تاريخ مدينة سيدي قاسم
خالد غاوش
التأسيس و التسمية
يعود تأسيس مدينة سيدي قاسم إلى سنة 1699 ميلادية ، عندما قامت قبيلة السفيان في القرن الثامن عشر ببناء ضريح دفينهم سيدي قاسم بوعسرية على الضفة اليسرى لواد ارضم في مدخل باب تيسرة . و من هنا بدأت تتشكل النواة الأولى للتجمع السكني لهذه المدينة . وقد تعززت هذه النشأة بإقدام السلطان مولاي إسماعيل (1672- 1727م ) ببناء قصبة البواخر قرب ضريح سيدي قاسم بوعسرية حيث استوطن هناك خمسون (50) جنديا من عبيد البخاري ، و قد كانت هذه القصبة بمثابة ثكنة عسكرية على أبواب باب تيسرة كأحد أهم الممرات لطريق السلطان. و بهذا أصبحت سيدي قاسم تؤدي وظيفة ثلاثية : اقتصادية و دينية و عسكرية .
أما المنطقة الذي توجد بها المدينة حاليا فقد عرفت بإسم ( ظهر الشماخ) نسبة إلى مقر اجتماع كبار أهل القبيلة المعروفين بالشماخ ، حيث كانوا يخططون في وسائل الدفاع ضد القبائل المجاورة . و قد ذهب البعض إلى ذكر سبب هذه التسمية نسبة لأبي جرير الشماخ ذلك الأموي الذي دس السم للمولى ادريس الأزهر لما هرب من زرهون ووصل جبل عين بودرى أعطى لهذه المنطقة بظهره متوجها لوجدة فسمي المكان بظهر الشماخ و يقصدون بالمكان الذي ظهر فيه و اتجه شرقا. و مع تعاقب السنين اصبح مكان تجمعهم هذا يعرف ب ( أكبار) أو كبار الذي يعني مكان التجمع باللهجة البربرية أو الجماعة و قد سميت المدينة بهذا الإسم الذي مازال متداولا لدى سكان البادية لحد الساعة
و في حدود سنة 1914 أحدثت سلطات الحماية الفرنسية ثكنة عسكرية تابعة لها ، كانت بمثابة تمهيد لتأسيس مدينة"بوتي جان" نسبة لأحد الضباط الفرنسيين و في سنة 1919 بدأت مرحلة جديدة ، ،و هي نفس السنة التي اكتشف فيها آبار البترول بجبل سلفات . و بعين الحمراء في سنة 23 . و مع إحداث خط السكة الحديدية الرابط بين الرباط و فاس في سنة23و خط طنجة فاس سنة 1927 م بدأت المدينة تلعب دورا مهما في المجال الإقتصادي . و في 29 أبريل من سنة1929 تم تأسيس الشركة الشريفة للبترول التي أعطت دفعة سريعة للتطور الحضري بكل أبعاده للمدينة
و بعد حصول المغرب على الإستقلال سنة 1956 أعطت الحكومة المغربية أمرها تغيير بعض أسماء المدن من الفرنسية إلى المغربية و من ثم أصبحت تعرف بمدينة سيدي قاسم نسبة للولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية . و قد عرفت المدينة عدة مراحل في نموها الهيكلي و الاقتصادي و الإجتماعي ، فبعد أن كانت مجرد مركز مستقل ارتفعت إلى مستوى بلدية بموجب مرسوم ملكي بتاريخ 21نونبر1975 و أصبحت عاصمة للإقليم بموجب مرسوم ملكي بتاريخ 18/12/1981
الموقع الجغرافي للمدينة
تقع مدينة سيدي قاسم في الجنوب الشرقي لسهل الغرب، بمقدمة جبال الريف ، على ضفاف وادي ارضم في موقع حساس يجعل منها محورا رئيسيا و همزة وصل بين الشرق و الغرب و الشمال المغربي . و هي : تعلو عن مستوى سطح البحر ب 64 مترا . تغطي مساحة إجمالية قدرها 23.60 كلومتر مربع مناخها متوسطي يتميز بالدفء و الرطوبة في الشتاء و الحرارة و الجفاف في الصيف. تراوح معدل الحرارة القصوى بسيدي قاسم ما بين 18 و 42 درجة و يتراوح معدل الحرارة الدنيا ما بين 04 و 17 درجة . أما المعدل السنوي للتساقطات المطرية فيصل إلى 600 ملمتر . تعتبر منذ سنة 1982 عاصمة إدارية لإقليم سيدي قاسم . تحد المدينة من الشمال و الجنوب و الغرب بجماعة زيرارة و شرقا بجماعة باب تيوكة . مجموع عدد سكان مدينة سيدي قاسم 67.622
إقليم سيدي قاسم
يقع إ قليم سيدي قاسم بجهة الغرب اشراردة بني احسن على مساحة تقدر ب حوالي 4.060 كلم مربع و يبعد عن العاصمة الرباط ب 126 كلم و عن مدينة مكناس ب 45 لكم و عن مدينة طنجة ب 221 كلم . و يحد الإقليم شمـــالا : بإقليمي شفشاون و العرائش . جنوبــا : بإقليم مكناس شرقــا :بإقليمي فاس و تاونات . و غربــا :بإقليم القنيطر
من أهم القبائل المتواجدة بالإقليم : قبيلة اشراردة بسيدي قاسم . قبيلة بني احسن بمشرع بلقصيري . قبيلتي بني مالك و سفيان بأحد كورت . قبيلة صنهاجة بوزان
حسب الإحصاء العام للسكان و السكنى لسنة 1994 بلغ عدد سكان الإقليم 645.873 نسمة ، تنقسم كما يلي : الحضريون :175.360 نسمة والقرويون :470.513 نسمة. و بلغ مجموع الأسر :103.605 نسمة ؛ منها 32.929 أسرة بالوسط الحضري و 70.676اسرة بالعالم القروي . و تبلغ الكثافة السكانية 159.08 نسمة في الكلم مربع
تاريخ المقاومة المنسية بسيدي قاسم
عندما كان المغاربة في غليان، على بعد أكثر من 8000 كيلومتر من الرباط كان السلطان محمد بن يوسف يصلي و يدعو رافعا كفيه إلى السماء بمقر إقامته بفندق “دي تيرميس” في أنتيسيرابي و بجانبه الأميرة أمينة المزدادة في المنفى 1954يوم 14 مارس ، كان جلالته يتابع لحظة بلحظة ما يجري و يدور بالمغرب، يتابع الأخبار عن انتفاضات مراكش و فاس و وجدة و القنيطرة و سيدي قاسم و تطوان و طنجة…و هي الانتفاضات التي أربكت القوات الفرنسية في مختلف المستعمرات و ليس بالمغرب فقط. لقد أفزع الفرنسيين انتقال العدوى إلى مستعمراتهم بافريقيا السوداء و هذا ما جعلهم يحاولون استباق الأحداث بتهييء حكام يضمنون مسبقا ولاءهم غير المشروط لفرنسا .
كان لاكوست بمكتبه ينتظر إحصائيات الحصيلة الأولى للانتفاضات على مكتبه، و كانت أول حصيلة توصل حسب جريدة “لا فيجي”…29 قتيل أوروبي بالمدينة الصغيرة “بوتي جان ” ( سيدي قاسم حاليا)…12 قتيل بفاس… هذا كان مضمون أول برقية-حصيلة توصل بها “لاكوست ” في انتظار البرقيات التي سرعان ما تهاطلت على مكتبه، كل واحدة منها تتضمن أعدادا أكبر من التي سبقتها…برقيات تصف بالتفاصيل انتفاضة سيدي قاسم… يوم 3 غشت 1954 ببوتي جان، أكثر من 800 من المغاربة تجمهروا بالمركز و صاحت النساء تولولن و تهتفن برجوع الملك محمد الخامس…و برقيات من فاس…في غضون شهر غشت انتفض أهل فاس، و بمجرد وصول خبر التحركات الجماهيرية الأولى للجنرال “لابارا” تم تطويق المدينة القديمة و محاصرة أكثر من 250 ألف شخص بها و منعوا من مغادرتها…استقر الرماة في كل البنايات العالية مصوبين فواهات أسلحتهم صوب قلب المدينة العتيقة بعد أن تلقوا أمر إطلاق النار على أي شخص حاول الصعود إلى سطح أي بناية …بمسجد القرويين و مسجد مولاي إدريس، في خطبة الجمعة لم يذكر الإمامان السلطان المفبرك بن عرفة و إنما رفعا الدعوات لصالح السلطان محمد بن يوسف…أصدر حزب الاستقلال أمرا بالامتناع عن نحر أضحية العيد و هو عازم على تطبيقة بأي ثمن…هذه نماذج من البرقيات التي تهاطلت ذلك اليوم على مكتب المقيم العام
- الأسس الطبيعية:
تتوفر مدينة سيدي قاسم على خصائص المناخ المتوسطي : حرارة وجفاف في الصيف حيث لا تنخفض درجة الحرارة عن 17 درجة.
كما أن المنطقة لا تتلقى من التساقطات أكثر من 600 مم كمتوسط سنوي و قد كان ولا يزال سقوط الأمطار الخريفية أمرا ضروريا لبداية عملية الحرث و كل تأخر يؤدي إلى قلق الفلاح و رغم هذا فإنها تتوفر على أراضي خصبة و منبسطة مما يجعل إنتاجها الفلاحي متنوع.بحيث نجد :
- أنواع الحبوب :قمح,أشطار,كريم و فرينة.
- أنواع القطاني: لوبية,عدس,حمص,الفول و الجلبانة.
- أنواع الخضر : البصل, البطاطس, ثوم, قزبرو مقدونس.
كيف أثرت هذه الخصائص الطبيعية على العادات الغذائية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق