الهيمنة الذكورية
بيار بورديو
من اصدارات المنظمة العربية للترجمة لسنة 2009
إليكم هذا التقديم في شكل مقاربة للكتاب بقلم يوسف محسن
يبين جلبير غرانغيوم ان النقطة الجوهرية في عمل بيار بورديو تتركز حول الهيمنة الذكورية. هل هي معطى طبيعي ام بناء تاريخي؟
حيث يقوم بورديو بقراءة مجتمع القبائل (مجتمع الحسي العملي) قراءة سوسيولوجية تحليلية لازاحة الستار عن اللاشعور التاريخي، كاشفاُ عن ان الهيمنة الذكورية تشبع ممارستها على الصعيد الكوني باعتبارها ظاهرة حقيقية متجددة في الاختلافات الجنسية.
وهي نتيجة بناءات تاريخية مقامة انطلاقاً من عناصر متماثلة، سواء كانت في المجتمعات الاوروبية او المجتمعات العربية والاسلامية، هذه السلسلة من المتضادات والثنائيات بحسب التعارض بين المذكر والمؤنث باعتباره تقسيماً اعتباطياً في حال كان معزولاً، يتلقى ضروراته الموضوعية والذاتية من خلال ادراجه في نسق تعارضات متجانسة، اعلى/ اسفل، فوق/ تحت، امام/ وراء يمين/ شمال، مستقيم/ مقوسى (مخادع)، جاف/ رطب صلب، رخو، مبهر/ باهت، مضيء/ معتم، خارج عمومي/ داخل (خصوصي) هذه التناقضات المتشابهة في الاختلاف متطابقة بما فيه الكفاية لتدعيم بعضها بعضاً في لعبة لا تفنى من التحولات العملية والاستعارات وهي متباعدة بما فيه الكفاية لتضفي على كل واحد منها نوعاً من السمك الدلالي. حيث ان التصنيف الاول يرمز الى الذكورة اما الثاني فهو يرمز الى الانوثة بوصفه معطى انثربولوجي. حيث يتم من خلال هذه الثنائيات وضع الرجل في المركز اما الانثى فقد يتم وضعها في الهامش.
هذه الرؤية الذكورية تفرض نفسها كأنها محايدة، وانها لست بحاجة الى ان تعلن عن نفسها في خطاب يهدف الى شرعنتة ، فضلاً عن ذلك ان النظام الاجتماعي يشتغل باعتباره آلة رمزية ضخمة تصبو الى المصادقة على الهيمنة الذكورية التي يتأسس عليها التقسيم الجنسي للعمل والتوزيع الصارم للنشاطات الممنوحة لكل واحد من الجنسين، هذه العملية لست نتيجة ضمنية للبيولوجيا وانما يمكن فهمها وفق الاجتماع البشري والتنوع الاجتماعي، والذي يحول هذا الاختلاف الجنسي الى علاقة تراتبية هرمية تلعب لصالح الهيمنة الرجولية.
وتكمن قوة عمل بورديو اظهار اولية قلب العلاقات بين الاسباب والنتائج وتشييد الشأن الرمزي، استناداً الى تعابير الايديولوجية الذكورية فهو يعيد قراءة الاسطورة التأسيسية للهيمنة الذكورية (عند النبع قابل الرجل الاول المرأة الاولى، كانت تنزح الماء حين اقترب الرجل المتكبر منها وطالب ان يشرب، لكنها كانت اول من وصل وكانت عطشى هي ايضاً، ومستاء ودفعها الرجل تعثرت ووجدت نفسها على الارض عندها رأى الرجل فخذي المرأة اللتين كانتا مختلفتين عن فخذيه، ظل مصعوقاً من الدهشة، وعلمته المرأة الاوسع حيلة اشياء كثيرة، ارقد، قالت، سأخبرك فيما تفيد اعضاؤك، تمدد على الارض، وربتت على ايره الذي صار اكبر بمقدار الضعف ورقدت فوقه جرب الرجل لذة كبرى، اخذ يتبع المرأة في كل مكان ليعيد فعل الشيء ذاته لانها كانت تعرف اشياء اكثر منه، مثل اشعال اللهب وما الى ذلك وذات يوم قال الرجل للمرأة: اريد انا ايضاً ان اريك فانا اعرف اشياء تمددي وسأرقد فوقك، رقدت المرأة على الارض وانطرح الرجل فوقها، شعر بنفس اللذة فقال للمرأة عند النبع انت (من يسيطر) اما في الدار فانا، في روح الرجل دائماً ما تكون الاقتراحات الاخيرة هي التي يعتد بها ومن ساعتها يحب الرجال دائماً ان يمتطوا النساء وعلى هذا النحو صاروا هم الاوائل وهم الذين يجب ان يحكموا.
هنا يتأكد قصد التبرير الاجتماعي دون مواربة فالاسطورة التأسيسية تقيم، عند ذات اصل الثقافة المفهومة باعتبارها نظاماً اجتماعياً محكوماًً بالمبدأ الذكوري، ان سوسيولوجيا سياسية للفعل الجنسي ستظهر مثلما هي الحال دائماً في علاقة سيطرة، ان ممارسات وتمثيلات الجنسين ليست متناظرة على الاطلاق، ليس فقط لان البنات والصبيان لديهم حتى في المجتمعات الاوروبية – الاميركية اليوم، وجهتا نظر شديدتا الاختلاف حول العلاقة الغرامية فالاغلب ان يفكر فيها الرجال ضمن منطق الغزو (خصوصاً في المحادثات بين الاصدقاء، التي تفسح مجالاً واسعاً للتفاخر بشأن الغزوات النسائية) بل كذلك لان الفعل الجنسي ذاته يدركه الرجال بوصفه احد اشكال السيطرة: التملك، الامتلاك. ومن هنا الفرق بين التوقعات المحتملة للرجال وللنساء بشأن الجنسانية واوجه اساءة الفهم المرتبطة بتفسيرات سيئة لـ (الاشارات الملتبسة) عن عمد احياناً او المضللة الناشئة عن ذلك. فعلى خلاف النساء المؤهلات اجتماعياً لان يعشن الجنسانية باعتبارها خبرة حميمة مشحونة بقوة بمشاعر الاعزاز التي لا تتضمن بالضرورة الايلاج لكنها يمكن ان تشمل طيفاً واسعاً من النشاطات (الكلام، اللمس، التربيت، العناق، اللخ) يميل الصبية الى تجزئة الجنسانية المدركة باعتبارها فعلاً عدوانياً وبدنياً بالدرجة الاولى للغزو موجهاً نحو الايلاج والذروة الجنسية.
على هذا النحو تجد السيطرة الذكورية كل شروط تطبيقها الكامل مجتمعة فالاسبقية المعترف بها للرجال بشكل شامل تتأكد في موضوعية البنيات الاجتماعية ونشاطات الانتاج واعادة الانتاج القائمة على اساس تقسيم جنسي لعمل الانتاج البيولوجي والاجتماعي الذي يمنح الرجل النصيب الافضل ويقول بورديو: ان الذكورة كما نرى هي مقولة عقلانية للغاية مشيدة في مواجهة ومن اجل الرجال الاخرين وضد الانوثة ضمن نوع من الخوف من المونث داخل المرء ذاته اولاً.
ان بيار بورديو يحاول تحليل آليات الهيمنة والخضوع والتبادل الاجتماعي والتساؤل النقدي عما هي الآليات التاريخية المسؤولة عن نزعة التأبيد النسبي لهذه الهيمنة والتي هي نتاج عمل التاريخ والمؤسسات (الكنيسة، الدولة، المدرسة) والتي يمكن ان تكون مختلفة في وزنها النسبي ووظائفها في الحقب التاريخية عبر سلسلة من الانظمة التحريمات البطرياركية فضلاً عن هيمنة ستراتيجية اقتصاد المتاع الرمزي والذي يمثل الزواج احد اشكالها، حيث يتم اقصاء النساء من عالم الاشياء الجدية ومن الشؤون العامة وربطهم باعادة الانتاج البيولوجي والاجتماعي عبر عمليات تبادل النساء وفق النمذجة العامة المرتكزة على غثيان المحارم (مذكر – مؤنث، او فاعل/ اداة) حيث يتم تبادل النساء في اقتصاد الممتلكات الرمزية بوصف النساء علامات او سلع قابل للتواصل وعدم الفصل عن ادوات الهيمنة في المجتمعات البيطرياكية.
في حين ترسم المعجمية اللغوية العربية المسألة بشكل دقيق وذلك في تحديد تعريف الانثى بوصفها خلاف للذكر في كل شيء، اما المدونات الدستورية في العالم العربي بشكل عام والعراق بشكل خاص فهي تجسيد واضح لهيمنة السلطة البيطريا ركية في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية وتحديد وظيفة المرأة كأداة للاستعمالات الجنسية والتي تعود هذه المسألة اصلاً الى البنية الدينية كهوية وبراكسيس سياسي فضلاً عن الشروط الاجتماعية، حيث نرى ان العلاقات بين ذكورة/ انوثة في المجتمع العراقي قائمة على هرمية تراتبية وتتغذى باستمرار من المرجعيات الدينية والسياسية المغلقة. وعلى ضوء هذه الفرضيات يتم اقصاء الانثى من الفضاء العام
أترككم مع الكتاب
4shared.com /office/b8Yho3mC/__-__.html
http://www.mediafire.com/view/?3936a66o6k3dj44
بيار بورديو
من اصدارات المنظمة العربية للترجمة لسنة 2009
إليكم هذا التقديم في شكل مقاربة للكتاب بقلم يوسف محسن
يبين جلبير غرانغيوم ان النقطة الجوهرية في عمل بيار بورديو تتركز حول الهيمنة الذكورية. هل هي معطى طبيعي ام بناء تاريخي؟
حيث يقوم بورديو بقراءة مجتمع القبائل (مجتمع الحسي العملي) قراءة سوسيولوجية تحليلية لازاحة الستار عن اللاشعور التاريخي، كاشفاُ عن ان الهيمنة الذكورية تشبع ممارستها على الصعيد الكوني باعتبارها ظاهرة حقيقية متجددة في الاختلافات الجنسية.
وهي نتيجة بناءات تاريخية مقامة انطلاقاً من عناصر متماثلة، سواء كانت في المجتمعات الاوروبية او المجتمعات العربية والاسلامية، هذه السلسلة من المتضادات والثنائيات بحسب التعارض بين المذكر والمؤنث باعتباره تقسيماً اعتباطياً في حال كان معزولاً، يتلقى ضروراته الموضوعية والذاتية من خلال ادراجه في نسق تعارضات متجانسة، اعلى/ اسفل، فوق/ تحت، امام/ وراء يمين/ شمال، مستقيم/ مقوسى (مخادع)، جاف/ رطب صلب، رخو، مبهر/ باهت، مضيء/ معتم، خارج عمومي/ داخل (خصوصي) هذه التناقضات المتشابهة في الاختلاف متطابقة بما فيه الكفاية لتدعيم بعضها بعضاً في لعبة لا تفنى من التحولات العملية والاستعارات وهي متباعدة بما فيه الكفاية لتضفي على كل واحد منها نوعاً من السمك الدلالي. حيث ان التصنيف الاول يرمز الى الذكورة اما الثاني فهو يرمز الى الانوثة بوصفه معطى انثربولوجي. حيث يتم من خلال هذه الثنائيات وضع الرجل في المركز اما الانثى فقد يتم وضعها في الهامش.
هذه الرؤية الذكورية تفرض نفسها كأنها محايدة، وانها لست بحاجة الى ان تعلن عن نفسها في خطاب يهدف الى شرعنتة ، فضلاً عن ذلك ان النظام الاجتماعي يشتغل باعتباره آلة رمزية ضخمة تصبو الى المصادقة على الهيمنة الذكورية التي يتأسس عليها التقسيم الجنسي للعمل والتوزيع الصارم للنشاطات الممنوحة لكل واحد من الجنسين، هذه العملية لست نتيجة ضمنية للبيولوجيا وانما يمكن فهمها وفق الاجتماع البشري والتنوع الاجتماعي، والذي يحول هذا الاختلاف الجنسي الى علاقة تراتبية هرمية تلعب لصالح الهيمنة الرجولية.
وتكمن قوة عمل بورديو اظهار اولية قلب العلاقات بين الاسباب والنتائج وتشييد الشأن الرمزي، استناداً الى تعابير الايديولوجية الذكورية فهو يعيد قراءة الاسطورة التأسيسية للهيمنة الذكورية (عند النبع قابل الرجل الاول المرأة الاولى، كانت تنزح الماء حين اقترب الرجل المتكبر منها وطالب ان يشرب، لكنها كانت اول من وصل وكانت عطشى هي ايضاً، ومستاء ودفعها الرجل تعثرت ووجدت نفسها على الارض عندها رأى الرجل فخذي المرأة اللتين كانتا مختلفتين عن فخذيه، ظل مصعوقاً من الدهشة، وعلمته المرأة الاوسع حيلة اشياء كثيرة، ارقد، قالت، سأخبرك فيما تفيد اعضاؤك، تمدد على الارض، وربتت على ايره الذي صار اكبر بمقدار الضعف ورقدت فوقه جرب الرجل لذة كبرى، اخذ يتبع المرأة في كل مكان ليعيد فعل الشيء ذاته لانها كانت تعرف اشياء اكثر منه، مثل اشعال اللهب وما الى ذلك وذات يوم قال الرجل للمرأة: اريد انا ايضاً ان اريك فانا اعرف اشياء تمددي وسأرقد فوقك، رقدت المرأة على الارض وانطرح الرجل فوقها، شعر بنفس اللذة فقال للمرأة عند النبع انت (من يسيطر) اما في الدار فانا، في روح الرجل دائماً ما تكون الاقتراحات الاخيرة هي التي يعتد بها ومن ساعتها يحب الرجال دائماً ان يمتطوا النساء وعلى هذا النحو صاروا هم الاوائل وهم الذين يجب ان يحكموا.
هنا يتأكد قصد التبرير الاجتماعي دون مواربة فالاسطورة التأسيسية تقيم، عند ذات اصل الثقافة المفهومة باعتبارها نظاماً اجتماعياً محكوماًً بالمبدأ الذكوري، ان سوسيولوجيا سياسية للفعل الجنسي ستظهر مثلما هي الحال دائماً في علاقة سيطرة، ان ممارسات وتمثيلات الجنسين ليست متناظرة على الاطلاق، ليس فقط لان البنات والصبيان لديهم حتى في المجتمعات الاوروبية – الاميركية اليوم، وجهتا نظر شديدتا الاختلاف حول العلاقة الغرامية فالاغلب ان يفكر فيها الرجال ضمن منطق الغزو (خصوصاً في المحادثات بين الاصدقاء، التي تفسح مجالاً واسعاً للتفاخر بشأن الغزوات النسائية) بل كذلك لان الفعل الجنسي ذاته يدركه الرجال بوصفه احد اشكال السيطرة: التملك، الامتلاك. ومن هنا الفرق بين التوقعات المحتملة للرجال وللنساء بشأن الجنسانية واوجه اساءة الفهم المرتبطة بتفسيرات سيئة لـ (الاشارات الملتبسة) عن عمد احياناً او المضللة الناشئة عن ذلك. فعلى خلاف النساء المؤهلات اجتماعياً لان يعشن الجنسانية باعتبارها خبرة حميمة مشحونة بقوة بمشاعر الاعزاز التي لا تتضمن بالضرورة الايلاج لكنها يمكن ان تشمل طيفاً واسعاً من النشاطات (الكلام، اللمس، التربيت، العناق، اللخ) يميل الصبية الى تجزئة الجنسانية المدركة باعتبارها فعلاً عدوانياً وبدنياً بالدرجة الاولى للغزو موجهاً نحو الايلاج والذروة الجنسية.
على هذا النحو تجد السيطرة الذكورية كل شروط تطبيقها الكامل مجتمعة فالاسبقية المعترف بها للرجال بشكل شامل تتأكد في موضوعية البنيات الاجتماعية ونشاطات الانتاج واعادة الانتاج القائمة على اساس تقسيم جنسي لعمل الانتاج البيولوجي والاجتماعي الذي يمنح الرجل النصيب الافضل ويقول بورديو: ان الذكورة كما نرى هي مقولة عقلانية للغاية مشيدة في مواجهة ومن اجل الرجال الاخرين وضد الانوثة ضمن نوع من الخوف من المونث داخل المرء ذاته اولاً.
ان بيار بورديو يحاول تحليل آليات الهيمنة والخضوع والتبادل الاجتماعي والتساؤل النقدي عما هي الآليات التاريخية المسؤولة عن نزعة التأبيد النسبي لهذه الهيمنة والتي هي نتاج عمل التاريخ والمؤسسات (الكنيسة، الدولة، المدرسة) والتي يمكن ان تكون مختلفة في وزنها النسبي ووظائفها في الحقب التاريخية عبر سلسلة من الانظمة التحريمات البطرياركية فضلاً عن هيمنة ستراتيجية اقتصاد المتاع الرمزي والذي يمثل الزواج احد اشكالها، حيث يتم اقصاء النساء من عالم الاشياء الجدية ومن الشؤون العامة وربطهم باعادة الانتاج البيولوجي والاجتماعي عبر عمليات تبادل النساء وفق النمذجة العامة المرتكزة على غثيان المحارم (مذكر – مؤنث، او فاعل/ اداة) حيث يتم تبادل النساء في اقتصاد الممتلكات الرمزية بوصف النساء علامات او سلع قابل للتواصل وعدم الفصل عن ادوات الهيمنة في المجتمعات البيطرياكية.
في حين ترسم المعجمية اللغوية العربية المسألة بشكل دقيق وذلك في تحديد تعريف الانثى بوصفها خلاف للذكر في كل شيء، اما المدونات الدستورية في العالم العربي بشكل عام والعراق بشكل خاص فهي تجسيد واضح لهيمنة السلطة البيطريا ركية في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية وتحديد وظيفة المرأة كأداة للاستعمالات الجنسية والتي تعود هذه المسألة اصلاً الى البنية الدينية كهوية وبراكسيس سياسي فضلاً عن الشروط الاجتماعية، حيث نرى ان العلاقات بين ذكورة/ انوثة في المجتمع العراقي قائمة على هرمية تراتبية وتتغذى باستمرار من المرجعيات الدينية والسياسية المغلقة. وعلى ضوء هذه الفرضيات يتم اقصاء الانثى من الفضاء العام
أترككم مع الكتاب
4shared.com /office/b8Yho3mC/__-__.html
http://www.mediafire.com/view/?3936a66o6k3dj44
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق