[ المكتبة في الليل ] لـ ألبرتو مانغويل
بصرف النظر عن الأدب و علم اللاهوت, فإن قلة يمكنهم الشك بأن الميزة الرئيسية لكوننا هي افتقاره للمعنى, و الهدف الواضح. غير أننا, و بتفاؤل محيّر, ماضون في حشد كل قصاصة ورق من المعلومات التي يمكننا جمعها في لفائف و كتب و أقراص كومبيوتر, في رف بعد رف من المكتبة, سواء كانت مادية , وهمية, أو غير ذلك و على نحو مثير للشفقة, بهدف إضفاء شكل من الإحساس و النظام على العالم, بينما نحن نعي , جيداً , مهما أردنا أن نصدق العكس , بأن مسعانا للأسف مآله الفشل.
بما أن اهتمامنا بالسرد الدقيق للتواريخ والأسماء أقل من ولعنا اللامحدود بالتجميع، فقد قررت أن أبدأ بالكتابة، لا كي أصنف تاريخاً آخر للمكتبات، أو أضيف مجلداً آخر للمجموعة الواسعة بشكل مرعب في علم المكتبات، بل كي أسجل فقط وقائع دهشتي.
كانت المكتبات، مكتبتي الخاصة أو تلك العامة التي أشارك فيها جموع القراء، تبدو لي دائماً أمكنة مجنونة على نحو ممتع، وبقدر ما تسعفني الذاكرة كنت مفتوناً بمنطقها الشائك، الذي يفيد بأن العقل يحكم الترتيب المتنافر للكتب. أحس بمتعة المغامرة حين أفقد نفسي وسط الأكداس المكتظة، مؤمناً بشكل خرافي بأن الهرمية الراسخة للحروف والأرقام ستقودني ذات يوم إلى غاية موعودة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق