات اللادينية لهو عصر تدهور واضمحلال. والحضارة الغربية في نظر شبنجلر قد بلغت بالتقنية والمال، مرحلة الاضمحلال، وقد أعلن شبنجلر "أن أوروبا وصلت إلى التفسخ في عالم يحتضر قوة وذكاء تم تبديدهما في الاتجاهات الخطأ"([27])، والمصطلح الذي يستخدمه شبنجلر لوصفه حالة الحضارة الأوروبية المتفسخة هو "الفاوستية" التي تنشد المعرفة والتغير والقوة والسيطرة الميكانيكية لا الحيوية والاستعمار هو الحضارة الخالصة([28])، انه توسع وحشي نحو الخارج عن طريق السيطرة والسيادة "الإمبراطورية" وإذا كانت الإمبراطوريات القديمة بنيت عن طريق الغزو وضم واستيعاب الشعوب الأخرى، فان الإمبراطوريات الحديثة مبنية على غزو الفراغ المتصور بأنه السوق، وهذه الشهية الفاوستية المجنونة للتوسع التجاري والمالي هو بداية انحلال الغرب، وإذا كان بدا شبنجلر في الجزء الأول من كتاب "أفول الغرب" قد قدم التاريخ بكونه قصة الشعوب والدول والحضارات المتعاقبة فانه في الجزء الثاني يقدم المستقبل بكونه "صراع البشر وليس صراع المبادئ، صراع صفات الجنس وليس المثل، لان القوة التنفيذية هي البداية والنهاية. وقد ظهر الجزء الثاني في مايو عام 1922، وسط جو من الانقلابات العسكرية والقلق السياسي، لهذا كان أكثر من الجزء الأول صلة مباشرة بالسياسية وبالصراع الأيديولوجي في الغرب، إذ يشن شبنجلر هجوماً عنيفاً على قيم الغرب الليبرالية التجارية العلمية المتفسخة ويرى انه آن الأوان لالمانيا الجيرمانية الأريه للإجهاز على تلك الحضارة المنحلة (في عالمنا الجيرماني، ستعود أرواح الاريك(*)  و "ثيودوريك"(**) مرة أخرى.
 لتكسر دكتاتورية المال وسلاحها السياسي، الديمقراطية، سينتصر السيف على المال([29]) وكان شبنجلر ينادى بقيام نخبة جديدة في ألمانيا تتكون من شباب يتجاهلون اللغة السياسية عديمة القيمة، قادرين على استيعاب كل ما هو جموح وفعال في طبيعتنا، وهم مستعدون للمضي إلى الإمام مهما حدث، وربما لا تكون ألمانيا قادرة على إنجاب آخرين مثل (جوته) ولكنها يمكن إن تنجب قياصرة جدداً.
أما القيصر الجديد الذي كان يبشر بولادته فلم يكن غير الزعيم النازي (ادولف هتلر) وفي صيف عام 1933م كانت لحظة غريبة حينما التقى الرجلان: المحارب الذي تحول إلى سياسي معاد للسامية والفيلسوف الذي تحول إلى مشعوذ سياسي، كان الرجلان يقفان عند ملتقى نهرين عميقين سريعين، يجريان عبر المشهد الطبيعي للثقافة الألمانية احدهما ينساب من (جو بينو) إلى (فاجنر) و (هوستون) و (تشمبرلبن) والأخر ينحدر من شوبنهاور ونيتشه وزيمل واتباعهما من الرايكاليين القوميين كلاهما (شبنجلر وهتلر) كان نبياً للتشاؤمية الثقافية، على طريقته، كان يتطلع إلى غروب أصنام الحضارة الغربية الانجلو سكسونية: وفي كتابيه البروسيه(*) والاشـتراكية، عام 1920، وكتــاب (ساعة القرار) كان شبنجلر ينزلق في طريق محفوف بالمخاطر السياسية لم يستطع التكهن بعواقبها، ورغم دعوته في (ساعة قرار) لحمل السلاح " الآن ولا فلا" في الصراع الكوني القادم، وفي انتخابات عام 1932 صوت شبنجلر لصالح هتلر، وعلى الرغم من أن كتابه الأخير (ساعة قرار) لم يكن دعوة للإطاحة بهتلر الا انه في المناخ الفكري للرايخ الثالث كان أي شي يقل عن التقريظ التام يعد نقداً تماماً، وقد جلب على نفسه عداوة النازيين وفي 8 مايو من عام 1936 مات شبنجلر في منزله بصمت([30])، وكان توماس مان واحداً من قلة علمت بوفاته ليكتب في مفكرته:-
"مات صغيراً، واحسب انه مات في مرارة وندم ولكنه أتى أشياء مرعبة ليمهد الطريق لما هو قادم، وأطلق، باكراً، تلك الألحان التي تصيبنا اليوم بالصمم"([31]).
هذه هو شبنجلر الذي بشر بافوال الحضارة الغربية في سبيل ولادة الحضارة الآرية الجرمانية البروسية النيتشويه، ودون معرفة السياق التاريخ والمكان الذي يضع فيه الفيلسوف قدميه ويحدد موقعه يصعب فهم فلسفته، فوراء كل فلسفة تاريخ كبيرة تكمن واقعة بسيطة تتمثل في رغبة الفيلسوف في التفوق والقوة، ولقد كانت كل فلسفة شبنجلر بما احتوت عليه من مفاهيم معقدة وتحليلات ومقارنات تهدف في المحصلة الأخيرة إلى البحث عن المكان الذي يجب إن تشغله ألمانيا في المسرح العالمي الجديد، المطالبة بحصة ألمانيا في الثروة والقوة الاقتصادية العالمية ولم يكن "أفول الغرب" الا تسويغاً فلسفياً لصعود ألمانيا وكان شبنجلر يحذر الألمان بشان المستقبل بقوله:- "القادم إلينا ألان هو سيادة انجلوساكسونية على العالم، أي حضارة منجزة"([32]). ولم تكن رغبة شبنجلر بسيادة ألمانيا، بأقل من رغبة المؤرخ الروسي نيكولاى دانيليفسكي (1812-1885) حينما أكد تفوق الثقافة السلافية وتنبي بدورها القادم، مثل شبنجلر الذي قام ببناء نظرية كاملة في فلسفة التاريخ والحضارة التي تقوم على أساس التعاقب الدوري للحضارات إذ حدد عشر حضارات أساسية في التاريخ ليخلص إلى بيان وحدة الحضارة الصقلبية السلافية بزعامة روسيا مؤهلة بما تمتلكه من روح حيوية ووحدة ثقافية لقيادة العالم الجديد([33])، بحكم موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب.
وقد كان شبنجلر يكرر القول إن ألمانيا كانت الآن، الدولة الرئيسة في العالم، فهي تقع كما كانت بين أسيا بما فيها من ثورتين عظيمتين في (روسيا والصين) وأوروبا الغربية بما فيها من اضمحلال اقتصادي. "وكان العالم على وشك التمزق كما يقول بين حرب طبقية في الغرب، والدول الإمبراطوريات الجديدة الملونة في الشرق، أما الأمة الالمانيا فما تزال شابة بما يكفي لتمر بمشكلات عالمية تاريخية وتتمكن من حلها"([34]).
هكذا نكون بإزاء فلسفات لا تفسر التاريخ فحسب بل تهدف في الأساس إلى السيطرة على التاريخ وقيادته والفلسفة الهيجلية والماركسية والنيتشوية والى حد ما فلسفة ارنولد توينبي جميعها فلسفات لا تبحث في ابستمولوجيا التاريخ ولا يهمها كثيراً من يكتب التاريخ أو كيف يكتب، بقدر ما يهمها من يصنع التاريخ وكيف يصنعه ويسيطر عليه(*).
وإذا كان يقال "أن لكل ثورة فلسفتها، لكن ليس لكل فلسفة ثورتها"([36]) حينما جرى تسويغاً الفلسفة الماركسية التي غدت على يدي بليخانوف ولينين فلسفة الثورة الاشتراكية الروسية، فانه بالمثل يمكن النظر إلى فلسفة نيتشه الحيوية بأنها قد تحولت على يد شبنجلر وهتلر إلى حيوية قومية ثورية انقلابية ومع أن الماركسية والنيتشوية قد انطلقتا من نقد الحداثة الرأسمالية، يقفان على مفترقي طريق شديد الانحدار، ففي حين كان تمرداً ماركس على احتكار التاريخ من الأغنياء أي تمرد باسم الإنسان التاريخي الذي يصنع التاريخ ويستحق مكأفاته، كان تمرد باسم الضعفاء من العمال والفلاحين، كان تمرد نيتشه وشبنجلر الماروائي تمرد باسم القوة، قوة الحياة والغزيرة في الإنسان الفرد، (زرادشت) النبي المتوحد الذي يخلق قيمة لذاته, ان تمجيد الحياة والوجود الحقيقي ونبذ النزعة الالية والعقلية في دراسة التاريخ قد اكتسبت على يد شبنجلر ابعادها القصوى إذ يستشهد بقول جيتة "ان ما هو هام في الحياة وخطير, هو الحياة نفسها وليس نتيجتها معداً ذلك رداً على كل محاولة لقراءة التاريخ قراءة منهجية جامدة"([37]), ويرى شبنجلر ان مقولة المصير هي التي يمكن ان تفسر صيرورة التاريخ, والمصير هو ذلك العامل القوي والخفي الذي يسمى(القضاء وقدر)([38]) وتقتضي فكرة المصير عاملين: وجود ذات مستقلة لها كيانها وطابعها المستقل, ثم وجود احداث خارجية بينها وبين الذات علاقة تحد في أغلب الاحيان فينشأ نتيجة الالتحام نوع من التفاعل يحدد سلوك الذات لسنوات... ان المصير تعبير عن جزع الروح لما يهدد وجودها او كيانها وتفاعلها من اجل اثبات الذات وفي ذلك تعبير عن الحياة.
ولا يمكن ادراك فكرة المصير الا بالتجربة الحية فلا يمكن تعريفها بمنطق العلم([39]).
وسوف نلاحظ فيما بعد كيف أن توينبي قد استلهم فكرة المصير ليوظفها في مفهوم التحدي والاستجابة.



(([1] مطاع الصفدي، مقال "هيدجر قارئ نيتشه" مجلة العرب والفكر العالمي العدد السابق، ص6.
(*) رغم إن والد نيتشه كان قسيساً لوثريا، مات نيتشه في الخامسة، لم يتخط أيمان نيتشه بالمسيحية امتحان القبول في جامعة "بون" وكان عليه إن يجد منفذاً أخر لتصريف طاقاته الفكرية المستعمرة، كان ذلك المنفذ هو "الفيلولوجيا" الكلاسيكية في بداية الأمر.
(([2] كامو, الإنسان المتمرد، ص86.
(([3] سعاد حرب, في الفرد والحداثة عند نيتشه, مجلة أوراق فلسفية العدد السابق، ص10.
([4]) فريدريك نيتشه، هكذا تكلم زرادشت، ترجمة فليكس فارس, دار أسامة بيروت, ص314.
(([5]حسن حنفي، بين ياسبرز ونيتشه، مجلة أوراق فلسفية, ص,25, أيضاً عبد الرحمن بدوي, نيتشه, ص13.
([6]) آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص141.
([7])علي حسين الجابري، نيتشه بين فلسفة التاريخ والأخلاق، مجلة أوراق فلسفية، ص53.
(*) لقد كان نيتشه هو الرائد المبشر، والمصدر الأساس للأفكار التي تميز الوضع ما بعد الحداثي اليوم. على وجه الخصوص (فان النزعة النسبية للأفكار الأخلاقية والمعرفية للعالم ما بعد الحداثة، ونزعة الريبة (الشك) في إمكان التمييز الصدق من الكذب (الحقيقية من الزيف) تجد أنموذجها الأول في فكر نيتشه العدمي جذريا). ديفيد هوكس المصدر نفسه، ص127.
(2) آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص149
( (3كامو، الإنسان المتمرد، ص99.
(*) وهذا مايراه (رولان بريتون) بقوله إن الثقافة عند (شبنجلر) تتميز بالحيوية والصعود والارتقاء والقوة قوة الشباب "الربيع والصيف" بينما تتميز الحضارة بالانحطاط والجمود، والحضارة بالمعنى الشبنجلري هي أذن مرحلة غسقية كسوفية تعلن نهاية الدور، رولان بريتون، جغرافيا الحضارات، ترجمة خليل أحمد خليل منشورات عويدات، بيروت، ط1، 1993، ص24.
([11]) نيتشه، هكذا تكلم زرادشت، ص210.
([12]) آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص279, ايضاً, عبد الرحمن البدوي, موسوعة الفلسفة, ج2, المؤسسة العربية للدراسة والنشر, ط1,بيروت, 1984, ص8.
(*) ويذهب بعض الدارسين إلى إن فلسفة شبنجلر هي أحسن من يمثل الفلسفات المتشائمة في القرن العشرين... وان تشاؤم وشبنجلر هو كامل، فالإرادة البشرية لا تقوى على قلب مجرى الأشياء الحتمي.ينظر غايتان بيكون، آفاق الفكر المعاصر، ص344
((1 آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص288.
((2 شبنجلر، تدهور الحضارة الغربية،  ص10.
(3) آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص289. 
(4) المصدر نفسه، ص296.
([18])آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص296.
(([19] المصدر نفسه، ص296. 
([20]) قال توينبي إن الهزيمة الألمانية في حرب (1914-1918م) وزيادة وطأة هذه الهزيمة بسبب احتلال الفرنسيين لحوض الروهر في (1923-1924م)، قد أدى إلى الانتقام النازي الشيطاني، وان كان عقيماً. توينبي، مختصر دراسة التاريخ ج1، ص184.
([21]) سليم الشمري, فلشفة التاريخ عند اوزولد شبنجلر, رسالة ماجستير, باشراف أ. مدني صالح, كلية الاداب جامعة بغداد, 2004, ص2-5.
(([22] عبد الرحمن بدوي، شبنجلر، ص60. أيضا، مصطفى النشار، فلاسفة أيقظوا العالم، دار قباء القاهرة 1988 ط3، ص342.
(([23] ويذهب كولنجوود إن كتاب شبنجلر مثقل بثقافة تاريخية دسمة، ولكنه مسخها وشوهها لتنسجم مع إغراض رسالته، فكرة التاريخ، ص323.
([24]) عبد الرحمن بدوي، المصدر نفسه، ص104.
(([25] آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص290.      
(([26] احمد محمود صبحي, في فلسفة التاريخ، ص243.
(([27] آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص299.  
(([28]عبد الرحمن بدوي، شبينجلر، ص304.
(*) الاريك، هو البرابرة الذين اجتاحوا روما في أغسطس 410م.
(**) ثيودوريك العظيم، احد ابرز حكام أوروبا في العصور الوسطى كان ملكاً على ايطاليا (493-526) وهو قوطي شرقي
(([29] آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص303.
(*) البروسية، النزعة العسكرية الألمانية، وما اتصفت به من ميول وتوجهات استبدادية وبخاصة منذ فردريك الكبير الذي حكم من (1740-1786).
( ([30]آرثر هيرمان , فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص103.
( ([31]المصدر نفسه، ص311.
([32]) آرثر هيرمان, فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص299.   
( ([33]ينظر حسين مؤنس، التاريخ والمؤرخون، مجلة عالم الفكر يونيو 1974، ص102.
([34]) آرثر هيرمان، فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي، ص309.  
(*) هذا ما يراه غايتان بيكون بقوله "إن دروس التاريخ أكثر من التأمل الفلسفي تزدهر في القرن العشرين لعوامل كثيرة، ففلسفات الرقي تعارضها فلسفات الانحطاط والحتمية والتراجع الأبدي: آفاق الفكر المعاصر، ص335.
(4) جون سومرفيل، بعنوان المادية الجدلية، ضمن كتاب، داجوبرت د. رونز فلسفة القرن العشرين، ترجمة عثمان نوبه، مؤسسة سجل العرب، القاهرة، 1963، ص251.
([37]) شبنجلر, تدهور الحضارة الغربية, ج1, ص67.
([38]) المصدر نفسه, ص47.
([39]) عبد الرحمن بدوي, شبنجلر, ص42.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق