الأحد، 3 مارس 2013



علماء القرن السادس الهجري وإنتاجهم
في هذا الفصل ستتم الاجابة عن السؤال الثاني من خلال التعرف على أبرز علماء القرن السادس الهجري وانتاجهم العلمي للوقوف على حقيقة القرن، وهل هو من قرون ركود الفكر التربوي أم التجديد ؟
لقد حفل القرن السادس الهجري بالعديد من العلماء في شتى المجالات، ولقد تم حصر أكثر من ثلاثين من العلماء الذين حفل بهم القرن السادس الهجري، بحسب سنوات الوفاة، مع إعطاء نبذة مختصرة عن إنتاج كل عالم، والتفصيل لمن لهم إسهامات تربوية، ومنهم : السمعاني، الزرنوجي، ابن رشد الحفيد، ابن الجوزي .
1 – أبو حامد الغزالي : هو محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي (450هـ-505هـ). ويعد من علماء القرن الخامس، ويمكن أن يلحق بعلماء القرن السادس بحسب تاريخ وفاته، ولأن جل إنتاجه كان آخر حياته، ومن مصنفاته : إحياء علوم الدين، الأربعين في أصول الدين، الاقتصاد في الإعتقاد، أيها الولد، الجام العوام عن علم الكلام، تهافت الفلاسفة، الجواهر الغوالي، فرائد اللآليء، فضائح الباطنية، المستصفى، معارج القدس، معيار العلم، مقاصد الفلاسفة، المنقذ من الضلال، ميزان العمل، فاتحة العلوم .
ومن الكتب التي تتضمن آراءه في التربية : فاتحة العلوم، أيها الولد، ميزان العمل، بالإضافة لكتاب الأحياء الذي يتضمن التربية والفقه والأخلاق (24).
2 – الطغرائي (ت514هـ). مؤيد الدين أبو اسماعيل الحسيني بن علي، من الأدباء، له : ديوان الطغرائي، لامية العجم، ذات الفوائد – رسالة في الكيمياء – (25).
3 – الحريري : ( ت 516هـ ) أبو محمد القاسم بن علي. له : مقامات الحريري، درة الفوائد في أوهام الخواص، الفرق بين الضاد والظاء(26).
4 – الميداني النيسابوري (ت518هـ) له : السامي في الأسامي، مجمع الأمثال، نزهة الطرف في علم الصرف .
5 – أبو بكر الطرطوشي: (451هـ/520هـ) أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب القرشي النهري الطرطوشي . ويعرف بابن أبي رندقة، كان من علماء الأندلس، أودع نظرياته السياسية والاجتماعية كتابه الشهير: سراج الملوك، وهو محاولة لنصح الملوك وإرشادهم وتوجيههم، ألفه سنة 515هـ، وله أيضاً: الحوادث والبدع (27).
6 – نجم الدين النسفي . (ت537هـ) أبو حفص عمر بن محمد السنفي. له : العقائد النسفية، طلبة الطلبة (28).
7 – الزمخشري. أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري (467هـ-538هـ) . إمام في التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان. كان إمام عصره، سافر إلى مكة وجاورها، فصار يقال له : جار الله، توفي ليلة عرفة، له : الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أسس البلاغة، أطواق الذهب في المواعظ والخطب، أعجب العجب، خصائص العشرة الكرام البررة، الحقائق في غريب الحديث، المفردات في غريب القرآن، المفصل في صناعة الأعراب، النصائح الكبرى، المحاجاة بالمسائل النحوية، المستقصى في أمثال العرب، المفرد والمؤلف في النحو (29).
8 – ابن عطية (ت542هـ) . أبو محمد عبد الحق بن غالب الغرناطي له: فهرست ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (30).
9 – ابن العربي (ت543هـ). أبو بكر محمد بن عبد الله الأشبيلي المالكي له: أحكام القرآن، عارضة الأحوذي في شرح صحيح الترمذي، العواصم من القواصم (31).
10- الشهرستاني. (479هـ-548هـ). أبو الفتح محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، كان إماماً فقيهاً متكلماً له : نهاية الأقدام في علم الكلام، وكتاب الملل والنحل (32).
11- ابن القلانسي. أبو يعلى حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي . (464هـ- 555هـ). مؤرخ ثقة، من أهل دمشق، تولى رئاسة كتابها مرتين، وكان أديباً له عناية بالحديث. له : ذيل تاريخ دمشق (33).
12- ابن الحطيئة اللخمي . أبو العباس أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام بن الحطيئة اللخمي الفاسي (478-560هـ) . كان من مشاهير العلماء وأعيانهم وكان رأس في القراءات السبع . نسخ بخطه كثيراً من كتب الأدب وغيرها كان ينسخ ويأكل من نسخة(34).
13- السمعاني هو : عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبد الجبار بن فضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله أبو سعد تاج الإسلام السمعاني المروزي. ولد بمرو يوم الاثنين 21/8/506هـ، وتوفي بمرو غرة ربيع الأول عام 562هـ (35). وينسب إلى سمعان وهي بطن من تميم، ولذا يقال له التميمي. ونسبه المروزي(36) لأن ولادته ووفاته كانت بمرو، وهو من حفاظ الحديث، ورحاله، ومؤرخ له خمسون مصنفاً، شافعي المذهب، محدث المشرق، قيل أن عدد شيوخه بلغ سبعة آلاف شيخ، وكان ظريفاً حافظاً، واسع الرحلة صدوقاً ثقة ديناً جميل السيرة مليح التصانيف (37).
مصنفاته : للسمعاني العديد من المصنفات تصل إلى الخمسين، إلا أن ما هو موجود منها قليل، ومنها ما يزال مخطوطاً . ومن مؤلفاته : تاريخ مرو ويقع في 200 مجلد، وتذليل تاريخ بغداد ويقع في 15 مجلد، الأنساب ويقع في 8 مجلدات(38)، والتذكرة والتبصرة، الدعوات الكبيرة، معجم الشيوخ، تحفة المسافر، طراز الذهب في أدب الطلب، عز العزلة، المناسك، التحف والهدايا، الدعوات المروية عن الحضرة النبوية، أفانين البساتين، معجم البلدان، الاسفار عن الأسفار، الأدب في استعمال الحسب، الإملاء والإستملاء(39) الذي قد يكون هو عينة كتاب الأمالي(40) وله أيضاً الهداية، ذكرى حبيب رحل وبشرى مشيب منزل، فوائد الموائد، فرط الغرام إلى ساكني الشام، سلوة الأحباب، الرسائل والوسائل، لفتة المشتاق إلى ساكن العراق، النزوع إلى الأوطان (41).
نبذة عن كتاب أدب الإملاء والإستملاء :
يتناول الكتاب واجبات الأستاذ، وواجبات الطالب وما يحتاجا إليه، ويحتاج إليه من يريد معرفة أداب النفس وإستعمالها في الخلوة والمجلس، فهو عينة تمثل طريقة من طرق التدريس وإن كان السمعاني قصرها على طالب الحديث ومدرس الحديث. إلا أنها قابلة للتعميم على كل طالب علم، وعلى كل مدرس، فالكتاب مجموعة من الأداب الموجهة للمدرس والمساعد – المملي– والطالب، وهو يبدأ كتابه ببيان أهمية العلم حيث جمع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث وتبين فضل العلم وضرورته وأهميته في كسب الدنيا والآخرة، ثم ينتقل إلى البحث في علم الحديث وأهميته، وقواعد تعلمه عموماً(42).
14- السهروردي. (490هـ –563هـ) أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه، وينتهي نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لقب بضياء الدين السهروردي، درس بالنظامية ودرس بها سنة 545هـ. كان يعظ ويذكر وقام بدمشق مدة يسيرة عقد بها مجالس للوعاظ ثم عاد إلى بغداد (44).
15- ابن الخشاب . (492هـ – 567هـ) . أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد البغدادي، عرف بأبي الخشاب، عالم مشهور في الأدب، والنحو والتفسير، والحديث، والنسب، والفرائض، والحساب، وحفظ كتاب الله تعالى العزيز، ولقد كان متضلعاً في العلوم وله فيها اليد الطولى (45).
16- أبو نزار الحسن بن أبي الحسن صافي بن عبد الله بن نزار بن أبي الحسن النحوي البغدادي المعروف بـ ملك النحاة (ت568هـ) برع في النحو وكان فصيحاً ذكيا(46)
17- نجم الدين عمارة (ت569هـ) . أبو محمد عمارة بن أبي الحسن بن علي زيدان بن أحمد الحكمي اليمني. من أهل تهامة باليمن. بلغ الحلم سنة 529هـ، من كتبه : أخبار اليمن، النكت العصرية في أخبار الوزارة المصرية، كان فقيهاً شافعي المذهب، شديد التعصب للسنة، أديباً ماهراً شاعراً مجيداً، محدثاً ممتعاً (47).
18- ابن طفيل : (ت571هـ). أبو بكر محمد بن طفيل، ولد بالأندلس، انقطع إلى العلم، وشغف بالفلسفة ولكنه لم يتخصص فيها، وشغف كذلك بالأدب ويميل إلى الشعر، له: حي بن يقظان (48).
19- ابن عساكر ( ت 571هـ ) . تقي الدين أبو القاسم علي بن الحسن، له : تاريخ مدينة دمشق، تبيين كذب المفترى فيما ينسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، كشف الغطا في فضل الموطأ، معجم بني أمية .(49)
20- فخر النساء (ت574هـ) شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الإبري، الكاتبة كانت من العمءا، وكتبت الخط الجيد، وسمع عليها خلق كثير، وكان لها السماع العالي ألحقت فيه الأصاغر بالأكابر. اشتهر ذكرها وذاع صيتها (50).
21- الحافظ أبو طاهر (472هـ – 576هـ) أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الملقب صدر الدين، أحد الحفاظ المكثرين، رحل في طلب الحديث وكان شافعي بني له العادل أبو الحسن علي بن السلا وزير الظافر العبيدي صاحب مصر في سنة 546هـ مدرسة بالإسكندرية، وفوضها إليه (51)
22- ابن الأنباري (513هـ – 577هـ) . أبو البركات عبد الرحمن بن الوفاء بن محمد بن عبيد الله بن محمد الأنباري، الملقب كمال الدين النحوي، سكن بغداد من صباه إلى أن مات، تبحر في علم الأدب، وأشتغل عليه خلق كثير، وصاروا علماء. له : أسرار العربية، طبقات الأدباء، الميزان (52).
23- ابن منقذ. (488هـ – 584هـ) أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منفذ الكناني الكلبي الشيرزي الملقب بمؤيد الدولة مجد الدين، من أكابر بني منقذ وعلمائهم وشجعانهم، سكن دمشق ثم نبت به كما تبنوا الدار بالكريم، انتقل إلى مصر فبقي فيها مؤمراً مشار إليه بالتعظيم، ثم عاد وسكن دمشق إلى أن توفي بها. له تصانيف عديدة في فنون الأدب(53).
24- أبو طالب محمد بن علي بن أبي طالب بن عبد الله بن أبي الرجا التميمي الأصبهاني المعروف بالقاضي (ت585هـ)، تفقه على يد محمد بن يحي وصنف فيه التعليقة التي شهدت بفضله وتحقيقه، وجمع فيها بين الفقه والتحقيق عليها، كان من عمدة المدرسين في إلقاء الدرس، انتفع به خلق كثير، وكان له في الوعظ اليد الطولى، خطب ودرس بأصبهان مدة (54)
25- الشيرازي (ت589هـ) . عبد الرحمن نصر بن عبد الله، له : المنهج المسلوك في سياسة الملوك، نهاية الرتبة في طلب الحسبة (55).
26- ابن الدهان (ت590هـ) أبو شجاع محمد بن علي بن شعيب الملقب فخر الدين البغدادي، كانت له اليد الطولة في النجوم، صنف غريب الحديث في ستة عشر مجلداً، وكان قلمه أبلغ من لسانه (56).
27- الزرنوجي (ت593هـ) اختلف في اسمه كما أختلف في تاريخ وفاته وعنوان كتابه. إلا أن المتفق عليه هو أنه من علماء النصف الثاني من القرن السادس الهجري وأوائل القرن السابع، وإن كان هناك شبه إجماع على أنه توفي ما بين 593هـ إلى 620هـ. قيل أنه برهان الدين(57) الزرنوجي ، وقيل برهان الإسلام الزرنوجي (58). وكذلك الحال بالنسبة لتاريخ وفاته فقيل عام 593هـ، وقيل عام 600هـ، وقيل 620هـ، وهو من فقهاء الأحناف الذين عاشوا في شرق العالم الإسلامي، وهو من بلاد الترك وبالتحديد من زرنوج من بلاد ما وراء النهر من اقليم تركستان، وإليها ينسب (59).
لم يصنف سوى كتاب واحد، تعددت عناوينه فهي :
-         تعليم المتعلم طريق التعلم .
-          تعليم المتعلم لتعلم طريق التعلم .
-          تعليم المتعلمين على الكمال .
ومع صغر حجم الكتاب إلا أنه حظي بإهتمام كبير، وهناك من يقلل من شأنه، فقد ترجم إلى اللاتينية، وطبع في ألمانيا عام 1709م، وعام 1838م.
كما طبع في مرشد آباد عام 1265هـ، وفي قازان عام 1898م، و1901م، وفي تونس عام 1286هـ ، وفي الأستانة عام 1292هـ، 1307هـ، وفي مصر خلال الأعوام 1300،1307،1311،1319هـ،1349هـ (60)
ولقد شهد بقيمة الكتاب العديد من العلماء منهم :
أ -     عبد الحي اللكنوي في كتابه : " الفوائد البهية في تراجم الحنفية، بقوله " وهو كتاب نفيس مفيد مشتمل على فصول، قليل الحجم كثير النفع" ص42 .
ب -   محي الدين القرشي في كتابه : " الجواهر المضيئة " هو نفيس مفيد وهو عزيز في بلادنا حصلته بحمد الله، وذلك لأن العلماء والمتعلمين يتنافسون في الحصول عليه لندرة وجوده ولقيمته العلمية". جـ2، ص463
جـ -   حاجي خليفة في كتابه : " كشف الظنون " وهو نفيس جداً" ص425.
ويؤكد أهمية الكتاب عنوانه حيث يتضح أن المؤلف قصد " أن يتعرف المتعلم على طرائق التعلم وشرائطه ليصبح معلم نفسه، أي أن كل ما نعلمه إياه أو نفعله معه أن نضعه بثبات على طريق التعلم "(61)..
لذا نجد أنه لم يتعرض لطرق التقويم أو الإجازة، ومن شدة حرصه تناول جانب الصحة الجسمية وأثرها على مستوى تحصيل الطالب، وربما كان هذا هو سبب الهجوم عليه بالجمود الفكري أو الإندهاش من أراءه وتوجيهاته لطالب العلم عند إختيار نوع الغذاء، أو حال السير في الطرقات، فقد حذر من أكل التفاح الحامض، والنظر إلى المصلوب، والمرور بين قطار الجمال … الخ . بقوله " وأما أسباب نسيان العلم فأكل الكزبرة الرطبة وأكل التفاح الحامض والنظر إلى المصلوب، وقراءة لوح القبور، والمرور بين قطار الجمال " (62) .
لقد اهتم الزرنوجي بالأطعمة التي تقطع البلغم وحذر من الأغذية التي تزيده كالكزبرة والتفاح الحامض، ولذا نصح بأكل الزبيب وشرب العسل، فقال " والسواك وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق يورث الحفظ ويشفي من كثير من الأمراض والأسقام، وأكل ما يقلل البلغم والرطوبات يزيد الحفظ (63).
وهذا يدعوا للدهشة والتعجب من تلك العقلية الفذة التي لم يتوفر وقتها مخابر وتحاليل وتجارب للتأكد من أن " هناك أنواع من الفيتامينات تجلب النوم للإنسان أهمها فيتامين ب وفيتامين د، ومصادر فيتامين د الحمضيات والخضروات " (64).
كما أن التأمل في توجيهاته بعدم السير بين قطار الجمال … الخ يتعلق بالذهن. لأن قراءة لوح القبور والمرور بين قطار الجمال وخلافه يشغل ذهن المتعلم فيقل تحصيله إما لخوف أو رعب أو قلق وتوتر، وكذلك الحال بالنسبة للعسل والزبيب والسكر فكلها تقلل من البلغم لأنها حارة جافة والبلغم بارد رطب .
وهنا ما يثير التعجب من اهتمام عالم من علماء القرن السادس الهجري بهذه النواحي مع أن رجال التربية ومعاهدها لم يهتموا بهذا الجانب رغم توفر الامكانات والكوادر البشرية. فما أكثر أنواع الأغذية في عصرنا طازجة ومحفوظة، وبعضها له أضرار صحية إن لم يستخدم بالقدر المناسب، وخاصة السكريات والتي يقبل عليها الأطفال، وما تؤدي إليه من اتلاف أسنان الأطفال. وإن نظرة واحدة وسريعة على الملفات الصحية لتلاميذ المدارس الإبتدائية ستوضح تزايد أعداد التلاميذ الذين تسوست أسنانهم عاماً بعد عام نتيجة الإفراط في تناول هذه الأطعمة، وعدم توجيه الأطفال للعناية بأسنانهم فما أحرانا ونحن في القرن الخامس عشر الهجري أن نهتم بالغذاء وأثره على صحة المتعلم خاصة، وأفراد المجتمع بصفة عامة .
28- ابن رشد – الحفيد - أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن رشد، يلقب بابن رشد الحفيد، تميزاً له عن جده أبي الوليد محمد بن أحمد المتوفي عام 520هـ، ولد بقرطبة قبيل وفاة جدة، في بيت علم وأدب، عقب ملوك الطائف، الذين عرف عصرهم بالعصر الذهبي، وقد ظهر ابن رشد بعد أن زالت الدولة المرابطية التي ناهضت الفلسفة والفلاسفة، وكان حسن الرأي، دمث الأخلاق، اتهمه خصومه بالزندقة والإلحاد، فأوعزوا عليه صدر المنصور فنفاه إلى مراكش، وأحرق بعض كتبه، ثم رضي عنه وأذن له بالعودة إلى وطنه، فعاجلته الوفاة بمراكش، ونقلت جثته إلى قرطبة (65).
كان ابن رشد فقيهاً، وطبيباً، وقاضياً، فتولى قضاء أشبيلية عام 565هـ، وفي عام 578هـ، كان طبيباً للسلطان يوسف بن عبد المؤمن، ثم تولى القضاء في قرطبة مرة أخرى، وشغل المنصب الذي شغله أبوه وجده من قبله .
وقف ابن رشد حياته على دراسة فكر أرسطو، فتناول كل ما استطاع الحصول عليه من مؤلفاته أو شروحها بالدراسة والمقارنة الدقيقة .
وقد اتبع ابن رشد في شروحه الطريقة المبنية على التحليل الدقيق والنقد الصحيح، ومن خلال جهوده تمكن فلاسفة المسلمين من فهم فلسفة أرسطو.
ولقد اتجه ابن رشد هذا الإتجاه لكون الظروف التي وجد فيها كان يغلب عليها الإتجاه العقلي لتطهير العقل من الخرافات والأوهام، والقضاء على جدل علماء الكلام، فظهرت طبقة جديدة من المثقفين والعلماء يطمئن إليها أمراء دولة الموحدين . طبقة الفلاسفة والعلماء، فلقد استدعي عبد المؤمن بن علي - المنصور - أول أفراد تلك الدولة، ابن رشد – الحفيد – لكي يستفيد من خبرته في إنشاء المدارس في شمال أفريقيا على غرار مدارس الأندلس، كما سماه مفكري أوروبا بالشارح الأكبر لأرسطو (66).
ومن مصنفاته : بداية المجتهد ونهاية المقتصد، تلخيص الخطابة، تلخيص الفلسفة، تلخيص كتاب الحاس والمحسوس لأرسطو، تهافت التهافت أو تهافت المتهافتين، فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، تلخيص كتاب أرسطو طاليس في العبارة، تلخيص كتاب الجدل، تلخيص كتاب النفس، تلخيص ما بعد الطبيعة، تلخيص كتاب المقولات الكليات، تلخيص كتاب الشعر، رسائل ابن رشد وتشمل: السماع الطبيعي، السماء والعالم، والكون والفساد، الآثار العلوية، النفس، ما بعد الطبيعة (67).
ولقد تناول ابن رشد في كتابه تلخيص الخطابة العديد من المواضيع الهامة ومنها: حسن الحال بالأولاد، صلاح الحال وإجزاؤه، حسن الفعال، المدح والذم، مسكنات الغضب، الصداقة والمحبة، أخلاق الشباب، أخلاق المشايخ، أخلاق الكهول، حيث عرف موضوع تناوله ثم عدد أنواعه، إن وجدت مع توضيحه(68).
29- ابن الجوزي : جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن عبدالله بن حمادي بن أحمد بن محمد جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضرين القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ المفسر عرف بالجوزي لجوزه كانت في دار جده بواسط، لم يكن بواسط جوزة سواها (69).
وكان كثير الوقيعة بين الناس لا سيما بين العلماء المخالفين لمذهبه والموافقين له، ولد في شهر رمضان سنة 510هـ، له نحو ثلاث مئة مصنف(70). اشتهر في أنواع العلم من التفسير والحديث والزهد والوعظ والأخبار والتاريخ والطب، وعظ منذ صغره، ونظم الشعر المليح، وكتب بخطه مالا يوصف، وحكى أكثر من مرة أن مجلسه حضره مائة ألف، وحضر مجلسه الخليفة المستضيء مرات من وراء الستار، نظر في جميع الفنون وألف فيها (71).
يقول ابن كثير في وصف مجلس ابن الجوزي: حضر مجلسه الخلفاء والوزراء والملوك والأمراء والعلماء والفقراء من سائر فئات الناس، وأقل ما كان يحضر مجلسه عشرة آلاف وربما تكلم من خاطره على البديهة نظماً ونثراً ويقول أيضاً : لا نظير له في الوعظ (72).
كانت جنازته مشهودة شيعة الخلائق يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رمضان إلى مقبرة باب حرب سنة 597هـ.(73)
من مصنفاته : لفته الكبد في نصيحة الولد، صفوة الصفوة، أخبار الحمقى والمغفلين، الأذكياء، ذم الهوى، زاد المسير، تذكرة الأريب، الوجوه والنظائر، فنون الأفنان، جامع المسانيد، مشكل الصحاح، الضعفاء، تلقيح مفهوم أهل الأثر، تلبيس إبليس، الانتصار في مسائل الخلاف المتنظم في التاريخ، الحدائق، نقي النقل، عيون الحكايات، التحقيق في مسائل الخلاف، الواهبات، الموضوعات، المذهب في المذهب، المغني، الدلائل في مشهور المسائل، المواقيت في الخطب الوعظية، نسيم السحر، المنتخب، المدهش في المحاضرة، أخبار الأخبار، أخبار النساء، مثير الغرام، الساكن إلى أشرف الأماكن، المعقد المقيم، صيد الخاطر، صبا نجد، المزعج، منافع الطب، المطرب، الملهب، منتهى المشتهى، فنون الألباب، الظرفاء، سلوة الأحزان، منهاج القاصدين، الوفا بفضائل المصطفى، منافع الصديق، مناقب عمر، مناقب علي، مناقب عمر بن عبد العزيز، مناقب الحسن، مناقب سعيد بن المسيب، مناقب الثوري، مناقب أحمد، مناقب الشافعي، مناقب جماعة، موافق المرافق، بكاء الناس على الشباب وجزعهم من الشيب، الذهب المسبوك في سير الملوك، العروس أو مولد النبي، القصاص والمذكرين، المصباح المضيء في خلافة المستضيء، فضائل القدس، نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر(74).
ولقد تناول ابن الجوزي في كتابه : صفوة الصفوة تعليقات فاتت كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني، حيث لم يذكر صفوة الخلق سيدنا  e  وفي هذا الكتاب يتكلم عن أسلوب تربوي ذا أثر فعال، ألا وهو أسلوب القدوة كما أنه بين الهدف من التربية والتعليم(75).
وفي كتاب : تلبيس إبليس أنكر التقليد الأعمى دون دليل، وبين أن هذا هو أحد مداخل الشيطان على الأمة، وهذا النوع من التقليد فيه أبطال لمنفعة العقل . ويحذر من شر إبليس وجماعته(76).
وفي كتاب : ذم الهوى يتضح موقفه من أمته ، ونهوضه لدرء المفاسد ودفع الخطر وإتقاء موارد التهلكة، فقد رأى شيوع الترف في القرن السادس والبعد عن المنهج الصحيح، وتفشي الأهواء والشهوات لفراغ النفوس من الأهداف وخلودها للراحة والنعيم. فأراد التحذير والزود عن الحمى، ويحاول أن يشفي – بإذن الله تعالى – من الضلال والهوى، وأن يحفظ على قومه نضارة الإيمان وإستقامة السلوك (77).
وفي كتاب : الأذكياء نجد أن أسباب تأليفه بيان أحوال الأذكياء ليتم تقديرهم حق قدرهم، ولمساعدة الآخرين لتحسين سلوكهم سواء بمصاحبة الأذكياء أو السماع لأخبارهم، وكذلك تأديب المعجبين والمتباهين المغرورين برأيهم لعلهم يقللوا من غرورهم(78).
أما كتاب : التبصرة، فهو أجمع ما ترك ابن الجوزي في علم الوعظ المشهور به الغالب عليه، وقد أراد بهذا الكتاب أن يجعله مرجعاً في علم الوعظ يغني عن النظر فيما سواه، وذلك عندما طلب منه أصحابه ذلك(79).
وأخيراً : كتاب لفتة الكبد في نصيحة الولد. وهو كتاب نفيس لكونه رسالة من أب ناصح غيور، لابنه - فلذة كبده – جمة الفوائد ضمنها خلاصة تجريبية في أمور الدين والدنيا، فهي وصية تربوية توجيهية (80).
29- ابن المماتي (ت606هـ) أبو المكارم أسعد بن الحظير، له : الفاشوش في أحكام قوانين الدواوين (81).
30- ياقوت الحموي (574هـ-626هـ) أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي البغدادي، الملقب بشهاب الدين، له : معجم البلدان(82).
ومما سبق يتضح أن القرن السادس الهجري إزدهر بالعديد من العلماء في شتى المجالات، وكان لهم العديد من المصنفات في أنواع العلوم وخاصة العلوم التربوية وبيان سبل تحصيل العلم، والعلاقة بين العالم والمتعلم، والتطرق للعديد من أساليب التربية وبيان أثرها، مما ينفي الجور والركود في الفكر التربوي عن القرن السادس الهجري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق