- طرق التجارة الخارجية
إن ارتباط الأندلس اقتصاديا بالنشاط العالمي
للتجارة آنذاك وبطرقها في ظل الضرورة الاقتصادية للسلع والبضائع ، دليل على الوحدة
الاقتصادية بين أقاليم الدول العربية الإسلامية ويتمثل هذا بشبكة المسالك التجارية
الاقتصادية التي تربط الأقاليم الإسلامية مع بعضها من جهة ومع العالم الخارجي من
جهة أخرى . فقد ارتبطت الأندلس بالعالم الخارجي عبر شبكة من الطرق التجارية البرية
والبحرية، وسنركز الضوء على الطرق البرية أولاً ومن ثم نتناول بالبحث الطرق
البحرية في الموضوع اللاحق.
مما ورد في
كتب البلدانين ، أن الأندلس افتقرت إلى طريق تجارة خارجي يربطها بنظام التجارة
العالمي إلا من جهة أوربا في القدم ، فقد ورد " ليس إلى الأندلس طريق في
البر إلا من جبل [ البرتات او البرت ] ، ولم يكن يسلك وإنما الأوائل فتحوا فيه
أبوابا بالحديد والنار والخل حتى صار للأندلس طريق في البر من الأرض الكبيرة وقبل
فتح الأبواب ، ولم يكن إلى الأندلس من الأرض الكبيرة[ الأرض الفرنسية ]
طريق "([1]). وقد نسبت عملية فتح
الطريق هذا الى الملكة كليوباترا ( المصرية ) حين اهتمت بعمارة هذه الجزيرة([2]) وفي هذا
جانب اسطوري كبير
ويعد ابن
خرداذبه في القرن ( 3 هـ / 9م ) أول من أشار من بلدانيينا إلى الطرق التجارية
العالمية التي تربط أقاليم الشرق باوربا وعبر بلاد المغرب والأندلس ، إذ ورد عنده
ان الطرق التي يسلكها التجار الراذانية ، وهم مجموعة من التجار العرب والفرس
والروم وافرنجة واندلسيين وصقالبة " الذين يتكلمون العربية والفارسية
والروحية والإفرنجية والأندلسية والصقلية " ([3])
و " يسافرون من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق براً وبحراً..."
([4])
وينقلون مختلف انواع البضائع والسلع ([5])
من هذه الاصقاع . وما يهمنا هنا الطريق البري الذي كانت تسلكه هذه المجموعة
من التجار ، وبهذا الصدد يشير ابن خرداذبه " فان الخارج منهم [ أي
التجار الروس ] ([6])
يخرج من الأندلس ومن فرنجة فيعبر الى السوس الأقصى فيصير الى طنجة ثم الى افريقية
ثم الى مصر ثم الى الرملة ثم... الى الصين ..." ([7])
ويتضح من هذا النص ، ان الاندلس ترتبط بطريق تجاري بري خارجي يربطها بمراكز
التجارة ببلاد المغرب ومصر وفلسطين وسوريا والعراق ثم الى مراكز التجارة في أقاليم
المشرق المختلفة وصولا الى الصين .
لقد عبر التجار
الأندلسيون المضيق الذي يفصل بينهم وبين بلاد المغرب الأقصى ليستخدموا الطرق
التجارية في بلاد المغرب من اجل الوصول الى مراكز التجارة في المشرق . ويذكر
الإدريسي إن التجار الأندلسيين كانوا برحلاتهم البرية للمشرق يعبرون المضيق وصولاً
أولاً الى قصر مصمودة من الغرب " وهو حصن كبير على ضفة البحر ... وهي على
رأس المجاز الأقرب الى ديار الأندلس "([8]).
أما عن الطرق التجارية في بلاد المغرب والتي ترتبط ببلاد المشرق، فنحن نملك
معلومات كثيرة عنها دونها البلدانيون بتفاصيلها ومراحلها وهذه الطرق من مراكز
التجارة في المغرب الأقصى الى المغرب الأوسط ثم الى المغرب الأدنى فبرقة ثم الى
بلاد مصر وهي اما طرق ساحلية ( تسير بموازاة الساحل ) او طرق داخلية ( تسير في
السهول الداخلية لبلاد المغرب ) ([9])
وهذه الطرق جميعها تؤدي الى بلاد مصر حيث ترتبط هناك بطرق تجارية تسير عبر فلسطين
وبلاد الشام ثم العراق والشرق . وهذا ما اكده ابن خرداذبه في قوله ان التجار
يسيرون الى " ...الى دمشق ثم الى الكوفة ثم الى بغداد ثم الى البصرة ثم
الى الأهواز ثم الى فارس ثم الى كرمان ثم الى السند ثم الى الهند ثم الى
الصين "([10])
و مما تجدر الإشارة إليه ان هذا النص انفرد به ابن خرداذبه وحده فلم نجد له ذكر عند سواه من البلدانيين.
وبناءاً عليه ، كانت الأندلس مرتبطة بالتجارة البرية العالمية ([11])
.
ب- طرق التجارة المائية
:
1- الطرق النهرية :
على الرغم
من ان هناك العديد من الأنهار الاندلسية التي تتميز بكثرة تعرجاتها وبعدم صلاحيتها
للملاحة التجارية في مناطق معينة ، فقد يضيق المجرى في مكان معين وقد ينحدر بشكل حاد
ومفاجئ ، بيد ان هناك انهار خدمت النشاط التجاري حيث استغلت في النقل النهري.
وسنستعرض هذه الطرق من الجنوب الى الشمال ، مع الإشارة الى مكان وجود النهر واتجاه
جريانه.
من الأنهار الكبيرة في
الأندلس نهر الوادي الكبير منبعه من وسط البلاد الى الشرق من ابذة ويصب في البحر المحيط
، تقع عليه مدن كبرى ومهمة مثل قرطبة واشبيلية
وقد استخدم في النقل حيث يصعد فيه المد البحري(من المحيط الاطلسي) لمسافة
اثنين وسبعين ميلاً وهو صالح للملاحة لمسافة ستين ميلاً من مصبه ، لذلك أصبحت
أشبيلية الواقعة علية ، ميناءً نهرياً وبحرياً([12])
، وتسير فية المراكب الكبار (المثقلة) الذاهبة إلى قرطبة([13])
، كما تصعد مراكب الفرنج الكبار بوسقها إلى باب أشبيلية ([14])
.
وهناك طريق مائي يصفه الإدريسي والذي يربط
الجزيرة الخضراء بمدينة أشبيلية ويقدر بخمسة أيام ([15])
قائلاً : " من الجزيرة الخضراء إلى الرمال في البحر إلى موقع نهر برباط
ثمانية وعشرون ميلاً ثم إلى موقع نهر بكة ستة أميال ثم إلى الحلق المسمى شنت بيطر
أثنا عشر ميلاً ثم إلى القناطر وهي تقابل جزيرة قادس أثنا عشر ميلاً وبينها مجاز
سعته سته أميال ومن القناطر تصعد في النهر إلى رابطة روضة ثمانية أميال ثم إلى
المساجد ستة أميال ثم إلى مرسى طربشانة إلى العطوف إلى قبتور إلى قبطال [ قبتور
وقبطال قريتان في وسط النهر ] ثم إلى جزيرة فيشتالة ثم إلى الحصن الزاهر إلى
مدينة أشبيلية ..." وتقدر مسافة هذا الطريق ستون ميل([16]).
كذلك وصف الإدريسي طريقاً مائياً من أشبيلية وصولاً إلى قرطبة بقوله : "
من شاء المسير الى قرطبة ...من اشبيلية ركب المراكب وسار صاعدا في النهر إلى أرحاء
الزرادة إلى عطف منزل أبان إلى حصن قطنيانة إلى القليعة إلى لورة إلى حصن الجوف
إلى شوشبيل إلى موقع نهر ملبال إلى حصن المدور إلى وادي الرمان إلى أرحاء ناصح إلى
قرطبة " ([17]).
واستغل نهر وادي يانة في
النقل النهري ، وهو في غربي الأندلس ، تقع عليه ماردة وبطليوس ، كان صالحاً
للملاحة النهرية في معظم أجزائه " انه يكون في موضع يحمل السفن "([18]).
ومن الأنهار الصالحة للملاحة نهر مرسيه (شقورة) في شرق البلاد ([19]).
وطورية (بلنسية) " فالسفن تدخل نهرها" ([20])
وكذلك يستخدم نهر شطوبر ، الذي تقع عليه مدينة القصر ، للنقل ، كما جاء عند
الإدريسي قائلاً: " تصعد فيه السفن والمراكب السَّفرية كثيراً "([21]).
ويستخدم نهر لبلة في عملية النقل وهذا ما اشار اليه الادريسي بقوله " هناك ذراع من البحر يتصل به موقع
نهر لبلة ويتسع حتى يكون أزيد من قبل لا يزال الصعود فيه في المراكب إلى أن يضيق
ذلك الذراع حتى يكون سعة النهر وحده مقدار نصف رمية حجر" ([22])
كما يستفاد من نهر مينو في عملية التجارة والنقل اذ " تدخله المراكب إرساء
وسفراً لما على ضفتيه من القرى والحصون ... " ([23]).
ومن انهار
الجزء الغربي من الأندلس ، نهر بوغو، تدخله المراكب والشواتي ([24])
كما استخدم نهر الاذر للملاحة التجارية رغم صغر حجمه وهذا ما أشار إليه الإدريسي
بقوله: " وهو نهر صغير لكنه يحمل المراكب الكبيرة " ([25]).
والمسافة بين نهر وادي مرار ونهر الاذر تقدر بسته أميال أيضاً ([26])
وهي نفس المسافة المقطوعة بين نهر شنت ياقوب ونهر وادي مرار ([27])
واستخدام نهر وادي مرار في عملية النقل والتجارة أيضاً وبهذا يقول الإدريسي : "
وهو نهر كبير والمد والجزر يدخله وترسى به كبار المراكب ..." ([28]).
ومن الجدير
بالذكر اننا نستشف من كلام ابن سعيد ، بشأن المسافات التي تقطع في البحر المحيط
(الأطلسي) ، وجود طريق مائي يبدأ من جزيرة
قادس ، في الجنوب الغربي من الأندلس ، يتوغل من الجنوب الغربي باتجاه الشمال من
بلاد الأندلس، " فيكون مصب نهر الوادي الكبير حيث الطول ثمان درجات وخمس
عشر دقيقة ، والعرض سبع وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة ثم الى جزيرة شلطيش ست
وثلاثون درجة، حيث الطول سبع درجات وعشرون دقيقة ، والعرض سبع وثلاثون درجة واثنتا
عشرة دقيقة ثم الى مصب نهر يانة الكبير ، الذي يمر على ماردة وبطليوس تسعة أميال ، ثم الى مدينة طويرة([29])
ثلاثة وعشرون ميلاً، ثم الى مصب نهر شنترية ثمانية عشر ميلاً ، ثم الى مصب نهر شلب
ثمانية وعشرون ميلاً ثم الى حوز الريحان خمسة عشر ميلاً ثم الى طرف العرف ثمانون
ميلاً ، ويدخل في البحر في هذا الطرق اثنان وعشرون ميلاً" ([30])
. وهذا كما يبدو طريق مائي يسير بموازاة ساحل الأندلس الغربي.
ويسجل الإدريسي المسافات والأطوال بين بعض
الأنهار الاندلسية ، فالمسافة بين نهر طرون ونهر ميز تقدر بستون ميلاً([31])
والطريق النهري من طرون إلى نهر الاذر يقطع بسته أميال([32]).
كما أشار إلى الطريق النهري الذي يربط بين جزيرة طريف والجزيرة الخضراء ، بدءاً
بجزيرة طريف ثم تخرج منها إلى وادي النساء ومنه إلى الجزيرة الخضراء ، ويقدر
بثمانية عشر ميلاً ([33]).
ومن المهم الإشارة هنا ، إلى أن الملاحة في بعض
الأنهار الأندلسية تقتصر على فصل معين وليس طول العام ، فوادي مالقة يجري في فصل
الشتاء ، وليس بدائم الجري ([34])
، وجزيرة شقر التي يحيط بها الوادي من جهاتها فان الداخل اليها في الشتاء بالمراكب
وفي الصيف على مخاضة ([35])
.
ولهذه
الأنهار مراسي تسهل عملية التبادل التجاري داخل المدن الاندلسية ، إذ كان لأشبيلية
مرسى على نهرها يزخر بالنشاط والحركة التجارية وتسير فيه المراكب المثقلة([36]).
كما وجدت مراسي نهرية في مدينة شلب([37])
وطَلْياَطَة ([38])
، وكذلك نجد لمرسية مرسى نهري قريب من ساحل البحر المتوسط ([39])
. ولطرطوشة أيضاً مرسى على نهر إبره([40]).
2- الطرق البحرية :
ربطت بلاد
الأندلس والبلاد المغربية بشبكة من الخطوط التجارية البحرية فكانت السفن التجارية تنتقل بصفة دائمة بين
سواحل الأندلس إلى وسواحل بلاد المغرب عبر البحر المتوسط والمحيط الأطلسي . واقتضى
وجود السواحل الطويلة لبلاد الأندلس أن تتنوع الطرق التي تصلها ببلاد المغرب وبقية
أقاليم البلاد([41]).
لقد ارتبطت الأندلس
ببلاد المغرب بطرق بحرية تجارية أسهمت في تنشيط تجارة الأندلس الخارجية ، ولعل اهم
ما يميز تجارة الأندلس مع إقليم المغرب الأقصى سهولة الاتصال نظراً لقصر المسافة
بينهما إذ تقدر ، من الساحل الأندلسي إلى
مدينة سبتة ، بـ 12 ميل
، حتى انه يُرى من ساحل سبته وداخلها ساحل الأندلس المطل على المضيق ، كما ذكر
الحسن الوزان المعروف بليون الافريقي([42]).
وقد حدد الإدريسي الطرق والمسافات بين الموانئ الأندلسية والموانئ المغربية
المقابلة لها، ومن جملة ما يذكر ان مدينة مالقة يقابلها في الجهة الأخرى المزمة
وبادس والطريق البحري بينهما يقطع بمسافة مجرى يوم إذ كانت الرياح طيبة معتدلة ([43]).
كما تقطع الطرق البحرية من الجزيرة الخضراء
وصولاً إلى مدينة سبته([44])
بمسافة 18 ميل، وهي مسافة عرض البحر بين المدينتين ، فتتزود كلا المدينتين ببضائع
الأخرى ([45]).
ويبدو إن المراكب كانت تخرج من جزيرة طريف الى الضفة الثانية قاصدة المرسى المنسوب
لقصر مصمودة ([46])
قاطعة بذلك مسافة 12 ميل([47]).
وقد تدخل المد والجزر في حركة المراكب بالبحر، فالبحر الشامي ( المتوسط) " في كل يوم يجزر مرتين ويمتلئ مرتين
فعلاً دائماً "([48])
وفي نفس الوقت تخرج السفن من قصر مصمودة ، ليسافر بها الى بلاد الأندلس ([49])
.
وكان هناك خط بحري تسير
فيه السفن من ميناء مالقة الأندلسي متجهة الى نكور في بلاد المغرب الاقصى ([50])
.
اما ابرز الطرق التي
وصلت الأندلس بالمغرب الأوسط فنجد منها خط بحري يربط بين سواحل المرية ومالقة
والمنكب وبين ميناء تنس([51])
التي أنشأها بعض البحريين من الأندلسيين ([52]).
ونجد طريق بحري آخر بين مدينة المرية ومدينة وهران
المغربية الساحلية، إذ تقدر المسافة بينهما مجريان([53])
، ومنها (أي وهران ) ([54])
، " أكثر ميرة ساحل الأندلس " ([55])
، ويقول الإدريسي عنها " إن مراكب الأندلس إليها مختلفة "([56]).
ومدينة برشلونة تخرج منها المراكب بالبحر ذهاباً إلى عدوة المغرب الأوسط وصولاً
الى مدينة بجاية قاطعة مسافة 4 حجار في عرض البحر([57]).
ويذكر ياقوت الحموي
وصول السفن الأندلسية الى مرسى مدينة جزيرة بني مزغناي ([58])
، إذ إن مرساها مأمون له عين عذبة يقصده أصحاب السفن من افريقية والأندلس وغيرها
من البلدان ([59]).
ولم تعدم الأندلس
نشاطاً تجارياً مع المغرب الأدنى ، إذ كانت تخرج المراكب من بلاد الأندلس قاصدة
مدينة المهدية ، لتحط سفنها بها ، إذ تجلب إليها البضائع الكثيرة بقناطير الأموال
، ثم تقلع منها محملة بالأمتعة والمتاجر المختلفة ([60])
.
كما كانت ترد مراكب من
بلاد الأندلس فتحط في مرسى فضالة([61])،
ثم تخرج محملة بالبضائع من الحنطة والشعير والحمص كما تحمل منها الأغنام والمعز
والأبقار([62]).
كذلك تخرج المراكب من
المرية قاطعة مسافة مجريان الى مدينة هنين المغربية ، كما تسير المراكب من مدينة دانية بالبحر الى
الجهة المقابلة وصولاً الى تنس بمسافة 3 مجار([63]).
ومن ابرز طرق التجارة
البحرية عبر مياه البحر المحيط ( الأطلسي )، وكما وردت عند البلدانيين ، الطريق
الذي كانت تسلكه المراكب التجارية المحملة بالمتعة من مدينة شنترين الساحلية ( في
الساحل الغربي للأندلس المطل على مياه المحيط )، الى المدن المغربية المطلة على المحيط
الأطلسي ([64]).
فضلا عن ، الخط البحري الذي كانت تسلكه السفن
التجارية بصفة دائمة بين سواحل اشبونة وبين جزيرة آسفي ([65])
، حيث تخرج مراكب أهالي مدينة اشبونة ( الساحلية ) في مياه البحر المحيط محملة
بالبضائع إلى ميناء آسفي ([66]).
كما كان التجار من المسلمين والنصارى يخرجون في
المراكب البحرية ، حاملين معهم بضائعهم من الأندلس ،إذ " يسرون منها في
المراكب البحرية ما لا يمكن حصره "([67])
. فتقلع مراكب أهل اشبيلية محملة بضروب من البضائع والمتاع حتى تحط بمدينة سلا
المغربية ([68])،
بالمقابل يتجهزون منها بالطعام ( تجهيزات غذائية ) الى سائر مدن الأندلس الساحلية([69]).
ومن الطريف ان نشير هنا
الى وصول بعض الأندلسيين( المغامرين ) الى المحيط الأطلسي ( البحر المحيط) ،
اعتمادا على ما دونه الإدريسي بهذا الصدد ، فيذكر خروج جماعة من لشبونة تعرف
بالمغررين([70])
، كان عددهم ثمانية ، ركبوا البحر ( بحر الظلمات ) بمراكبهم ،عند بدأ الرياح
الشرقية ، ساروا بها احد عشر يوماً وصولاً
الى بحر عميق (غليظ ) ، قليل الضوء ، ثم ساروا مع البحر في ناحية الجنوب 12 يوماً
، فوصلوا الى جزيرة الغنم ( فيها من الغنم الكثير لكن لحومها مره ) ، اخذوا منها جلود الأغنام ، واستمروا برحلتهم مع
الجنوب 12 يوماً أخرى ، ثم لاحت لهم جزيرة عامر ، وبعدها ذهبوا إلى مدينة على ضفة
البحر ، حبسوا فيها عدة أيام ، ثم بدأ سير مركبهم عند هبوب الرياح الغربية ،
ويذكرون انه ( المركب ) ، سار بهم مدة ثلاثة أيام بلياليها وصولاً إلى مرسى آسفي (
في ساحل المغرب الأقصى المطل على المحيط الأطلسي) الذي يبعد عن لشبونة مسيرة شهرين
وبهذا يكون هؤلاء قد استخدمو مياه المحيط الاطلسي في سفرهم([71]).
(3) وقد جاء التجار الروس من الأراضي التي تسمى ألمانيا
في الوقت الحاضر وعبرو الأراضي التي تعرف اليوم بايطاليا الى بلاد الغال ( فرنسا )
فيخرجون منها الى الاتدلس عائدين عبر الطريق الذي ذكرناه أعلاه . ينظر : الخربوطلي
، علي حسني، العرب في اوربا ( القاهرة، مطبعة دار مصر، 1965) ، ص 84؛ حسن ،
ابراهيم حسن ، تاريخ الاسلام السياسي والديني والثقافي ، ط7 ، ( القاهرة ،
مطبعة مكتبة النهضة المصرية ، 1965) ج3، ص 328.
(3)
"
وهي بلد مشهور من قواعد بلاد المغرب ومرساها أجود مرسى على البحر وهي على بر
البربر تقابل جزيرة الأندلس على طرف الزقاق الذي هو اقرب مابين البر
والجزيرة..." ينظر : ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، مج3 ، ج5 ، 17. وتعد
سبتة من الموانئ والمراكز التجارية المهمة إذا لم تكن أهمها فهي حلقة الوصل الاقرب
بين الأندلس والمغرب الأقصى .ينظر ، ابن
جبير ، رحلة ابن جبير ، ص ص 1-6 ؛ الحسن الوزان ، المصدر السابق ، ج1 ، ص 167 .
(2) تنس : وهي آخر إفريقية مما يلي المغرب وهي مدينة
مسورة حصينة وبه مسجد وأسواق كثيرة وهي على نهر وتسمى تنس الحديثة ، أسسها وبناها
البحريون من أهل الأندلس منهم الكركدن وابن عائشة والصقر وصهيب وغيرهم وذلك سنة
262هـ/875م وسكنها فريقان من أهل الأندلس من أهل البيرة وأهل تدمير وكان هؤلاء
البحريون يشتون هناك إذا سافروا من الأندلس في مرسى على ساحل البحر فيجتمع إليهم
بربر ذلك القطر ويرغبونهم في الانتقال إلى قلعة تنس ويسألونهم ان يتخذوها سوقا
ويجعلوها سكنى ....ينظر : ياقوت الحموي، معجم البلدان، مج1 ، ج2 ، ص
457.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق