الجمعة، 26 أكتوبر 2012


أبو الحسن المسَفِّر السبتي


هو الشيخ الحكيم أبو الحسن بن خليل المسفِّر السبتي، عرف بلقب المسفر الذي يعني أنه من أهل صناعة تسفير الكتب. وربما كان من آل المسفر الأشراف الحسينيين المعروفين بفاس؛ لأننا لم نعرف هذا الشيخ إلا من طريق ذكره عرضا في كتاب "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار" لابن عربي الحاتمي، ولولا ذكره من طرف الشيخ الأكبر لغاب عنا خبره وفكره..



يمكن اعتبار أبي علي المسفر شخصا غير مكتمل الترجمة بالنسبة إلينا، غير أن ذلك لن يحول دون إدراك بعض جوانب إبداعه وإسهامه في ثقافة عصره إبان العصر الموحدي خصوصا بحاضرة سبتة أعادها الله إلى سابق مجدها، قال الزركلي في "الأعلام": "علي بن خليل المسفر السبتي، أبو الحسن حكيم، من القائلين بوحدة الوجود. من أهل سبتة، رآه فيها محيي الدين ابن عربي  قبل سنة 598 هـ‍، له تصانيف، منها "منهاج العابدين" يعزى لأبي حامد الغزالي وليس له، وكذلك كتاب "النفخ والتسوية" يعزى إلى أبي حامد أيضاً ويسميه الناس "المضنون الصغير" وهو صاحب القصيدة -المنسوبة للغزالي أيضاً– ومطلعها: 

قل لإخوان رأونـــــي ميتـــاً          فبكـــــوني ورثونـــــي حزناً 

وقد كان شيخاً حين لقيه ابن عربي وهو شاب، فهو من أهل أواخر القرن السادس ظناً (الأعلام، خير الدين الزركلي، 4 / 285)،       قال محي الدين بن عربي الحاتمي في "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار" أنشدنا أبو عبد الله بن عبد الجليل قال أنشدني أبو الحسن علي المسفر بسبتة لنفسه: 

يـــــا أيهـــا المبتلــــى بذمـــــــي          قـــــد علـــــم الله مـــــا تقـــــــول 

فالقــــول إن خف فـي لســـــاني          أخـــافنــــي وزنـــــــه الثقيــــــــل 

وحــــافــــظ كــــــاتب شهـيـــــــــد          يكـتب عنــــــي الـــــــذي أقــــول 

من حــــاسب النفس كـــل حيــن          لـــم يتهــــــــاون بمــــا يقـــــــول 

اشتهر أبو الحسن المسفر بالفلسفة وهو صاحب كتاب "منهاج العابدين" و "المضنون الصغير" اللذان ينسبان خطأ إلى الإمام الغزالي، وقد تتلمذ ابن عربي على هذا الفيلسوف المتصوف الذي يبدو أنه كان ذا شأن علمي بسبتة  خلال القرن السادس رغم سكوت المصادر عن ذلك.
.

أبو الحسن المسَفِّر السبتي
أنكر ابن عربي الحاتمي أن يكون الكتابان المذكوران لأبي حامد الغزالي، وقال هو لأبي الحسن علي المسفِّر السبتي، يقول ابن عربي: "وكان هذا الشيخ المسفِّر جليل القدر حكيماً عارفاً، غامضاً في الناس، محمود الذكر، رأيته بسبتة، له تصانيف منها "منهاج العابدين" الذي يُعزى لأبي حامد الغزالي، وليس له وإنما من مصنفات هذا الشيخ، وكذلك كتاب "النفخ والتسوية" الذي يُعزى إلى أبي حامد أيضاً، وتسميه الناس "المضنون الصغير" (محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار، ج: 1، ص: 125).. 

قال عبد العزيز بنعبد الله في مقاله: "معالم أثر الفكر الصوفي المغربي في التصوف الشرقي"، مجلة التاريخ العربي، عدد 26، 2003): "فهذا "منهاج العابدين" قد عزي للغزالي، وعزاه ابن عربي نفسه إلى الشيخ علي المسفر السبتي؛ وكذلك "النفخ والتسوية" المنسوب للغزالي والمسمى "المضنون به على غير أهله".. 

قال بن عربي في "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار": ولهذا الشيخ القصيدة المشهورة: 

قل لإخوان رأونـــــي ميتـــاً          فبكـــــوني ورثونـــــي حزناً 

أتظنـــــون بأنـــــي ميتكـم          لست ذاك الميت والله أنـــا 

يقول العلامة عبد الله كنون في مقاله: "أبو الحسن المسفر: فيلسوف سبتي من عهد الموحدين" (مجلة المناهل، عدد 22، 1982): "هذا جملة ما ورد عن صاحبنا في كتاب "المحاضرة" وهو أمر مهم يدعو إلى إطالة التفكير في هذه الشخصية الغامضة التي كاد الإهمال يطويها من سجل التاريخ لولا تلك الإشارة العابرة من الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله. وعلى كل حال فالراوية ثقة لا يتطرق إليه الشك، ألا ترى إلى روايته للأبيات الأربعة عن ابن عبد الجليل (يقصد يا أيها المبتلى بذمي إلى آخر الأبيات) أي بالواسطة على الرغم من رؤيته للشيخ بسبتة؟ وهو مع ذلك من أرباب هذا الشأن وذوي الرسوخ فيه، فإذا قال عن "منهاج العابدين" إنه يعزى لأبي حامد وليس له، وإنما هو من مصنفات هذا الشيخ بهذه العبارات المفيدة لتأكيد مضمونها؛ فإنه يعرف ما يقول ويعنيه. وكذلك يقال في كتاب "النفخ والتسوية"، والقصيدة النونية التي نسبت أيضا إلى الإمام الغزالي، وليس هذا فقط فإنا نجد في هذه الفذلكة من كلام الشيخ الأكبر جوابا عن تساؤل طالما ردده الباحثون في آثار الإمام الغزالي وحلا لمشكل يتعلق بفلسفة هذا المفكر العظيم". 

وذكر أبو سالم العياشي في رحلته "ماء الموائد" كلام بن عربي هذا ثم عقب عليه بقوله: "قلت لقد اشتهر واستفاض نسبة "منهاج العابدين" للغزالي، وقد كنت قبل رؤية هذا الكلام أتعجب من كونه ليس جاريا على مذهبه ولا هو مطابق لنفسه، وكنت أبحث كثيرا عن المشايخ الذين ينقل عنهم فيه حيث يقول: "قال شيخنا أبو عمرو، وليس ذلك دأبه في مصنفاته، وأنا مع ذلك لا أشك أن الكتاب له لاشتهار ذلك. وللإشارة فيه إلى إحياء علوم الدين، ولنقله فيه عن إمام الحرمين سماعا، فلما رأيت كلام الشيخ محي الدين المتقدم تيقنت أنه ليس له لعدالة الشيخ محي الدين، وسعة علمه وإطلاعه.. لاسيما وقد ذكر أنه يعزى لأبي حامد، فما نفاه عنه مع علمه بالعزو المذكور إلا لعلم يقين حصل له بأنه لغيره مع شواهد القرائن المتقدمة؛ فإن كلام أبي حامد لا يكاد يخفى على من مارسه؛ فإنه لسان وقته بلاغة وتحريرا.. وذو الذوق السليم يميز بين الكلامين، ويشهد لذلك أيضا أن من عرف بالإمام أبي حامد من الأقدمين لم يذكروا هذا الكتاب في تآليفه والله أعلم..". 

أما كتاب "النفخ والتسوية" المعروف  بالمضنون الصغير؛ فإن الإمام السبكي في "طبقات الشافعية" لم يذكره ضمن مؤلفات الإمام الغزالي، وذكر كتاب "المضنون به على غير أهله" أي "المضنون الكبير"  عرضا، يقول: "وذكر ابن الصلاح أن كتاب المضنون المنسوب إليه معاذ الله أن يكون له، وبين سبب كونه مختلقا موضوعا عليه. والأمر كما قال. وقد اشتمل المضنون على التصريح بقدم العالم، ونفي علم قديم بالجزئيات، ونفي الصفات، وكل واحدة من هذه يكفر الغزالي قائلها هو وأهل السنة أجمعون فكيف يتصور أنه يقولها؟..." نفهم منه أن "المضنون به على غير أهله" ليس من مؤلفات الغزالي حسب ابن الصلاح الذي نقل عنه السبكي هذا الموقف الصارم المنزه -حسب رأيهما- للإمام الغزالي من الوقوع في الكفر!! 

يقول العلامة المرحوم عبد الله  كنون في مقاله عن علي المسفر (المناهل عدد 22، ص: 431): "ولنا في سبب عزو كتاب النفخ والتسوية إلى الغزالي، وتسميته المضنون الصغير رأي لا يبعد أن يكون صوابا، وهو أن هذا الكتاب وضع بشكل أسئلة وأجوبة نسبت في طالعها إلى الغزالي، ولذلك يسمى أيضا كتاب "الأجوبة الغزالية في المسائل الأخروية"، كما تبث على ظهر النسخة المطبوعة منه، فلعل صاحبنا الشيخ المسفر وضعه بهذا الشكل لترويجه ولضمان إقبال الناس عليه، وهكذا جاء في أوله: "سئل الشيخ الأجل الزاهد السيد حجة الإسلام زين الدين مقتدى الأمة قدوة الفريقين أبو حامد بن محمد الغزالي قدس الله روحه ونور ضريحه عن معنى قوله تعالى: "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي". ما التسوية وما النفخ فقال: ".. فهذا الأسلوب الذي حرر به الكتاب مما يفيد أنه من إملاء الغزالي وإن كان هو في الواقع من تأليف المسفر.."، أما عن الاعتراض العقدي الذي جعل ابن الصلاح لا ينسب كتاب "المضنون" إلى الغزالي، فيفيدنا العلامة عبد الله كنون في مقاله سابق الذكر (ص: 432) أن "كلا المضنونين (الكبير والصغير) اللذين بيدنا لا يوجد فيهما التصريح بشيء مما ذكره ابن الصلاح، عدا ما يوهمه كلامه في "المضنون الصغير" في فصل الروح من القول الأول أعني قدم العالم، وكذلك بعض الفقرات من المضنون الكبير، فلعل الفقرات التي كانت صريحة في هذا المعنى جردت منه.. ثم أنه في "المضنون الصغير" في الفصل المذكور عبارة تزري بالأشعرية والمعتزلة وهذا بالنسبة إلى نفي الكتاب عن الغزالي مهم جدا؛ لأن من المعروف أن أبا حامد كان أشعري العقيدة فهو لا يتوكأ على أصحابه بهذه الصورة على حد تعبير الفقيه كنون... 

أبو الحسن المسَفِّر السبتي
وللاقتراب من المنهج الفلسفي الكلامي الذي يطبع تآليف صاحبنا ابن المسفر أُورد مقتطفات من كتابه "المضنون الصغير" يقول: "فإنَّ الطين مركب ولا تشتعل فيه النار، بل لا بدَّ بعد تركيب الطين الكثيف من تردد في أطوار الخلقة، حتى يصير نباتا لطيفا فتثبت فيه النار وتشتعل فيه" (المضنون الصغير، طبعة دار الحكمة للطباعة والنشر، دمشق حلبوني، تحقيق: رياض مصطفى العبد الله، ص: 35)...   

وقال: "وكذلك الطين بعد أن ينشئه الله خلقا بعد خلق في أطوار متعاقبة يصير نباتا، فيأكله الآدمي فيصير دما، فتنتزع القوة المركبة في كل حيوان صفوة الدم الذي هو أقرب إلى الاعتدال فيصير نطفة، فيقبلها الرحم... فالنطفة عند تمام الاستواء والصفاء تستحق روحاً يدبرها يتصرف فيها، فيفيض إليها الروح من جود الجواد الحق الوهاب لكل مستحق مستحقه، ولكل مستعد ما يقبله على قدر قبوله واحتماله من غير منع ولا بخل، فالتسوية عبارة عن هذه الأفعال المرددة لأصل النطفة في الأطوار السالكة بها إلى صفة الاستواء والاعتدال" (المضنون الصغير، ص: 35-36)... 

وقال رحمه الله: "الجود الإلهي سبب لحدوث نور الوجود في كل ماهية قابلة للوجود" (ص: 39)؛ وقال: "فالجود الإلهي الذي هو ينبوع الوجود على كل ما له قبول الوجود" (ص: 38)، لا نريد هنا أن نخوض في نقاش "علمي" حول مضمون كلام بن المسفر، وإنما أردنا فقط إبراز المنهج الشمولي الكوني الذي فهم به صاحبنا علاقة الإنسان بأصله الكوني ضمن سيرورة الاستواء؛ إن هذه الوحدة الوجودية الجامعة بين الإنسان ومعطيات الكون لهي الكفيلة بفهم عميق لوضع بني آدم في المشروع الكوني بتوفيق من الله..   

لا يقل الجانب الأدبي عن الجانب الفلسفي في شخصية صاحبنا المسفر، فهذا ابن عربي الحاتمي يذكر له قصيدة نونية، نسبت بشكل غريب إلى الإمام الغزالي، وقيل إنها وجدت بعد موته تحت وسادته كما في "شرح الإحياء" للزبيدي، وله فيه: 

لا تظنــــوا المـــوت موتــــا إنـــــه          لحيـــــــــاة وهي غايـــات المنى 

أحسنـــــــوا الظـــــن برب راحــم          تشكــــــروا السعي وتأتوا أمنــــا 

مـــــا أرى نفســـــي إلا أنتــــــم          واعتقـــــادي أنكـــــم أنتــم أنــــا 

لكن الشيخ الأكبر بن عربي جزم بنسبتها للشيخ المسفر، يقول عبد الله كنون في مقاله (ص: 433-435): "وهذه القصيدة هي من الشعر الفلسفي الرفيع، وحقها أن تقرن بعينية الشيخ الرئيس ابن سينا؛ فإن كلا منهما تناول مطلبا مهما من مطالب الفلسفة، وصاغه صياغة شعرية جميلة يمتزج الخيال فيها بالحقيقة، وحلق في سماء العقل يرود آفاق المعرفة من غير أن يفقد طبيعته السحرية الأخاذة أو يضيع لحنه الشجي الخالد.."، وإذا كانت عينية الشيخ الرئيس تتناول تِيمة النفس؛ فإن نونية صاحبنا المسفر تتناول تِيمة الموت بنفَس فلسفي كبير. بل وتعتبِر كما يقول عبد الله كنون: "الموت تحررا من قيد السجن، وانطلاقا نحو حياة أفضل من هذه الحياة الدنيا هي ما كانت النفس تتمناه وترغب في التعرف إليه لتبلغ كمالها وتنعم أبدا في عالم قدسي يكشف فيه له الحجاب عن الحقائق العليا وتعود سيرتها الأولى من الفطرة التي فطر الله الناس عليها..". 

ولأدع القارئ الكريم يتمتع بهذه القصيدة الرائعة التي جمعت بين الفلسفة والأدب، من أجل اختراق موضوع وجودي هو موضوع الانتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، يقول علي المسفر: 

قـُـــــلْ لأخــــــوان رأونـــــي ميّتــاً          فبكونـــــــي ورثونــــــــي حَزَنَـــــا 

أعلـــــى الغائب منــــــي حزنكـم          أم على الحاضــــر معكـــم هاهنــا 

أتظنـّــــــون بأنّـــــي مـيْـتـــــكـــم          لســـــتُ ذاك الميــــت واللــه أنـــا 

أنـــــا في الصـــور وهذا جســـدي          كــــــان لبسي وقميصــي زمنـــــا 

أنـــــــا كنــــزٌ وحـجــابي طلســــم          من تـــراب قــــد تهيّـــــا للفـــنـــــا 

أنــــــــا در قــــــد حوانـــــي صدف          طرت عنــــــه فتخلـــــى رهنـــــــا 

أنــــــــــا عصفـــور وهـذا قفصـــي          كـــــان سجني فألِفــتُ السجنــــا 

أشكـــــر اللـــــه الــــذي خلصنـي          وبنـــــى لــــي في المعالي ركنــا 

كنت قبــــل اليــــوم ميتــا بينكـــم          فحـييــت وخلـــــــعـــت الكفنــــــــا 

فـــأنــــا اليــــوم أنــــــاجي مـــــلأ          وأرى اللـــــــــه جهــــــــاراً علنـــــا 

عـــــــــاكفٌ في اللوح أقـــرأ وأرى          كــــــــل ما كــــان ويأتـــــي ودنـــا 

وطعــــامي وشرابـــــــــي واحـــد          وهـــــو رمـــز فافهمــــوه حسنــــاً 

ليس خمــــراً سائغـــاً أو عســـــلاً          لا ولا مــــــــــــــاءً ولكن لبنـــــــــــا 

هـــــــو مشــــروب رســول الله إذ          كــــــــان يسري فطره مع فطرنـــا 

فافهمـــــوا الســــر ففيــــه نبـــــأ          أي معنـــــىً تحت لفظي كمنــــــا 

فاهدمـــــوا بيتي ورضوا قفصـــي          وذروا الطلســـــم بعــــدي وثنـــــا 

وقميصـــي مزّقــــــــــوه رمـمـــــاً          ودعــــــوا الكــــل دفينــــا بيننــــــا 

قـــد ترحلــــــت وخلفتــــكـــــــــم          لست أرضــــى داركم لي وطنـــــا 

حــــيُ ذي الــــدارِ نــؤوم مغـــرق          فإذا مــــــــات أطـــــار الوسنـــــــا 

لا تظنـــــوا المــوت موتــــــاً إنــــه          لحيــــــاةٌ وهــــو غايـــــات المنـى 

لا ترعكــــم هجمــة الموت فمـــــا          هــي إلا نقلــــــــة من هـــاهنــــا 

فاخلعوا الأجســاد عن أنفسكــــم          تبصــــروا الحقّ عيانــــــــاً بيّنــــــا 

وخــــذوا الــــزاد جميعــــا لا تنــوا          ليس بالعاقــــل منــــــا من ونـــى 

حسنـــــوا الظـــن بـــربٍ راحـــــمٍ          شاكــــــرٍ للسعـــي وتأتوا أمنـــــا 

مــــــا أرى نفســــيَ إلا أنتــــــــم          واعتقــــــادي أنكـــم أنتــم أنـــــــا 

عنصـــــر الأنفـــسُ منــــــا واحــدٌ          وكــــــذا الجســمُ جميعـــاً عمنــــا 

فمتــــى مـــا كــــان خيـــر فلنــــا          ومتـى مـــا كــــان شــــر فبنـــــــا 

فارحمونـــي ترحمـــوا أنفسكـــم          واعلمـــــــوا أنكــــمُ فــي إثـرنـــــا 

أســــــأل الـــله لنفسي رحمــةً          رحــم اللـــه كريمــــــــاً أمنــــــــــا 

وعليكـــــم من سلامــــي صيب          وسلام اللــــــــــه بــــدأ وثنـــــــى 

أبــــد الدهـــــر إلـــى يوم يــرى          بعضنــــا بعضــــا لرحــب وهنـــــــا 

وبعد، فقد قصدت من هذه المقالة التذكير بعلَم مغمور لو لم يذكره بن عربي الحاتمي لضاع ذكره، ثم لأن كتبه الفلسفية والكلامية نسبت للإمام الغزالي، ووجب الاعتراف بالحق لأهله؛ كما أن قصيدته حول "فلسفة الموت" تستحق النشر والتأمل والتمثل، فكم هو رائع أن يدرك الإنسان حسا ومعنى أن الموت جزء لا يتجزأ من الحياة، وأن الترفع عليه -وما هذا بالمقام السهل- يوصل الإنسان إلى رتق عالمين في تصور كوني واحد، ومن تم تحصيل أهم عنصر يقف حاجزا أمام السعادة في الحال والمآل. رحم الله هذا الفيلسوف الأديب الفاضل، ونفعنا بعلمه. والله الموفق للخير والمعين عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق