الأحد، 11 مارس 2012

من هو حليل عبد الكريم

بقلم خالد غاوش
خليل عبد الكريم كاتب تقدمي استطاع أن يواجه بجرأة الجمود السلفي وان يحفر وسط جدار السكون ثقبا يمرر منه ضوء يسمح للعقل بأن يعيد التفكير في كل الموروثات المحفوظة من السلف والتي وصلت إلينا كما هي نحافظ عليها ونحميها من التدقيق والفحص والغربلة حتى مع تقدم العلوم والإطلاع على تاريخ الآخرين وأديانهم وأساطيرهم ووجود تشابه كبير بين ميثيولوجات الشعوب المختلفة والوصول إلى علم يدرس موروثات السلف. ه. أول كتبه كان «الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية»وقد اًستطاع في هذا الكتاب أن يبلور رؤية متماسكة للتراث بهدف إيجاد منهج علمي لدراسة التاريخ الإسلامي على ضوء الظروف التاريخية الاجتماعية الاقتصادية السياسية التي أحاطت بالشريعة الإسلامية ومدى تأثير هذه الظروف على طقوس الشريعة وقواعدها انطلاقا من فكرة أن كل جديد لابد أن يحمل في طياته تأثره بالقديم واًن لا جديد يولد من عدم بل شرط وجوده يكون لظهور متطلبات حتمته. وقد وضع 11 مؤلفا بحث فيها جوانب مختلفة من الحياة الإسلامية واعتمد في ذلك على كتب التراث الديني التي تعترف بها المؤسسات الدينية وخصوصا الأزهر لأنه لم يكن يبغي إنكار الشريعة الإسلامية ولكن كان هدفه الأساسي هو غربلة الشريعة وفحصها وتخليصها من الجمود الذي شابها منذ عصر الفقهاء وحتى الآن ودراستها في ضوء منهج علمي لا يمس بها ولكن يصل إلى جوهرها الإنساني العميق بعيدا عن إضافات التاريخ ومحررا لها من ثقل الأصولية لتتماشى مع ما نحن فيه من متغيرات اجتماعية هائلة قال خليل عبد الكريم في احد مؤلفاته( وآمل - وهذا أمر متوقع - ألا يسئ البعض فهم هذه الدراسة على نحو لم يرد على خاطرنا، وكنا قد طالبنا بضرورة كتابة التاريخ الإسلامي كتابة علمية موضوعية بداية بالحبيب المصطفى، وكررنا أن الكتابة بطريقة مغايرة للكتابات التقليدية يتعين أن تقابل بأفق رحيب وعقلانية بعيدة عن التشنج، ونذكر هؤلاء بأن الأمين نفسه أكد أن من أجتهد وأخطأ فله أجر ونحن نأمل في أن نحظى بالأجرين.. أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة ) ومن أهم كتبه «النص المؤسس ومجتمعه» في مجلدين و«شدو الربابة في أحوال الصحابة» في ثلاثة مجلدات و«فترة التكوين في حياة الصادق الأمين» عن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أثارت هذه الكتب ضجة في الحياة الثقافية المصرية وذلك بسبب جرأت مؤلفها في دراسة موضوعات يعتبرها المشايخ ومتعهدي الدين الإسلامي من المحرمات سعيا منهم في ترسيخ حالة الجمود وتكريس فكرة التخصص فالمشايخ والمقرئين فقط هم المسئولون عن الشريعة من التحريف والمتعهدين الرسميين بحفظها وذلك مكمن تميزهم وثراء بعضهم لأنهم هم الوحيدون الذين يملكون الحقائق الدينية ولهم حق بيعها أو استغلالها والتفوه بها في مكبرات الصوت وعلى مآذن الجوامع لجموع الناس. ورغم كل معارك خليل عبد الكريم الفكرية مع المتشددين والمؤسسة الدينية ومثوله أكثر من مرة إمام نيابة امن الدولة بسبب علمه وفكره، لم تكن إدانته ممكنة نظرا لدقة مواقفه في إعادة قراءة التاريخ الإسلامي. على ضوء المنهج العلمي ونظرا لأنه لم يكن تحريفيا أو مارقا وإنما كان مفكرا يصدر عن المجتمع الإسلامي ويحمل نفس همومه وأماله في البحث عن مرتكز تاريخي وإسلامي قوي يستند إليه ونستند إليه جميعا. وقد توفي المفكر خليل عبد الكريم عن عمر 73 عاما في إحدى قرى أسوان بعد ان قدم رؤية مجددة للفكر الديني عبر أكثر من 13 مؤلفا أثارت خلافات مع المؤسسات الدينية والأصوليين والمنتفعين من احتكار المعرفة الدينية.عرض لبعض الأفكار التي وردت في مؤلفاته::في كتابه "الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية "
منشورات دار سينا للنشر – الطبعة الثانية (1997)عرض لفكرة أن البيئة العربية المحيطة بظروفها التاريخية الاقتصادية الاجتماعية هي مصدر الكثير من الأحكام والقواعد والأنظمة والأعراف والتقاليد التي جاء بها الإسلام أو شرعها. لذا فقد عرض لهذه الأشياء التي تأثر فيها الإسلام بالبيئة المحيطة من شعائر تعبدية، وعادات ومفاهيم وأعراف اجتماعية وجزائية وحربية وسياسية كانت سائدة في جزيرة العرب ومعمول بها لدى القبائل العربية السابقة على الإسلام وخاصة قريش وأول هذه الشعائر التعبدية : تعظيم البيت الحرام (الكعبة) والبلد الحرام (مكة) فعلى الرغم من وجود إحدى وعشرين كعبة في جزيرة العرب قبل الإسلام فإن القبائل العربية أجمعت على تقديس (كعبة مكة) وحرصت على الحج إليها ، بما في ذلك من كان لديه كعبة خاصة مثل كعبة غطفان، ومن شدة تقديس العرب للكعبة، كان الرجل يرى قاتل أبيه في البيت الحرام فلا يمسه بسوء. كما كان العرب يجلون أهل مكة (قريشا)، ويسمونهم (أهل الحرم)، وكان الإصهار إليهم يعتبر شرفا وحين جاء الإسلام أبقى على تقديس الكعبة ومكة. كذلك شعيرة الحج والعمرة فقد كان العرب قبل الإسلام يحجون في شهر ذي الحجة من كل عام، (يرحلون إليها إلى مكة من كل مكان من الجزيرة في موسم الحج من كل عام لتأدية فريضة الحج وكانوا يقومون بالمناسك نفسها التي يقوم بها المسلمون حتى اليوم وهي( التلبية- الإحرام -ارتداء ملابس الإحرام- الوقوف بعرفة والدفع إلى مزدلفة- التوجه إلى منى لرمي الجمرات - نحر الهدى - الطواف حول الكعبة سبعة أشواط - تقبيل الحجر الأسود - السعي بين الصفا ومروه) وكانوا يسمون اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية ويقفون في عرفات باليوم التاسع وتبدأ من العاشر أيام منى ورمي الجمار وكانوا أيضا يسمونها أيام التشريق كما كانوا يعتمرون في غير أشهر الحج. ويضيف عبد الكريم في كتابه أن الإسلام قد ورث من العرب هذه الفريضة بالمناسك نفسها والتسميات عينها لكنه طهرها من مظاهر الشرك ونهى عن طواف العرايا الذي لم يكن من باب الانحلال الخلقي كما يحلو للبعض وصفه، ولكن لشدة تقديسهم للكعبة ولحجرها الأسود، يهابون أن يطوفوا بها أو يقبلوا الحجر بالثياب التي قارفوا فيها ذنوبا. ثم شعيرة أخرى وهي تقديس شهر رمضان فقد كان المتحنفون يفعلون ذلك ومنهم عبد المطلب جد النبي (ص) إذ أنه إذا جاء رمضان شد مئزره وطلع إلى غار حراء وتحنث فيه وأمر بإطعام المساكين طوال الشهر وكذلك كان يفعل زيد بن عمرو بن نفيل وكذلك شعيرة تحريم الأشهر الحرم حيث كانت العرب تعتبر أشهر (ذي القعدة، وذي الحجة، ومحرم، ورجب) أشهرا حرما لأنها الأشهر التي يقع فيها الحج لذا لا تستحل القتال فيها. وقد أبقى الإسلام على شعيرة تحريم هذه الأشهر ثم شعيرة تعظيم العرب قبل الإسلام لإبراهيم وإسماعيل حيث- يقول المؤلف في كتابه - كانوا يعتقدون أن إبراهيم وإسماعيل هما اللذين أقاما بناء الكعبة وفرضا الحج إليها، والإسلام تبنى هذا الاعتقاد. كذلك شعيرة الاجتماع العام يوم الجمعة يذكر عبد الكريم في كتابه"قال أبو سلمى أول من قال أما بعد كعب بن لؤي وكان أول من سمَّى الجمعة جمعة وكان يقال ليوم الجمعة: يوم العروبة (القرطبي – الجامع لأحكام القرآن – تفسير سورة الجمعة ) ولما جاء الإسلام أخذ الأنصار في (يثرب- المدينة) بهذا التقليد وقيل أول من جمّع بالمسلمين في المدينة هو أسعد بن زوارة وقيل إنه مصعب بن عمير ولما هاجر الرسول من مكة أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم وقد اتخذوا في موضع منه مسجدا فجمّع به الرسول وخطب أول خطبة له بالمدينة(القرطبي – الجامع لأحكام القرآن – تفسير سورة الجمعة).في كتابه "اَلنَّصُ اَلْمُؤَسِّسُ وَمُجْتَمَعُه"تعتمد فكرته الأساسية على أن تفاسير القرآن الحديثة تعتمد على التفاسير التراثية السلفية القديمة التي مرت عليها قرون مثل تفسير الطبري والزمخشرى والرازي والكلبي وابن كثير والقرطبى والبيضاوي والتسترى والسيوطى واًن المفسر وقتها كان يصدر عن بيئته وزمنه وميوله وامكاناته الشخصية واتجاهه الفكري ومدرسته الفلسفية مما يعني أن التفسير ينقلب إلى نص آخر مغاير للنص الأصلي وعلى مر التاريخ قدس الناس نص المفسر واعتبروه مصدرا لا يجب أن يعاد التفكير فيه أو غربلته ويقول المؤلف في كتابه (لأن الإتكاء على التفاسير القديمة أو التراثية أو السلفية هو جواز المرور للحظوة برضى المنفذين في رئاسة شئون التقديس الذين نصبوا أنفسهم حراسًا لأحسن القصص وهو درب الولوج إلى البوابة الملكية التي بدون المروق من عتبتها المهيبة يستحيل عليهم الحصول على الموافقة على نشر تصنيفاتهم وإن تقت إلى الانضباط فهي تجميعاتهم)ويضيف المؤلف أن النص المقدس ثابت مطلق لا يتغير أما التفسير فهو نسبى لأنه يتأثر لا بالظروف الذاتية لمبدعه بل وبالأحوال العامة لمجتمعه وبيئته وهذا علة اختلاف التفاسير على مر العصور.ولان الكاتب قرر أن يكون علميا في تناوله للقران الكريم فقد اهتم بدراسة أسباب نزول و الملابسات التي واكبت ظهور الآيات لان لها أهمية بالغة في الكشف عن تأريخ القرآن العظيم وبالتالي فهمه مضيفا إلى ذلك دراسة المجتمع والبيئة لاستخراج الدلالات التي هي ـ المعوّل عليها في النهوض بمجتمعنا
.
في كتابه "للشريعة لا لتطبيق الحكم "يقوم الكتاب على فكرة واحدة أساسية إن الإسلام ليس عبادات فقط بل هو أيضًا تشريعات وعقوبات ونظام سياسى، وهنا الخطورة من وجهة نظره لان المجتمعات العربية وبسبب تخلفها الحضاري لقرون أهملت تطوير جوهر التشريعات والعقوبات والنظام السياسي وفق التطور الذي حدث على مر القرون للمجتمعات العربية وللعالم واكتفينا بتقديس نصوص السلف من الفقهاء وعلماء الدين القدامى إذ يرى أن تطبيق الشريعة بشكلها السلفي الموروث سوف يؤدى بنا إلى أضرار لذا فمن الواجب الارتباط بالجوهر الإنساني السامي والعميق للإسلام وتمثله في كل مسالك الحياة مع الأخذ بالعلوم الحديثة في إدارة شئون المجتمع.في كتابه "الأسس الفكرية لليسار الإسلامي": في هذا الكتاب يحلل خليل عبد الكريم ويدرس الأسس الفكرية لما اسماه باليسار الإسلامي ظروف نشأته والبيئة المحيطة وقد أطلق هذا الاسم على هذا الاتجاه الفكري لأنه في راية يتسم بالثورية والعقلانية كما انه لا يتخلى عن الإسلام كقاعدة ومرتكز في كتاب "مجتمع يثرب.. العلاقة بين الرجل والمرآة في العهدين المحمدي والخليفى":يتناول وضع المرأة وعلاقتها بالرجل في مرحلة النبوة وصدر الإسلام وعصر الخلفاء الراشدين وقد قدم دراسة اجتماعية لمجتمع من البدو تحيطهم الصحراء من كل جانب وليس لديهم وسائل إنتاج سواء زراعة أو آلات بسيطة لصناعات بسيطة تسد حاجة المجتمعات في ذلك الوقت هذا المجتمع يعتمد بشكل أساسي على التجارة والترحال ثم على الرعي لذا كان نمط الحياة أكثر بدائية منه في المجتمعات الحضارية الأخرى كالعراق ومصر مما انعكس بدوره على وضع المرأة في هذا المجتمع والذي لم يخل من دور قوي لها حيث كانت للمرأة ذمتها المالية المستقلة كما ظهرت قيادات نسائية في هذا المجتمع تستطيع أن تحث على الحرب وتعاون الرجال أثناء المعارك وفي كتابه "قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية":وهذا الكتاب يدور حول فكرة أن قبيلة قريش ونتيجة لمركزها التجاري الهام في هذا الوقت وعلاقتها مع دولتي الغساسنة والمناذرة الدول المتعاونة مع الروم والفرس اًكبر دولتين في ذلك الوقت كان لابد من تحول اجتماعي ما يتناسب مع تدفق الأموال من التجارة لسادات قريش لذا ظهرت في الأفق فكرة دولة قوية تسودها قريش تتكون هذه الدولة من القبائل العربية في المنطقة وقد كانت هذه الفكرة حلم يداعب أذهان سادة قريش ومنهم عبد المطلب جد الرسول (ص)ويشير المؤلف أن الحتمية التاريخية هي التي فرضت ذلك لان قريش وقتها بدأت تتحول لمكانة ونفوذ ومال اكبر من مجرد كونها قبيلة كبيرة تعلو على من حولها من القبائل وساعدها على ذلك أن لهجتها كانت مفهومة للجميع وأنها كانت مركزا تجاريا لباقي القبائل العربية وهذا مما لا علاقة له بنفي كون الإسلام دينا سماويا ولكنه دراسة لما أحيط بنشأته من ظروف تاريخية ودراسة للأسباب.التي ساهمت في نشر هذا الدين السماوي إلى كل بقاع الأرض في كتابه "شدو الربابة بأحوال الصحابة":في هذا الكتاب يعرض المؤلف لأحوال وإخبار صحابة رسول الله (ص)معتمدا على كتب السيرة و كتب التاريخ في محاولة لتقديم تعريف مكتمل للصحابة ومعرفة دورهم الجليل في نشر الرسالة فمثلا الصحابي الجليل سلمان الفارسي ذكر المؤلف انه كان من كبار مثقفي عصره وكان عالمًا بالعقائد والأديان و يحيط بالمذاهب المختلفة.. وقد أثرى أصحابه بالأسس والقواعد والتجارب والتواريخ والسير التي استفاد منها النبي نفسه بعد ذلك في إدارة شئون المجتمع الإسلامي ومعاركه مع الأعداء مثل حفر الخندق انطلاقا من أن النبي بشر مثلهم كما قال الكتاب الكريم ولا عيب في أن يأخذ ممن لديهم خبرة في جوانب حياتية ما. في كتابه "فترة التكوين في حياة الصادق الأمين":وهذا هو آخر كتب خليل عبد الكريم وقد أثار ضجة كبيرة ساهم فيها صاحب دار النشر نفسه ليخلق حول داره ضجة من شانها أن تصنع له شهرة ولم يخلو الأمر من مؤامرة انتهازية..ويتناول الكتاب دراسة الفترة التي تمت فيها تكوين وبلورة شخصية النبي (ص)ووصولها إلى الاكتمال وقد كان من المؤثرين في شخصية النبي منذ شبابه السيدة خديجة زوجته التي راعته وساعدته في بداية الدعوة وابن عمها ورقة بن نوفل وبقية أفراد الأسرة وهم: ميسرة ، والراهب بجير، والراهب عداس، والبطرك عثمان بن الحويرت ولقد قامت هذه المجموعة التي اتسمت في ذلك الوقت بإطلاعها على أديان الأمم الأخرى وخاصة المسيحية واعتناقهم لها على تعليم النبي لأكثر من خمسة عشر عامًا حفظ فيها كتب الأولين والآخرين وعرف التوراة والإنجيل والمذاهب والعقائد ويقول خليل عبد الكريم (ومهما كانت الجهود التي بذلتها الطاهرة وعاضدها فيها ابن عمها القس فأنها لا تنفى عن التجربة وفى مقدمتها حادث الغار جانبها الغيبي وناحيتها الميتافيزيقية إذ لا تعارض بين الأمرين بل إن كلا منهما يكمل الآخر ويدعمه).. الهجوم على خليل عبد الكريم
تعرض خليل عبد الكريم لهجوم لاذع وصل إلى التحريض على القتل واتسم بألفاظ نابية وشتائم ومن هذا الهجوم ما قال الدكتور المطعني الأستاذ بجامعة الأزهر قال (خليل عبد الكريم عبد الناصر ارتكب جريمة تدعو إلي تقويض وهدم حقائق الإيمان. هذه الجريمة الفظيعة، لم تتجاوز مواجهتها سوي الرفض الإعلامي القولي ولم يتخذ ضد أطرافها أي موقف رسمي حاسم والواجب ان يحاسب قانوناً كل من المؤلف والناشر وإلا فان نجاة خليل من المساءلة الرادعة، سوف يفسح المجال للعشرات من أمثال خليل في مجال التأليف المخرب) وأصدر مجمع البحوث الإسلامية من جهته تقريراً عن كتاب فترة التكوين وانتهى إلى التوصية بمصادرة الكتاب بإجماع آراء علماء مجمع البحوث و قال الشيخ يوسف البدري ‏ (وكاتب فترة التكوين في حياة الصادق الأمين ـ ل عبد الكريم ـ قد خلا من حسن النية وسلامة المقصد‏ )وقال المفتي السابق نصر فريد واصل أن خليل عبد الكريم بنشره لهذا الكتاب كان يبحث عن الشهرة وقال الدكتور يحيي إسماعيل حبلوش ـ الأمين العام لجبهة علماء الأزهر وأستاذ الحديث في كلية أصول الدين في حديث لأحد الصحفيين وقت أزمة كتاب فترة التكوين ( لو لم يجد خليل عبد الكريم من يؤازره لما وجد لحقده متنفس‏والكلام الوراد في الكتاب لا يحتمل حكما آخر غير الكفر‏, ‏ ونحن علماء ملزمون بإبداء رأي الشرع في كل ما يجد نحن أصحاب المصلحة في صيانة الملة والغيرة علي معالم الأمة‏‏ ‏..‏ وأضاف هناك فرق بين الكفر والتكفير‏.‏ إصدار الحكم بالكفر هو سلطه العلماء ونحن نري ان ما ورد في الكتاب لا يحتمل شيئا غير ذلك‏.‏ أما التكفير فهو شيء آخر يتبع سلطة القضاء ومؤسسات الدولة الرسمية وعلي الدولة ان تتحرك وإذا لم تتحرك الدولة سنتحرك نحن وربما يقوم وفد بزيارة النائب العام وتقديم بلاغ إليه. وأضاف لماذا تطالبون بالتماس الرحمة والرأفة مع من يعتدي علي معتقدات الناس‏.‏الكتاب ليس فيه فكر‏, ولكنه لا شيء سوي وثيقة إجرام. وأضاف الحكم على مثل هذه الكتب مهمتنا التي فرضها الشارع علينا ولا نستطيع منها فرار‏ ‏ويضيف جبهة علماء الأزهر تنظيم شعبي رسمي يؤازر مواقف الأزهر الشرعية الثابتة‏, ‏ لان الأزهر الرسمي مقيد بلوائح وقوانين نحن المعبرون عن ضمير الأمة‏, ‏ ولن نقبل أبدا أي مساس بثوابتها ولن نسكت إذا ما رأينا أية أفكار شاذة أو أراء منحرفة هذه مهمتنا ونحن لها.وأضاف ‏‏ لو كان الكتاب قد عرض علينا قبل الطبع لإبداء الرأي وضبط الأمور‏لكنا تعاملنا معه بالحسنى ‏ ولكن أما وقد خرج علي الناس هكذا فلم يعد هناك مجال لذ‏لك )..
العزيز صبري الشريف..صدق أو لا تصدق..لم أعلم برحيل المفكر خليل عبد الكريم إلا من خلال هذا البوست.. يا للفجيعه، هذا تقصير مني لا يغتفر، أم أن رحيل الرجل لم يجد التغطيه الإعلاميه التي تناسب عطاءه و إسهامه المميز و جهوده من أجل تطوير فهم مختلف للإسلام. خليل عبد الكريم، حفر طريقا صعبا في نقد الإصوليه و الفهم المتحجر و الانتهازي، للإسلام. و في كتابه الجذور التاريخيه للشريعه الاسلاميه أراد ان يأخذ القارئ إلي واقع المجتمع الاسلامي في مرحلة لا يعرف الكثيرون عنها الكثير. ليضعهم امام واقع كان يراه الناس أشبه بالمقدس ولكن لم يلبثوا ان اكتشفوا انه واقع بشر عاديين، بكل مافيه من جيد و ردئ. و هو مؤلف، برغم صغر حجمه، الا انه كان له تأثير كبير في حفز و تشجيع التيار المناهض للإسلام السياسي، في التسلح بسلاح العقلانيه، و استيعاب وقائع حقيقيه شهدها التاريخ، و استخدامهما معا في دحض زيف دعاوي المتأسلمين الذين يعدون المجتمع بالعودة إلي ماض نقي!. حقبة التسعينات، سيما النصف الأول منها كان اكثر فترات تيار الاسلام السياسي صعودا، و شراسة. و قد إمتد تأثيره إلي شرائح كبيره في المجتمعات العربيه، وقد أدي بشكل أو بآخر إلي تحييد قطاعات واسعة من هذه المجتمعات و إلزامها بالصمت، الذي استطاعت جماعات المتأسلمين و من وراءهم تجييره لمصلحة خطابها الرجعي. ما ميز نهج خليل عبد الكريم، الذي كان لا يجد غضاضة احيانا من تسمية نفسه بالشيخ خليل عبد الكريم، هو تجذره في نفس الارضيه التي ينطلق منها الإسلامويون، و كان هذا يفعل في خطابهم فعل السحر دحضا و هزيمه. كان قوي الحجه، باحثا صبورا، و لا تواتيك شائبه في صدق نواياه من اجل تخليص الفكر الاسلامي من شوائب التخلف و الرجعيه و الجمود، ولم يدخر في ذلك ذكاء، ولا بصيره اتيحت له. مثلت دراسات خليل عبد الكريم، إلي جانب، المستشار العشماوي، و الدكتور سيد القمني، الراحل فرج فوده، خطوط النار الاماميه في مواجهة التخلف الذي زحف علي المجتمع المصري و العربي متجلببا ثوب الدين وما زال يزحف. رحم الله خليل عبدالكريم فقد كان نموذجاللمفكر الذي استوعب تعقيدات واقعه ، و أعمل فكره بشجاعه من أجل توطين قيم التحرر و العقلانيه في الفكر الاسلامي...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق