نظرية
العناية "التخطيط الالهي للتاريخ
لقد
سادت فكرة العناية الالهية معظم الحضارات القديمة بقدر دور الدين في هذه الحضارات،
المصرية والسومرية والهندية والصينية...الخ، غير ان العناية لدى بني اسرائيل اكتسبت
معنى مختلفاً عن التصور الاسلامي والمسيحي إذ ان الاعتقاد الاسرائيلي، هو ان
"الله يهوه" هو روح الشعب او كما يقول الحاخام كوك "ان روح اسرائيل
وروح الله هما شي واحد"([2]).
لقد
فسر اللاهوت اليهودي التاريخ تفسيراً لا تاريخياً حين وحد بين الله والشعب والارض،
فالتاريخ اليهودي يبدأ بعقد الميثاق بين الله وإبراهيم، ثم يجدد هذا الميثاق بين
الله واسحق، ثم بين الله ويعقوب، فالامة لم تات للوجود من خلال تطور تاريخي، بل من
خلال أرادة الله، وبذا
تصبح اسرائيل امة ومجتمعاً دينياً في الوقت ذاته،... "فمجتمع اسرائيل يعيش
التاريخ والوحي ظاهرةً واحدة التاريخ كالوحي، والوحي كالتاريخ، النسبي كالمطلق
والمطلق كالنسبي، المقدس كالقومي، والقومي كالمقدس، الذات كالموضوع، والموضوع
كالذات كلها تندرج في دائرة "الواحد" المطلق"([3]).
ان
حلول المطلق في اليهود حولهم الى أنبياء، وحول التاريخ اليهودي الى وحي مستمر...وصراع لا ينتهي من اجل وضع مثل
الأنبياء
موضع التطبيق.
ويقول
بعض فلاسفة التاريخ ان اليهود هم اول من اكتشف فكرة التطور التي هي عماد الوعي
التاريخي، "وان حلول الله اليهودي في التاريخ جعله يأخذ شكل خط مستقيم، يتحرك
نحو هدف اعلى وليس شكلاً دائرياً هندسياً يتحرك دون غاية"([4]).
ومع
النظرة الخطية الجديدة، يصبح المستقبل اكثر اهمية من الماضي في تقرير علاقات
الانسان، - ذات المعنى- بالاخرين إذ تتقدم البشرية
الى الامام... نحو القدوم الثاني للمسيح حدثاً مستقبلياً وهدفاً نهائياً لعصر
الالفي السعيد أو عودة المسيح ليحكم امبراطوريته الكونية، ويوجه التاريخ كله وأفعالنا
فيه.
وغاية
التاريخ عند الفيلسوف اليهودي، فيلون الاسكندري هي "الخلاص الابدي"
تتحقق في نهاية التاريخ إذ يكون الخلاص روحيا واخلاقيا لا سياسيا وعسكريا هي بمثابة
المحرك للتاريخ والجاذبة
له بعد ان كانت الخطيئة في الماضي، تحث على فكرة "السقوط" وتدفع به الى
الهاوية!([5]).
ان
هذه الرؤية اليهودية التي تأول التاريخ العالمي تأويلاً تسويغياًً
عنصرياً، قد أثرت
في خيال وتصورات معظم الشعوب المختلفة، فالشعوب جميعها كالافراد تماماً، تتجه الى
جهة واحدة، وتنعكس في هذا الاتجاه المتكامل خبرة الجنس البشري(*).
ان
اشعة النور
الالهي لا تظهر في الامم المفردة الا منكسرة الى غير نهاية، وكل امة تظهر صورة
مختلفة ومفهوماً مختلفاً عن الالوهية ويرى "جون هرمان راندال"
1899-1970م ان لكل شعب الحق ان يعتقد ان بعض قوى العقل الألهي تعبر عن ذاتها فيه على
اعلى مستوى،
ولن يتمكن شعب من معرفة ذاته على الاطلاق دون ان يبالغ بتقدير ذاته"([6]).
لقد
افضى التصور اليهودي اللأهوتي
للتاريخ الى تسويغ الحاضر الصهيوني في فلسطين، يقول بياليك: "ان يد الله لم
تقد هذا الشعب خلال اربعة الاف عام وعبر الام الجحيم، ولم تحضره مرة اخرى الى ارضه
للمرة الثالثة "في العصر الحديث" دون أي معنى"([7]).
"ان
مسار التاريخ بهذا المعني يصبح له هدف واضح، ويتجسد هذا الهدف في فكرة المسيح
المنتظر الذي هو نهاية التاريخ, ويرى توينبي، "ان اليهودية ضربت أقبح الامثلة
في عبادة الذات الفانية، ممثلة في أسطورة
الشعب المختار، التي انحرفت بهم الى العقم الفكري وقادتهم الى نبذ كنز اعظم، هيأه
لهم الله، بمقدم عيسى الناصرى"([8]).
في
الواقع ان لدى التاريخ، بوصفه الهاما وايديولوجيا، ميلا متاصلا لان يصبح اسطورة تسوغ
نفسها بنفسها، بل ان التاريخ هو المادة الخام لكل الاساطير والايديولوجيات العشائرية
والقومية، العنصرية والعالمية، الإمبراطورية، فالماضي عنصر أساس، فان لم يكن ماضياً
مناسباً فان بالامكان اختراعه. والاسطورة والاختلاق لازمان لسياسة الهوية التي من خلالها تحاول الجماعات البشرية
المتصارعة ان تعرف نفسها بالاثنية او الدين او الجغرافيا، او بالاساطير، وان تجد
شيئا من اليقين في عالم متلبس ومهزوز بالقول والاعتقاد "نحن نختلف عن الاخرين
واحسن منهم"
وكل امة تخترع التاريخ التي يميزها ويمنحها الاحساس بالاستقرار والتفوق، وكما قال
ايرنست رينان قبل قرن من الزمان "ان فهما التاريخ فهماً خاطئاً جزء
اساسي من كينونة الامة"([9]).
لقد
افضى التوظيف اليهودي للتاريخ منذ ان "قال الله" "لنصنع الانسان
على صورتنا كمثالنا" افضى هذا التوظيف اللاهوتي الإسرائيلي في نتائجه
المتطرفة الى الاعتقاد بان الله هو رب اليهود وحدهم وانهم الشعب المعني. بخطاب
الله، وان الانسان المخاطب، ليس الانسان عامةً بل العبراني، وقد جرى تصور الكون والعالم
والجغرافيا والمكان والزمان بما يسوغ هذه الاسطورة التي تدور حول ارض المعياد فارض
الميعاد هي مركز الدنيا لانها توجد في مركز العالم وأورشليم تقع في وسط ارض
المعياد، "والهيكل يقع
وسط أورشليم وقدس الاقداس في وسط الهيكل، وتابوت العهد في وسط قدس الاقداس وحجر
الاساس امام تابوت العهد وهذه النقطة هي مركز العالم، انها المسيح المنتظر
الجغرافي"([10]).
أن
هذا
التصور الاسطوري للكون والتاريخ لا يخلو من التصور الدوري الشرقي القديم بل يكاد
النص التوراتي يصرح بدورات حيوية تاريخية محركاتها (الاثم والخطايا)، وكوابحها "العقاب
الرباني الصارم"([11]).
ورغم
ان الخطيئة كانت الفكرة الاساس في الدين اليهودي كان اليهود قلما يشيرون الى حياة اخرى بعد
الموت، ولم
يرد في دينهم شي عن الخلود.. الا بعد ان فقدوا الرجاء في ان يكون لهم سلطان في هذه
الارض، ولعلهم اخذوا هذه الفكرة من التراث الشرقي القديم "ومن هذه الخاتمة
الروحية كما يقول ول ديورنت ولدت المسيحية"([12])
اغسطين
والتخطيط الالهي
نبي الرؤية هو الذي سيجلب الطمأنينة للمظلومين
والمبتلين، باعلان حكم الله على الواقع بالهلاك، واعلان ما سيحل محله "انا يوحنا رأيت المدنية
المقدسة، أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله"، "ها هو مسكن الله
والناس: يسكن معهم ويكونون له شعوبا،ً الله نفسه معهم ويكون لهم الهاً يمسح كل
دمعة تسيل من عيونهم. لا يبقى موت ولا حزن ولا صراخ ولا وجع، لان الاشياء القديمة
زالت"([13]).
0000لقد
وجدت هذه الفكرة الرؤيوية اول تطبيق عملي لها عام 410م عندما علم "القديس
اوغسطين اسقف الهيبو
في شمال افريقيا ان "روما" قد سقطت في ايدي "القوطيين"
البرابرة، اذ قال اوغسطين لابناء الابرشية المستائين ان ذلك لم يكن نهاية العالم، بل بداية
جديدة
ومجيدة. واعلن عن سقوط "روما" مهد الطريق لبناء نظام مسيحي
عالمي لكي يحل محل "بابل"(*)
المدينة الارضية
الوثنية الفاسدة. واطلق على مدينته المستقبلية الخالدة "أورشليم
الجديدة"(*) التي
سوف يتحد فيها كل من المؤمنين بالرب اخيراً الى الابد "وقال الجالس على العرش:
"ها انا اجعل كل شي جديداً"...
وتم كل شيٍ! انا الالف والياء، البداية والنهاية([14]).
وقد
اصبحت (مدينة الرب) عند "اوغسطين" أساس اللاهوت المسيحي في العصور
الوسطى، وسرعان ما وحدت الكنيسة الكاثوليكية التي كانت قد ارست قواعدها في روما
نفسها مع هذه الـ "أورشليم الجديدة" واصبحت فكرة ان روما البابوية هي
المدينة الخالدة، جزءاً لا يتجزا من صورة الكنيسة عن نفسها. وكل تصور للتاريخ سواء
كان اسطورياً
أو لاهوتياً
أو فلسفياً
ينطلق من معتقدات ميتافيزيقية عن الصورة العامة للعالم والانسان فيه. والتصور المسيحي عن الانسان
وقيمته ومكانته في هذا العالم يحمل خاصية مزدوجة، فهو من ناحية يمنح الانسان الاحساس المطمئن
بسمو مكانته وعلوها في هذا الكون، الذي تحتل الارض مركزه ويقع الانسان في وسطه
وعين الله ترعاه. في
هذا الكون المخلوق كله من اجل الانسان ليس على الانسان الا ان يعرف مكانه فيه،
ويسلك على وفق قدر المشيئة الآلهية
ولذلك فهو عالم يبعث على الاطمئنان على العكس من العالم الوثني
المحكوم بالتغيير والصيرورة والزوال والمصادفة "كان العالم رمزاً كبيراً سره
الاساس معناه لا حوادته
واسبابه"([15]).
ومن
جهة اخرى، يتم تصوير الانسان بالكائن الذي لوثته الخطيئة والاثم منذ ان سقط ادم في
الجنة سقطته الكبرى([16]).
على
ان اهم ما اتت به المسيحية الى "التاريخ" هو فكرة المساواة بين سائر
الشعوب المسكونة، إذ احلت في العهد الجديد المدينة الانسانية العالمية محل، شعب
الله المختار في العهد القديم، وصار البشر اجمعين شركاء في "مدينة الله"
دون تمييز بين لون او جنس، طالما ان المعيار الوحيد هو الصلاح والتقوى. ولقد كان
خير من عبر عن هذا الاتجاه العالمي في تدوين التاريخ وفلسفته المؤرخ الشهير يوسبيوس القيساري" اوائل القرن
الرابع الميلادي، الذي عده اسحاق عبيد "شيخ مؤرخي العصور الوسطى"([17]).
اذ
حاول ان يكتب "تاريخ للعالم كله منذ البداية تمهيداً لحجر الزاوية عنده الا
هو مولد السيد المسيح".
بيد
ان القديس اوغسطين يعد المثل الابرز لهذه النظرية اللاهوتية الخطية في تفسير التاريخ
في كتابيه "مدينة الله" و "الاعترافات" حاول اوغسطين ان يبرهن
على خطة العناية الالهية في الكون والتاريخ مستلهماً في ذلك ما جاء في الكتاب
المقدس من رؤية للتاريخ الانساني برمته بعده تجلى للقدرة الالهية بدءاً بالسقوط
"والخطيئة"
(حينما رأت المرأة ان الشجرة طيبة
للمأكل وشهية للعين، وانها باعثة للفهم، فاخذت من ثمرها واكلت واعطت زوجها ايضا،
وكان معها فاكل. فانفتحت اعينهما فعرفا انهما عريانان، فخاطا من ورق التين وصنعا لهما
مآزر فنادى
الرب الاله ادم وقال له: "اين انت؟" فاجاب: سمعت صوتك في الجنة فخفت
ولاني عريان اختبأت فقال الرب "من عرفك انك عريان؟ هل اكلت من الشجرة التي
اوصيتك ان لا تاكل منها؟"([18]).
على
هذا النحو خرج ادم الانسان من فردوس البراءة الصافية اذ كان يسبح في زمن اسطوري
منسجم خالٍ
من الشقاء والالم الى الارض حيث الكد والتعب والعذاب.
والتاريخ
عند اوغسطين يسير في خط مستقيم من ادم الى مملكة الله النهائية، اذ "يرفض فكرة العود
الابدي، لان المسيح صلب مرة، وفدى البشر مرة واحدة ثم ان ماله بداية، فله نهاية،
يقول: بدا الله خلق الانسان والعالم"، كفعل جديد ومن دون أي تغير مفاجئ في
الغرض والخطة الالهية، بل وفقا للخطة الازلية([19]), انهم
في ضلال حين يعدون الدائرة اكمل الاشكال، ويستخدمونها في التاريخ بدلاً من الخط
المستقيم، انهم يقيسون بعقولهم الضيقة
احكام العقل الالهي، وتشبيها بما يرويه الكتاب المقدس من خلق الله للعالم في ستة
ايام واستوائه على العرش للراحة في اليوم السابع، قسم اوغسطين التاريخ على سبعة
اقسام:
1. من ادم الى الطوفان. 2. من الطوفان الى ابراهيم. 3. من ابراهيم الى داود. 4. من داود الى الاسر البابلي. 5. من الاسر الى ميلاد المسيح. 6. من مبلاد المسيح الى اوغسطين
(العصر الحاضر). 7. نهاية
العالم يوم الدينوية "الذي سيستريح فيه الله كما حدث في اليوم السابع،
وسيمنحنا الراحة في ذاته([20]).
في
مدينة الله يختم التاريخ مساره، "أورشليم الجديدة المدينة المقدسة" لا
تحتاج الى نور
الشمس والقمر، لان مجد الله ينيرها والحمل هو مصباحها، ستمشى الامم في نورها"([21]).
هذه
الفكرة الرؤيوية الذي وجدت اول تطبيق عملي لها بسقوط روما 410م ليعلن اوغسطين ان
الشر دخل العالم بمعصية ادم، كما ان في الانسان نزعتين: نزعة حب الذات الى حد
الاستهانة بالله،
ونزعة حب الله الى حد الاستهانة بالذات كذلك في المجتمع مدينتان: "المدينة
الارضية (مدينة
الشيطان)
والمدينة السماوية (مدينة
الله)
لقد كانت مدينة الله مختلطة بمدينة الشيطان حتى ظهور نبى الله ابراهيم ثم تميزت
المدينة السماوية فاصبحت في بنى اسرائيل، والمدينة الارضية في سائر الحضارات التي
بلغت ذروتها في الحضارة
الرومانية، ولكنهما
مع انفصالهما وتباينهما كانا يتقدمان معاً ويمهدان لظهور السيد المسيح، مهد بنو إسرائيل له
روحيا ومهدت الحضارات القديمة له سياسياً على وفق تدبير العناية الالهية، ولقد
انتهى التمايز بظهور المسيح، ومن ثم يجب ان تتم الوحدة بين الجانب الروحي ممثلا في
الكنيسة والجانب السياسي ممثلا في الدولة.
ورغم
ان النظرية اللاهوتية لتفسير التاريخ من وجهة نظر كلية عالمية تعد المحاولة الاولى
في شموليتها ليست فلسفة ولا تاريخياً، بل مجرد لاهوت وقصص قام بها قديس متحمس، مسخ فيه
الحقيقية وصور البشر كقطع الشطرنج في لعبة على رقصة الزمان بين الله والشيطان(*).
ولقد
دافع عن هذه النظرية المسيحية في التاريخ عدد من المؤرخين المحدثين والمعاصرين،
امثال المؤرخ اللاهوتي الفرنسي جاك بوسويه 1627-1704م في كتابه " مقال في
التاريخ العالمي"([22]).
كتب
(جون هرمان راندال) في منتصف القرن العشرين "في ضوء تجربتنا اليوم نجد ان
نظريات القديس اوغسطين التي صيغت لمواجهة تفسخ حضارة اخرى لا تحتاج تفسيرات جديدة
لتعبر عن رؤيانا لحالة الانسان. فهي تعبر مرة اخرى عما يشعر الناس به بعمق كما حدث
مرات متعددة في الماضي"([23]).
وقد
وجد ارنولد توينبي في الكتاب المقدس والرؤية الانجيلية للتاريخ وفي القديس اوغسطين
مصادر غنية وثرة
لبناء نظريته الفلسفية للتاريخ يقول توينبي: "اما نظرية القديس اوغسطين
المستمدة من وجهة النظر اليهودية عن التاريخ، فقد اخذها المفكرون المسيحيون قضية
مسلمة طوال مدة تجاوز الالف سنة، ووجدت اخر تعبير ثقة لها في كتاب بوسويه
"مقال في التاريخ العالمي" الذي نشر عام 1681 ميلادية([24]).
ان
توينبي الذي عبر مرات عديدة عن اعجابه بالقديس اوغسطين، يثني على كولينجوود في
تقيميه الايجابي للنظرية المسيحية، للتاريخ، والتي نوجز خلاصتها بالآتي:-
1. النظر الى التاريخ من حيث هو تاريخ عالمي لعموم
الانسانية برجوعه الى اصل الانسان.
2. التاريخ الكوني كله محكوم بالقدرة الالهية
الواحدة لا بسبب افعال الانسان.
3. المسيح محور التاريخ وغايته.
4. التاريخ لا يتكرر بالتعاقب الدوري، فحوادثه
فردية يستحيل تكرارها، كاستحالة تكرار تجسد المسيح وصلبه وقيامه من بين الموتى([25]).
وعلى هذا النحو كانت النظرة اللاهوتية المسيحية للتاريخ
والانسان، ترى ان الوحي المسيحي قد اعطانا فكرة عن تاريخ العالم كله منذ بدء
الخليقة في الماضي الى نهايتها في المستقبل، ولا جديد ينتظر الانسان في المستقبل.
(([2] عبد الوهاب المسيري، نهاية التاريخ، دراسة في
بنية الفكر الصهيوني، المؤسسة العربية للدراسات
بيروت ط1 1979 ص50 وبذلك يكون المسيري
قبل الامريكي فوكوياما، واحق منه في التعبير عن فكرة "نهاية
التاريخ" إذ يعد اول من الف بهذا العنوان قبل اكثر من عقد من الزمن لكن
فوكومايا، قد أثار بعنوان كتابه "نهاية التاريخ والانسان
الاخير" ضجة لا تتناسب مع محتوى الكتاب ذاته, وفي دراسته الفلسفة ونهاية
التاريخ، كشف علي حسين الجابري عن ذلك.
([4]) عبد
الوهاب المسيري، نهاية التاريخ، ص56 ويقول ايضا: "ان مسار التاريخ يصبح
واضحاً له بدايته ونهايته تماماً مثل أي مسرحية،... واسطورة المسيح المنتظر قد تنطوى على فكرة
التقدم نحو هدف اعلى الا انها على الرغم من ذلك لا تاريخية لانها تفترض ثبات
النقطة التي يتحرك نحوها التاريخ، ولانها تفترض عدم جدوى الإرادة الإنسانية،
فالعصر المسيحي سيأتي عن طريق تدخل الله" ص57.
(*)
يرى مدني صالح، "ان التاريخ ليس اكثر من تناقل خبرة الانسان وتدوالها منذ
البداية حتى أخر
لحظات تطوره.. والانسان
لا يفسر التاريخ كي يتخذ المواقف، بل يفسر التاريخ كي يسوغ المواقف، ان التاريخ
بهذا المعنى، هو تاريخ الاغلب وحين يكون اخناتون هو الاغلب الاقهر، يزدهر خفرع
وتزدهر النجوم والاقمار والكواكب والشموس والانوار وحين يكون ابراهيم هو الاغلب
الاقهر تنطفى النجوم والاقمار والكواكب والشموس والانوار والهياكل وتنهار الزقورات
وينهار معها من الاهرام خوفو وخفرع ومن التماثيل اسد بابل والثور المجنح",
ينظر: مدني صالح في مهب عوصف
التاريخ ص12.
(*)
بابل عاصمة المملكة البابلية (605-539 ق.م) واسم الحضارة البابلية القديمة، وصار
اسم بابل رمزاً يدل على
السلطة التي تعارض الله وفي العهد الجديد دل اسم بابل بطريقة رمزية على مدينة
روما، ص41.
(**)اسم اطلقه اليهود على مدينة في فلسطين
ومعناه (مدينة السلام) انشأها النبي داوود وبنى فيها النبي سليمان الهيكل المقدس،
خربها الرومان في 70م، واعادوا بناءها في القرن الثاني الميلادي، فتحها العرب عام
638م، وسموها "بيت المقدس" او القدس الشريف.
(*) وبهذا المعنى يقول البير كامو "مع المسيحية
تكتسب القدرية اقصى معانيها فكل افعال الانسان واعماله مقدرة عليه سلفا وعليه ان
يرضى بقدره ومصيره ويتحمل العذاب والالم المكتوب عليه من عند الله فلا مجال
للافلات من يد القدر اللازبة، او تغيير الواقع فكل شي محكوم بالقدرة الالهية، في
عالم القديسات لا وجود لمشكلة التمرد، لانه عالم لا يوجد فيه أي التباس، فلقد
اعطيت فيه جميع الاجوبة دفعة واحدة ولم يعد هنا تساؤلات بل اجوبة وتفسيرات خالدة،
في عالم القديسات يكون كل الكلام حمداً وشكر". البيركامو، الانسان المتمرد،
ترجمة نهاد رضا منشورات عويدات، بيروت، 1983، ص45.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق