الثلاثاء، 7 أغسطس 2012



تتعدد كتابات الباحث المغربي منتصر حمادة المتعددة والغزيرة حول ماهية البحث الخطاب الديني سواء المتعلقة بالمغرب أو المشرق.. وذلك باستخدامه لآليات علمية رصينة قصد تتبع الظاهرة الجديدة للإسلام السياسي أو ما يصطلح عليه بالإسلام الاحتجاجي، بمختلف أنماطه وإشكالياته الإيديولوجية والبنيوية.
ومن إنتاجاته الأخيرة التي صدرت كتاب بعنوان 'الوهابية في المغرب' ، وقد صدر عن دار توبقال للنشر الطبعة الأولى سنة2012، وهو من الحجم المتوسط عدد صفحاته 109 صفحة، ويتكون من مقدمة وأربعة أبواب وفهرست للمراجع، حيث يسهب الكاتب في الحديث عن تاريخ الوهابية في المشرق والمغرب وبداية انتشارها في المغرب المعاصر وأصولها وتطورها فضلا عن التحولات التي طرأت على الخطاب التي تتبناه.
وسنستعرض في هذه المقالة بعض مضامين الكتاب محاولين بشكل مقتضب الحديث عن مختلف الجوانب التي تطرق لها الكتاب دون الدخول في مناقشة مضامينه تاركين للقارئ فرصة لاكتشاف جديد هذا الكتاب.
في هذا العرض القراءة الأولية نشير إلى أن الكاتب ومند البداية نبه إلى إن هذا الكتاب هو مساهمة نظرية وتطبيقية من أجل تسليط الضوء على المقدمات وتبعات صعود نجم الوهابية في المنطقة العربية من خلال الاشتغال على المجال التداولي المغربي السياسي.
يمكن قراءة محاولة الكاتب منتصر حمادة قراءة هذه الظاهرة في إطار إنتاج روية نقدية من أجل تجاوز نماذج تفسيرية اختزالية، وذلك بالبحث في معالم وجذور ومألات النزعة السلفية الوهابية بالمغرب، وتمظهراتها الإعلامية والاجتماعية والسياسية، وقد قصد الكاتب هنا الدخول في نوع من الاشتباك المعرفي مع اتجاه جديد، أصبح منظومة إبستيمية مركبة وعقدية وليست طارئة، تتنازعه جماعات وخطابات ومواقف وكتابات وبرامج وفضائيات، حيث الكل يدلي برأيه في الموضوع، بين من يعتبر السلفية الوهابية مذهبا فقهيا أو رافدا فكريا وثقافيا أو حركة سياسية منافسة للتدين المغربي الذي اشتهر عبر التاريخ أنه إسلام أشعري العقيدة ومالكي المذهب.
بيد إن النقاش الذي يدور حاليا وسيطرحه الباحث منتصر حمادة ليس اختزال لأسئلة متعددة في زمن تحرير الأجوبة المسبقة والأحكام الجاهزة خلال الفعل أو أثناء الممارسة في الساحة السياسية..في تنائيه جدلية قديمة في الفكر والفلسفة الإسلاميين تظهر التجاذب بين أفكار ابن رشد العقلانية واجتهادات الغزالي الفكرية....بين ثنائية المعاصرة الإسلام هو الحل للحكم والدين لم بعد منتجا للحقيقة اليوم ..إنها قراءة في قراءة للفكر داخل نسق قرائي بشكل حلقات للفهم والاستيعاب والتقديم والتأخير قصد الشرح والإيضاح...اللافت للنظر إننا خلال قراءتنا لأعمال وكتابات الباحث منتصر حمادة نلامس هذا المعطى النقدي لا السردي الإنشائي... 
يتوقف المؤلف في هذا السياق وعلى سبيل المثال لا الحصر، في الفصل الأول المعنون بخصوصيات التدين المغربي بالتحليل والمناقشة التدين السلفي الوافد الى المغرب في سياق معالجته لإحداث أحداث نيويورك وواشنطن في 11 شتنبر 2011 .. حيث يحاول تقديم صورة عن السلفية الوهابية بكل تلاوينها واتجاهاتها في حقل يعتبر أنه ملئ بالألغام المعرفية والإيديولوجية، وما أنتجت من أزمات تلتها عدة عمليات تفجيرية خلقت أزمات على الصعيد العالمي، وجرت بسببها تفاعلات وردات فعل من هذا الطرف أو ذاك، وكان عنوان هذه التفاعلات 'الحرب على الإرهاب'، حيث نسبت إلى الإسلام وهو منها بريء ونسبت إلى السلفيين وتبرأوا منها في تصريحاتهم، مقابل سلفيين آخرين تبنوا هذه الاعتداءات وشاركوا فيها من خلال التيار السلفي الجهادي.
كل ما جرى فتح أعين الدارسين والباحثين حول البحث في تفاصيل وثنايا الأحداث المنسوب إلى السلفيين كجماعات وتنظيمات ليمتد الى معتقداتهم لمعرفة العلاقة التمفصلية بين ذلك والعنف أو النموذج المجتمعي الذي يريدون تحقيقه أو هدم أسواره وأركانه.
وقد فتح الباحث منتصر حمادة باب النقد المعرفي في مواجهة ما أسفرت عنه نتائج مشروع تصدير السلفية الجهادية، مميزا له عن السلفية التقليدية، حيث فتح هذا النقاش في الساحة المغربية مستشهدا بأبحاث ومولفات كتاب كبار وعلماء أكاديميين أمثال طارق علي و برنارد لويس والمؤ رخ الفرنسي شارل سانت برو وغيرهم..
هؤلاء حولوا دراسة النموذج السلفي وتنميط البحث الأكاديمي حوله ومقاربته وتفكيك أوالياته وبنياته بشكل مفصل ودقيق، وبتعدد الأسماء والمسميات التي تعطي للسلفيين كما يدعو له علماؤء والدعاة لهدا المذهب. بحيث نجد تعدد المرجعيات والاجتهادات أمثال السلفيين المغراويين أو المدخليين.. والجماعات كنيرة ومتنوعة قد تصل الى الحلقية والقزمية قي بعض الأحيان.
كما تحدث على أغلب فرق السلفية وفروعها بشيء من الإسهاب و تبيان وشرح معنى كلمة السلفيين اصطلاحا وفقهيا.. وانطلاقا من القران الكريم والحديث المعروف عند علماء السلف.
وبعد ذلك ينتقل إلى بسط نقاش حول العلاقة بين التدين المغربي والوافد الجديد السلفي متسلحا بجهاز مفاهيمي من داخل المنظومة المعرفية الوهابية ذاتها، مما أعطى لأطروحاته المعرفية سندا وافيا من المصداقية ليقدم قراء للواقع والتاريخ الإسلام المعاصر بثنائياته وتناقضاته بين التدين الأشعري والمالكي والصوفي من جهة، والتدين السلفي الحنبلي الوهابي من جهة ثانية، ولكن في رؤية جديدة ليستعرض فيما بعد وخاصة في الفصل الثالث، بعض تأثيرات المذهب السلفي ومواقف السلطة منه، من خلال عقد مقارنة بين التدين المغربي ونظيره المشرقي بإسهاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق