الأحد، 3 مارس 2013



علماء القرن السادس الهجري وإنتاجهم
في هذا الفصل ستتم الاجابة عن السؤال الثاني من خلال التعرف على أبرز علماء القرن السادس الهجري وانتاجهم العلمي للوقوف على حقيقة القرن، وهل هو من قرون ركود الفكر التربوي أم التجديد ؟
لقد حفل القرن السادس الهجري بالعديد من العلماء في شتى المجالات، ولقد تم حصر أكثر من ثلاثين من العلماء الذين حفل بهم القرن السادس الهجري، بحسب سنوات الوفاة، مع إعطاء نبذة مختصرة عن إنتاج كل عالم، والتفصيل لمن لهم إسهامات تربوية، ومنهم : السمعاني، الزرنوجي، ابن رشد الحفيد، ابن الجوزي .
1 – أبو حامد الغزالي : هو محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي (450هـ-505هـ). ويعد من علماء القرن الخامس، ويمكن أن يلحق بعلماء القرن السادس بحسب تاريخ وفاته، ولأن جل إنتاجه كان آخر حياته، ومن مصنفاته : إحياء علوم الدين، الأربعين في أصول الدين، الاقتصاد في الإعتقاد، أيها الولد، الجام العوام عن علم الكلام، تهافت الفلاسفة، الجواهر الغوالي، فرائد اللآليء، فضائح الباطنية، المستصفى، معارج القدس، معيار العلم، مقاصد الفلاسفة، المنقذ من الضلال، ميزان العمل، فاتحة العلوم .
ومن الكتب التي تتضمن آراءه في التربية : فاتحة العلوم، أيها الولد، ميزان العمل، بالإضافة لكتاب الأحياء الذي يتضمن التربية والفقه والأخلاق (24).
2 – الطغرائي (ت514هـ). مؤيد الدين أبو اسماعيل الحسيني بن علي، من الأدباء، له : ديوان الطغرائي، لامية العجم، ذات الفوائد – رسالة في الكيمياء – (25).
3 – الحريري : ( ت 516هـ ) أبو محمد القاسم بن علي. له : مقامات الحريري، درة الفوائد في أوهام الخواص، الفرق بين الضاد والظاء(26).
4 – الميداني النيسابوري (ت518هـ) له : السامي في الأسامي، مجمع الأمثال، نزهة الطرف في علم الصرف .
5 – أبو بكر الطرطوشي: (451هـ/520هـ) أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب القرشي النهري الطرطوشي . ويعرف بابن أبي رندقة، كان من علماء الأندلس، أودع نظرياته السياسية والاجتماعية كتابه الشهير: سراج الملوك، وهو محاولة لنصح الملوك وإرشادهم وتوجيههم، ألفه سنة 515هـ، وله أيضاً: الحوادث والبدع (27).
6 – نجم الدين النسفي . (ت537هـ) أبو حفص عمر بن محمد السنفي. له : العقائد النسفية، طلبة الطلبة (28).
7 – الزمخشري. أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري (467هـ-538هـ) . إمام في التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان. كان إمام عصره، سافر إلى مكة وجاورها، فصار يقال له : جار الله، توفي ليلة عرفة، له : الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أسس البلاغة، أطواق الذهب في المواعظ والخطب، أعجب العجب، خصائص العشرة الكرام البررة، الحقائق في غريب الحديث، المفردات في غريب القرآن، المفصل في صناعة الأعراب، النصائح الكبرى، المحاجاة بالمسائل النحوية، المستقصى في أمثال العرب، المفرد والمؤلف في النحو (29).
8 – ابن عطية (ت542هـ) . أبو محمد عبد الحق بن غالب الغرناطي له: فهرست ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (30).
9 – ابن العربي (ت543هـ). أبو بكر محمد بن عبد الله الأشبيلي المالكي له: أحكام القرآن، عارضة الأحوذي في شرح صحيح الترمذي، العواصم من القواصم (31).
10- الشهرستاني. (479هـ-548هـ). أبو الفتح محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، كان إماماً فقيهاً متكلماً له : نهاية الأقدام في علم الكلام، وكتاب الملل والنحل (32).
11- ابن القلانسي. أبو يعلى حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي . (464هـ- 555هـ). مؤرخ ثقة، من أهل دمشق، تولى رئاسة كتابها مرتين، وكان أديباً له عناية بالحديث. له : ذيل تاريخ دمشق (33).
12- ابن الحطيئة اللخمي . أبو العباس أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام بن الحطيئة اللخمي الفاسي (478-560هـ) . كان من مشاهير العلماء وأعيانهم وكان رأس في القراءات السبع . نسخ بخطه كثيراً من كتب الأدب وغيرها كان ينسخ ويأكل من نسخة(34).
13- السمعاني هو : عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبد الجبار بن فضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله أبو سعد تاج الإسلام السمعاني المروزي. ولد بمرو يوم الاثنين 21/8/506هـ، وتوفي بمرو غرة ربيع الأول عام 562هـ (35). وينسب إلى سمعان وهي بطن من تميم، ولذا يقال له التميمي. ونسبه المروزي(36) لأن ولادته ووفاته كانت بمرو، وهو من حفاظ الحديث، ورحاله، ومؤرخ له خمسون مصنفاً، شافعي المذهب، محدث المشرق، قيل أن عدد شيوخه بلغ سبعة آلاف شيخ، وكان ظريفاً حافظاً، واسع الرحلة صدوقاً ثقة ديناً جميل السيرة مليح التصانيف (37).
مصنفاته : للسمعاني العديد من المصنفات تصل إلى الخمسين، إلا أن ما هو موجود منها قليل، ومنها ما يزال مخطوطاً . ومن مؤلفاته : تاريخ مرو ويقع في 200 مجلد، وتذليل تاريخ بغداد ويقع في 15 مجلد، الأنساب ويقع في 8 مجلدات(38)، والتذكرة والتبصرة، الدعوات الكبيرة، معجم الشيوخ، تحفة المسافر، طراز الذهب في أدب الطلب، عز العزلة، المناسك، التحف والهدايا، الدعوات المروية عن الحضرة النبوية، أفانين البساتين، معجم البلدان، الاسفار عن الأسفار، الأدب في استعمال الحسب، الإملاء والإستملاء(39) الذي قد يكون هو عينة كتاب الأمالي(40) وله أيضاً الهداية، ذكرى حبيب رحل وبشرى مشيب منزل، فوائد الموائد، فرط الغرام إلى ساكني الشام، سلوة الأحباب، الرسائل والوسائل، لفتة المشتاق إلى ساكن العراق، النزوع إلى الأوطان (41).
نبذة عن كتاب أدب الإملاء والإستملاء :
يتناول الكتاب واجبات الأستاذ، وواجبات الطالب وما يحتاجا إليه، ويحتاج إليه من يريد معرفة أداب النفس وإستعمالها في الخلوة والمجلس، فهو عينة تمثل طريقة من طرق التدريس وإن كان السمعاني قصرها على طالب الحديث ومدرس الحديث. إلا أنها قابلة للتعميم على كل طالب علم، وعلى كل مدرس، فالكتاب مجموعة من الأداب الموجهة للمدرس والمساعد – المملي– والطالب، وهو يبدأ كتابه ببيان أهمية العلم حيث جمع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث وتبين فضل العلم وضرورته وأهميته في كسب الدنيا والآخرة، ثم ينتقل إلى البحث في علم الحديث وأهميته، وقواعد تعلمه عموماً(42).
14- السهروردي. (490هـ –563هـ) أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه، وينتهي نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لقب بضياء الدين السهروردي، درس بالنظامية ودرس بها سنة 545هـ. كان يعظ ويذكر وقام بدمشق مدة يسيرة عقد بها مجالس للوعاظ ثم عاد إلى بغداد (44).
15- ابن الخشاب . (492هـ – 567هـ) . أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد البغدادي، عرف بأبي الخشاب، عالم مشهور في الأدب، والنحو والتفسير، والحديث، والنسب، والفرائض، والحساب، وحفظ كتاب الله تعالى العزيز، ولقد كان متضلعاً في العلوم وله فيها اليد الطولى (45).
16- أبو نزار الحسن بن أبي الحسن صافي بن عبد الله بن نزار بن أبي الحسن النحوي البغدادي المعروف بـ ملك النحاة (ت568هـ) برع في النحو وكان فصيحاً ذكيا(46)
17- نجم الدين عمارة (ت569هـ) . أبو محمد عمارة بن أبي الحسن بن علي زيدان بن أحمد الحكمي اليمني. من أهل تهامة باليمن. بلغ الحلم سنة 529هـ، من كتبه : أخبار اليمن، النكت العصرية في أخبار الوزارة المصرية، كان فقيهاً شافعي المذهب، شديد التعصب للسنة، أديباً ماهراً شاعراً مجيداً، محدثاً ممتعاً (47).
18- ابن طفيل : (ت571هـ). أبو بكر محمد بن طفيل، ولد بالأندلس، انقطع إلى العلم، وشغف بالفلسفة ولكنه لم يتخصص فيها، وشغف كذلك بالأدب ويميل إلى الشعر، له: حي بن يقظان (48).
19- ابن عساكر ( ت 571هـ ) . تقي الدين أبو القاسم علي بن الحسن، له : تاريخ مدينة دمشق، تبيين كذب المفترى فيما ينسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، كشف الغطا في فضل الموطأ، معجم بني أمية .(49)
20- فخر النساء (ت574هـ) شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الإبري، الكاتبة كانت من العمءا، وكتبت الخط الجيد، وسمع عليها خلق كثير، وكان لها السماع العالي ألحقت فيه الأصاغر بالأكابر. اشتهر ذكرها وذاع صيتها (50).
21- الحافظ أبو طاهر (472هـ – 576هـ) أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الملقب صدر الدين، أحد الحفاظ المكثرين، رحل في طلب الحديث وكان شافعي بني له العادل أبو الحسن علي بن السلا وزير الظافر العبيدي صاحب مصر في سنة 546هـ مدرسة بالإسكندرية، وفوضها إليه (51)
22- ابن الأنباري (513هـ – 577هـ) . أبو البركات عبد الرحمن بن الوفاء بن محمد بن عبيد الله بن محمد الأنباري، الملقب كمال الدين النحوي، سكن بغداد من صباه إلى أن مات، تبحر في علم الأدب، وأشتغل عليه خلق كثير، وصاروا علماء. له : أسرار العربية، طبقات الأدباء، الميزان (52).
23- ابن منقذ. (488هـ – 584هـ) أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منفذ الكناني الكلبي الشيرزي الملقب بمؤيد الدولة مجد الدين، من أكابر بني منقذ وعلمائهم وشجعانهم، سكن دمشق ثم نبت به كما تبنوا الدار بالكريم، انتقل إلى مصر فبقي فيها مؤمراً مشار إليه بالتعظيم، ثم عاد وسكن دمشق إلى أن توفي بها. له تصانيف عديدة في فنون الأدب(53).
24- أبو طالب محمد بن علي بن أبي طالب بن عبد الله بن أبي الرجا التميمي الأصبهاني المعروف بالقاضي (ت585هـ)، تفقه على يد محمد بن يحي وصنف فيه التعليقة التي شهدت بفضله وتحقيقه، وجمع فيها بين الفقه والتحقيق عليها، كان من عمدة المدرسين في إلقاء الدرس، انتفع به خلق كثير، وكان له في الوعظ اليد الطولى، خطب ودرس بأصبهان مدة (54)
25- الشيرازي (ت589هـ) . عبد الرحمن نصر بن عبد الله، له : المنهج المسلوك في سياسة الملوك، نهاية الرتبة في طلب الحسبة (55).
26- ابن الدهان (ت590هـ) أبو شجاع محمد بن علي بن شعيب الملقب فخر الدين البغدادي، كانت له اليد الطولة في النجوم، صنف غريب الحديث في ستة عشر مجلداً، وكان قلمه أبلغ من لسانه (56).
27- الزرنوجي (ت593هـ) اختلف في اسمه كما أختلف في تاريخ وفاته وعنوان كتابه. إلا أن المتفق عليه هو أنه من علماء النصف الثاني من القرن السادس الهجري وأوائل القرن السابع، وإن كان هناك شبه إجماع على أنه توفي ما بين 593هـ إلى 620هـ. قيل أنه برهان الدين(57) الزرنوجي ، وقيل برهان الإسلام الزرنوجي (58). وكذلك الحال بالنسبة لتاريخ وفاته فقيل عام 593هـ، وقيل عام 600هـ، وقيل 620هـ، وهو من فقهاء الأحناف الذين عاشوا في شرق العالم الإسلامي، وهو من بلاد الترك وبالتحديد من زرنوج من بلاد ما وراء النهر من اقليم تركستان، وإليها ينسب (59).
لم يصنف سوى كتاب واحد، تعددت عناوينه فهي :
-         تعليم المتعلم طريق التعلم .
-          تعليم المتعلم لتعلم طريق التعلم .
-          تعليم المتعلمين على الكمال .
ومع صغر حجم الكتاب إلا أنه حظي بإهتمام كبير، وهناك من يقلل من شأنه، فقد ترجم إلى اللاتينية، وطبع في ألمانيا عام 1709م، وعام 1838م.
كما طبع في مرشد آباد عام 1265هـ، وفي قازان عام 1898م، و1901م، وفي تونس عام 1286هـ ، وفي الأستانة عام 1292هـ، 1307هـ، وفي مصر خلال الأعوام 1300،1307،1311،1319هـ،1349هـ (60)
ولقد شهد بقيمة الكتاب العديد من العلماء منهم :
أ -     عبد الحي اللكنوي في كتابه : " الفوائد البهية في تراجم الحنفية، بقوله " وهو كتاب نفيس مفيد مشتمل على فصول، قليل الحجم كثير النفع" ص42 .
ب -   محي الدين القرشي في كتابه : " الجواهر المضيئة " هو نفيس مفيد وهو عزيز في بلادنا حصلته بحمد الله، وذلك لأن العلماء والمتعلمين يتنافسون في الحصول عليه لندرة وجوده ولقيمته العلمية". جـ2، ص463
جـ -   حاجي خليفة في كتابه : " كشف الظنون " وهو نفيس جداً" ص425.
ويؤكد أهمية الكتاب عنوانه حيث يتضح أن المؤلف قصد " أن يتعرف المتعلم على طرائق التعلم وشرائطه ليصبح معلم نفسه، أي أن كل ما نعلمه إياه أو نفعله معه أن نضعه بثبات على طريق التعلم "(61)..
لذا نجد أنه لم يتعرض لطرق التقويم أو الإجازة، ومن شدة حرصه تناول جانب الصحة الجسمية وأثرها على مستوى تحصيل الطالب، وربما كان هذا هو سبب الهجوم عليه بالجمود الفكري أو الإندهاش من أراءه وتوجيهاته لطالب العلم عند إختيار نوع الغذاء، أو حال السير في الطرقات، فقد حذر من أكل التفاح الحامض، والنظر إلى المصلوب، والمرور بين قطار الجمال … الخ . بقوله " وأما أسباب نسيان العلم فأكل الكزبرة الرطبة وأكل التفاح الحامض والنظر إلى المصلوب، وقراءة لوح القبور، والمرور بين قطار الجمال " (62) .
لقد اهتم الزرنوجي بالأطعمة التي تقطع البلغم وحذر من الأغذية التي تزيده كالكزبرة والتفاح الحامض، ولذا نصح بأكل الزبيب وشرب العسل، فقال " والسواك وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق يورث الحفظ ويشفي من كثير من الأمراض والأسقام، وأكل ما يقلل البلغم والرطوبات يزيد الحفظ (63).
وهذا يدعوا للدهشة والتعجب من تلك العقلية الفذة التي لم يتوفر وقتها مخابر وتحاليل وتجارب للتأكد من أن " هناك أنواع من الفيتامينات تجلب النوم للإنسان أهمها فيتامين ب وفيتامين د، ومصادر فيتامين د الحمضيات والخضروات " (64).
كما أن التأمل في توجيهاته بعدم السير بين قطار الجمال … الخ يتعلق بالذهن. لأن قراءة لوح القبور والمرور بين قطار الجمال وخلافه يشغل ذهن المتعلم فيقل تحصيله إما لخوف أو رعب أو قلق وتوتر، وكذلك الحال بالنسبة للعسل والزبيب والسكر فكلها تقلل من البلغم لأنها حارة جافة والبلغم بارد رطب .
وهنا ما يثير التعجب من اهتمام عالم من علماء القرن السادس الهجري بهذه النواحي مع أن رجال التربية ومعاهدها لم يهتموا بهذا الجانب رغم توفر الامكانات والكوادر البشرية. فما أكثر أنواع الأغذية في عصرنا طازجة ومحفوظة، وبعضها له أضرار صحية إن لم يستخدم بالقدر المناسب، وخاصة السكريات والتي يقبل عليها الأطفال، وما تؤدي إليه من اتلاف أسنان الأطفال. وإن نظرة واحدة وسريعة على الملفات الصحية لتلاميذ المدارس الإبتدائية ستوضح تزايد أعداد التلاميذ الذين تسوست أسنانهم عاماً بعد عام نتيجة الإفراط في تناول هذه الأطعمة، وعدم توجيه الأطفال للعناية بأسنانهم فما أحرانا ونحن في القرن الخامس عشر الهجري أن نهتم بالغذاء وأثره على صحة المتعلم خاصة، وأفراد المجتمع بصفة عامة .
28- ابن رشد – الحفيد - أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن رشد، يلقب بابن رشد الحفيد، تميزاً له عن جده أبي الوليد محمد بن أحمد المتوفي عام 520هـ، ولد بقرطبة قبيل وفاة جدة، في بيت علم وأدب، عقب ملوك الطائف، الذين عرف عصرهم بالعصر الذهبي، وقد ظهر ابن رشد بعد أن زالت الدولة المرابطية التي ناهضت الفلسفة والفلاسفة، وكان حسن الرأي، دمث الأخلاق، اتهمه خصومه بالزندقة والإلحاد، فأوعزوا عليه صدر المنصور فنفاه إلى مراكش، وأحرق بعض كتبه، ثم رضي عنه وأذن له بالعودة إلى وطنه، فعاجلته الوفاة بمراكش، ونقلت جثته إلى قرطبة (65).
كان ابن رشد فقيهاً، وطبيباً، وقاضياً، فتولى قضاء أشبيلية عام 565هـ، وفي عام 578هـ، كان طبيباً للسلطان يوسف بن عبد المؤمن، ثم تولى القضاء في قرطبة مرة أخرى، وشغل المنصب الذي شغله أبوه وجده من قبله .
وقف ابن رشد حياته على دراسة فكر أرسطو، فتناول كل ما استطاع الحصول عليه من مؤلفاته أو شروحها بالدراسة والمقارنة الدقيقة .
وقد اتبع ابن رشد في شروحه الطريقة المبنية على التحليل الدقيق والنقد الصحيح، ومن خلال جهوده تمكن فلاسفة المسلمين من فهم فلسفة أرسطو.
ولقد اتجه ابن رشد هذا الإتجاه لكون الظروف التي وجد فيها كان يغلب عليها الإتجاه العقلي لتطهير العقل من الخرافات والأوهام، والقضاء على جدل علماء الكلام، فظهرت طبقة جديدة من المثقفين والعلماء يطمئن إليها أمراء دولة الموحدين . طبقة الفلاسفة والعلماء، فلقد استدعي عبد المؤمن بن علي - المنصور - أول أفراد تلك الدولة، ابن رشد – الحفيد – لكي يستفيد من خبرته في إنشاء المدارس في شمال أفريقيا على غرار مدارس الأندلس، كما سماه مفكري أوروبا بالشارح الأكبر لأرسطو (66).
ومن مصنفاته : بداية المجتهد ونهاية المقتصد، تلخيص الخطابة، تلخيص الفلسفة، تلخيص كتاب الحاس والمحسوس لأرسطو، تهافت التهافت أو تهافت المتهافتين، فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، تلخيص كتاب أرسطو طاليس في العبارة، تلخيص كتاب الجدل، تلخيص كتاب النفس، تلخيص ما بعد الطبيعة، تلخيص كتاب المقولات الكليات، تلخيص كتاب الشعر، رسائل ابن رشد وتشمل: السماع الطبيعي، السماء والعالم، والكون والفساد، الآثار العلوية، النفس، ما بعد الطبيعة (67).
ولقد تناول ابن رشد في كتابه تلخيص الخطابة العديد من المواضيع الهامة ومنها: حسن الحال بالأولاد، صلاح الحال وإجزاؤه، حسن الفعال، المدح والذم، مسكنات الغضب، الصداقة والمحبة، أخلاق الشباب، أخلاق المشايخ، أخلاق الكهول، حيث عرف موضوع تناوله ثم عدد أنواعه، إن وجدت مع توضيحه(68).
29- ابن الجوزي : جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن عبدالله بن حمادي بن أحمد بن محمد جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضرين القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ المفسر عرف بالجوزي لجوزه كانت في دار جده بواسط، لم يكن بواسط جوزة سواها (69).
وكان كثير الوقيعة بين الناس لا سيما بين العلماء المخالفين لمذهبه والموافقين له، ولد في شهر رمضان سنة 510هـ، له نحو ثلاث مئة مصنف(70). اشتهر في أنواع العلم من التفسير والحديث والزهد والوعظ والأخبار والتاريخ والطب، وعظ منذ صغره، ونظم الشعر المليح، وكتب بخطه مالا يوصف، وحكى أكثر من مرة أن مجلسه حضره مائة ألف، وحضر مجلسه الخليفة المستضيء مرات من وراء الستار، نظر في جميع الفنون وألف فيها (71).
يقول ابن كثير في وصف مجلس ابن الجوزي: حضر مجلسه الخلفاء والوزراء والملوك والأمراء والعلماء والفقراء من سائر فئات الناس، وأقل ما كان يحضر مجلسه عشرة آلاف وربما تكلم من خاطره على البديهة نظماً ونثراً ويقول أيضاً : لا نظير له في الوعظ (72).
كانت جنازته مشهودة شيعة الخلائق يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رمضان إلى مقبرة باب حرب سنة 597هـ.(73)
من مصنفاته : لفته الكبد في نصيحة الولد، صفوة الصفوة، أخبار الحمقى والمغفلين، الأذكياء، ذم الهوى، زاد المسير، تذكرة الأريب، الوجوه والنظائر، فنون الأفنان، جامع المسانيد، مشكل الصحاح، الضعفاء، تلقيح مفهوم أهل الأثر، تلبيس إبليس، الانتصار في مسائل الخلاف المتنظم في التاريخ، الحدائق، نقي النقل، عيون الحكايات، التحقيق في مسائل الخلاف، الواهبات، الموضوعات، المذهب في المذهب، المغني، الدلائل في مشهور المسائل، المواقيت في الخطب الوعظية، نسيم السحر، المنتخب، المدهش في المحاضرة، أخبار الأخبار، أخبار النساء، مثير الغرام، الساكن إلى أشرف الأماكن، المعقد المقيم، صيد الخاطر، صبا نجد، المزعج، منافع الطب، المطرب، الملهب، منتهى المشتهى، فنون الألباب، الظرفاء، سلوة الأحزان، منهاج القاصدين، الوفا بفضائل المصطفى، منافع الصديق، مناقب عمر، مناقب علي، مناقب عمر بن عبد العزيز، مناقب الحسن، مناقب سعيد بن المسيب، مناقب الثوري، مناقب أحمد، مناقب الشافعي، مناقب جماعة، موافق المرافق، بكاء الناس على الشباب وجزعهم من الشيب، الذهب المسبوك في سير الملوك، العروس أو مولد النبي، القصاص والمذكرين، المصباح المضيء في خلافة المستضيء، فضائل القدس، نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر(74).
ولقد تناول ابن الجوزي في كتابه : صفوة الصفوة تعليقات فاتت كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني، حيث لم يذكر صفوة الخلق سيدنا  e  وفي هذا الكتاب يتكلم عن أسلوب تربوي ذا أثر فعال، ألا وهو أسلوب القدوة كما أنه بين الهدف من التربية والتعليم(75).
وفي كتاب : تلبيس إبليس أنكر التقليد الأعمى دون دليل، وبين أن هذا هو أحد مداخل الشيطان على الأمة، وهذا النوع من التقليد فيه أبطال لمنفعة العقل . ويحذر من شر إبليس وجماعته(76).
وفي كتاب : ذم الهوى يتضح موقفه من أمته ، ونهوضه لدرء المفاسد ودفع الخطر وإتقاء موارد التهلكة، فقد رأى شيوع الترف في القرن السادس والبعد عن المنهج الصحيح، وتفشي الأهواء والشهوات لفراغ النفوس من الأهداف وخلودها للراحة والنعيم. فأراد التحذير والزود عن الحمى، ويحاول أن يشفي – بإذن الله تعالى – من الضلال والهوى، وأن يحفظ على قومه نضارة الإيمان وإستقامة السلوك (77).
وفي كتاب : الأذكياء نجد أن أسباب تأليفه بيان أحوال الأذكياء ليتم تقديرهم حق قدرهم، ولمساعدة الآخرين لتحسين سلوكهم سواء بمصاحبة الأذكياء أو السماع لأخبارهم، وكذلك تأديب المعجبين والمتباهين المغرورين برأيهم لعلهم يقللوا من غرورهم(78).
أما كتاب : التبصرة، فهو أجمع ما ترك ابن الجوزي في علم الوعظ المشهور به الغالب عليه، وقد أراد بهذا الكتاب أن يجعله مرجعاً في علم الوعظ يغني عن النظر فيما سواه، وذلك عندما طلب منه أصحابه ذلك(79).
وأخيراً : كتاب لفتة الكبد في نصيحة الولد. وهو كتاب نفيس لكونه رسالة من أب ناصح غيور، لابنه - فلذة كبده – جمة الفوائد ضمنها خلاصة تجريبية في أمور الدين والدنيا، فهي وصية تربوية توجيهية (80).
29- ابن المماتي (ت606هـ) أبو المكارم أسعد بن الحظير، له : الفاشوش في أحكام قوانين الدواوين (81).
30- ياقوت الحموي (574هـ-626هـ) أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي البغدادي، الملقب بشهاب الدين، له : معجم البلدان(82).
ومما سبق يتضح أن القرن السادس الهجري إزدهر بالعديد من العلماء في شتى المجالات، وكان لهم العديد من المصنفات في أنواع العلوم وخاصة العلوم التربوية وبيان سبل تحصيل العلم، والعلاقة بين العالم والمتعلم، والتطرق للعديد من أساليب التربية وبيان أثرها، مما ينفي الجور والركود في الفكر التربوي عن القرن السادس الهجري.

الحياة السياسة والاجتماعية والاقتصادية خلال القرن السادس الهجري

من خلال هذا الفصل ستتم الإجابة عن السؤال الأول : ما واقع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية خلال القرن السادس الهجري، للوقوف على واقع تلك الفترة والظروف التي أحاطت بعلماء ذلك القرن وأثرها على إنتاجهم .
أولاً: الحياة السياسية :
إن المتأمل لحال الدولة العباسية يجد أنها بدأت بالتجزؤ منذ السنوات الأولى لقيامها. حيث أستقلت الدولة الأموية الثانية بالأندلس في عام 138هـ وقامت دولة الأدارسة في المغرب عام 172هـ، وفي تونس قامت دولة الأغالبة عام 184هـ، والطولونية في مصر عام 254هـ، أعقبتها الدولة الفاطمية عام 297هـ، تلتهما الدولة الأيوبية 567هـ، وفي بلاد فارس قامت الدولة الصفارية عام 261هـ، والدولة السامانية في بلاد ما وراء نهر جيحون وأمتدت حتى شملت معظم البلاد الفارسية والتركستانية عام 204هـ، والدولة الحمدانية في حلب والموصل(1).
من هذا يتضح مدى الانقسام والتجزؤ الذي أصاب الدولة العباسية، والذي لحق بها بعد حوالي ست سنوات من قيامها عام 132هـ . ومنذ بدء النصف الثاني للقرن الخامس الهجري أصبح العالم الإسلامي وكأنه صرح تقوض بناؤه وأصبح آيلاً للسقوط. ففي المشرق الإسلامي يوجد صراع عنيف بين الخلافة العباسية – سنية المذهب – والخلافة الفاطمية – شيعية المذهب- وأصبحت كل خلافة تعاني من الضعف حتى عجزت عن حماية حدودها الخارجية والتي كانت عرضة لغارات الدولة البيزنطية .
ونتيجة لسقوط الخلافة الأموية بالأندلس، وتفكك الأندلس إلى دويلات متنازعة عرفت باسم الطوائف أو الفرق أنتهزت أسبانيا ذلك الحال وقامت بغارات على تلك الدويلات بقصد طردها من الأندلس(2) .
وفي ظل تلك الأوضاع والاضطرابات وخاصة في العراق مقر الخلافة العباسية، إستعان الخليفة العباسي القائم الذي حكم ما بين عام 422هـ- 467هـ بمؤسس دولة السلاجقة طغرلبك – وهو من أصل تركي سني المذهب – لنصرته فدخل بغداد عام 447هـ، وقضى على الدولة البويهية – الشيعية المذهب – والتي حكمت خلال الفترة 334هـ – 447هـ.
وفي خلال عهد سلاطين السلاجقة حاول الفاطميون الإستيلاء على العراق حيث سار البساسيري إلى بغداد، ثم خطب بجامع المنصور للخليفة الفاطمي المستنصر عام 427هـ- 487هـ، مستغلاً انشغال السلاجقة مع بني بوية، إلا أن السلاجقة كانوا له بالمرصاد وأعادوا بغداد إلى ما كانت عليه، وانتزعوا أيضاً بلاد الشام من الفاطميين(3) .
كما تمكنت الدماء الفتية المليئة بفتوة البداوة وعنفوانها من دحر البيزنطيين وإخراجهم من آسيا الصغرى بعد معركة ملاذكرد عام 463هـ .
أما المغرب الإسلامي فقد جاءته من صحراء موريتانيا قبائل من البربر الملثمين المرابطين، الذين وحدوا المغرب وعبروا إلى الأندلس وطردوا الأسبان بعد موقعة الزلاقة عام 479هـ، فأنقذوا دولة الإسلام وأخروا سقوط الأندلس أربعة قرون أخرى بإذن الله تعالى.
ولكي يضمن الخليفة العباسي دوام الصلة مع البيت السلجوقي تزوج القائم العباسي من خديجة أرسلان خاتون بنت أخ السلطان طغرلبك، كما تزوج الخليفة العباسي المستظهر من إبنة السلطان ملكشاه عام 504هـ، وتزوج الخليفة العباسي المقتفي  من فاطمة بنت محمد ملكشاه وأخت السلطان محمود، وذلك لأن المصاهرة من أحكم الروابط الأسرية، إضافة إلى الرباط المذهبي السني للخلافة العباسية والسلجوقية، الأمر الذي جعل السلاجقة يعاملون الخلفاء العباسيين بإجلال وإحترام نابع من عاطفة دينية صادقة، إذ كانوا يدينون بالمذهب السني – مذهب الخلافة العباسية – وهذا ما جعلهم يمدوا نفوذهم الروحي على الأقطار التي فتحوها، ودافعوا عن المذهب السني بحماس شديد، ومن شدة تقديرهم للخلافة العباسية أطلق السلاجقة على أنفسهم في أقدم وثيقة معروفة عنهم أسم مولى أمير المؤمنين (4) .
ومن المفارقات العجيبة فصل السلاجقة الإحترام والتقدير الروحي- الديني – عن التقدير السياسي، فرغم الروابط المذهبية والأسرية إلا أن سلاطين السلاجقة تعدوا على سلطة الخلفاء العباسيين. ومن ذلك حمل السلطان ملكشاه الخليفة المقتدي على الخروج من بغداد إلى البصرة بسبب تدخل الخليفة في شئون الحكم، كما أخذوا من الخليفة المسترشد بردة الرسول  e  والتي كان الخلفاء يلبسونها عند تولي أحدهم الخلافة، أو حضور الحفلات الدينية، وأيضاً أطلق السلطان ملكشاه على نفسه لقب أمير المؤمنين، ذلك اللقب الذي لم يطلق إلا على الخلفاء أنفسهم(5).
ومن هذا يتضح أن السلاجقة لم يسمحوا للخلفاء العباسيين أن يتعدى نفوذهم السيادة الروحية إلى السلطة السياسية. فمنذ دخول طغرليك بغداد فوضت إليه إدارة المدينة وجرد الخليفة القائم من السلطة المدنية، وظل هذا الوضع يضايق الخلفاء العباسيين، لأن لقب خليفة أصبح أسماً لغير مسمى، مع أن أي أمير يصل إلى الحكم كان يطلب من الخليفة العباسي في رسالة يرسلها له أن يعطيه تفويضاً بالحكم على إعتبار أنه خليفة للرسول  e ومصدر قوة المسلمين، وليكتسب حكم الأمير صفة شرعية في نظر شعبه. ومن ذلك إعتراف يوسف بن تاشفين زعيم دولة المرابطين بخلافة المقتفي العباسي، وطلب إليه أن يعطيه تفويضاً شرعياً يثبته في بلاده، فأرسل إليه الخليفة التفويض، وأقر باللقب الذي تلقب به وهو أمير المسلمين (6) .
وظهرت نزعة الخلافة العباسية إلى استعادة السلطة السياسية بوضوح خلال عهد الخليفة المسترشد، الذي استفاد من الخلافات التي وقعت بين سلاجقة العراق بعد وفاة السلطان محمد السلجوقي عام 512هـ، واستطاع أن يرغم السلطان مسعود السلجوقي على أن يتخلى عن بغداد وما جاورها .
وبعد مقتل المسترشد حاول إبنه الراشد عزل السلطان مسعود، الذي دخل بغداد عام 530هـ وخلع الراشد، الذي رحل إلى الموصل، وعندما تولى الخليفة العباسي المقتفي استغل الصراع بين السلاجقة، وتمكن من مد نفوذه على العراق عام 552هـ (7).
وعندما تولى الخليفة العباسي الناصر لدين الله ( 575هـ – 622هـ) أجهز على آخر سلاطين السلاجقة طغرل الثاني عند الري عام 590هـ وأنتهى حكمهم، وأتاح للخلاقة العباسية استعادة شيئاً من عزتها ومكانتها عند الناس، وأصبحوا يلقبون الخليفة بلقب أمير المؤمنين، وأستطاع الخلفاء فرض ضريبة على السلاطين الذين يدينون لهم بالولاء سموها مال المبايعة، وظل الحال كذلك إلى أن سقطت بغداد بيد المغول عام 656هـ (8).
في تلك الفترة – منتصف القرن السادس الهجري – ظهرت دولة الأتابكة والتي حكمت شمال العراق والشام، والتي قاومت الغز الصليبي، وكان لها قادة من بني أيوب استغلوا ضعف الدولة الفاطمية، وتمكن أسد الدين شيركوه الأيوبي أحد قادة نور الدين محمود زنكي (ت569هـ) من التغلب على شاوز وزير العاضد (555هـ – 567هـ) الفاطمي، وتولى الوزارة مكانه، وبعد وفاته بشهرين خلفه أبن أخيه صلاح الدين الأيوبي مؤسسة الدولة الأيوبية (9).
وفي عام 582هـ دخل سيف الإسلام الأيوبي أخو صلاح الدين إلى مكة المكرمة ومنع من الأذان في الحرم المكي الشريف بـ " حي على خير العمل "(10) ، والذي فرضته الدولة الفاطمية – الشيعية المذهب – أثناء حكمها على مكة المكرمة .
وتمكن صلاح الدين من الإنتصار على الصليبيين عام 583هـ في موقعة حطين واستعادة القدس .
وكان خلفاء الدولة العباسية خلال القرن السادس الهجري (11):
1 – المستظهر بالله : أبو العباس أحمد (487هـ – 512هـ ) . في أيامه تفاقم حال الباطنية واستولوا على المعاقل والحصون بخراسان، ولم يكن للوزارة في أيامه كبير أبهة، وهو الخليفة الـ 28 لبني العباس .
2 – المسترشد بالله، أبو منصور الفضل بن المستظهر: (512هـ - 529هـ) جرت بينه وبين السلطان مسعود وحشه، وتفاقم الأمر وأفضى الحال إلى الحرب بينهما، حيث توجه المسترشد بجنده، وقاتل مسعود الذي كانت الغلبة له على المسترشد، إلا أن السلطان سنجر أمر بالإحسان إلى الخليفة وإعادته إلى بغداد مكرماً. فأمتثل مسعود إلا أن جماعة من الباطنية هجموا على المسترشد وقتلوه .
3 – الراشد بالله، أبو جعفر منصور بن المسترشد: (530هـ) وكانت مدة حكمه قصيرة، فقد أراد الإنتقام لوالده فجهز الجيش لمحاربة مسعود، إلا أن مسعود توجه له في خمسة آلاف فارس، فخرج الراشد من بغداد واتجه للموصل، ودخل مسعود بغداد واستبد بتدبير الأمور فيها.
4 – المقتفي لأمر الله ، أبو عبد الله محمد بن المستظهر – عم الراشد   )530هـ -555هـ)، أجلسه مسعود وبايع له، وجرت في أيامه فتن وحروب مع سلاطين العجم. كان النصر فيها حليفه .
5 – المستنجد بالله، أبو المظفر يوسف بن المقتفي: (555هـ - 566هـ) حل المقاطعات وأعادها إلى الخراج. وفي أيامه ابتدأ فتح مصر، وضعفت الدولة الفاطمية، مات مخنوقاً في الحمام بواسطة أكابر دولته .
6 – المستضيء بأمر الله . أبو محمد الحسن بن المستنجد: (566هـ – 575هـ) في أيامه وردت البشائر إلى بغداد بفتح مصر وأنقراض الدولة الفاطمية .
7 – الناصر لدين الله، أبو العباس أحمد بن المستضئ: (575هـ - 622هـ) من أطول الخلفاء بقاءً في الحكم، فقد أمتد حكمه 47 سنة، صفا له الملك وكان يباشر أحوال الرعية بنفسه، وكثر جواسيسه، وعاد النفوذ للدولة أثناء حكمه حيث أنضمت مصر والقدس والشام والحجاز، وأنقرضت دولة السلاجقة بالكلية، والإنتصار على الصليبيين في حطين، بني من دور الضيافة والمساجد والرُبط ما تجاز حد الكثرة.
ويلاحظ أن جميع من سبق ذكرهم من الخلفاء أضاف لقبه إلى لفظ الجلالة الله، وكانت هذه عادة الخلفاء العباسيين منذ ولاية المعتصم حيث أضاف لقبه إلى لفظ الجلالة فأصبح يلقب بـ " المعتصم بالله (218-227هـ) (12).
* تلك هي الحالة السياسية للعالم الإسلامي خلال القرن السادس الهجري. سادها الصراع والنزاع بين الدويلات وبين الخلفاء داخل الدولة الواحدة، إضافة إلى ضعف دولة الخلافة العباسية إلى الربع الثاني من القرن السادس الهجري، ثم شاء الله تعالى لها أن تعود لها قوتها ومكانتها خلال بقية القرن، إلى أن سقطت عاصمتها على يد المغول عام 656هـ، بالإضافة إلى تعرض العالم في ذلك القرن للغزو الصليبي والذي بدأ عام 498هـ واستمر حتى عام 692هـ.


ثانياً: الحياة الإجتماعية :
مالت طبقات المجتمع في مطلع الخلافة العباسية لصالح الفرس – وذلك بسبب اعتماد الخلفاء عليهم في البدء – حيث توازت طبقات العرب والفرس في السلم الإجتماعي، ولا يعني هذا أنه لم توجد أجناس أخرى، فقد وجد الجنس التركي وشكل طبقة ثالثة من طبقات المجتمع، وصلت إلى الحكم بدخول الأتراك السلاجقة إلى بغداد، وكان أول تواجد لهم في الجيش – وهم من الأتراك الذين قدموا من التركستان – ثم إلى بلاط الحكم حتى سيطر الأتراك على مصائر الخلافة، وقد ساعد على صهر الأجناس داخل المجتمع التطور الاقتصادي خاصة في العراق، حيث وجد مجتمعاً مدنياً جديداً يقوم على معيار المال وسلطة الحكم للتميز بين أفراده، وبذلك ظهر في المجتمع الطبقات التالية :   )13)
1 – طبقة الخاصة : تشمل أفراد البيت الحاكم، وكبار القواد، ورجال الدولة، وكبار التجار، والقضاة، والإقطاعيون، والموسرون، وكل من يتبع أفراد هذه الطبقة من جند وخدم وعبيد وخصيان وشعراء .
2 – طبقة العامة : وتشمل بقية أفراد المجتمع وطبقاته من صغار التجار، والصناع، والمزارعون، والباعة، وأصحاب الفن والغناء .
ونتيجة لهذا الفساد الاجتماعي والتمايز الطبقي ظهرت فئة – طبقة – ثالثة ثائرة من الفقراء سمت نفسها بالعيارين أو الشطار. والتي كانت تهدد أمن طبقات المجتمع خاصة الأغنياء، ونجد صدى هذه الفئة في التاريخ العباسي .
- ومن الطبقات الأخرى التي وجدت في المجتمع :
طبقة أهل الذمة – وهم من النصارى واليهود- وقد تمتعت هذه الطبقة بتسامح الدين الإسلامي ويقيمون شعائرهم في أطمئنان، وكان يطلق على رئيس اليهود ببغداد رأس الجالوت .
وقد تمثل في الجند جنس يطلب عليه المغاربة، ويقصد بهم المصريون والأكراد والفراعنة، وترى بين الجند : العربي، والكردي، والخراساني، والتركي أو السلجوقي – وهم أغلبية – والديلمي، والرومي، والأرمني، والعراقي (14).
ومن المظاهر البارزة في العصر العباسي وجود طبقة الرقيق وطبقة الجواري، ولكن بصورة مغايرة، فقد كانوا ينالون قسطاً وافر من التثقيف بالعلوم والفنون ومن الثروة، والجاه والنعيم، ذلك أن أمهات كثير من الخلفاء كن جواري، وكثيراً ما حظيت أم الولد -الجارية التي ولدت لمالكها صبي – بمكانة عند زوجها أكبر من زوجته الحرة. وقد أصبغت هذه الطبقة على البيئة العباسية ألواناً من النشاط الفني كالغناء والموسيقى ولوناً من الترف الاجتماعي (15).
وفي مصر تألف المجتمع خلال عهد الفاطميين من السنيين – وكانوا أغلبية ساحقة من المصريين – ومن الشيعة وخاصة المغاربة، والطبقة الثالثة طبقة أهل الذمة، والطبقة الرابعة من الأتراك، والطبقة الخامسة من السودانيين .
وعندما قامت الدولة الأيوبية كثر المماليك، فقد أثر عن السلطان نجم الدين أيوب أن عدد الرقيق في عهده بلغ أثني عشر ألفاً، كانوا بعد ذلك نواة دولة المماليك البحرية .
وفي المغرب تألف المجتمع من عنصرين أساسيين هما : البربر والعرب، وذلك في عهد المرابطين (448-541هـ)، وفي عهد الموحدين (524-667هـ) كان يتألف من أجناس مختلفة منها القبائل العربية، والبربر، والأكراد الجراكسة، والذين بعث بهم صلاح الدين الأيوبي لقتال يعقوب المنصور الموحدي .
وفي الأندلس تألف المجتمع من عدة طبقات متفاوتة الحقوق والإعتبارات ومن تلك الأجناس : العرب، والبربر، والرقيق، ومجموعات من المسيحيين واليهود(16) ، وقد اتبع تطور المجتمع في الأندلس منهجاً مختلفاً بعض الاختلاف عن المجتمع في المشرق. حيث برزت أول الأمر طبقة الحكام، ثم طبقة المولدين من الأسبان المسلمين، وطبقة المستعربين – وهم من لم يسلموا من الأسبان – وقد كانت لهم حكومتهم وإدارتهم وممثل لدى دار الخلافة (17)
وقد غلب على المجتمع الأندلسي الانهماك في الترف وحياة الدعة والاستهتار، ومن أبرز ظواهر عصر الطوائف بالأندلس أن يكون معظم الملوك والحكام من أكابر الأدباء والشعراء والعلماء وأن تكون قصورهم منتديات زاهرة (18).
ولقد نشطت الحركة الفكرية وأزدهرت الثقافة في المجتمعات المستقلة عن الخلافة العباسية، وذخر بلاط تلك الدول المستقلة بالعلماء والشعراء وغيرهم في كل من البلاط الغزنوي في الشرق، والفاطمي والأيوبي في مصر، والأموي في الأندلس، والمرابطين والموحدين في المغرب. رغم ما انتاب العالم الإسلامي والخلافة العباسية من تفكك وضعف سياسي .
تلك هي الحالة الاجتماعية للعالم الإسلامي خلال القرن السادس الهجري والطبقات التي تألف منها كل مجتمع، والمظاهر التي اتسم بها المجتمع في العالم الإسلامي .

ثالثاً: الحياة الاقتصادية :
لقد ازدهرت الحياة الإقتصادية في العصر العباسي، واتسمت بالتأنق والتفنن في المطعم، والملبس، والمسكن وجادت الصناعات الضرورية والكمالية، وتعاظمت النزوات وانتشر العلم .
وتعددت موارد بيت المال مما كان له كبير الأثر على ازدهار الحياة الإقتصادية ومن الموارد : -
الزكاة، الخراج، الجزية، الفيء، الغنيمة، عشور التجارة ( الجمارك )، الضرائب والأوقاف.
والضرائب أنواع منها :
أ –   المكوس : وهي ضرائب تجبي من البضائع المنقولة من منطقة لأخرى براً أو نهراً في الداخل والخارج، ولم تكن محدودة، وأسقطها الخليفة المقتفي بأمر الله .
ب –  ضرائب على الأسواق والحوانيت : وأسقطها المستنجد بالله .
جـ –  ضرائب على الذهب والأشجار .
د  -   ضرائب على الترقيات ونيل الوظائف الكبير : فقد روى أن أبا السعود بن جعفر بذل مبلغاً مقداره ألف وخمسمائة دينار من أجل أن يكون صاحب الحاجب. فأذن له في ذلك وأصبح صاحب الحاجة .
إضافة لكل تلك الموارد كانت هناك المصادرة للأموال الثابتة والمنقولة في حالات خاصة، وكذلك أملاك الخليفة الخاصة وأملاك زوجته (19).
ولم يكن الحال كذلك في الأندلس حيث كانت الموارد تقتصر على ما يرد من الأوقاف، وعندما استولى المرابطون عليها اتبعوا نظاماً يقوم على قواعد الدين الإسلامي، وأصبحت الموارد تأتي من الزكاة، والجزية، والخراج (20).
     وكانت هناك عدة أنشطة إقتصادية منها التجاري والصناعي والزراعي .

1 – التجارة :
أشتهر العرب منذ القدم بالتجارة، ولقد جاءت الإشارة إلى ذلك في سورة قريش من كتاب الله العزيز قال تعالى } رحلتا الشتاء والصيف { سورة قريش، 3.
ولقد كان لموقع بغداد الجغرافي والسياسي أكبر الأثر في ازدهار التجارة، فهي تقع على ملتقى الطرق البرية والنهرية، ويكفي أن محلة الكرخ فيها كانت محطة مركزية للتجارة، وكانت بغداد تصدر كثيراً من البضائع، ولقد كان تجار العراق وسطاء التجارة بين أطراف العالم المتمدين، فالعراق يقع بين الجزيرة العربية والشام ومصر من جهة، وبين إيران والهند من جهة ثانية وبين الصين وآسيا الوسطى من جهة ثالثة. إضافة إلى سيطرة العراق في تلك الفترة على خليج البصرة الذي كان يصل العالم العربي بالهند والصين(21).
لذا كانت التجارة مزهرة خلال العصر العباسي بأكمله بحكم الموقع الجغرافي، والمكانة السياسية، والخبرة الطويلة المكتسبة واهتمام الخلفاء بتيسير الطرق التجارية البرية والبحرية.
2 – الزراعة :
أهتم العباسيون بالزراعة وفلاحة البساتين وفق أسس علمية نتيجة انتشار المدارس الزراعية، والتوسيع في البحث النظري، وأهتموا كذلك بالثروة الحيوانية، فأهتموا بتربية الحيوانات وخاصة الأبقار وتربية الجاموس وتفريخ الدجاج، وتربية وحفظ الحمام (22).
3 – الصناعة :
حظيت الصناعة في العصر العباسي الثاني بعناية الخلفاء والسلاطين الذين أهتموا باستغلال موارد الثروة المعدنية والحيوانية المتنوعة، ومنها : صناعة الزجاج والخزف، والصابون، وآلات الحرب، وصناعة الجلود ودباغتها، وبناء السفن وصناعة السكر، والزيت، والأقمشة والنسيج والزخرفة، وصناعة الورق، وصناعة الآجر، وصناعة النحاس، والحدادة، والصباغة، والصياغة (23).
تلك هي أهم الأنشطة الاقتصادية التي كانت مزدهرة خلال القرن السادس الهجري. ومما أدى إلى رواج الصناعة أن النظرة الاجتماعية إلى أهل الصنعة كانت محترمة على اعتبار أهمية الصناعة، ولتشجيع الحكام للصناعات، خاصة وهي تحقق الترف الإجتماعي للأفراد، ولقد كان مستوى المعيشة يتبدل بعض الأحيان لارتفاع الأسعار، وندرة بعض السلع لأسباب طارئة ثم لا تلبث أن تتحسن الأوضاع، رغم الازدهار الإقتصادي بشكل عام.

مع العرب: في التاريخ والأسطورة

المؤلف : رئيف خوري

رقم الإيداع : 9781855168244

نوع الغلاف : Paperback

تاريخ الصدور : 2013

عدد الصفحات : 160

السعر : 7.00$

القياس : 0x0


مميزات الكتاب
استعادةُ نشر الكتاب حالياً تلبي حاجة ثقافية للمكتبة العربية في عصر يقظة الشعوب.


نبذة
تسع وعشرون أقصوصة تُرافق القارئ برحلة عبر التاريخ العربي للتعرّف إلى انكساراته وانتصاراته. عرضها الكاتب بأسلوب محقّق صحافي، ووظّف المعلومة في سياق روائي، مستعيداً الكثير من قصص العرب: فينيقيون قبل فينيقيا، مأرب وبلقيس، كولومبس الشرق، «جوِّع كلبك يتبعك»، ناقة الفقراء، الفداء من الوأد، عنترة: إنسانية العروبة، المرأة إذا شاءت...
«مع العرب في التَاريخ والأسطورة» جسر بين ماضٍ غنيّ وحاضر حي، بينهما رابط خبرة واستمداد قوة للمستقبل. واستعادةُ نشره حالياً تلبي حاجة ثقافية للمكتبة العربية في عصر يقظة الشعوب.

رئيف خوري (1913-1967) مفكّر وأديب وناقد لبناني. شارك في إعداد وصياغة مطالب الإضراب الكبير عام 1936في فلسطين، دافع عن قضيتها في الكلمة التي القاها كممثّل للشباب العربي في مؤتمر الشبيبة العالمي الثاني المنعقد في نيويورك عام 1938. أسَّس مع آخرين عام 1940 "عصبة مكافحة النازية والفاشستية" والمجلّه الناطقة باسمها "الطريق" (1941). أصدر عام 1941  ستة أعداد من جريدة "الدفاع" قبل أن توقفها إدارة فيشي. كان أبرز العاملين على إنجاح المؤتمر الأول للأدباء العرب الذي انعقد في لبنان بدعوة من جمعية أهل القلم عام 1954. كتب في حوالى 56 جريدة ومجلّة وألّف أكثر من 20 كتاباً.

ايديولوجيا الجسد - رموزية الطهارة والنجاسة - فؤاد إسحق الخوري



هذا الكتاب دراسة معمقة عن معاني الجسد وتصوراته الأيديولوجية، أي تداخلها في عالم الدين والإيمان وفي مجالات التفاعل اليومية بين الناس.
ويركز بنوع خاص على تصنيف المخلوقات والكائنات إلى طاهر ونجس، فيخلص إلى القول أن النجاسة فعل تصنيف، أي أنها صفة الإنسان أو الحيوان الخارج عن المجموعة التي ينتمي إليها، أو المسلك الخارج عن التقليد المألوف.
ويتناول الكتاب مدى تأثير تصورات الجسد الأيديولودجية على المسالك الاجتماعية والممارسات الجنسية. فإذا كان الجسد عورة، كما في التراث العربي الإسلامي، فالأجدر به أن يحفظ ويحصن. أما إذا كان الجسد "هيكل الروح القدس" ومحطة الخلاص، كما في التراث المسيحي، فالإعتناء به واجب والتمتع بمفاتنه الطبيعية بركة.
ويتضح من خلال البحث أن مفهومي النجاسة والطهارة متحركان وليسا جامدين، إذا قد يتحول الواحد منهما إلى الآخر، يصبح الآخر، يؤثر فيه ويتأثر به. فالدم المسفوح نجس يحرم أكله، كما أن دم الحيض والنفاس نجس يجب التطهر منهما قبل أداء الصلاة.
أما دم الشهيد والثائر، ودم الثأر والبكورة، فعلى العكس، طاهر سلفا. ومايسري على الدم يسرى على الجنابة. فهي من جهة، مطلب ديني واجتماعي بفعل التشديد على الزواج، ولكنها، من الجهة الأخرى، مصدر نجاسة وفسق ورجاسة. فالتضاد الرموزي، بالنسبة إلى الدم والجنابة، واضح للعيان. ويظهر أن سوائل الجسد، كالدم والمنى، نجسة إذا ما سالت وفقا لطبيعتها، أما إذا سالت بفعل الإرادة فطاهرة. هذا يعنى أن الشيء نفسه طاهر ونجس في آن، وذلك حسب معطيات حدوثه.

لتحميل الكتاب؛
يمكن التحميل من أي رابط من الروابط التالية، مع استخدام كلمة السر ebooksclub.org لفك الملف :ـ
الرابط الأول
http://megaupload.com/?d=4E6IS9D4
الرابط الثاني
http://fileserve.com/file/5ADBnwn
الرابط الثالث
http://mediafire.com/?7xhee7wdwbat8em

السبت، 2 مارس 2013


كتابات أساسية - مارتن هيدجر - جزأين .
الجزء الأول : منبع الأثر الفني .. / الجزء الثاني : يضم ستة نصوص : - ما الميتافيزقا ، تخطي الميتافيزيقا ، النص الثالث : البناء ، السكن ، التفكير . التص الرابع :في ما هي الحقيقة / النص الخامس : السؤال عن التقنية / النص السادس والأخير : الطريق الى اللغة .المجلد الأول :
http://www.mediafire.com/view/?x59xjrb9yui0rpt : أو :http://www.4shared.com/get/VMt6_IJv/__-___1. المجلد الثاني :html;jsessionid=7C6D0E9A9B6C332BCE9A7BB4B232BA0E.dc332 : / : أو : http://www.mediafire.com/view/?2knx03vyvlnv7ma : أو :http://www.4shared.com/get/PNcwTEkr/__-___2.html

بؤس العالم * بيير بورديو
الجزء الأول .. رغبة الإصلاح
http://www.mediafire.com/download.php?vzfn82z1ade38i8
***
الجزء الثاني - نهاية عالم
http://www.mediafire.com/download.php?61co4lcmj1mgvsq
***
الجزء الثالث - منبوذو العالم
http://www.mediafire.com/download.php?3l5n3ydpltsc3na
رحلة كابوسية متعددة الوجوه في أرجاء "الرأسمالية القائم فعلاً". هذا هو قوام "بؤس العالم"، الكتاب الضخم، الذي أنجزه بيير بورديو ومعاونوه، متواطئين، وبشكل حميم، مع سلسلة بشرية متعددة الوجوه والقضايا، وقد يبدو الكتاب مربكاً، تتمازج فيه الحكايات الحزينة وسير ذاتية ناقصة، واستقصاء اجتماعي، وإشارات فلسفية وتعليقات سياسية، إلى درجة تُوهم "هواة الاختصاص المعرفي" أن الكتاب يهرب من "المعرفة العميقة"، ويكتفي بنثارها. غير أن بورديو، الذي يوظف المعرفة من أجل خدمة البشر المضطهدين، يقوم بغير ذلك تماماً، معطياً درساً نموذجياً في إنتاج المعرفة الصحيحة. ولهذا يدفعه مسعاه النبيل إلى حوار البشر وقراءة الشروط المشخصة التي يعيشون فيها، ذلك أن المعرفة تتراءى في أرجاء الحياة اليومية، ولا تستولد من صفحات الكتب الجاهزة. وبورديو، في هذا، يقول بأولوية أسئلة الحياة على الجهاز المفهومي، ويقوم باختبار الأخير على ضوء المعيش العاري، الذي يتطيّر منه عادةً "الأكاديميون التقليديون" عادة
***