الخميس، 16 أغسطس 2012

من الثورات المغيبة في التأريخ الاسلامي ......ثورة الزط والخليفة المأمون

من الثورات المغيبة في التأريخ الاسلامي ......ثورة الزط والخليفة المأمون
نبيل عبد الامير الربيعي
الزط مصطلح يطلق على مجموعة من الغجر بسبب لون بشرتهم الأسمر الداكن, والفرد من هذه الجماعة يقال له( سبيجي او سابج) وهم قوم من باكستان , يستأجرون ليكونوا مقاتلين مرتزقة, فهم يتقنون فنون القتال الهندية التي لا يعرفها العرب, وقد اشتغلوا في البصرة كشرطة وحراس سجون , ولغتهم من لغات الهند , اختصوا بالعمل في الملاحة البحرية, وقد استقر بعضهم في البصرة حتى إن أحد أحيائها حمل اسمهم , فيما قطن الزط أهوار العراق ليعملوا في الزراعة الرعوية.
أثناء واقعة الجمل بين عائشة والإمام علي بن أبي طالب (ع) برزت فرقة الزط السبابجة كإحدى الفرق الموالية للإ مام علي , وكانت بقيادة دنور بن علي, استغلهم الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان فدعم بهم ثغور الشام البحرية , لما عرفوا به من جلًد وتحرًس في القتال البحري.
حين تولى الخليفة العباسي المأمون عام201 هـ الحكم ثاروا الزط على الخليفة العباسي المأمون وقطعوا الطرقات , وانظم اليهم نفر من العبيد تشجعهم على قطع الطرق وعصيان الخليفة ,حيث عاشوا في البصرة فساداً, وبسبب حالهم المتردي نهبوا الغلال من الضواحي , والأكثر غرابة أن أحد أصدقاء المأمون كان زطياً وهو السرب بن الحكم بن يوسف الزطي, وحين نشبت الفتنة بين الأمين والمأمون تزعم هذا الزطي الجند الخرسانية ودعا للمأمون واستولى على غرب الدلتا وصعيد مصر.
يكثر تواجد مجاميع الزط في البطيحة جنوب العراق وعند تعاظم ثورتهم عام205 هـ تحكموا بالمنطقة بأكملها مما اضطر الخليفة العباسي المأمون بتوجيه جيوشه لحرب الزط, بعد إن قطعوا الطريق بين وسط العراق وجنوبه , واستمرت هذه الثورة بعد وفاة المأمون حتى مجيء القائد العسكري المعتصم فتفرغ لمشاكل الدولة ومنها الزط في مقدمة اهتماماته , فأرسل أشهر قواد الدولة وهو عجيب بن عنيبسة عام219 هـ لحربهم , فتمكن هذا القائد من جمع المعلومات عن أماكن تواجدهم وتحركاتهم , فقام بسد نهر بردودا والعروس لقطع الماء عنهم وسد تفرعات الأنهار حتى جفافها, ثم هاجم مواقعهم حتى ظفر بهم واستسلموا جميع رجال الزط , فأسرهم ونقلوا بواسطة الزوارق إلى بغداد ويقدر عددهم إثنى عشر ألف مقاتل وخمسة عشر ألف إمرأة وطفل, ومن بغداد نقلوا إلى الأناضول , ولكن حين هاجم الروم الدولة العباسية عام241 هـ استاقوا الزط قاطبتاً ومعهم ممتلكاتهم إلى داخل بلاد الروم.
لتبدأ رحلة الشتات الكبرى للزط في أوربا متفرقين إلى جماعات قليلة حيث دخلوا أوربا, ولكن لم يرحل كل الزط من العراق بل بقي قلة ومنهم رجلاً يدعى أبا حاتم الزطي عام295 هـ التحق ببقايا القرامطة بعد هزيمتهم من سواد جنوب العراق وتزعمهم , ويحكى إنه حرًم عليهم الثوم والبصل والفجل والكراث , كما حرم عليهم إراقة دماء الحيوانات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق