الجمعة، 10 أغسطس 2012

ناقشت اطروحة الدكتوراه
بتاريخ 15 / تموز 2012
الخدمات والتسهيلات التجارية في الموانئ الاندلسية
في عصري الامارة والخلافة

وادناه ملخصها

كانت هذه الدراسة موقوفة على الخدمات والتسهيلات التي قدمت في الموانئ الاندلسية والتي كان لها الدور الكبير في استيعاب الحركة التجارية آنذاك . فمعروف ان الموانئ تعد من الاماكن التي ادت دوراً اساسيا في الحركة التجارية والمعاشية للبلدان لا سيما تلك المطلة على البحار والمحيطات بعد ان علمنا أنَّ 80% من التجارة الاندلسية كانت مع بلاد حوض البحر (الشامي) الابيض المتوسط آنذاك( )، ولأن الحركة التجارية كانت تجري عبر الموانئ؛ فان ذلك ما كان لينجح ويثمر بالصورة المشرقة، لولا توفر مجموعة خدمات وتسهيلات تضافرت لخدمة هذا الجانب الحيوي من جوانب الاقتصاد . 
ولهذا السبب كان اختيارنا لموضوع (الخدمات والتسهيلات التجارية في الموانئ الاندلسية في عصري الامارة والخلافة) لمعرفة ماهية ونوع تلك الخدمات والتسهيلات التجارية . وتحديد مدة الدراسة بعصري الامارة والخلافة له مدلولات زمانية ومكانية ، فالعصر الاول شهد بزوغ الدولة المستقلة في بلاد الأندلس والعصر الثاني كان مكملاً لذلك النظام السياسي من خلال تشكيل نظام سياسي جديد (عصر الخلافة) عمل على ظهور الاستقرار السياسي فضلا عن استقطاب كل المعارف والعلوم ، فأصبحت البلاد ملاذاً لكافة فئات المجتمع ومن كل البلدان ، فلا غرابة بعد ذلك من ظهور النشاط الكبير في تلك الحقبة التاريخية دون غيرها من الحقب الاخرى. 
وتطلبت الضرورة الموضوعية تقسيم الدراسة الى خمسة فصول مسبوقة بتمهيد تطرق الى التعريف بالميناء ثم التعرف على الموانئ التي كانت تتعامل مع بلاد الأندلس ، لا سيما موانئ بلاد المغرب العربي، ومعرفتها كانت ضرورية للبحث حتى نطلع على الجهة المقابلة لموانئ بلاد الأندلس وكيفيتها . فاطلعنا على اهم موانئ بلاد المغرب العربي والتي قسمناها الى موانئ مطلة على المحيط الأطلسي وموانئ مطلة على البحر الابيض المتوسط والتي كان لوجودها بلا شك اثر ايجابي على النشاط الاقتصادي في بلاد الأندلس ، وحاولنا ابراز نوع الخدمات التي وجدت في تلك الموانئ .
اما الفصل الاول فقد تناول الطبيعة الجغرافية لتلك البلاد من مناخ مميز بتنوعه وذلك جاء بسبب الموقع الجغرافي الذي جعل بلاد الاندلس تحت تاثير عدة مناخات منها مناخ البحر الابيض المتوسط والذي حاولنا ان نوضح تأثير المناخ على بلاد الاندلس بشكل عام من حيث تأثيره على الزراعة وتأثيره على التجارة ، ثم تناولنا التضاريس الارضية وطبيعة تلك التضاريس وتنوعها من جبال كبيرة كانت سمة لتلك البلاد كجبال البرتات الواقعة في الشمال وجبال الشارات وجبل تاج العروس وغيرها . كما كان للأودية حصة من تلك الدراسة بسبب كثرتها في تلك البلاد والتي اثر وجودها على وجود الانهار الكبيرة في بلاد الاندلس فضلاً عن كونها أماكنَ طبيعية لخزن المياه لمدة طويلة، وشبكة مجانية للنقل خدمت التجارة بإيصالها الى الموانئ. وتطرقنا الى السهول في بلاد الاندلس وأهميتها فضلاً عن وضع خارطة تبين مناطق السهول (الخارطة رقم2)، ووضحت ان سهول بلاد الاندلس اكثر ما توزعت قرب السواحل وهذا ما ادى الى ظهور الموانئ التي اشتهرت بها البلاد .
واما الانهار فكانت شرايين الحياة في هذه البلاد ومن الانهار ما يصب في المحيط الاطلسي ومنها ما يصب في البحر الابيض المتوسط، فكان بعضها صالحا لنقل البضائع من مكان الى آخر.
اما الفصل الثاني فقد عالج الواقع السياسي لبلاد الاندلس من خلال تقسيمه الى قسمين الاول عصر الامارة وما واجههُ الامراء الامويون من تحديات داخلية وخارجية ، واردنا من ذلك ان نوضح ان مجموع الخدمات والتسهيلات التجارية التي قدمت في الموانئ الاندلسية لم تكن بمعزل عن اهتمام الدولة ورعايتها ، بل ان الدولة بكافة عصورها قد عملت كل ما تستطيع من اجل ذلك واولها ظهور الاستقرار السياسي المتمثل بالانتقال السلمي للسلطة . والقسم الثاني هو عصر الخلافة ففيه وضحنا بشكل مختصر تلك الاحداث الى جرت في بلاد الاندلس خلال تلك المدة ، وكيف ان ذلك العصر كان مكملاً لعمل عصر الامارة كما عمل على ترسيخ روح المواطنة في البلاد، ونهض بها الى مصاف الدول الراقية آنذاك بحيث أصبحت قبلة العلماء والتجار. وعلى الرغم من ظهور بعض المشاكل السياسية التي أدت الى سقوط دولة بني امية الا انها ظلت الى اخر يوم تناضل من أجل المحافظة على كل المكاسب التي تحققت، حتى الامارات المحلية البسيطة التي ظهرت في بعض الموانئ نلاحظ انها حافظت على تقديم كل الدعم لبقاء الميناء على ما هو عليه من خدمات وتسهيلات . 
وتضمن الفصل الثالث النشاط الاقتصادي في بلاد الاندلس، وقام على ثلاثة اركان هي الزراعة، والصناعة، والتجارة، ففي الجانب الزراعي حاولنا الوصول الى صورة توضح ان العرب المسلمين في بلاد الاندلس كانت لهم دراية كافية بكل جوانب الزراعة من حراثة الى سقي الى طبيعة الارض الى تسميد وغير ذلك . واستثمروا كل الموارد الزراعية وغير الزراعية في الجانب الصناعي فظهرت المصانع النسيجية وظهرت الصناعات الحديدية والغذائية والخشبية والتي كان لها الدور الايجابي في توفير الخدمات والتسهيلات التجارية، فضلا عن الجانب التجاري الذي تميزت به بلاد الاندلس من خلال مجموع الصادرات والواردات اليها والتي كان لها الدور الكبير في الحاجة الى وجود مجموعة من الخدمات والتسهيلات التجارية لإنجاح التقدم الصناعي الكبير الذي ظهر في بلاد الاندلس . كما حاولنا اظهار اشهر الطرق التجارية الداخلية منها والخارجية لا سيما تلك المرتبطة بالموانئ .
اما الفصل الرابع فقد عرض وبالتفصيل الخدمات وطبيعة تلك الخدمات وسياسة الدولة التي كانت تقوم على الاحتفاظ بملكية اراضي الموانئ اذ قامت الدولة الاندلسية آنذاك بوضع يدها على كل اراضي الموانئ وعدم السماح لأي كان من التملك فيها ، لأنها اراضي عامة وتملكها من قبل فرد معين يؤثر على النشاط التجاري فيها . كما قدمت بلاد الاندلس مجموعة من الخدمات التجارية الاخرى منها توفير العمـالة التي تساعد في نقل البضائع وغير ذلك من الاعمال التجارية ، فضلاً عن توفير السفن والمراكب واصلاحها ، وتوفير الفنادق والخانات التي تسهم في استقرار التجار وحفظ بضائعهم ، وتوفير المياه اللازمة لهم من خلال توفير خدمة السقاية ، فضلاً عن توفير المخازن لخزن البضائع التي تحتاج الى خزن لمدة طويلة ، الى جانب توفير القيساريات والحمامات ووسائل النقل والاهتمام بالطرق والمسالك و توفير وسائل الترفيه من متنزهات وملاهي، وتـوفير بعض البضائع النادرة التي لا يستطيع التاجر الحصول عليها بسهولة، وتامين الطرق التجارية الداخلية منها والخارجية، وبناء القناطر والمنائر ، وحاولنا خلال ذلك من رسم صورة واضحة لمجموع الخدمات التجارية في الموانئ الاندلسية من خلال ما حصلنا عليه من معلومات من المصادر والمراجع التاريخية . 
وعرض الفصل الخامس التسهيلات التجارية في الموانئ الاندلسية ، والتي كان اشهرها حرية التنقل التي ساعدت وبشكل كبير على تسهيل تنقل التجار القادمين من خارج بلاد الاندلس ، فضلا عن تسهيل نقل الاخشاب من خلال الانهر بالطريقة المسماة بالتعويم وعلى الرغم من ان نقل الاخشاب كان يؤثر سلباً على الأرحية المنصوبة على الانهر الا ان الدولة كانت تسمح بهذه الطريقة ، لأنها تسهل على التجار كثيراً ، كما سهلت الحركة البريدية في الموانئ الاندلسية ايماناً منها بانها تؤثر ايجاباً في الحركة التجارية من خلال ايصال الاخبار التجارية الى البلدان الاخرى عبر التجار عن الواقع التجاري ، ولأجل احتواء ما هو موجود من حركة تجارية وتسهيل نشاطها عمدت الدولة الاندلسية الى انشاء ولاية السوق المختصة بمراقبة كل ما يجـري في الاسواق من نشاط في هذا المجال . فضلاً عن ذلك فقد عرض بالحديث عن دار السكة التي تعد من التسهيلات التجارية التي اهتمت بها الدولة الاندلسية ، فضلاً عن تسهيلات مالية والعمل بالصكوك والصيرفة والسفتجة والحوالة كما ضمنت الدولة الاندلسية حقوق التجار كأحد وسائل التسهيل التجاري الى جانب البيع بالآجل الذي عرفه السوق ولم يكن للدولة أي جانب سلبي على ظهوره ، لا سيما مع التجار من البلدان الاخرى، كما رفعت الدولة في بعض الاوقات بعض الضرائب وسهلت وجود بعض المهن (كالصيرفة) على الرغم من تحذير كتب الحسبة منها الى انها لم تمنع بشكل قاطع لأنها كانت تسهل على التجار الحصول على البضائع . 
واخيراً ضمت الاطروحة خاتمة جاءت بأهم النتائج التي توصلنا اليها فضلا عن العديد من الملاحق ، وختاما اتمنى ان اكون قد وفقت في تقديم عمل متواضع يلقي الضوء على واحدة من الانجازات العـربية الاسلامية التي اسهمت بشكل كبير في رقي وتقدم الحضارة العربية الاسلامية . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق