معاني وجمالية الفن الاسلامي
معاني وجمالية الفن الاسلامي
كانت بداية نشأت الفن الاسلامي معتمدة على التراث الحضاري للامم القديمة التي شملها الاسلام كالحضارة الرافدية والفارسية والمصرية و البيزنطية والهندية و الصينية، وبالتالي كانت هناك بواعث ودوافع وارضية خصبة لاحداث تحول وتطور على صعيد التفتح العقلي والنمو الوجداني وقد تمثلت هذه الارضية بوجود الزقورات وقصور الآشوريين وطاق كسرى والقصور الساسانية التي كانت تعج بمحاسن الرسوم وجمال العمارة, وهناك الاهرامات والكنائس البيزنطية المنتشرة في الجزيرة العربية والتي كانت مزينة بانواع الرسوم والمنحوتات الدينية. وكذلك المعابد الهندية والمخطوطات المزينة بانواع الرسوم مثل مخطوطات ماني التي ظهرت في القرن الثالث ميلادي، ثم وفد عدد من المصورين المانيين الى العراق في القرن الثالث الهجري للعمل في تزويق المخطوطات، وكان ماني مصلحا اجتماعيا ومصورا ماهرا من الطراز الاول، ويذكر بان مصطلح منمنمات جاء من اسم ماني، وكانت صناعة الخزف والتزجيج اول ماظهرت في وادي الرافدين, حيث الالوان الساحرة المتلئلئة والتي نشاهدها تزين باب عشتار والقصور الآشورية وبنغمة اسطورية حضارية جميلة. كما كانت مادة الفسيفيساء مستخدمة بكثرة خاصة في جداريات الكنائس الشرقية وهو ما استفاد منه الفنانون المسلمون في تزيين مساجدهم مثل قبة الصخرة.
غير ان الفنانين المسلمين استطاعوا بعد ذلك من ان يبتدعوا سواء في فنونهم المعمارية او الزخرفية اوالتشكيلية ذلك الطابع المميز النابع من وجدانهم العقائدي، وقد شارك في انبعاث هذا الفن وازدهاره خلال مسيرته الكبرى التي استمرت اكثر من عشرة قرون عددا كبيرا من كبار الفنانين المسلمين منهم:
1 ـ ابن الرازي الجزري -1206 م – مصور كتاب الحيل الميكانيكية.
2 ـ عبد الله بن الفضل – 1222 م- مصور كتاب خواص العقاقير.
3ـ علي بن حسن بن هبة الله – 1209 م – مصور كتاب البيطرة.
4 ـ يحيى بن محمود الواسطي – 1227 م – مصور كتاب مقامات الحريري وصاحب مدرسة بغداد.
5 ـ كمال الدين بهزاد – الذي اشتهر في اواخر القرن الخامس عشر - 1450 م- حيث يعتبره بعض النقاد من اعظم الفنانين المسلمين، وهو مزوق كتاب – البستان- للشاعر سعدي وبعض من كتاب - المنظومات الخمسة - للشاعر نظامي . وشارك في تزويق الشهنامة للفردوسي . ويعتبر بهزاد مؤسس المدرسة الصفوي للفن.
6 ـ رضا عباس 1565-1635 الذي برز واشتهر في النصف الثاني من القرن السادس عشر ويعتبر رائد المدرسة الاصفهانية في زمن الاسرة الصفوية.
7 - عبد الجبار بن علي –الذي ظهر توقيعه على المخطوطات التي ترجع الى عام 1229 م لديوسقوريدس والتي انجزت في سوريا.
8 ـ ابن عزيز العراقي و قصير المصري– في اواسط القرن الحادي عشر– وقد اشتركا الاثنان في مسابقة للرسم امام الوزير الفاطمي اليازودي الذي كان مولعا بجمع الصور . والقصة مشهورة ينقلها معظم المؤرخين العرب.
9 ـ احمد الخراط البصري وهو من اقدم المصورين المسلمين حيث ظهر في النصف الاخير من القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي - وقد اشتهر برسم الاشخاص وكذلك رسم الكاريكاتير.
وقد اورد المؤرخ المقريزي مئات الفنانين من المسلمين في كتابه – ضوء النبراس وانس الجلاس في اخبار المزوقين من الناس – ولكن هذا المخطوط قد اختفي مع الاسف مثله مثل آلاف المخطوطات العربية والاسلامية التي نهبها المستعمرون الاجانب وكما حدث ويحدث للعراق اليوم عندما دخلته القوت الاجنبية حيث نهبت معظم تراثه العظيم ونقلته الى الخارج .
وقد دخل الفن الاسلامي جميع مرافق الحياة، و نشط بعد حركة الترجمة والتأليف حيث كانت المخطوطات تزين بالزخارف والخطوط والصور التوضيحية، كما نشط بعد النهضة العمرانية كبناء القصور والمنازل والمساجد والقباب والمآذن وزخرفتها بالنقوش العربية. كذلك زينت الاواني والملابس حتى وصلت الزخرفة الى قباقيب الحمامات.
لقد انفرد الفن الاسلامي من بين فنون العالم بالخط الزخرفي الذي استعمل في اوسع نطاق وفي جميع المنتجات الفنية. فقد حل الخط العربي بجماليته و معانيه الروحية محل الصور التي نراها في الكنائس. فادرك الفنانون المسلمون الاوائل اهمية هذا الخط. فجعلوا منه عنصرا تشكيليا طيعا في الزخرفة. فابدعوا في تشكيلاته وتنويعاته وجعلوا نهاياته احيانا تنتهي بالازهار او الاوراق.
وكان القرآن الكريم هو الميدان الاول الذي اهتم به الخطاطون’ حيث ذهبوا و زخرفوا عناوين السور و وضعوها داخل اطارات مزخرفة بانواع الزخارف النباتية والهندسية.
كما انفردت العمارة الاسلامية بطابعها المميز والذي لا نضير له في الحضارات الاخرى , وكان المسجد الميدان الثاني بعد القرآن الذي نال اهتمام المهندسين والفنانين حيث فاضت فيه ابداعاتهم وعبقرياتهم, فاصبح المسجد بمثابة المتحف الذي يرى الزائر من خلاله جمال وروح الفن الاسلامي، وقد ابدع هؤلاء الفنانين في جعل المساجد تتجه الى السماء في قبابها الزرقاء ومنائرها العالية وكأنها في صلاة دائمة.
فجاءت اشكال المباني الدينية راسية صخمة عالية، وقد ظهر ذلك واضحا في اعمال المهندس التركي سنان الذي صمم جامع السليمانية سنة 1550 وجامع السلطان سليم، وتمتاز هذه المساجد بقبابها المتعددة و منائرها العالية المضلعة والممشوقة والتي تنتهي بمخروط. اما في الاندلس فقد وصلت العمارة الاسلامية الى مستوى رفيعا من المعرفة وذلك لان الاندلس اصبحت مركزا تنتهي عنده الحضارة الاسلامية، وقام عبد الرحمن الناصر في بناء مدينة الزهراء حيث كانت مبانيها افخر ما عرفه ذلك العصر. كذلك ما عمله بني نصر من عمارة قصر الحمراء الذي يعد آية في الجمال والرونق. اما مسجد قرطبة والذي بناه عبد الرحمن الداخل سنة 784 فقد ذكر بان العمل استغرق فيه قرنين من الزمان. فهو اكبر اثر تركه العرب في اسبانيا يحكي قصة امجاد وعظمة الهندسة المعمارية الاسلامية الى حد هذا اليوم.
ورغم ذهاب اكثر من اربعة عشر قرنا على نشأة الفن الاسلامي الا انه لم يتغير بتغير العصور والانظمة فقد ذهب الخلفاء والسلاطين والحكام واحترقت مدنهم الخيالية التي بنوها، ولكن الفن الاسلامي بقى حي لايهتز انيقا يزين المساجد والمصاحف والسجاجيد والاواني وغيرها. ان سر هذه الديمومة هو ان الفن الاسلامي يتجاوز الافكار الوضعية والاشكال الظاهرية وانه لم ينحاز الى عصبة او حزب او قوم. فبقاءه قائم مع وجود المساجد واماكن العبادة مدى الحياة..
لقد ولد الفن الاسلامي في المسجد و رغم ان وظيفة المسجد هي العبادة الا انه يبقى المكان الذي تتجلى فيه معاني وروح الفن الاسلامي وفلسفته المحكمة، وهذا يدلنا على العلاقة الوثيقة بين العقيدة والفن وان هذه العلاقة تسري كالدم في عروق الفن الاسلامي. فنجد هذا الفن يزين المصحف الكريم والسجاجيد واواني الوضوء والمنابر والقباب والمصابيح التي تتدلى من سقوف المساجد وغيرها.
غير ان هذا التلاحم والترابط لا يفسر بان الفن الاسلامي عامل مساعد في شرح تعاليم الدين كما هو عند الاديان الاخرى، وانما دوره هنا يشير الى فلسفة الفن الجمالية النابعة من قوله تعالى:
(يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) لهذا نرى ان القرآن يؤكد على تمتع الانسان بمظاهر الزينة والجمال وان احساس الانسان بالجمال واندفاعه نحوه انما هو شعور فطري ينبع من احساس النفس وتوجهها الفطري نحو الكمال و هذا الاندفاع لا يقف عند الاحساس المادي والصور الظاهرة وانما يتعدى ذلك الى الغور في العمق ليوقض في النفس الاشراق الروحي والاحساس الوجداني ورفعها من ركودها المادي الى عالمها العلوي وتوجهها الاخلاقي. فعندما يمارس الانسان المظاهر الجمالية من اناقة وملبس و زينة وغيرها، وعندما تنعكس هذه الامور على ذاته الباطنية وتتفاعل معها لتكون بالتالي صورة حية للحس والذوق الجميل فيصبح سلوكا ومواقف انسانية تبتعد عن الممارسات الشريرة والقبيحة.
كانت بداية نشأت الفن الاسلامي معتمدة على التراث الحضاري للامم القديمة التي شملها الاسلام كالحضارة الرافدية والفارسية والمصرية و البيزنطية والهندية و الصينية، وبالتالي كانت هناك بواعث ودوافع وارضية خصبة لاحداث تحول وتطور على صعيد التفتح العقلي والنمو الوجداني وقد تمثلت هذه الارضية بوجود الزقورات وقصور الآشوريين وطاق كسرى والقصور الساسانية التي كانت تعج بمحاسن الرسوم وجمال العمارة, وهناك الاهرامات والكنائس البيزنطية المنتشرة في الجزيرة العربية والتي كانت مزينة بانواع الرسوم والمنحوتات الدينية. وكذلك المعابد الهندية والمخطوطات المزينة بانواع الرسوم مثل مخطوطات ماني التي ظهرت في القرن الثالث ميلادي، ثم وفد عدد من المصورين المانيين الى العراق في القرن الثالث الهجري للعمل في تزويق المخطوطات، وكان ماني مصلحا اجتماعيا ومصورا ماهرا من الطراز الاول، ويذكر بان مصطلح منمنمات جاء من اسم ماني، وكانت صناعة الخزف والتزجيج اول ماظهرت في وادي الرافدين, حيث الالوان الساحرة المتلئلئة والتي نشاهدها تزين باب عشتار والقصور الآشورية وبنغمة اسطورية حضارية جميلة. كما كانت مادة الفسيفيساء مستخدمة بكثرة خاصة في جداريات الكنائس الشرقية وهو ما استفاد منه الفنانون المسلمون في تزيين مساجدهم مثل قبة الصخرة.
غير ان الفنانين المسلمين استطاعوا بعد ذلك من ان يبتدعوا سواء في فنونهم المعمارية او الزخرفية اوالتشكيلية ذلك الطابع المميز النابع من وجدانهم العقائدي، وقد شارك في انبعاث هذا الفن وازدهاره خلال مسيرته الكبرى التي استمرت اكثر من عشرة قرون عددا كبيرا من كبار الفنانين المسلمين منهم:
1 ـ ابن الرازي الجزري -1206 م – مصور كتاب الحيل الميكانيكية.
2 ـ عبد الله بن الفضل – 1222 م- مصور كتاب خواص العقاقير.
3ـ علي بن حسن بن هبة الله – 1209 م – مصور كتاب البيطرة.
4 ـ يحيى بن محمود الواسطي – 1227 م – مصور كتاب مقامات الحريري وصاحب مدرسة بغداد.
5 ـ كمال الدين بهزاد – الذي اشتهر في اواخر القرن الخامس عشر - 1450 م- حيث يعتبره بعض النقاد من اعظم الفنانين المسلمين، وهو مزوق كتاب – البستان- للشاعر سعدي وبعض من كتاب - المنظومات الخمسة - للشاعر نظامي . وشارك في تزويق الشهنامة للفردوسي . ويعتبر بهزاد مؤسس المدرسة الصفوي للفن.
6 ـ رضا عباس 1565-1635 الذي برز واشتهر في النصف الثاني من القرن السادس عشر ويعتبر رائد المدرسة الاصفهانية في زمن الاسرة الصفوية.
7 - عبد الجبار بن علي –الذي ظهر توقيعه على المخطوطات التي ترجع الى عام 1229 م لديوسقوريدس والتي انجزت في سوريا.
8 ـ ابن عزيز العراقي و قصير المصري– في اواسط القرن الحادي عشر– وقد اشتركا الاثنان في مسابقة للرسم امام الوزير الفاطمي اليازودي الذي كان مولعا بجمع الصور . والقصة مشهورة ينقلها معظم المؤرخين العرب.
9 ـ احمد الخراط البصري وهو من اقدم المصورين المسلمين حيث ظهر في النصف الاخير من القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي - وقد اشتهر برسم الاشخاص وكذلك رسم الكاريكاتير.
وقد اورد المؤرخ المقريزي مئات الفنانين من المسلمين في كتابه – ضوء النبراس وانس الجلاس في اخبار المزوقين من الناس – ولكن هذا المخطوط قد اختفي مع الاسف مثله مثل آلاف المخطوطات العربية والاسلامية التي نهبها المستعمرون الاجانب وكما حدث ويحدث للعراق اليوم عندما دخلته القوت الاجنبية حيث نهبت معظم تراثه العظيم ونقلته الى الخارج .
وقد دخل الفن الاسلامي جميع مرافق الحياة، و نشط بعد حركة الترجمة والتأليف حيث كانت المخطوطات تزين بالزخارف والخطوط والصور التوضيحية، كما نشط بعد النهضة العمرانية كبناء القصور والمنازل والمساجد والقباب والمآذن وزخرفتها بالنقوش العربية. كذلك زينت الاواني والملابس حتى وصلت الزخرفة الى قباقيب الحمامات.
لقد انفرد الفن الاسلامي من بين فنون العالم بالخط الزخرفي الذي استعمل في اوسع نطاق وفي جميع المنتجات الفنية. فقد حل الخط العربي بجماليته و معانيه الروحية محل الصور التي نراها في الكنائس. فادرك الفنانون المسلمون الاوائل اهمية هذا الخط. فجعلوا منه عنصرا تشكيليا طيعا في الزخرفة. فابدعوا في تشكيلاته وتنويعاته وجعلوا نهاياته احيانا تنتهي بالازهار او الاوراق.
وكان القرآن الكريم هو الميدان الاول الذي اهتم به الخطاطون’ حيث ذهبوا و زخرفوا عناوين السور و وضعوها داخل اطارات مزخرفة بانواع الزخارف النباتية والهندسية.
كما انفردت العمارة الاسلامية بطابعها المميز والذي لا نضير له في الحضارات الاخرى , وكان المسجد الميدان الثاني بعد القرآن الذي نال اهتمام المهندسين والفنانين حيث فاضت فيه ابداعاتهم وعبقرياتهم, فاصبح المسجد بمثابة المتحف الذي يرى الزائر من خلاله جمال وروح الفن الاسلامي، وقد ابدع هؤلاء الفنانين في جعل المساجد تتجه الى السماء في قبابها الزرقاء ومنائرها العالية وكأنها في صلاة دائمة.
فجاءت اشكال المباني الدينية راسية صخمة عالية، وقد ظهر ذلك واضحا في اعمال المهندس التركي سنان الذي صمم جامع السليمانية سنة 1550 وجامع السلطان سليم، وتمتاز هذه المساجد بقبابها المتعددة و منائرها العالية المضلعة والممشوقة والتي تنتهي بمخروط. اما في الاندلس فقد وصلت العمارة الاسلامية الى مستوى رفيعا من المعرفة وذلك لان الاندلس اصبحت مركزا تنتهي عنده الحضارة الاسلامية، وقام عبد الرحمن الناصر في بناء مدينة الزهراء حيث كانت مبانيها افخر ما عرفه ذلك العصر. كذلك ما عمله بني نصر من عمارة قصر الحمراء الذي يعد آية في الجمال والرونق. اما مسجد قرطبة والذي بناه عبد الرحمن الداخل سنة 784 فقد ذكر بان العمل استغرق فيه قرنين من الزمان. فهو اكبر اثر تركه العرب في اسبانيا يحكي قصة امجاد وعظمة الهندسة المعمارية الاسلامية الى حد هذا اليوم.
ورغم ذهاب اكثر من اربعة عشر قرنا على نشأة الفن الاسلامي الا انه لم يتغير بتغير العصور والانظمة فقد ذهب الخلفاء والسلاطين والحكام واحترقت مدنهم الخيالية التي بنوها، ولكن الفن الاسلامي بقى حي لايهتز انيقا يزين المساجد والمصاحف والسجاجيد والاواني وغيرها. ان سر هذه الديمومة هو ان الفن الاسلامي يتجاوز الافكار الوضعية والاشكال الظاهرية وانه لم ينحاز الى عصبة او حزب او قوم. فبقاءه قائم مع وجود المساجد واماكن العبادة مدى الحياة..
لقد ولد الفن الاسلامي في المسجد و رغم ان وظيفة المسجد هي العبادة الا انه يبقى المكان الذي تتجلى فيه معاني وروح الفن الاسلامي وفلسفته المحكمة، وهذا يدلنا على العلاقة الوثيقة بين العقيدة والفن وان هذه العلاقة تسري كالدم في عروق الفن الاسلامي. فنجد هذا الفن يزين المصحف الكريم والسجاجيد واواني الوضوء والمنابر والقباب والمصابيح التي تتدلى من سقوف المساجد وغيرها.
غير ان هذا التلاحم والترابط لا يفسر بان الفن الاسلامي عامل مساعد في شرح تعاليم الدين كما هو عند الاديان الاخرى، وانما دوره هنا يشير الى فلسفة الفن الجمالية النابعة من قوله تعالى:
(يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) لهذا نرى ان القرآن يؤكد على تمتع الانسان بمظاهر الزينة والجمال وان احساس الانسان بالجمال واندفاعه نحوه انما هو شعور فطري ينبع من احساس النفس وتوجهها الفطري نحو الكمال و هذا الاندفاع لا يقف عند الاحساس المادي والصور الظاهرة وانما يتعدى ذلك الى الغور في العمق ليوقض في النفس الاشراق الروحي والاحساس الوجداني ورفعها من ركودها المادي الى عالمها العلوي وتوجهها الاخلاقي. فعندما يمارس الانسان المظاهر الجمالية من اناقة وملبس و زينة وغيرها، وعندما تنعكس هذه الامور على ذاته الباطنية وتتفاعل معها لتكون بالتالي صورة حية للحس والذوق الجميل فيصبح سلوكا ومواقف انسانية تبتعد عن الممارسات الشريرة والقبيحة.
(ان الله جميل يحب الجمال)
فن الانا
الملاحظ في الفن الاسلامي ان فن الانا غير موجودة (على العموم) بل تختفي الصفات الخاصة بالصفات العامة للفن بينما نرى الفن الاوربي خاصة الفن الحديث انه فن فنانين . فالمتأمل الى اعمال دافنشي او رمبرانت او بيكاسو وغيرهم, يجد ان كل واحد منهم له خصوصية ومعالجة ينفرد بها عن غيره من الفنانين، ولهذا فمن السهل معرفة اعمال بيكاسو ودالي وفان كوخ او غيرهم، وكانت المدرسة التكعيبية هي اول من نادى بالبحث عن هوية وخصوصية الفنان في العمل الفني وقد وضعت صيغة معينة لوظيفة العمل الفني وتذوقة ومعرفته . فبدلا من ان تكون صيغة المعرف على الطريقة: لوحة + مشاهد. اصبحت: لوحة + فنان + مشاهد.
فالفن الاسلامي فن عام غير شخصي بمعنى - فن واحد او طراز واحد – فالفنان المسلم في اي بلد من بلدان العالم السلامي لا يعبر عن الطبيعة او الحقيقة او عن شعوره تعبيرا خاصا يميزه عن غيره من الفنانين وانما نراه في كثير من الاحيان يتبع الطرق القديمة ويسير على الاساليب الموروثة. فالفنان الماهر يومذاك هو ذلك الذي يفوق غيره في عملية اتقان الرسم او زخرفته، ولهذا يذكر الدكتور زكي محمد حسن وكثير من المؤرخين الاجانب بأنه يكاد يتعذر القول بأنه هناك في الفن الاسلامي اتجاها عربيا او فارسيا او تركيا او هنديا، وانما هناك هوية عامة وفن وطراز عام تنضوي تحته مدارس كثيرة لها خصوصية محلية اخذتها من تقاليدها وعاداتها الموروثة كمدرسة بغداد (السلجوقية) والمدرسة الصفوية والمدرسة التركية والهندي والمغولية والتيمورية والاندلسية. فالعلاقات المعمارية والزخرفية المتشابهه بين مسجد في سمرقند وآخر في بلاد الشام, وبين صحيفة خطت بالخط الكوفي في العراق واخرى في بلاد المغرب، وبين قوس مدبب ظهر في بلاد فارس وآخر مشابه له في مصر.
كل هذه العلاقات المتشابهه تحدو بنا الى مفهوم واحد هو وحدة الفن الاسلامي رغم تباعد المكان والزمان، ويذكر المحللون والمؤرخون بان هناك عوامل كثيرة ادت الى وجود هذا الطابع العام المميز منها: خضوع العالم الاسلامي الى حكومة واحدة . تجمع الفنانين المسلمين من كل انحاء البلدان الاسلامية للعمل في مركز الخلافة. سهولة التنقل من بلد الى آخر. فكانت المنتجات الصناعية والتجارية والفنية تنتقل بحرية تامة خاصة تنقل المخطوطات المزينة بأنواع الرسوم الجميلة، والتي ادت الى عموم الاسلوب الواحد للفن الاسلامي.
وكان الواسطي وبهزاد من اعمدة الفن الاسلامي الاساسية رغم ان الاول عاش في فترة 1227 والثاني في 1450الا ان المؤرخين والنقاد عندما يتحدثون عن الواسطي نراهم بعد ذلك يتحولون بشكل عقلي وعاطفي الى الحديث عن بهزاد ذلك الذي قال فيه احد النقاد انه من اعظم الفنانين المسلمين، وقد ذكرت كتب التاريخ بان الشاه اسماعيل الصفوي حين دخل في حرب مع العثمانين خشى على حياة بهزاد فحفظه هو والخطاط شاه محمود النيسابوري في قبر سري حتى انتهت الحرب.
وقد انطبعت الزخرفة الاسلامية بطابع عقلاني فالعناصر النباتية والهندسية بخطوطها المختلفة وتشكيلاتها المتنوعة كلها نظام هندسي كما ان تنوع الخطوط العربية و رسمها ضمن مقاييس معينة. كل هذه من طبيعة العقل الذي من صفاته التفكير والنظام والدقة.
وكأن الفنان المسلم اراد ان يحاكي الطبيعة بروحها و جوهرها لا باشكالها المتغيرة، ونتيجة لهذا الحس الاخلاقي جعل مقياس الاشياء روحي وجداني. كما حاول تجريد الاشياء المادية و تجزءتها واحالتها الى عناصر اولية ثم اعادة بنائها من جديد وفق نظرة فلسفية جمالية.
ونرى اليوم الفنان الاوربي الحديث ينهج نفس منهج الفنان المسلم الذي بدأ به قبل عشرة قرون، حيث اخذ كثير من الفنانين الاوربيين الحديثين امثال بيكاسو وبراك و ماتيس وكلي من تفكيك عناصر الطبيعة وتحويلها الى اشكال جديدة بحثا عن المضمون او جوهر المادة.
وهو ما يعتبرونه من المعاني الجمالية الراقية، وان مبدأ الجمال في الفن الاسلامي لا يخضع الى مكان او زمان. انه شكل مجرد بلا تغيير ولا تحوير انه امتداد بلا حدود، وقد ذكر بعض المفسرين بان ظاهرة التكرار في الزخرفة الاسلامية تعني السعي وراء خالق الكون الذي ليس له حدود و داعية اليه. لذلك فان وحدة الرقش العربي بغير بداية ولا نهاية فهي سرمدية.
وقد ذكر الدكتور زكي محمد حسن هذه الظاهرة بما يسمية – كراهية الفراغ – وقد ظهرت هذه واضحة في اعمال الفنان المسلم في بلاد المغرب والاندلس خاصة في قصور غرناطة حيث جاءت الزخرف متكررة باسلوب جذاب وصيغة عذبة طروبة.
الملاحظ في الفن الاسلامي ان فن الانا غير موجودة (على العموم) بل تختفي الصفات الخاصة بالصفات العامة للفن بينما نرى الفن الاوربي خاصة الفن الحديث انه فن فنانين . فالمتأمل الى اعمال دافنشي او رمبرانت او بيكاسو وغيرهم, يجد ان كل واحد منهم له خصوصية ومعالجة ينفرد بها عن غيره من الفنانين، ولهذا فمن السهل معرفة اعمال بيكاسو ودالي وفان كوخ او غيرهم، وكانت المدرسة التكعيبية هي اول من نادى بالبحث عن هوية وخصوصية الفنان في العمل الفني وقد وضعت صيغة معينة لوظيفة العمل الفني وتذوقة ومعرفته . فبدلا من ان تكون صيغة المعرف على الطريقة: لوحة + مشاهد. اصبحت: لوحة + فنان + مشاهد.
فالفن الاسلامي فن عام غير شخصي بمعنى - فن واحد او طراز واحد – فالفنان المسلم في اي بلد من بلدان العالم السلامي لا يعبر عن الطبيعة او الحقيقة او عن شعوره تعبيرا خاصا يميزه عن غيره من الفنانين وانما نراه في كثير من الاحيان يتبع الطرق القديمة ويسير على الاساليب الموروثة. فالفنان الماهر يومذاك هو ذلك الذي يفوق غيره في عملية اتقان الرسم او زخرفته، ولهذا يذكر الدكتور زكي محمد حسن وكثير من المؤرخين الاجانب بأنه يكاد يتعذر القول بأنه هناك في الفن الاسلامي اتجاها عربيا او فارسيا او تركيا او هنديا، وانما هناك هوية عامة وفن وطراز عام تنضوي تحته مدارس كثيرة لها خصوصية محلية اخذتها من تقاليدها وعاداتها الموروثة كمدرسة بغداد (السلجوقية) والمدرسة الصفوية والمدرسة التركية والهندي والمغولية والتيمورية والاندلسية. فالعلاقات المعمارية والزخرفية المتشابهه بين مسجد في سمرقند وآخر في بلاد الشام, وبين صحيفة خطت بالخط الكوفي في العراق واخرى في بلاد المغرب، وبين قوس مدبب ظهر في بلاد فارس وآخر مشابه له في مصر.
كل هذه العلاقات المتشابهه تحدو بنا الى مفهوم واحد هو وحدة الفن الاسلامي رغم تباعد المكان والزمان، ويذكر المحللون والمؤرخون بان هناك عوامل كثيرة ادت الى وجود هذا الطابع العام المميز منها: خضوع العالم الاسلامي الى حكومة واحدة . تجمع الفنانين المسلمين من كل انحاء البلدان الاسلامية للعمل في مركز الخلافة. سهولة التنقل من بلد الى آخر. فكانت المنتجات الصناعية والتجارية والفنية تنتقل بحرية تامة خاصة تنقل المخطوطات المزينة بأنواع الرسوم الجميلة، والتي ادت الى عموم الاسلوب الواحد للفن الاسلامي.
وكان الواسطي وبهزاد من اعمدة الفن الاسلامي الاساسية رغم ان الاول عاش في فترة 1227 والثاني في 1450الا ان المؤرخين والنقاد عندما يتحدثون عن الواسطي نراهم بعد ذلك يتحولون بشكل عقلي وعاطفي الى الحديث عن بهزاد ذلك الذي قال فيه احد النقاد انه من اعظم الفنانين المسلمين، وقد ذكرت كتب التاريخ بان الشاه اسماعيل الصفوي حين دخل في حرب مع العثمانين خشى على حياة بهزاد فحفظه هو والخطاط شاه محمود النيسابوري في قبر سري حتى انتهت الحرب.
وقد انطبعت الزخرفة الاسلامية بطابع عقلاني فالعناصر النباتية والهندسية بخطوطها المختلفة وتشكيلاتها المتنوعة كلها نظام هندسي كما ان تنوع الخطوط العربية و رسمها ضمن مقاييس معينة. كل هذه من طبيعة العقل الذي من صفاته التفكير والنظام والدقة.
وكأن الفنان المسلم اراد ان يحاكي الطبيعة بروحها و جوهرها لا باشكالها المتغيرة، ونتيجة لهذا الحس الاخلاقي جعل مقياس الاشياء روحي وجداني. كما حاول تجريد الاشياء المادية و تجزءتها واحالتها الى عناصر اولية ثم اعادة بنائها من جديد وفق نظرة فلسفية جمالية.
ونرى اليوم الفنان الاوربي الحديث ينهج نفس منهج الفنان المسلم الذي بدأ به قبل عشرة قرون، حيث اخذ كثير من الفنانين الاوربيين الحديثين امثال بيكاسو وبراك و ماتيس وكلي من تفكيك عناصر الطبيعة وتحويلها الى اشكال جديدة بحثا عن المضمون او جوهر المادة.
وهو ما يعتبرونه من المعاني الجمالية الراقية، وان مبدأ الجمال في الفن الاسلامي لا يخضع الى مكان او زمان. انه شكل مجرد بلا تغيير ولا تحوير انه امتداد بلا حدود، وقد ذكر بعض المفسرين بان ظاهرة التكرار في الزخرفة الاسلامية تعني السعي وراء خالق الكون الذي ليس له حدود و داعية اليه. لذلك فان وحدة الرقش العربي بغير بداية ولا نهاية فهي سرمدية.
وقد ذكر الدكتور زكي محمد حسن هذه الظاهرة بما يسمية – كراهية الفراغ – وقد ظهرت هذه واضحة في اعمال الفنان المسلم في بلاد المغرب والاندلس خاصة في قصور غرناطة حيث جاءت الزخرف متكررة باسلوب جذاب وصيغة عذبة طروبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق